مؤسس الحضارة الأوروبية الحقيقي بحسب بندكتس السادس عشر

 

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 10 أبريل 2008 (Zenit.org).

تطرق البابا بندكتس السادس عشر في معرض حديثه في مقابلة الأربعاء العامة عن القديس مبارك (بندكتس) على التأثير الكبير الذي لعبه هذا القديس بحياته، وكتاباته، وعبر الرهبنة التي أسسها في بناء الحضارة والثقافة الأوروبية.

وقال الأب الأقدس بهذا الصدد: "حملت كتابات القديس، وبشكل خاص قانونه الرهباني خميرة روحية أصيلة حوّلت على ممر العصور، وأبعد بكثير من حدود أمته وزمانه، وجه أوروبا، مولدةً، بعد سقوط الوحدة السياسية التي نتجت عن الإمبراطورية الرومانية، وحدةً روحية وثقافية هي وحدة الإيمان المسيحي الذي كان مشتركًا بين شعوب القارة. وولد بهذا الشكل الواقع الذي نسميه نحن "أوروبا"".

هذا وعاش مبارك بُعدين هامّين من الحياة الرهبانية: الحياة الخفية في الله مع المسيح، والحياة العلنية الإرسالية. وقد شرح البابا أن "للحياة الرهبانية في الخفاء داعٍ للوجود"، ولكن للدير "مهمة عامة" في حياة الكنيسة والمجتمع أيضًا، إذ "عليه أن يُظهر الإيمان كقوة حياة". وبالواقع، عندما ختم مبارك وجوده الأرضي، في 21 مارس 547 – تابع البابا – "ترك، عبر "القانون" والعائلة البندكتية التي أسسها، إرثًا حمل على ممر العصور ويحمل حتى الآن ثمارًا في العالم طرًا".

وأشار بندكتس السادس عشر إلى أن بولس السادس، "في إعلانه القديس مبارك شفيعًا لأوروبا في 24 أكتوبر 1964، أراد أن يعترف بالعمل الرائع الذي قام به القديس عبر "القانون" في إنشاء الحضارة والثقافة الأوروبية".

وتابع قائلاً: "واليوم، تبحث أوروبا – التي خرجت لتوها من قرن مجروح بالعمق بسبب حربين عالميتين، وبعد سقوط الإيديولوجيات الكبرى التي تبين أنها كانت مجرد أوهام مأساوية – عن هويتها الذاتية".

وشرح أنه لكي تخلق "وحدة جديدة ومديدة"، تحتل أهمية أكيدة الوسائل السياسية، والاقتصادية والقانونية، "ولكن من الضروري أيضًا إطلاق تجديد خلقي وروحي يتشرب من جذور القارة المسيحية، وإلا لاستحال بناء أوروبا". لأنه دون هذا "السائل الحيوي"، يبقى الإنسان معرضًا لخطر السقوط في "التجربة القديمة التي تتمثل بإرادة أن يفدي ذاته بذاته – وهو وهم سبّب بأشكال مختلفة في أوروبا القرن العشرين "تراجعًا لا سابق له في تاريخ البشرية المتألم" بحسب ما أوضح البابا يوحنا بولس الثاني".

وأخيرًا دعا البابا في تعليمه إلى اقتفاء أثر القديس بندكتس في البحث عن "التطور الحقيقي"مشيرًا أن هذا الراهب العظيم "يبقى معلمًا حقًا نستطيع أن نتعلم في مدرسته فن عيش أنسية حقة".