كيف تعلّم طفلك التعامل مع المال؟

 بقلم: طيبة الغيلان
حكاية المال والطفل تعيش داخل كل منا، فمن لا يتذكر أكبر مبلغ من المال حصل عليه وكيف أنفقه؟ وهنا نسأل هل يحب الطفل النقود؟ وكيف نربي أطفالنا على التعامل السليم معها؟
يهتم الطفل بالمال من سنته الأولى وحتى الثامنة لاقترانه بحاجاته من الطعام والحلوى أو الألعاب. بعد ذلك، تأخذ العلاقة شكلاً آخر، يرتبط بشخصية الطفل، إذ يجسد المال طبيعة الطفل، هل هو مسرف أم مقتصد؟
تقول منى (أم لثلاثة أطفال): «ابنتي نورا (8 أعوام ) تجذبها الإعلانات التجارية على الشاشة، خصوصاً تلك المتعلقة بالألعاب، وتطلب مني دائماً شراء ما يُعرض منها. وبدوري أعلّمها أنّه ينبغي أنّ ينفق المال بحرص، وليس على أشياء غير ضرورية، فليس كل ما يعرض يجب أن يُشرى».
من جهة أخرى هناك من يحاول تعويد أطفاله على التحكم في المصروف، من خلال تسليمهم مبلغاً من المال شهرياً، يساعدهم في التوفير وعدم البذخ والإسراف. وتقول منيرة (أم لخمسة أولاد): «عودت أبنائي على عدم الإسراف، وتوفير جزء من المبلغ الشهري الذي يعطيه لهم والدهم بداية كل شهر، فيشترون به ما يحتاجونه، ويوفرون بقيته في دفاتر التوفير الخاصة بهم».
«حكايات النقود مع أولادي لا تنتهي»، هكذا تقول هدى (مديرة مدرسة)، وتضيف:»منذ نعومة أظافره وكلما حصل ابني هشام على مبلغ من المال يذهب إلى أقرب دكان ويصرفه كله. أما شقيقته الصغيرة هالة، فهي حريصة على أن تصرف جزءاً يسيراً منه وتوفر بقيته. وفي كل يوم يقع شجار بينهما. فهشام يريد أن يأخذ مال هالة وهي ترفض، والنتيجة أنني كل يوم أدفع لهالة ما أخذه أخوها منها». ولا ينقذ الموقف إلا تدخل الأب حسبما تقول هدى، إذ تضيف:» طلب من هالة أن تدون المبلغ الذي استلفه هشام منها، ثم خصم المبلغ من مصروفه اليومي، وهكذا أصبح هشام مديناً دائماً لهالة».
من ناحية أخرى، يلفت انتباه الطفل الصغير عادة إعلان تلفزيوني عن لعبة أو حلوى تعجبه، فيطلب من أمه أن تشتريها له. ويوصي بعض التربويين الأم بأن تشرح لطفلها أن الإعلانات التي تروج للهدايا والألعاب ما هي إلا طريقة لإغرائنا بشراء أشياء غير ضرورية أحياناً، وكثيراً ما تكون نوعية هذه الألعاب غير جيدة. وحتى لو لم يقتنع بهذا التبرير إلا أنه سيختزنه في عقله ليساعده في أن يكون مقتصداً عندما يكبر.
لكن هل يؤثر المال في تكوين شخصية الطفل؟
تجيب الاختصاصية في علم النفس آرام المفلح: «منذ الصغر يكتشف الطفل أن المال يسبّب الخلافات بينه وبين أقرانه. وعندما يعجز الطفل عن شراء شيء يحبه في الوقت الذي يرى أحد أقرانه اشترى هذا الشيء، يفهم أن النقود هي السبب، ويبدأ بالسؤال: لماذا لا أملك مالاً مثله؟ حتى يدرك أنه ينتمي إلى أسرة غنية أو فقيرة. وشعور الطفل بالعجز عن الشراء يؤدي إلى شعوره بالحرمان في حال عدم تقديم التبرير له من والديه».
ويساعد إحساس الطفل المبكر بقيمة النقود في التأقلم مع واقعه الاجتماعي، خصوصاً إذا أرشده والداه إلى العمل والمثابرة لتحقيق النجاح كطريقة للحصول على كميات كبيرة من المال يحقق بها ما يريد.
وتقول المفلح إن كثرة المال في يد الطفل مفسدة أيضاً، ومشكلاتها توازي قلة المال، وتشرح «كثرة المال مع الطفل لا تجعله يشعر بقيمته. فيصبح عندها مبذراً مسرفاً، ما يرتب مشكلات في المستقبل، فلا يستطيع أن يصبح مسؤولاً عن أسرة».
نقلاً بتصرّف عن مقال: الإعلانات تغريهم وإرشادات الأهل ضرورية … بين الإسراف والاقتصاد… كيف تعلّم طفلك التعامل مع المال؟ ( "الحياة" – 22/12/2005)