عظة الكاردينال ساندري في القداس الالهي في عمّان

عمان، الثلاثاء 4 مارس 2008 (Zenit.org).

زار الكاردينال ليوناردو سانردي، عميد مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، الكنيسة الكاثوليكية في الأردن . واحتفل مساء الجمعة 29\\2\\2008 بالقداس الالهي ، في كنيسة العذراء الناصرية في الصويفية ، عمان، وفيما يلي النص الكامل للعظة أثناء القداس:

اصحاب الغبطة، سيادة السفير البابوي، سيادة الاسقف المساعد للبطريركية اللاتينية في الاردن، اصحاب السيادة، السلطات الموقرة، السادة أعضاء السلك الدبلوماسي، الأخوة الكهنة، والرهبان والراهبات، ايها الاخوة والاخوات، 

1. اردت في زيارتي هذه الأولى للارض المقدسة، بصفتي رئيسا لمجمع الكنائس الشرقية، أن أحضر الى الاردن أيضا، لكوننا نجد فيه خطى المسيح التاريخية، الذي كما يذكر الانجيل المقدس: "… جاء الى عبر الاردن"

(مرقس 10: 1). انني لسعيد حقا بوجودي بينكم. أحيي بكل الاحترام غبطة بطريرك الكلدان، الذي انضم الينا من العراق، وغبطة بطريرك اللاتين من القدس، الذي يقوم بزيارة هذا الجزء من ابرشيته في الاردن. وبكل المحبة احييكم جميعا انتم ايضا.

2. لقد استقبلتموني بكل مودة وحرارة وأنا شاكر لكم على ذلك. وأعبر هنا عن شكري الخاص للمبعوث الرسولي وللسفارة الرسولية، ولسيادة النائب البطريركي اللاتيني والى هذه الرعية التي تستضيفنا. ولكن الشكر كله هو لكل راع من الرعاة الحاضرين هنا بدافع من التزامهم السخي، الذي تشاركهم  فيه كل مكونات الجماعة الكاثوليكية الأخرى. وانني لشاكر لكم بنوع خاص لشهادة المحبة التي تقدمونها في هذا البلد. فهذه النيابة البطريركية تبدي اهتماما خاصا بعالم الألم، من خلال مؤسسات الرعاية الموجهة ايضا الى اصحاب الحاجات الخاصة. وهذا مجال يعبر عن امومة الكنيسة وبوسعه أن يصبح جسرا للاخوة المسكونية وللتآخي ما بين الاديان. فالمحبة هي التي تجمع القلوب وتسمو فوق الخلافات والانقسامات وتنتصر عليها.

3. لقد أخذ الاردن على عاتقه استقبال أفواج عديدة من النازحين واللاجئين الذين فروا أمام ظلم الحرب والآلام الأخرى. فغبطة البطريرك الكلداني يلتقي هنا بالعديد من أبنائه وبناته الذين أتوا باحثين كما في أنحاء أخرى من العالم عن أمنهم  ومستقبلهم. ولم تتقاعس الجماعة الكاثوليكية عن التصدي لهذا الوضع الطارىء، وأنا أشهد لها بذلك، واشجع الجميع على مواصلة هذه الخدمة. فبهذه الطريقة يبنى السلام، وبهذه الطريقة يتمجد الله ويتم الاعلان عن ان الله، أب ربنا يسوع المسيح "هو محبة" وانه " حنان رحيم". وانتم بذلك تثبتون ما اقر به الاب الاقدس بصراحة للكاثوليك الشرقيين واللاتين في هذه المنطقة، الذين " يتميزون بحب ثابت وغير منقسم

لايمانهم، ولشعوبهم، ولارضهم" (بندكتس السادس عشر، زيارته الى مجمع الكنائس الشرقية, الاوسرفاتوره رومانو 9 حزيران 2007، ص. 1). واذا كان الاردن الحديث يصبو الى الدور الدولي الذي يعود له بحكم تاريخه، وثقافته واعتداله، فعلى الجماعة الكاثوليكية ان تقدم مساهمتها في اضطلاعه بهذا الدور.

4. وأنجيل هذا النهار يعطينا المناسبة لكي اذكركم بان الاولوية الرعوية التي حددها لكم رعاتكم الاساقفة هي العائلة. وقداسة البابا نفسه ائتمن العائلة على خدمة السلام، وكرس لها رسالته في يوم السلام العالمي. والعائلة هي قيمة مشتركة لنا مع الكنائس والجماعات المسيحية الأخرى ومع المؤمنين من الاديان الأخرى. فبدفاعكم عنها  فانكم تبعثون برسالة قوية الى العالم الغربي، الذي نشهد فيه هجمات عديدة على المؤسسة العائلية. فلنصل،  ولنكثف عملنا الرعوي ولنواصل شهادتنا  لكي يبقى اتحاد الرجل والمرأة بحسب المخطط الالهي وكما اراده السيد المسيح. ليرى الجميع انكم مسيحيون من خلال عائلاتكم. ولتكن عائلاتكم كنائس صغيرة، تعيش في الايمان ومحبة الله، وفي استقبال الحياة وتأمين التربية اللازمة  لها بما فيها التربية الدينية. فالعائلات

المسيحية الحقة هي عائلات متحدة وتشكل بذرة خصبة للاتحاد في الكنيسة وفي المجتمع. ونحن نرافقها في هذ الجهد، مذكرين الجميع بكلمة الله: "ما جمعه الله، لا يفرقنه الانسان" (مرقس 10: 9).

5. ايها الاخوة والأخوات الأعزاء، اود الاعتراف اينما حللت برسالة الكنائس الشرقية الكاثوليكية. فقد اختارت ان تعيش في الامانة لتقاليدها الخاصة وفي الامانة لخليفة بطرس كطريق للاتحاد بكنيسة المسيح الجامعة. والخاص والعام هنا لا يتنافيان، بل انهما يتكاملان. فاختلاف الطقوس لا يناقض بل يظهر بكل جلاء حكمة الروح القدس الواحد المتعددة الاشكال.  لهذا عيشوا وانموا في روح المشاركة في حضن الجماعة الكاثوليكية، من شرقيين ولاتين، في التقدير المتبادل كل منكما لتقاليد الآخر. واذا كنتم متحدين ستجدون الطرق الفضلى لتقاسم آلام الحروب، التي لا تتوقف حتى في ارض المسيح المقدسة. ففي هذه الايام تم قتل أطفال ابرياء واهدرت حياة اناس آخرين غيرهم بسبب تيار العنف الجارف. ونطلب من الرب العلي بشفاعة امه القدوسة نعمة السلام، ونعرب عن استعدادنا لنكون بكل قوانا اداة لسلامه.

6. ونهر الاردن اعطى لوطنكم اسمه، هذا الوطن الذي له شفيع خاص في شخص يوحنا المعمدان. فقد عمّد المسيح، الذي أعلن الاب انه ابنه وخصة بمسحة الروح القدس. كونوا انتم ايضا أمناء لنعمة العماد وأظهروا بالقول والحياة يسوع المسيح، حمل خلاصنا وعربون سلامنا. وعلى مقاصدكم الصالحة هذه فلتنزل بركة ابينا الأٌدس البابا بندكتس السادس عشر، الذي اتشرف بحمل تحياته الابوية الحانية اليكم، مصحوبة بحبه الكبير لكل المؤمنين الكاثوليك ولكل ابناء الاردن العزيز. أمين

 

نقلها الى العربية : الأب د. غالب بدر، (موقع أبونا الإعلامي)