لنتأمل مع بندكتس 1-2 الأول والثاني من أبريل

روما، الثلاثاء 1 أبريل 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم الأول من أبريل للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
* * *

أعلى ذروات الكينونة

إن قُصارى الشيطان تقضي ببلوغ حدّ القيام بالأمور كما يطيب لنا وبالتصميم دونما وارع أو رادع على حيازة كل ما نشتهي ونجيز لأنفسنا كل ما تشتهي… أما ذروة جبل الصليب فتتمثل في يسوع الذي تخلّى عن كل الممتلكات والإمتيازات وصولاً إلى العدم، إلى التجرد الكامل الذي لا يعود يجد له مكاناً على الأرض… لقد وضع كل الأمور جانباً إذ قال للآب "لتكن مشيئتك". لقد وضعها جانباً في اتحاد إرادته الكامل مع الآب. وفي قيامه بذلك، بلغ "ملأه" الحقيقي ووصل إلى أعلى ذروات الكينونة –فقد أصبح واحداً مع الإله الحق الذي لا هو طاغية ولا محبّ للشهوات بل حقيقة أزلية وحبّ أزليّ. فيتمّ إحياء صورة الله والبشر الحقيقية في مقابل الصورة المشوهة لله والبشر التي تكمن في العرض الشيطاني بأن "نكون آلهة". وفي تجرّده الزمني وإنما في اتحاد مشيئته بمشيئة الله، وقف يسوع أيضاً وقفة صمود في وجه سلطان القوة وقدرته على القيام بكل ما يبتغي. إنه واحد مع الله، وبالتالي واحد مع السلطان الحق الذي يشمل السماوات والأرض، والزمن والأبدية. إنه واحد مع الله إلى حدّ أن سلطان الله أصبح سلطانه. والسلطان الذي يعلنه من جبل التجلي هو سلطان نابع من جذور الصليب وهو بالتالي مختلف تمام الإختلاف عن القدرة الجامحة على أن نمتلك كل ما نريد ونجيز لأنفسنا كل ما نريد ونكون قادرين على القيام بكل ما نريد.

الثاني من أبريل

محاكاة يسوع

إن الدعوة إلى المحاكاة لا ترتبط بأجندة بشرية أو بفضائل يسوع البشرية وحسب، بل بكامل مسيرته التي فتحها لنا "في الحجاب" (عب 10: 20). فالأساس والجديد في مسار يسوع المسيح هو أنه يفتح هذا المسار لنا، لأنه بهذه الطريقة وحدها نخرج إلى العلن، إلى الحرية. والمحاكاة تعني التحرك باتجاه الشركة الإلهية، ولهذا السبب فهي مرتبطة بسرّ الفصح. ولهذا السبب فإن يسوع يقول في اتّباعه بُعَيد إعلان بطرس إيمانه: "من أراد أن يتبعني، فليزهد بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مر 8: 34). وليس في ذلك توجيه أخلاقي ضيّق ينظر إلى الحياة بشكل أساسي نظرة سلبية ولا هو نوع من الماسوشية موجَه إلى من لا يحبّون أنفسهم. كذلك فإننا لا نرصد المعنى الحقيقي لكلمات يسوع إن فهمناها على خلاف ما هي عليه، كتوجيه أخلاقي للنفوس الشديدة المصممة على الشهادة. بل يجب فهم كلام يسوع إنطلاقاً من السياق الفصحي الواسع للخروج الكامل الذي يحدث "عبر الحجاب". فمن هذه الغاية تكتسب حكمة البشر الدُهرية كل معناها – أن وحده الذي يفقد حياته يجدها، ووحده من يعطي الحياة تُعطى له (مر 8: 35)… "ويكمن مشروع الله وفادينا للبشر في دعوتهم من المنفى واسترجاعهم من الغربة التي وقعوا فيها جرّاء معاصيهم"… ومن أجل كمال الحياة، لا بدّ من محاكاة المسيح، لا من ناحية ما أظهر من وداعة وصبر في حياته، وإنما على صعيد موته أيضاً.