أبواب مختارة من موسوعة المؤتمن بن العسال (8)

تحقيق الأب وديع الفرنسيسكاني

تقديم النصّ

يُعتبر هذا الباب، الثاني والخمسون، تكملة للباب السابق، وهو يكوّن الوجه الخامس والأخير، بعد أربعة وجوه عالجها المؤتمن في الباب السابق، وخصّصها للملائكة. وهذا الباب قصير نسبياً بالمقارنة بأبواب الجزء الرابع من مجموع أصول الدين، الذي يناقش مواضيع مختلفة في العقيدة المسيحية. وأكثر ما في هذا الباب، الثاني والخمسين، آيات من الكتاب المقدّس.

وهوذا بيان بأماكن هذه الآيات:

         فقرة 5 من رسالة يوحنا الأولى 3/8؛

         وفقرة 6 من رسالة بطرس الثانية 2/4؛

         وفقرة 7 من رسالة يهوذا آية 6؛

         وفقرة 10 من رسالة بولس إلى أهل أفسس 6/12؛

         وفقرتا 11-12 من سفر الرؤيا 9/1-7؛

         وفقرة 14 كذلك من سفر الرؤيا 12/7-11؛

         وفقرات 16-18 من إشعيا 4/12-20

وبخلاف هذه الآيات الكتابيّة، يذكر المؤتمن قولاً للقديس يوحنا فم الذهب (فقرة 8)؛ وقولين للقديس غريغوريوس النيسي (فقرتا 9و21). وكتاب الطبيعة الذي ينسبه المؤتمن له هو في الواقع لكاتب اسمه نيميزيوس Nemesius الحمصي، وقد ترجمه إلى اللغة العربية الطبيب المسيحي حنين بن إسحاق (قرن9)، ويورد المؤتمن عدّة نصوص منه في أبواب أخرى من كتابه.

النصّ

الباب الثاني والخمسون

وهو الوجه الخامس: يشتمل على ذكر الملائكة الذين

سقطوا لحسدهم وكبرهم وخطاياهم، وصاروا شياطين،

أضداداً للبشر.

من الكتب الحديثة

4-   من القثاليقون:

5- القول الأوّل من رسالة يوحنا بن زبدي، قال: "من أجل أنّ الشيطان، منذ القديم، أخطأ؛ لذلك ظهر السيّد يسوع المسيح، ليبطل أعمال الشيطان".

6- ومن رسالة بطرس: "فإن كان الله لم يعف عن الملائكة الذين أخطأوا، لكن أسلمهم في وثاق الزمهرير والظلمة، ليُحفظوا لعذاب القضاء".

7- ومن يهوذا: "الله ألقى الملائكة الذين لم يحفظوا رئاستهم، بل تركوا مراتبهم، في الظلمة القصوى، موثقين في وثاق أبدي، محتفظاً بهم إلى ذلك اليوم العظيم، يوم الدين".

8- القول الثاني من مواعظ يوحنا الذهبي الفم، في إنجيل متى، من الحادي والعشرين، منها: إنّما يجب النوح والحزن على الشيطان بسقوطه لخيبوبته من النياح العظيم، ولتوقعته عذاب الجحيم.

9- القول الثالث من الباب الحادي والأربعين من كتاب الطبيعة لغريغوريوس، قال: "إن الاستحالة وقعت في الملائكة، الذين مالوا إلى الأشياء الأرضية، وفارقوا الأشياء العالية، وانحازوا عنها، وبعدوا منها.

10- وبولس الرسول لم يصرّح، كما صرّح المذكوران، بل قال في رسالته إلى أفسس كلاماً آخره: "إن حربنا ليس هي مع لحم ودم، بل مع الأرواح الخبيثة، التي تحت السماء".

11- القول الرابع من جليان يوحنا بن زبدي، المقدّم ذكره، الموسوم بأبوغالمسيس، قال، رمزاً على سقوط إبليس وجنوده إنّه "رأى كوكباً سقط من السماء على الأرض، وأعطى له مفاتيح ذي العمق. وصعد الدخان مثل الآتون العظيم، حتى اظلمت الشمس والجو من الدخان. وجاء جراد على الأرض من دخان البئر.

12- وأعطى سلطان مثل العقارب، التي لها سلطان على الأرض، وقيل لهم: لا تضرّوا نبات الأرض ولا الشجر ولا الخضر، إلا الناس الذين ليس خاتم الله على جباههم، وأُمروا أن لا يقتلوهم، بل يعذبونهم خمسة أشهر، ووجع عذابهم يكون شديداً مثل لدغة العقرب، إذا لدغت إنساناً. وفي تلك الأيام يطلب الناس الموت فلا يجدونه ويشتهونه، وهو يهرب عنهم. وشكل ذلك الجراد يشبه الخيول المعدّة للقتال"، وتتمته.

13- ومن بعض نصّه وشرحه: التنين الذي ذكره هو إبليس الذي أطغى حواء. والقرون العشرة هم الملوك الذين يملكون مع المسيح الكذّاب الموافقون للتنين. قوله: "وذنبه جرّ نجوم السماء الثلاثة"، يشير إلى الطغمة السمائية التي سقطت مع الشيطان من السماء.

14- قوله: "وكان حرب عظيم، في السماء، بين ميكائيل وملائكته والتنين، ولم يقدر عليهم، ولم يتركوا له موضعاً في السماء، ورموه إلى الأرض هو وملائكته، وهللوا بصوت عظيم قائلين: الخلاص والملك والقوة لإلهنا، والسلطان لمسيحه، لأن المعز، من بين الإخوة سقط إلى الأرض". ذهب أحد المفسرين على أن "الإخوة" جماعة الشهداء والقديسين، الذين صاروا إخوة الملائكة بأعمالهم الصالحة.

من كتب العتيقة

16- من إشعيا النبي: "كيف سقط كوكب الفجر من السماء، المشرق في الإصباح؟ سقطت على الأرض، أيها المذِلّ للشعوب! أنت فكّرت، في نفسك، أنك تصعد إلى العلاء، وقلت: إنّي أرفع كرسي فوق كواكب السماء، وأُنزل الجبال الشامخة، على جبال المغرب الشامخة، التي تعلو الهواء، وأرتفع أرفع من السحاب، وأتشبه بالأعلى.

17- أمّا الآن، فتنزل إلى القبر، وتصير إلى أسفل الثرى والجبّ. ويسهو إليك الناظرون، ويبصرون ذلك جميعاً، ويقولون: هذا الرجل الذي مرمر الأرض، وأباد الملوك، وخرّب البلدان، وصيّرها قفراً، ونكّس القويّ، ولم يحلّ الأغلال عن الأساري، الذين أسر.

18- أمّا جميع ملوك الأرض فيتوفّى كل رجل منهم مكرماً في بيته، وأمّا أنت فتطرح رمتك على الجبال مثل الميت المنتن، ومثل أناس ماتوا بحدّ السيف هبطت إلى الجحيم، وقميصك متلطخ بالدم، ولبست لباس الدنس، وأفسدت الأرض، وقتلت الشعوب".

19- هذه النبوّة، قوم قالوا: إنّها عن سقوط الشيطان عن رتبة السمائية، وكنايته عنه بكوكب الفجر أنّه لم يثبت في مرتبته، بل كان فيها ككوكب الفجر، الذي ليس بين طلوعه وظهوره، وبين غيبته وذهابه سوى برهة يسيرة وساعة لطيفة وقوم قالوا: إنّ النبي لم يشر إلى ذلك.

ومن كلام الأب القديس غريغوريوس أسقف نيسس، وهي نوسّا، في كتاب الطبيعة، من الباب الحادي والأربعين:

لم تقع الاستحالة من الجواهر التي ليست مجسّمة إلا في الملائكة فقط، وليس في جميعها، لكن في بعضها، وهم الذين مالوا إلى الأشياء الأرضية، وفارقوا الأشياء العالية، وانحازوا عنها، وبعدوا منها. وسيرد هذا القول في مكانه أيضاً.

عن مجلة صديق الكاهن