القسم الأول: التدبير الإلهى فى حياة الأسرار من 1076 ـ 1112

القسم الأول

التدبير الإلهى فى حياة الأسرار

1076 ـ يوم العنصرة اظهرت الكنيسة للعالم بفيض من الروح القدس. عطية الروح هذه افتتحت عهدا جديدا "لتعميم السر": إنه زمن الكنيسة، فيه يعلن المسيح عمله الخلاصى ويفعله ويوزعه، من خلال ليترجيا كنيسته، "إلى أن يأتى" (1 كو 11: 26) على امتداد زمن الكنيسة هذا، يحيا المسيح ويعمل فى كنيسته ومع كنيسته بوجه جديد يلائم هذا الزمن الجديد. إنه يعمل بواسطة الأسرار، وهذا ما يسميه التقليد المشترك، فى الشرك والغرب، "التدبير الأسرارى"، وقوامه "توزيع" ثمار المسيح الفصحى فى الاحتفال الكنسى بالليترجيا "الاسرارية".

من الأهمية اذن بمكان ان نوضح أولاً "توزيع الأسرار" هذا (الفصل الأول) وهكذا تتضح بأكثر جلاء، طبيعة الاحتفال الليترجى وملامحه الجوهرية (الفصل الثانى).



الفصل الاول

السر الفصحى فى زمن الكنيسة

المقال الاول

الليترجيا ـ عمل الثالوث الأقدس

1ً. الآب مصدر الليترجيا وغايتها

 1077 – تبارك اله ربنا يسوع المسيح وابوة باركنا في المسيح كل بركة روحية في السماوات ذلك بانه اختارنا قبل انشاء العالم لنكون عنده قديسين بلا عيب في المحبة وقدر لنا ان يتبنانا بيسوع المسيح علي ما ارتضية مشيئة لحمد نعمته السنية التي انعم بها علينا في الحبيب (اف 1: 3 – 6).

1078 – البركة عمل الهي يفيض الحياة ويصدر من الاب بركته كلمة وعطية معا () فاذا طبقت هذه اللفظة علي الانسان فمعناها العبادة والتسايم للخالق في الشكر.

1079 – من البداية وحتى نهاية الازمان عمل الله كله بركة ابتداء من النشيد الليترجى في مطلع الخليقة وحتي اناشيد اورشليم السماوية نري الكتاب الملهمين يعلنون قصد الخلاص بركة الهية لا حد لها.

1080 – منذ البدء بارك الله الاحياء وبخاصة الرجل والمراة عهد الله مع نوح ومع جميع الكائنات الحيى جدد هذة البركة المخصبة بالرغم مما ارتكبة الانسان من خطيئة امست بها الارض لعنة بيد ان هذه البركة الالهية بدات منذ ابراهيم تتغلغل في التاريخ البشري الزاحف نحو الموت لتعيدة ثانية الي الحياة والي ينبوعة الاول وهكذا بزغ تاريخ الخلاص بقوة ايمان ابي المؤمنين الذي تقبل البركة.

1081 – تجلت البركات الالهية عبر احداث عجيبة ومخلصة مولد اسحق النزوح من مصر الفصح والخروج موهبة ارض الميعاد اختيار داود حضور الله في الهيكل المنفي المطهر وعودة البقية الباقية ان الناموس والانبياء والمزامير التي تحبك ليترجيا الشعب المصطفى تذكر بهذة البركات الالهية كما انها تصدي لها بتبريكات حمد وشكر.

1082 – في ليترجيا الكنيسة تتجلي البركة الالهية تجليا كاملا وتوزع علي المؤمنين فالاب يعلن فيها بوصفة مصدرا وغاية لكل بركات الخليقة والخلاص انه يغمرنا ببركاته بكلمته الذي تجسد ومات وقام لاجلنا وبه يفيض في قلوبنا العطية التى تحوي كل العطايا أي الروح القدس.

1083 – بتنا نفهم الان الليترجيا المسيحية في بعديها فهى استجابة ايمان وحب للبركات الروحية التي يمن بها الاب علينا فمن جهة نري الكنيسة متحدة بربها وبدافع من الروح القدس تبارك الاب علي هبته التي لا توصف (2 كو 9: 15) عابدة حامدة شاكرة ومن جهة اخري وحتي انقضاء قصد الله لا تني الكنيسة تقرب للاب قربان عطاياها وتتضرع الية ليرسل الروح القدس علي هذا القربان وعليها وعلي المؤمنين وعلي العالم اجمع لكي تؤتي هذه البركات الالهية بالاشتراك في موت المسيح الكاهن وقيامته وبقدرة الروح ثمار حياة لحمد نعمته السنية (اف 1: 6).

2. عمل المسيح في الليترجيا

المسيح الممجد

1084 – ان المسيح الجالس الي يمين الاب والمفيض الروح القدس علي جسدة أي الكنيسة يعمل بواسطة الاسرار التى اقامها لتوزيع نعمتة الاسرار هي علامات حسية (كلمات واعمال) قريبة المنال لبشريتنا في وضعها الراهن تحقق فاعلية النعمة التي ترمز اليها بقوة عمل المسيح وقدرة الروح القدس.

1085 – في ليترجيا الكنيسة يعبر المسيح خصوصا عن سره الفصحي ويحققة لقد كان المسيح في غضون حياته الارضية يعلن سره الفصحي بتعليمة ويستبق حدوثة باعمالة فعندما حانت ساعته اختبر الحدث التاريخي الاوحد الذي لا يطوية زمان لقد مات يسوع وقبر وقام من بين الاموات وجلس الي يمين الاب مرة واحدة (رو 6: 10، عب 7: 27، 9: 12) انه حدث حقيقي طرا علي تاريخنا ولكنه حدث فرد كل ما سواه من احداث التاريخ يحدث مرة ثم يعبر ويبتلعة الماضي واما سر المسيح الفصحي فلا يمكن ان يتلبث فقط في الماضي لان المسيح بموته اباد الموت ولان المسيح كله بهويته وبكل ما صنعه وكابدة في سبيل الناس اجمعين يشترك في الابدية الالهية ويشرف هكذا علي جميع الازمان ويظل فيها حاضرا ان حدث الصليب والقيامة يدو ويجتب إلى الحياة كل شىء.

منذ عهد كنيسة الرسل

1086 ـ "كما أن المسيح أرسله الآب، أرسل هو تلاميذه وقد ملأهم الروح القدس كارزين بالإنجيل للخليقة كلها، لا ليبشروا فقط بأن ابن الله حررنا بموته وبقيامته، من سلطان إبليس ومن الموت ونقلنا إلى ملكوت ابيه، بل لينهضوا بهذا العمل الخلاصى الذى بشروا به، وذلك بالذبيحة والأسرار التى تدور حولها الحياة الليترجية بكاملها".

1087 ـ هكذا عندما وهب المسيح القائم من القبر الروح القدس لتلاميذه، وكل إليهم سلطان التقديس: فأصبحوا علامات المسيح السرية، وبقدرة هذا الروح القدس عينه، فوضوا هذا السلطان إلى خلفائهم. هذه "الخلافة الرسولية" هى قوام كل الحياة الليترجية فى الكنيسة، وهى نفسها تحمل الطابع الأسرارى، لأنها تنتقل بواسطة سر الكهنوت.

حاضر فى الليترجيا الارضية

1088 ـ "للقيام بعمل عظيم كهذا" ـ اى لتعميم العمل الخلاصى وإيصاله ـ "لا ينفك المسيح حاضراً إلى جانب كنيسته ولا سيما فى الاعمال الليترجية. إنه حاضر فى ذبيحة القداس، وفى شخص خادم السر. "فالذى يقدم الآن على يد الكهنة هو الذى قدم ذاته على الصليب حينذاك"، وبأعلى درجة تحت أشكال الافخارستيا. إنه حاضر بقوته فى الأسرار، فإذا عمد أحد، كان المسيح نفسه هو المعمد، وهو حاضر فى كلمته، لأنه هو المتكلم عندما تقرأ الكتب المقدسة فى الكنيسة. وهو حاضر أخيراً عندما تصلى الكنيسة، وترتل المزامير، لأنه هو الذى وعد قائلاً: " حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى، فأنا أكون هناك فيما بينهم" (متى 18: 20)".

1089 ـ "وللقيام فعلاً بهذا العمل العظيم الذى يتمجد به الله أكمل تمجيد، ويتقدس البشر، يتعاون المسيح دائماً وكنيسته، عروسه الحبيبة، التى تبتهل إليه على أنه سيدها، وبه تؤدى العبادة إلى الآب الآزلى".

الذى يشترك فى الليترجيا السماوية

1090 ـ "فى الليترجيا الأرضية، يكون اشتراكنا استعجالاً لتذوق الليترجيا السماوية التى نسعى إليها فى ترحالنا، والتى يحتفل بها فى أورشليم المدينة المقدسة حيث يجلس المسيح إلى يمين الله خادماً للأقداس والمسكن الحقيقى، وحيث ـ مع جميع اجناد الجيش العلوى ت ننشد للرب نشيد المجد. وأننا ننتظر سيدنا يسوع المسيح مخلصاً لنا، إلى أن يتجلى، هو حياتنا، ونتجلى نحن معه فى المجد".

3ً. الروح القدس والكنيسة فى الليترجيا

1091 ـ الروح القدس، فى الليترجيا، هو الذى يثقف إيمان شعب الله وهو الذى يصنع "روائع الله"، أعني بها اسرار العهد الجديد. إن رغبة الروح وعمله فى قلب الكنيسة هما ان نحيا حياة المسيح الناهض. وعندما يلقى فينا جواب الإيمان الذى هو باعثه، يتم تعاون حقيقى، به تصبح الليترجيا عملاً مشتركاً بين الروح القدس والكنيسة.

1092 ـ فى هذه الطريقة التى يتم فيها توزيع سر المسيح عبر الأسرار، يعمل الروح القدس نفس عمله فى سائر ازمنة التدبير الخلاصى: فهو يعد الكنيسة للقاء سيدها، ويعيد ذكرى المسيح ويعلنه لإيمان الجماعة، ويجعل سر المسيح، بقدرته المحولة، حاضراً لدينا ومزامناً لنا، وبما أنه روح الشركة فهو يضم الكنيسة إلى حياة المسيح ورسالته. الروح القدس يعدنا لاستقبال المسيح.

1093 ـ إن الروح القدس يحقق، من خلال التدبير الأسرارى، رموز العهد القديم. فالكنيسة قد "هيئت بوجه عجيب، بتاريخ شعب اسرائيل وفى العهد اللقديم" ومن ثم فليترجيا الكنيسة تحتفظ بعناصر من شعائر العهد القديم، وتتبناها جزءاص مكملاً لا بديل منه:

ـ أهمها قراءة العهد القديم

ـ صلاة المزامير

ـ وخصوصاً ذكرى الأحداث المخلصة والحقائق المغزوية التى تحققت فى سر المسيح (الوعد والعهد، الخروج واللفصح، الملكوت والهيكل، المنفى والعودة).

1094 ـ هذا التناغم بين العهدين هو المحور الذى تدور حوله كرازة الرب الفصحية ثم كرازة الرسل والآباء من بعده. هذه الكرازة تكشف ما كان مطوياً فى حرفية العهد القديم، أعنى به سر المسيح، وتعرف بالكرازة "الإيمانية"، لأنها تكشف جدة المسيح انطلاقاً من "النماذج" التى اومأت إليها فى الاحداث والاقوال والرموز المتضمنة فى العهد الاول هذه القراءة الجديدة للعهد القديم فى روح الحقيقة، ومن منطلق المسيح تكشف القناع عن الرموز فالطوفان وفلك نوح هما رمز الخلاص بالمعمودية، وكذلك الغمامة واجتياز البحر الأحمر والماء المتفجر من الصخرة، كلها ترمز الى مواهب المسيح الروحية، كما يرمز من الصحراء الى الافخارستيا "الخبز الحقيقى النازل من السماء" (يو 6: 32).

1095 ـ ولذا، فالكنيسة ولا سيما فى الزمن الإعدادى للميلاد، وفى فترة الصوم وخصوصاً فى ليلة الفصح، تقرأ وتعيش ثانية هذه الاحداث الكبرى فى تاريخ الخلاص فى "آنية" ليترجيتها ولكن فى ذلك ما يوجب على الكارز ان يساعد المؤمنين فى الانفتاح على هذا الفهم "الروحى" لتدبير الخلاصى كما تعلنه ليترجيا الكنيسة وتمكننا من ان نعيشه.

1096 ـ الليترجيا اليهودية والليترجيا المسيحية. وقفنا أفضل على إيمان الشعب اليهودى وحياته الدينية، كما يعلنهما ويمارسهما حتى اليوم، قد يساعدنا فى فهم بعض ملامح الليترجيا المسيحية ففى نظر اليهود كما فى نظر المسيحين، الكتاب المقدس هو جزء جوهرى فى ليتورجيتهم، لاعلان كلمة الله وامتثال هذه الكلمة ولتأدية صلاة التسبيح والاستشفاع للاحياء والاموات، واللجوء الى رحمة الله ليترجيا الكلمة، فى هيكلتها الذاتية، تمتد جذورها الى الصلاة اليهودية. صلاة الساعات وغيرها من النصوص والصيغ الليتجرية لها ما يوازيها فى الصلاة اليهودية، وكذلك التعابير التى يعتمدها اجل ما لدينا من صلوات ومنها صلاة "الابانا" الصلوات الافخارستية تستوحى، هى ايضا، نماذج من التقليد اليهودى. العلاقة بين الليترجيا اليهودية والليترجيا المسيحية، وكذلك الفرق بين محتواهما، نلاحظهما خصوصاً فى اعياد السنة الليترجية الكبرى، كعيد الفصح مثلاً. فالمسيحيون واليهود يحتفلون بالفصح. فصح التاريخ، المشدود إلى المستقبل عند اليهود، والفصح الناجز بموت المسيح وقيامته عند المسيحين، مع الترقب الدائم لانقضائه الحاسم.

1097 ـ فى ليترجيا العهد الجديد، كل عمل ليترجى، ولا سيما الاحتفال بالافخارستيا والأسرار، هو لقاء بين المسيح والكنيسة. وتستمد الجماعة الليترجية وحدتها من "شركة الروح القدس" الذى يجمع أبناء الله فى ججسد المسيح الواحد، متخطية الوشائج البشرية والعرقية والثقافية والاجتماعية.

1098 ـ على الجماعة ان تتهيا للقاء ربها، وتكون "شعباً مستعداً" إستعداد القلوب هذا هو العمل الذى يشترك فيه الروح القدس والجماعة ولا سيما خدمتها، نعمة الروح القدس تعمل على إيقاظ الإيمان وتوبة القلب وامتثال إرادة الآب. هذه الاستعدادات يفترض قيامها تمهيداً لتقبل النعم الأخرى المعطاة فى الاحتفال نفسه، ولثمار الحياة الجديدة التى ستؤتيها لأحقاً.

الروح القدس يذكر بسر المسيح

1099 ـ الروح والكنيسة يتعاونان في اعلان المسيح وعمله الخلاصي في الليترجيا فالليترجيا هي تذكار سر الخلاص في الافخارستيا خصوصا وفي سائر الاسرار قياسا الروح القدس هو في الكنيسة ذاكرتها الحية

1100 – كلام الله يذكر الروح القدس الجماعة الليترجية اولا بفحوي الحدث الخلاصي فيضفي حياة علي كلام الله المعلن ليكون موضوع قبول وحياة: للكتاب المقدس في احتفالات غالليترجيا اهمية كبيرة جدا فمنه النصوص التي تتلي وتفسر في العظة ومنه المزامير التي ترتل ومن وحية ودفقة تنهل الصلوات والادعية والاناشيد الطقسية ومنة تستقي الاعمال والرموز معانيها.

1101 – الروح القدس هو الذي يهب القراء والسماع كلا بحسب استعدادات قلبه ان يفهموا كلام الله فهما روحيا فمن خلال الاقوال والاعمال والموز التي تؤلف حبكة الاحتفال يضع الروح القدس المؤمنين والخدمة في علاقة حية بالمسيح كلمة الاب وصورته لكي يفرغوا في حياهم معنى ما يسمعونه ويتاملونه ويفعلونه في الاحتفال.

1102 – كلمة الخلاص هي التي تغذي الايمان في قلوب المسيحين وهي التي تلد وتنمي شركة المسيحيين ولا تقتصر البشارة بكلمة الله علي التعليم بل تستدعي جواب الايمان اذعانا والتزاما لاقامة العهد بين الله وشعبة والروح القدس هو الذي يهب ايضا نعمة الايمان ويقويها وينميها في الجماعة وما الاجتماع الليترجي الا شركة في الايمان قبل أي شئ اخر.

1103 – الاستذكار الاحتفال الليترجي يعيدنا دوما الي تدخلات الله الخلاصية في التاريخ فالمكاشفة الالهية تتم بواسطة اعمال اجراها الله زاقوال ساقها وكلاهما وثيق الاتباط فالاقوال تشيد بالاعمال وتساعد في استشفاف السر المكنون فيها في ليترجيا الكلمة يذكر الروح القدس الجماعة بكل ما صنعة المسيح لاجلنا ففي كل احتفال وفقا لطبيعة الاعمال الليترجية والتقاليد الطقسية المرعية فى الكنائس، نأتى على "ذكر" عظائم الله فى صلاة "تذكارية" على قليل او كثير من الإسهاب.  والروح القدس الذى يوقظ هكذا ذاكرة الكنيسة، يبعث فيها عندئذ مشاعر الشكر والحمد (الذوكسولوجيا).

الروح القدس يجعل سر المسيح آنياً

1104 ـ لا تكتفى الليترجيا المسيحية بأن تعيد إلينا ذكرى الأحداث التى خلصتنا، بل تجعلها آنية حاضرة. سر المسيح الفصحى نحتفل به ولا نكرره. فالاحتفالات هى التى تتكرر، وفى كل منها يحل فيض الروح القدس، ويجعل من السر الأوحد حدثاً آنياً.

1105 ـ الاستعداد، هو الصلاة التى يضرع بها الكاهن إلى الله ان يرسل الروح القدس لكى يحول القرابين إلى جسد المسيح ودمه، ولكى يصير المؤمنين الذين يتناولون منها قربانا حياً لله.

1106 ـ تحتل صلاة الاستدعاء مع صلاة الاستذكار مكان القلب فى كل احتفال بالاسرار، ولا سيما سر الافخارستيا:

"تتساءل كيف يصير الخبز جسد المسيح، والخمر (…) دم المسيح ؟ أنا أقول لك: إن الروح القدس يهب بغته ويحقق ما يفوق كل كلام وكل فكر (..) وحسبك ان تسمع أن هذا من عمل الروح القدس، كما أن الرب، بذاته وفى ذاته، قد اتخذ جسدا من العذراء القديسة بقوة الروح القدس".

1107 ـ إن قوة التحويل التى يمارسها الروح القدس فى الليترجيا، تسرع مجىء الملكوت، وانقضاء سر الخلاص. وفيما ننتظر ونرجو، يجعلنا الروح القدس نستبق حقا ملء الشركة مع الثالوث الاقدس. وهو الذى ارسله الآب الذى يستجيب "دعاء" الكنيسة، يهب الحياة للذين يستقبلونه، ويكون لهم، منذ الآن، بمثابة "عربون" ميراثهم.

شركة الروح القدس

1108 ـ هدف رسالة الروح القدس، فى كل عمل ليترجى، هو إدخالنا فى شركة مع المسيح لبناء جسده. فالروح القدس هو بمثابة الماوية فى كرمة الآب التى نؤتى الاغصان ثمرها. فى الليترجيا يتحقق التعاون الاوثق بين الروح القدس والكنيسة العظيم، سر الشركة الإلهية الذى يجمع شمل أبناء الله المشتتين. ثمر الروح فى الليترجيا هو، فى آن واحد، شركة مع الثالوث الأقدس وشركة أخوية.

1109 ـ صلاة استدعاء الروح القدس من أهدافها أيضا تحقيق ملء اشتراك الجماعة فى سر المسيح: " نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس " (2 كو 13: 13 )، يجب ان تظل دائماً معنا وتؤتى ثماراً حتى من بعد الاحتفال الإفخارستى الكنيسة تصلى الى الآب إذن ليرسل الروح القدس فيجعل من حياة المؤمنين تقدمة حية لله ويحولهم إلى صورة المسيح، ويجعلههم يهتمون بوحدة الكنيسة ويشتركون فى رسالتها بشهادة السيرة وخدمة المحبة.

بإيجاز

1110 ـ فى ليترجيا الكنيسة نبارك الله الآب ونعبده بوصفه مصدر كل بركات الخليقة والخلاص، التى باركنا بها فى ابنه، ليهبنا روح التبنى.

1111 ـ عمل المسيح فى الليترجيا يتم من خلال الاسرار، لان سر خلاصه يتحقق فيها بقدرة روحه القدوس، ولان جسده، اى الكنيسة، هو بمثابة سر (علامة وأداة) به يعمم الروح القدس على الناس ثمار سر الخلاص، ولأن الكنيسة المترحلة، من خلال أعمالها الليترجية، تستبق منذ الآن، طعم الاشتراك فى الليترجيا السماوية.

1112 ـ رسالة الروح القدس فى ليترجيا الكنيسة أن يهيىء للقاء المسيح، وأن يعلن المسيح ويعيد ذكره إلى الجماعة المؤمنة، وان يجعل من عمل المسيح الخلاصى حدثاً حالياً وآنيا بقدرته الباعثه على التحول، وان يثمر عطية الشركة فى الكنيسة.