" المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة"
في لحظة الميلاد دخلت البشرية بالفعل في عهد مصالحة وسلام مع الله، إذ ظهر يسوع الطفل " ابنا لله وابنا للإنسان " وهنا يبلغ الصلح والسلام بين الله والإنسان أقصي مفهومه العملي ، بل ويصير سلاما أبديا .وبالناس المسرة تعني أن جوهر المسرة كائن في الوجود مع الله والقرب منه ، أما الحزن والبكاء والقلق والندم فهي حقيقة البعد عن الله
وهذا السرور قد صار لنا بميلاد المسيح الذي نعبر عنه لاهوتيا بـ " دخول المسيح إلى العالم " أو " حلول الله بيننا " لان معني أن يحل الله في جسد إنسان هو فتح الله لباب المودة وتأسيس علاقات مع الإنسان وتكوين دالة شخصية معه ، أن يأتي إلينا الله ، معناه انه رضي أن نذهب إليه . هذه المودة وهذه الدالة وهذا المجيء والذهاب عن طريق يسوع هو منتهى الرجاء ثم منتهى السرور.
ولــــــــــكـــن:
سلامنا مع الله لا يتحقق ، إلا إذا
كان هناك سلام مع الآخر، ولكي يعم سلام الله بيننا ، علينا أن نتغلب علي أسباب العنف الذي بداخلنا …..
ولذلك فمن المهم اكتشاف هذه الأسباب والتغلب عليها. فهناك اسباب كثيرة للعنف نكر منها :
v الخوف من الآخر المختلف عني ، أو الآخر الاقوي مني.
v عدم الثقة في ذاتي تجعلني أخاف الآخر ….. من سيكون الأقوى؟
v المستقبل المجهول ، الجهل والأمية .
v عدم إمكانية التعبير بحرية ، وبالتالي ضغوط نفسية تنفجر يوما ما .
v فرض أفكار واعتقادات بعض الفئات أو بعض الأشخاص علي فئات أخري.
v تعليم مغلق لا مجال فيه لتعدد الأفكار ، أو العلاقة المبنية علي الكذب والخداع بين الأفراد .
v التعصب الأعمى النابع من تربية مقفولة علي ذاتها " عائلتي ، طائفتي ، أصحابي ."
v عدم العدالة عند المسئولين والتفرقة في إعطاء الفرص …………. الخ.
ولكي أعيش وأحقق السلام حولي ، يجب أن يبدأ هذا السلام مع ذاتي ، أي باعترافي بأسباب العنف الموجودة فيّ، والعمل بشجاعة علي مواجهتها ، والإنسان القوي هو الذي يستطيع أن يواجه ذاته ، ويعترف بنقاط ضعفه ويراها بوضوح .
ما هي متطلبات السلام :
السلام الحقيقي لا يبني علي السيطرة أو الخوف ، وهو أيضا لا يبني علي عدم الاعتراض ، ولكن يجب أن يكون مبنيا علي أسس متينة نابعة من إيماني بالله وبالإنسان، لان السلام الحقيقي لا ينمو إلا من خلال علاقات مبنية علي الحق ، وهذا يتطلب مواجهة صريحة مع ذاتي ومع الآخر ، والسلام يبدأ باحترام الآخر ، واحترام الحياة ، والقدرة علي الاعتراف بالخطأ ، والانفتاح علي الآخر المختلف عني، والسيطرة علي حقدي وغضبي ، والاقتناع بأن الوداعة هي قوة ، والحوار بثقة بين الآباء والأبناء.
كي ازرع السلام هذا يتطلب مني" توبة " عميقة ومستمرة وهي رسالة كل مسيحي معمد تجاه أسرته ، وكنيسته ومجتمعه " طوبى لصانعي السلام ، فأنهم أبناء الله يدعون" مت 5 : 9 " .