مقابلة مع خبير في الحوار مع البوذية
روما، 11 ديسمبر 2007، (ZENIT.org)
بما أن الدين المسيحي هو دين المحبة، يصبح الحوار بالنسبة للمسيحيين ممارسة عملية لمحبة الله.
هذا ما يؤكده سينتو بوسكيه، كاهن حركة فوكولاري المتخصص في لاهوت الأديان. وكان الكاهن بوسكيه قد عاش 17 عاماً في اليابان.
في كتابه "بين الشرق والغرب، بحثاً عن معنى" (222 صفحة، 12 يورو)، يستكشف سينتو بوسكيه التنوع الثقافي، والبحث والعلاقة مع الله، ومعنى المعاناة والموت.
س. هل يسمح لنا الحوار مع الآخرين أن نفهم بعضنا بشكل أفضل؟
ج. بالطبع. لكن عندما نكون رجال دين، لا يقتصر الحوار على مجرد تبادل بسيط للمعلومات. بالنسبة لنا نحن المسيحيين، إن الله الذي ظهر لنا في يسوع المسيح هو إله يريد "التحاور" معنا ولذلك، تشكل "كلمته" أساس ملكوته السماوي. إنه الإله الذي هو بحد نفسه "حوار" لأنه الوحدة المثالية بين الآب والابن والروح القدس.
إذاً، حتى لو كان الحوار مع مؤمنين من ديانات أخرى أو مع أشخاص لا ينتمون لدين معين، يكفي أن يتحقق هذا الحوار في المحبة والعطاء والاستماع المتبادل ليصبح تجربة الله وروحه مما يجعل "لقاءنا" ممكناً في علاقة حب متبادل.
س. خلال سفرك بين الشرق والغرب، اعتبرت أنك شخص سعيد. ماذا علمتك هذه السنوات السبعة عشر التي قضيتها في اليابان؟
علمتني الكثير. لا أجد الكلمات التي تعبر عن ذلك بوضوح. عندما نجد نفسنا نعيش فجأة في مكان مختلف تماماً عن الأرض التي ولدنا وترعرعنا فيها، تتشعب رؤيتنا للأمور وتتسع.
كمسيحي، كان علي التفكير جيداً بإيماني لكي يسهل فهمه على الآخرين من حولي. في البداية، تعرفت على مختلف الثقافات والديانات في العالم، من دون أحكام مسبقة ومن دون التسرع في الاستنتاج.
ومن ثم، أعتقد أن الحساسية الشرقية عززت محبتي للصمت وكل الحركات البسيطة التي تحمل قي طياتها رموزاً ومعانٍ. فأصبحت أعتمد على حدسي أكثر من قبل وأصبحت متنبهاً للآخرين حولي، مع احترام تنوعهم مقابل ما أمثله…
س. ما هو برأيك دور الديانات في آسيا؟
ج. يعلمنا إيماننا أن محبة الله لا تعرف أية حدود: فالله هو أب الجميع. والخلاص الذي منحنا يسوع المسيح هو لكل الناس. فالروح القدس موجود في قلب كل إنسان ويفتح عينيه على عمل الخير.
بالتالي، حتى قبل إعلان الإنجيل على مختلف الشعوب، كان الرب وما زال يعمل في ما بينهم. فالديانات هي أسمى تعبير عن الثقافات المختلفة والتعرف عليها يعني إثراء عقلنا والانفتاح على ضخامة لغز الله وحقيقة الإنسان.
إن الديانات الآسيوية تزخر بالروحية والحكمة. ويمكنها أن تشكل بلا أدنى شك محفزاً ومساعداً لنا نحن المسيحيين.
لترسيخ الإنجيل بفعالية في آسيا، لا يمكننا أن نتجاهل ما أنتجته التقاليد الدينية في هذه القارة خلال قرون؛ على العكس، وكما دعتنا الكنيسة مؤخراً، يجب أن نعترف "بكل ما هو صحيح ومقدس في تلك الأديان" (Nostra Aetate "عصرنا الحالي" رقم 2).
س. لا يمكننا معرفة الله إلا عبر المحبة. هل تعتبر المحبة ذات أهمية مركزية في الديانات الأخرى التي تعرفها (البوذية، الشنتو، وغيرها)؟
ج. نعم ولا. كل الديانات تعلم القيام بما هو خيّر، والتعاطف مع الغير، والسيطرة على غرائزنا الشخصية لخدمة الغير. يمكننا القول إن المحبة كونها سلوكاً نابعاً من القلب يتمنى الخير للآخر وينفذه لصالح الغير هي مهمة في كل الديانات.
لكني أظن أنه لا يوجد أي دين يضع المحبة في لبّ تعاليمه وممارسته الدينية كما يفعل الدين المسيحي.
يمكن أن نوجز تعاليم الله في كتاباتنا المقدسة بهذه الكلمات "الله محبة" وهي مذكورة في بداية إنجيل يوحنا.
فالمحبة بالنسبة للمسيحي لا تعني فقط عمل خارجي أو إرادة شخصية بل هي مشاركة في حياة الله الذي هو محبة.
إن الوصية التي تركها لنا يسوع المسيح هي أن نحب بعضنا بعضاً كما ذكرنا البابا بندكتس السادس عشر في رسالته البابوية حيث قال: "لا يمكن فرض المحبة لأنها، قبل كل شيء، هبة تمنح لنا". بمعنى آخر، حتى لو كان "التعاطف" بلا حدود مع الآخر، كما يدعو إليه الدين البوذي، هو قمة الحياة الدينية، ما زال لا يرقى إلى الجوهر الذي تمثله المحبة في الدين المسيحي.