الأب الأقدس يدعو إلى تقييم عبقرية المرأة

 

بقلم روبير شعيب

 الفاتيكان، الثلاثاء 12 فبراير 2008  (Zenit.org).

"بوجه تيارات ثقافية وسياسية تسعى إلى إلغاء أو أقله إلى بلبلة وإلقاء الظل على الاختلاف الجنسي المكتوب في صلب الطبيعة البشرية معتبرًا إياه تركيبًا ثقافيًا، من الضروري التذكير بمشروع الله الذي خلق الإنسان رجلاً وامرأة، في وحدة، وفي الوقت عينه اختلاف أصلي ومتكامل".

 هذا ما قاله الأب الأقدس بندكتس السادس عشر أثناء لقائه بالمشاركين في المؤتمر العالمي "المرأة والرجل، البعد الإنساني في ملئه" الذي نظمه المجلس الحبري للعلمانيين برئاسة الكردينال ستانيسلاو ريلكو، لمناسبة الذكرى السنوية العشرين لصدور الرسالة الرسولية "كرامة المرأة".

 ولفت البابا في كلمته إلى آنية الموضوع المطروح على طاولة النقاش، فقد "شغلت حركة تقييم المرأة في مختلف أبعاد الحياة الاجتماعية القسم الثاني من القرن العشرين حتى أيامنا وولّدت الكثير من الأفكار والنقاشات، وأدت إلى تزايد المبادرات التي تابعتها الكنيسة الكاثوليكية باهتمام نبيه".

 وأشار الأب الأقدس أن العلاقة بين الرجل والمرأة في تمايزهما وتكاملهما إنما يشكل نقطة محورية في "المسألة الأنتروبولوجية" البالغة الأهمية في الثقافة المعاصرة.

 وذكّر بالمداخلات الكثيرة التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني متوقفًا على الرسالة الرسولية "كرامة المرأة" التي صدرت في 15 أغسطس 1998، ومعتبرًا إياها "نصًا غنيًا جدًا على الصعيد اللاهوتي، الروحي والثقافي" وكان أيضا مصدر إيحاء لـ  "رسالة إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية حول تعاون الرجل والمرأة في الكنيسة والعالم"، الصادرة عن مجمع عقيدة الإيمان.

 وتابع الأب الأقدس بالقول بأن يوحنا بولس الثاني أراد في رسالته العامة "أن يتعمق بالحقائق الأنتروبولوجية الأساسية المتعلقة بالرجل والمرأة، وموضوع المساواة في الكرامة والوحدة بين الإثنين، والاختلاف العميق والجذري بين الذكر والأنثى ودعوتهما إلى التبادل والتكامل والتعاون والشركة".

 ترتكز هذه الكرامة المشتركة على أن كِلي الرجل والمرأة خلقا على صورة الله ومثاله "ذكرًا وأنثى خلقهما" (تك 1، 27). ويحمل هذا الاختلاف في عمق الأجساد والنفوس العلاقة مع الآخر، ومحبة الآخر، والشركة الشخصانية التي تشير "إلى أنه في خلق الإنسان قد وُسم نوع من التشابه مع الشركة الإلهية" (كرامة المرأة 7).

 وتابع بندكتس السادس عشر عرض فكر يوحنا بولس الثاني الذي يوضح بأن الرجل والمرأة في سعيهما إلى الاستقلالية والاكتفاء التام بالذات يقعان في أشراك نوع من تحقيق الذات الذي يعتبر الحرية تخطيًا لكي أنواع الربط الطبيعية، والاجتماعية والدينية، والذي يؤدي بها في الحقيقة إلى وحدة خانقة.

 على صعيد آخر لفت الأب الأقدس إلى ضرورة تجديد البحث الأنتروبولوجي، ارتكازًا على التقليد المسيحي الكبير، مع اعتماد التقدم العلمي الحديث وعناصر الحس الثقافي المعاصر، وذلك للاسهام "ليس فقط في التعمق بالهوية الأنثوية، بل أيضًا في الهوية الذكرية، التي غالبًا ما تكون هي أيضًا موضوع تفكير متحيز وإيديولوجي".

 وأضاف: "بوجه تيارات ثقافية وسياسية تسعى إلى إلغاء أو أقله إلى بلبلة وإلقاء الظل على الاختلاف الجنسي المكتوب في صلب الطبيعة البشرية معتبرًا إياه تركيبًا ثقافيًا، من الضروري التذكير بمشروع الله الذي خلق الإنسان رجلاً وامرأة، في وحدة، وفي الوقت عينه اختلاف أصلي ومتكامل".

 وتابع البابا: "أفكر بالعائلة، جماعة حب منفتحة على الحياة وخلية المجتمع الأساسية. ففي العائلة، يقوم الرجل والمرأة معا، وبفضل عطية الأمومة والأبوة، بدور يتعذّر استبداله إزاء الحياة. من حق الأبناء، منذ الحبل بهم، الاعتماد على الأب والأم اللذين يعتنيان بهم ويرافقانهم في نموهم".

 وأضاف أنه من واجب الدولة أيضًا أن تدعم وعبر سياسات اجتماعية ملائمة، كل ما يعزز استقرار الزواج ووحدته وإتاحة المجال للمرأة لكي تقوم بدورها في بناء المجتمع، من خلال تقييم "عبقريتها الأنثوية".