البابا يلتقي أبناء أبرشية روما ويسلمهم رسالته حول واجب التربية الملح

الفاتيكان، الأحد 24 فبراير 2008 (Zenit.org).

التقى البابا صباح السبت في ساحة القديس بطرس أعدادا كبيرة من مؤمني أبرشية روما، سلمهم رسالته حول "واجب التربية الملح" التي وقعها في 21 من كانون الثاني يناير الماضي. ووجه الأب الأقدس كلمة لأبناء أبرشيته قال فيها إن لقاء اليوم يعكس الاهتمام المشترك بخير الأجيال الناشئة، وأشار إلى أن التربية لم تكن قط مهمة سهلة، وتبدو اليوم أكثر صعوبة، ولذا يحاول عدد من الأهلين والمعلمين العدول عن مهمتهم الخاصة ويعجزون حتى عن فهم حقيقة الرسالة الموكلة إليهم. وأضاف البابا أن شكوكا كثيرة تنتشر في مجتمعنا وثقافتنا، وصورا مشوهة تنشرها أيضا وسائل الاتصالات الاجتماعية، ولذا قال بندكتس السادس عشر يبدو من الصعب اقتراح قواعد سلوك وأهداف على الأجيال الجديدة تستحق أن يبذل المرء حياته من أجلها، ولكنه أشار إلى أن لقاء اليوم يُظهر رجاءنا وإيماننا، ولذا فإن التربية على الخير ممكنة في زمننا الحاضر، وهي شغف يجب أن نحمله في القلب، ومهمةٌ مشتركة تتطلب إسهام الجميع.
وتابع الأب الأقدس أن رسالته حول "واجب التربية الملح" تتضمن إرشادات بسيطة وملموسة حول الأوجه الأساسية والمشتركة للعمل التربوي، وشجع الجميع على تحمل المسؤوليات التي أوكلها الرب إليهم بفرح كبير لئلا يتبدد إرث الإيمان والثقافة الذي يشكل الغنى الحق لمدينة روما الحببية، بل يتجدد ويصبح مرشدا لمسيرتنا نحو المستقبل.كما دعا بندكتس السادس عشر الأهلين إلى البقاء راسخين في حبهم المتبادل، لكونه العطية الأولى والكبرى التي يحتاجها أبناؤهم لينموا بطمأنينة، ويثقوا بذواتهم وبالحياة، ويتعلموا أن يصبحوا بدورهم قادرين على الحب الحقيقي والسخي.
وتابع البابا أن الحب الذي يكنه الأهل للأبناء يجب أن يعطيهم نمط وشجاعة المربي الحقيقي، مع تقديم شهادة حياة صادقة ومساعدة النشئ الجديد على التمييز بوضوح بين الخير والشر، ووضْع قواعد حياة متينة صلبة تؤازرهم في أوقات المحن. وهكذا قال بندكتس السادس عشر تُغنون أبناءكم بالإرث الأثمن المرتكز إلى إيمان معاش كل يوم. دعوة أخرى وجهها البابا للمعلمين كي يتحلوا بمفهوم سام لعملهم على الرغم من المصاعب وسوء الفهم وخيبات الأمل التي غالبا ما يختبرونها، وقال إن مهمتهم يجب ألا تنحصر بتقديم المفاهيم والمعلومات وحسب، وغض النظر عن السؤال الأهم المتعلق بالحقيقة لاسيما تلك الحقيقة التي تستطيع أن تكون مرشدة في الحياة. كما وأشار إلى أن معلمي المدارس الكاثوليكية يحملون في قلوبهم ويجسدون على أرض الواقع ذاك المشروع التربوي ومحورُه الرب يسوع وإنجيله.
كما دعا الأب الأقدس الكهنة والرهبان والراهبات ومعلمي التعليم المسيحي والمنشئين في الرعايا وحركات الشبيبة والحركات الكنسية، لأن يتحلوا دوما بخُلُق المسيح ويكونوا شهودا صادقين جريئين لذاك الحق الذي يحررنا ويرشد الأجيال الجديدة إلى درب الحياة. وتابع البابا قائلا إن الأطفال والمراهقين والشباب مدعوون أيضا ليصبحوا صُنّاع نموهم الأخلاقي والثقافي والروحي، ولذا يقع عليهم أن يقبلوا بحرية في قلبهم وعقلهم وحياتهم إرثَ الحقيقة والصلاح والجمال الذي تكون على مر العصور، ومحورُه يسوع المسيح. ويقع عليهم أيضا ـ قال الأب الأقدس ـ تجديد وتنمية هذا الإرث وتحريره من الأكاذيب التي غالبا ما تجعله غير معروف.
وأكد بندكتس السادس عشر أنهم ليسوا لوحدهم أيضا في هذه المسيرة التي لا تخلو من المصاعب، إذ إن أهلهم والمعلمين والكهنة والأصدقاء والمنشئين قريبون منهم، لاسيما الله الذي خلقنا وينير فكرنا ويرشد حريتنا إلى الخير. فهو الرجاء الحق والأساس المتين لحياتنا، ونستطيع الوثوق به. وختم البابا كلمته لأبناء أبرشية روما قائلا: فيما أسلمكم رمزيا الرسالة حول "واجب التربية الملح"، نكل ذواتنا إلى المعلم الوحيد والحقيقي كيما نلتزم بثقة وفرح في تلك المهمة الرائعة، مهمة تنشئة الأشخاص، مانحا الجميع بركته الرسولية.