تحت عنوان "لتظهر أعمال الله فيه"
تقرير/ رشا أرنست- مصر
نظمت الشبكة المسكوّنية لمناصرة الأشخاص المعوّقين في مصر التابع لمجلس الكنائس العالمي، مؤتمراً استمر ثلاثة أيام من 6 إلي 8 ديسمبر، بدار سيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة. حضر حفل الافتتاح الأستاذ جرجس صالح الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط ، القس صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيلية، ولفيف من الكهنة والرهبان الفرنسيسكان من بينهم الأب أنطون فرنسيس عن الكنيسة الكاثوليكية. الأب أنسطاس الصاموئيلي عن الكنيسة الأرثوذكسية. كما حضر منسقي الشبكة بالشرق الأوسط رُلى الحلو وفادي الحلبي من لبنان.
يعد إطلاق مجلس الكنائس العالمي للشبكة المسكونية لمناصرة الأشخاص المعوّقين Ecumenical Disability Advocates Network)) العام الماضي خطوة عميقة وثابتة من جانب الكنائس. أثبتت فيه مدى تفاعلها مع الأشخاص ذوي الإعاقات. فاهتمام الكنائس لواجبهم اتجاه هؤلاء الأشخاص وتطبيق هذا الاهتمام بشكل عملي في صورة الشبكة يدل على الوعي الكنسي اتجاه الإعاقة.
مجلس الكنائس العالمي هو تجمع مسيحي عالمي يهدف إلى توحيد الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية. أما الكنيسة الكاثوليكية فلها فقط مشاركة فعّالة في بعض برامج المجلس. تأسس المجلس في أمستردام بهولندا عام 1948 واتخذ من جنيف في ما بعد مقرا له. وقد أطلق الشبكة المسكونية لمناصرة الأشخاص المعوّقين خلال اجتماعه عام 1998. وأصبحت الشبكة ضمن هيكليات مجلس الكنائس العالمي وأحد برامجها للشهادة والخدمة. وقد بدأت الشبكة رسالتها في الشرق الأوسط منذ مؤتمر بيروت يونيه 2006م وفي المؤتمر تقرر بداية الرسالة بالشرق الأوسط وافتتح مقر في بيروت، وتم تعيين رُلي الحلو وفادي الحلبي وهم من حاملي الإعاقات كمنسقين للشبكة في الشرق الأوسط.
بعد إطلاق الشبكة، بدأ العمل في عدة دول عربية منها لبنان، مصر، الأردن، فلسطين وسوريا. بدأت الشبكة المسكونية عملها منذ عام في مصر مع الراهبة راعوث إيليا المنسقة للشبكة بمصر، الكاتبة الشابة رشا ارنست "إعاقة حركية" عن الكنيسة الكاثوليكية، والأستاذ روماني مكرم "إعاقة بصرية" عن الكنيسة الأرثوذكسية، المهندس فيليب فايز "إعاقة حركية" عن الكنيسة الإنجيلية. استطاعوا جميعاً السعي لوضع أهداف للشبكة طبقا للظروف الكنسية داخل مصر، يستطيعون من خلالها تحقيق هدف الشبكة الرئيسي وهو رؤية أن المجتمع والكنيسة يمكنان ذوي الإعاقات من المشاركة بفاعلية في كل جوانب الحياة، على أن تتعاون الكنائس جميعاً على تحقيق هذا الهدف.
يعد المؤتمر هو الأول لمجموعة الشبكة في مصر، وقد اختاروا عنوان المؤتمر "لتظهر أعمال الله فيه يو3:9" من واقع خبراتهم وتحدياتهم، وهم يحملون بقلوبهم إيمانا عميقاً بأن الله يقدس عملهم ويتمجد فيه. تخلل المؤتمر كلمة افتتاحية أوضحت أهداف المؤتمر وتحدياته ألقتها الأخت راعوث، يليها كلمة للأب أنطون فرنسيس عن الكنيسة الكاثوليكية، الذي بدوره رحب بالحضور باعتباره مدير دار سيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة المُقام به المؤتمر. ذكر الأب أنطون في كلمته مدى إحساس الكنيسة الكاثوليكية باحتياجات ذوي الإعاقات وأنهم بقلب الكنيسة، وأضاف أن الأشخاص المعوّقين هم القادرون على توحيد الكنيسة والشبكة دليل على ذلك. وفي كلمة القس صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيلية قال أن الأشخاص المعوّقين دائماً يثبتون أنهم أشخاص قادرين على عيش المحبة ونشر السلام في كل العالم، وذكر أن الكنائس تعمل دائماً على تطوير الخدمات مع الأشخاص المعوّقين. كما أضاف الأب أنسطاس الصاموئيلي في كلمته عن الكنيسة الأرثوذكسية أنها تعمل بجهد منذ سنوات مع الأشخاص المعوّقين، ووجود الشبكة المسكونية ضرورة في مصر لتوحيد كل الخدمات من اجلهم. وذكر الأستاذ جرجس صالح في كلمته أن الكنيسة دائما تحاول جاهدة العمل من اجل الإنسان، بكيانه الإنساني والعمل على تنمية قدراته وإمكانياته. وخـُتمت الكلمات بكلمة منسقي الشبكة بالشرق الأوسط اللذان هنئا الجميع بعيد الميلاد المجيد، كما قدما البيان المرحلي الأول للشبكة "كنيسة الكلّ للكلّ" الذي تُرجم إلى اللغة العربية، وتم توزيعه بحفل الافتتاح. وفي ختام الافتتاح تم عرض فيلم قصير عن انطلاق الشبكة في الشرق الأوسط.
يجب أن تبذل المجتمعات وخاصة الكنائس والمؤسسات الدينية أقصى ما بوسعها لتغيير نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من اجل تسهيل اندماجهم وانخراطهم في العمل الاجتماعي والكنسيّ والعملي على كافة المستويات. هذا ما أكده القائمون على المؤتمر في بدايته.
أكثر من خمسين شخص شاركوا في المؤتمر الأول للشبكة المسكونية لمناصرة الأشخاص المعوّقين بمصر، من عدة محافظات بالوجه البحري والقبلي، اغلبهم من ذوي الإعاقات الذين تخطوا إعاقاتهم ويعيشون تحدياتهم بالحياة، وآخرون يعملون مع أشخاص معوّقين. استمر المؤتمر ثلاث أيام، وكان البرنامج مُتضمنا بعض المحاضرات واللقاءات التي تهم الأشخاص المعوّقين والعاملون معهم منها "قبول الذات وقبول الآخر"، "عضوية الأشخاص المعوّقين في الكنيسة"، "مناقشة الاتفاقية الدولية لتعزيز حقوق الأشخاص المعوّقين"، "توجهات في الخدمة"، "الأشخاص المعوّقين والعمل المسكوني" الذي قدمها مطران الكنيسة الأسقفية منير حنا في اليوم الثاني. كما حضر للمشاركة بعض المؤسسات والهيئات منها مركز الناردين للصمّ، شبكة معاً لتنمية الأسرة، جمعية نبتة "Nursing & Allied Health Practitioners"، الهيئة الهولندية "Dorcas Aid Interational"، ودار الكتاب المقدس. والجدير بالذكر انه كانت هناك ترجمة فورية بالإشارة للصمّ طوال الثلاث أيام.
في نهاية المؤتمر شدد القائمون عليه بدور المجتمع والكنيسة في تمكين الأشخاص المعوّقين عن طريق تشجيع عيشهم حياة نشيطة وفاعلة ضمن المجتمع والكنيسة المحليين. والتوعية حول قضايا الإعاقة على كافة المستويات.
كل ما ذكر بهذا التقرير، هو جزء من نتاج عام كامل من الجهد بذله المنسقين، جميعنا نسعى بجد لتحقيق أهداف الشبكة قناعة مِنا أننا أشخاص أسوياء نحتاج احتياجات خاصة. خلقنا على صورة الله ومثاله، ولنا حق في هذه الحياة لا تنقص شيئاً عن الآخرين. لذلك كان المؤتمر فعّال بالقدر الذي اقتنعنا برسالتنا فيه. ونتمنى أن نجد الصدى اللازم والواجب من المجتمع والكنيسة اتجاهنا واتجاه احتياجاتنا.