بقدر ما يبتعد الإنسان عن الله، بقدر ذلك يتعقبه الله بحبه الرحيم

بقلم روبير شعيب

 روما، الاثنين 25 فبراير 2008 (Zenit.org).

توقف الأب الأقدس في العظة التي تلاها أمس على أهمية رمزية الماء وذلك خلال احتفاله بالقداس الإلهي لدى زيارته إلى رعية "سانتا ماريا ليبراتريشي" في حي تساتشو في روما.

 وانطلق الأب الأقدس من قراءات الأحد وشرح أنه "من خلال رمز الماء الذي نجده في القراءة الأولى وفي نص السامرية الإنجيلي، تنقل لنا كلمة الله رسالة دائمة الحيوية والآنية: الله يعطش إلى إيماننا ويريد أن نجد فيه منهل سعادتنا الأصيلة".

 وبالحديث عن الإنجيل (يو 4) أشار الأب الأقدس أننا نجد فورًا رباطًا بين البئر الذي حفره يعقوب لكي يضمن الماء لعائلته وتاريخ الخلاص الذي يقدمه الله للبشرية كماء يفيض للحياة الأبدية.

 وقال قداسته: "إذا كان هناك عطش جسدي للماء الذي لا غنى عنه للحياة على هذه الأرض، فهناك عطش روحي في الإنسان وحده الله يستطيع أن يرويه".

 وهذا ما يظهر بوضوح من نص السامرية الذي يبدأ بسؤال يبدو للوهلة الأولى طلبًا بسيطًا لماء للشرب، ولكن بالحقيقة "يطلق يسوع محاورته في مسيرة داخلية تكشف لها الشوق إلى شيء أعمق.

 واستشهد البابا بتعليق القديس أغسطينوس الذي يقول: "إن الذي يطلب الماء للشرب، كان عطشانًا لإيمان تلك المرأة" (In Io ev. Tract. XV,11: PL 35,1514). "وبالواقع – تابع البابا – بعد قليل ستسأل المرأة الرب أن يعطيها لتشرب ، مبينة أن في كل إنسان هناك حاجة كيانية لله وللخلاص الذي يمنحه الله وحده. عطش إلى المطلق وحده يسوع يستطيع إرواؤه بالماء الذي يعطيه، ماء الروح الحي".

 وتابع: "نرى في الحوار بين يسوع والسامرية الخطوط الأساسية للمسيرة الروحية لكل منا، والتي يجب على كل جماعة مسيحية أن تعيد اكتشافها وأن تلتزم بها بشكل مستمر".

 ثم عاود قداسته الاستشهاد بأغسطينوس القائل: "الله يعطش لعطشنا إليه"، أي أنه "يشتهي أن نشتهيه. فبقدر ما يبتعد الإنسان عن الله، بقدر ذلك يتعقبه الله بحبه الرحيم".