اليوم الأخير لزيارة البابا للولايات المتحدة

عن إذاعة الفاتيكان 

 

احتفل البابا بندكتس الـ16 عصر اليوم الأحد بتوقيت الولايات المتحدة الأمريكية بالقداس الإلهي في ملعب يانكي ستاديوم بمدينة نيويورك، وقد وافاتنا زميلتنا جمال ورد بالتقرير التالي: \"\"

مقر البرجين التوأمين

نيويورك، 20 أبريل 2008 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الصلاة التي تلاها البابا بندكتس السادس عشر ظهر اليوم، لراحة أنفس الضحايا الذين سقطوا في المنطقة الصفر (غراوند زيرو)، مكان البرجين التوأمين الذين سقطا في اعتداءات الحادي عشر من سبتمر 2001 في نيويورك.

***

يا إله المحبة، والرحمة والشفاء

أنظر إلينا، نحن المنتمين الى مختلف المعتقدات والتقاليد،

المجتمعين اليوم في هذا المكان،

الذي شهد عنفاً وألماً لا يصدق.

نسألك أن تنعم بجودتك

بالنور الأبدي والسلام

على جميع الذين ماتوا هنا،

الأبطال الذين سارعوا للمساعدة:

رجال الإطفاء ورجال الشرطة،

رجال الطوارىء وسلطات المرفأ،

وجميع الرجال والنساء الأبرياء

الذين سقطوا ضحية هذه المأساة

فقط لأن عملهم أو خدمتهم

جاءت به الى هنا في الحادي عشر من سبتمبر 2001.

نسألك أن تمنح برحمتك

الشفاء للذين بسبب وجودهم هنا في ذلك اليوم

يعانون من إصابات وأمراض

واشف أيضاً ألم العائلات المحزونة

وجميع الذين فقدوا أحباءهم في هذه المأساة

أعطتهم القوة لمتابعة حياتهم بشجاعة ورجاء.

كما ونذكر أيضاً

جميع الذين عانوا من الموت، الإصابات أو فقدان الأحباء

في اليوم ذاته في البينتاغون، وفي شانكسفيل في بينسيلفينيا

قلوبنا متحدة بقلوبهم

وصلاتنا تحتضن ألمهم ومعاناتهم.

يا إله السلام، أحل سلامك على عالمنا المليء عنفاً:

سلام في قلوب الرجال والنساء

وسلام بين أمم هذه الأرض.

ردّ الى طرق محبتك

أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالحقد.

يا إله التفاهم،

بينما نغرق في عظمة هذه المأساة

نلتمس نورك وهدايتك

في مواجهتنا لهذه الأحداث الرهيبة.

إمنح الذين لم يموتوا

أن يعيشوا لكي لا تذهب الحياة التي فُقِدت هنا سدى.

ساعدنا وامنحنا العزاء

وقونا في الرجاء،

وأعطنا الحكمة والشجاعة

لنعمل دون ملل من أجل عالم

يملك فيه السلام والمحبة

بين الأمم وقلوب الجميع.

نقله من الإنكليزية إلى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية   (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.


عظة قداسة البابا بندكتس السادس عشر في "يانكي ستاديوم"

نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org). –

ننشر في ما يلي عظة قداسة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة القداس الذي ترأسه في "يانكي ستاديوم" في نيويورك.

* * *

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في المسيح،

في الإنجيل الذي سمعناه لتونا، يدعو يسوع الرسل إلى الإيمان به، لأنه "الطريق، والحق والحياة"(يو 14، 6). يسوع هو الطريق الذي يقود إلى الآب، الحق الذي يسبغ معنىً على الوجود البشري، ونبع الحياة التي هي فرح أبدي مع القديسين في الملكوت السماوي. لنأخذ كلام الرب بجدية! ولنجدد إيماننا به ونضع كل رجائنا بوعوده!

بهذا التشجيع للثبات في إيمان بطرس (راجع لو 22، 32؛ متى 16، 17)، أحييكم جميعًا بعطف كبير. أشكر الكاردينال إيغان لأجل كلمات الترحيب الودية التي تلاها باسمكم. في هذا القداس، تحتفل الكنيسة الأميركية بالذكرى المئوية الثانية لتأسيس الكراسي الأسقفية نيويورك وبوسطن، وفيلادلفيا، ولويسفيل انطلاقًا من السدة الأم في بالتيمور. إن اجتماع خليفة بطرس، وإخوته الأساقفة والكهنة، والشمامسة، والرهبان والراهبات، والعلمانيين المؤمنين من كل الولايات الخمسين المتحدة، يشهد ببلاغة للشركة في الإيمان الكاثوليكي الذي يأتي إلينا من الرسل.

احتفالنا اليوم هو أيضًا علامة عن النمو المذهل الذي تكرم به الله على الكنيسة في أمتكم في القرنين الماضيين. من قطيع صغير مثل ذلك الذي تصفه القراءة الأولى، بُنيت الكنيسة في أميركا بأمانة لوصيتي حب الله وحب القريب. في أرض الحرية والفرص هذه، وحّدت الكنيسة قطيعًا كبيرًا في الاعتراف بالإيمان، ومن خلال نشاطاتها التربوية والخيرية والاجتماعية المتعددة، ساهمت أيضًا بشكل لافت في بناء المجتمع الأميركي ككل.

لم يخل هذا الإنجاز من التحديات. إن القراءة الأولى اليوم، المأخوذة من كتاب أعمال الرسل، تتحدث عن توترات لغوية وثقافية كانت موجودة في أول جماعة كنسية. في الوقت عينه، تظهر هذه القراءة قوة كلمة الله، التي كان يعلنها الرسل بسلطان فتُقبل بالإيمان، وتخلق وحدةً تتخطى الانقسامات التي كانت تنشب بسبب المحدودية والضعف البشريين.

يتم تذكيرنا هنا بحقيقة أساسية: أن الكنيسة لا تملك أساسًا آخر إلا كلمة الله، التي صارت بشرًا في المسيح يسوع ربنا. كل علامات الهوية الخارجية، كل الهيكليات والمؤسسات والبرامج، رغم قيمتها وضرورتها، إنما هي موجودة في المقام الأخير فقط لكي تدعم وتصوغ الوحدة الأعمق، التي هي هبة الله الكاملة للكنيسة في المسيح.

توضح القراءة الأولى أيضًا، كما نرى من وضع الأيدي على الشمامسة الأولين، أن وحدة الكنيسة هي "رسولية". هي وحدة ظاهرة، مبنية على الرسل الذين اختارهم يسوع وعينهم كشهود لقيامته، وهي تولد مما يسميه الكتاب المقدس "طاعة الإيمان" (رو 1، 5؛ رسل 6، 7).

"السلطة"… "الطاعة". صراحةً، لا يسهل الكلام عن هاتين الكلمتين في هذه الأيام. تشكل كلمات كهذه "حجر عثرة" للكثير من معاصرينا، وخصوصًا في مجتمع يعلق بحق أهمية كبيرة على الحرية الفردية. ولكن، على ضوء الإيمان بالمسيح – "الطريق والحق والحياة" – نرى المعنى الأكمل لهاتين الكلمتين وقيمتهما، وحتى جمالهما.

يعلمنا الإنجيل أن الحرية الحقة، حرية أبناء الله، تتحقق فقد في تسليم الذات الذي هو جزء من سر الحب. فقط عبر خسران ذواتنا، يقول لنا الرب، يمكننا أن نجد ذواتنا حقًا (راجع لو 17، 33). تزهر الحرية الحقة عندما نتخلى عن ثقل الخطيئةالتي تعتم إدراكنا وتوهن عزمنا –  فنجد سعادتنا الحقة فيه تعالى، هو الحب اللامتناهي، والحرية اللامتناهية، والحياة اللامتناهية. "في إرادته سلامنا".

الحرية الحقة، إذًا، هي هدية الله السخية، وثمرة الارتداد إلى حقّه، الحق الذي يحررنا (راجع يو 8، 32). وهذه الحرية في الحق تحمل معها وجهة نظر جديدة ومحررة. عندما نلبس "فكر المسيح" (راجع فل 2، 5)، تنفتح أمامنا آفاق جديدة! على ضوء الإيمان، وفي صلب الشركة الكنسية، نجد أيضًا الزخم والقوة لكي نصبح خميرة الإنجيل في العالم. نصبح نور العالم، وملح الأرض (راجع مت 5، 13 – 14)، إذ يُوكل إلينا خدمة أن نجعل حياتنا، والعالم الذي نعيش فيه، مطابقًا بشكل أكمل لمشروع الله الخلاصي.

هذه النظرة الرائعة لعالم تحوّله قوة حقيقة الإنجيل المحررة تنعكس في وصف الكنيسة الذي تقدمه القراءة الثانية اليوم. يقول لنا الرسول أن المسيح، القائم من الموت، هو حجر الأساس في الهيكل العظيم الذي يرتفع بالروح الآن أيضًا. ونحن، أعضاء هذا الجسد، صرنا بالمعمودية "حجارة حية" في هذا الهيكل، شركاء في حياة الله بالنعمة، مبارَكين بحرية أبناء الله، ومشدًّدين لكي نقرب ذبائح روحية مرضية لدى الله (راجع 1 بط 2، 5). ما هي هذه التقدمة التي نحن مدعوون لتقريبها، إن لم تكن كل أفكارنا، وكل كلمة، وكل عمل نقوم به لأجل حقيقة الإنجيل، ووضع كل طاقاتنا في خدمة ملكوت الله؟ بهذا الشكل فقط يمكننا أن نبني مع الله، على الأساس الوحيد الموضوع: يسوع المسيح (راجع 1 قور 3، 11). بهذا الشكل فقط يمكننا أن نبني بنيانًا يدوم حقًا. بهذا الشكل فقط يمكن لحياتنا أن تجد معنىً نهائيًا وتحمل ثمرًا دائمًا.

نذكر اليوم المئوية الثانية لنقطة تحول في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة: أول فصل عظيم من نموها. على مدى هذين القرنين، تحوّل وجه الكنيسة الكاثوليكية في أمتكم بشكل كبير. نفكر بموجات المهاجرين المتلاحقة التي أغنت تقاليدُها كنيسة أميركا بشكل كبير. نفكر بالإيمان الكبير الذي أقام شبكة كنائس، ومؤسسات تربوية وصحية واجتماعية باتت منذ زمن علامة فارقة لهذه الكنائس في هذه الأرض. نفكر أيضًا بالعدد الكبير من الآباء والأمهات الذين سلموا الإيمان إلى أبنائهم، والخدمة الأمينة التي قام بها كثيرٌ من الكهنة كرسوا حياتهم للعناية بالأرواح، والإسهام الذي لا يقدر بثمن الذي قدمه عدد كبير من المكرسين والمكرسات الذين لم يكتفوا بتعليم أجيال من الأطفال كيف يقرأوا ويكتبوا، بل ألهموهم أيضًا رغبة في معرفة الله ومحبته وخدمته رافقتهم مدى الحياة.

كم من "الذبائح الروحية المرضية لدى الله" قد قُدمت في هذين القرنين! في أرض الحرية الدينية هذه، وجد الكاثوليك الحرية، ليس فقط لممارسة شعائر إيمانهم، بل أيضًا للمشاركة الكاملة في الحياة المدنية، حاملين أعمق قناعاتهم الخلقية إلى الساحة العامة ومتعاونين مع جيرانهم في صياغة مجتمع ديمقراطي ينبض بالحياة. احتفال اليوم هو أكثر من مجرد مناسبة للحمد لأجل النعم التي نلتموها. إنه أيضًا تحريض لكي تسيروا قدمًا بمقصد وطيد لاستعمال بركات الحرية بحكمة، في سبيل بناء مستقبل رجاء للأجيال القادمة.

"أنتم ذرية مختارة وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب اقتناه الله للإشادة بآياته" (1 بط 2، 9). إن كلمات الرسول بطرس هذه لا تذكرنا ببساطة بالكرامة التي هي خاصتنا بنعمة الله؛ بل هي تتحدانا لكي نعيش أمانة أكبر للإرث المجيد الذي تلقيناه بالمسيح (راجع أف 1، 18). تتحدانا لكي نفحص ضمائرنا، وننقي قلوبنا، ونجدد مواعيد عمادنا رافضين الشيطان وكل وعوده الفارغة. تتحدانا لكي نكون شعب الفرح، ودعاة الرجاء الذي لا يخيب (راجع رو 5، 5) والذي يولد من الإيمان بكلمة الله، والثقة بمواعيده.

كل يوم، في كل هذه البلاد، أنتم والكثير من جيرانكم تصلون إلى الآب بكلمات الرب بالذات: "ليأت ملكوتك". يجب على هذه الصلاة أن تصوغ فكر وقلب كل مسيحي في هذه الأمة. يجب أن تحمل ثمرًا في الأسلوب الذي تعيشون فيه حياتكم وفي الطريقة التي تبنون فيها عائلاتكم وجماعاتكم. يجب أن تخلق "قواعد رجاء" جديدة (راجع مخلصون بالرجاء، 32) يصير فيها ملكوت الله حاضرًا بكل قوته الخلاصية.

الصلاة بحرارة من أجل مجيء ملكوت الله يعني أيضًا أن تكونوا دومًا متنبهين لعلامات حضوره، وأن تعملوا من أجل نمو الملكوت في كل قطاعات المجتمع. يعني أن تواجهوا تحديات الحاضر والمستقبل واثقين بانتصار المسيح وملتزمين بنشر ملكوته. تعني عدم الجزع في وجه المناهَضات، والعداوات والشكوك. تعني التغلب على كل انفصال بين الإيمان والحياة، ومقاومة أناجيل الحرية والسعادة الدجّالة. تعني أيضًا رفض كل فصل زائف بين الإيمان والحياة السياسية، لأنه، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني، "ما من نشاط إنساني – حتى في المسائل الدنيوية – يمكن استثناؤه من سلطان الله" (نور الأمم، 36). يعني العمل على إغناء المجتمع الأميركي بجمال وحقيقة الإنجيل، وعدم الإشاحة بطرفكم أبدًا عن الرجاء العظيم الذي يضفي معنىً وقيمة على كل الآمال الأخرى التي تلهم حياتنا.

وهذا هو، أيها الأصدقاء الأحباء، التحدي الخاص الذي يضعه أمامكم اليوم خليفة القديس بطرس. كـ "شعب الله المختار، والكهنوت الملوكي، والأمة المقدسة"، اقتفوا بأمانة آثار من سبقكم! عجلوا مجيء ملكوت الله في هذه الأرض! لقد تركت لكم الأجيال السابقة إرثًا مذهلاً. في أيامنا أيضًا، كانت الجماعة الكاثوليكية في هذه الأمة عظيمة لأجل شهادتها النبوية في الدفاع عن الحياة، في تربية الشبيبة، في العناية بالفقراء، والمرضى والغرباء المقيمين في وسطكم. على هذه الركائز المتينة، ينبغي على مستقبل الكنيسة في أميركا أن يبدأ بالنهوض من جديد!

البارحة، في مكان غير بعيد من هنا، تأثرت بالفرح والرجاء وبالحب السخي للمسيح الذي عاينته في وجوه الكثير من الأشخاص الذين تألبوا في "دنوودي". إنهم كنيسة المستقبل، ويستحقون كل الصلاة والدعم اللذين تستطيعون منحهما إليهم. وهكذا أتمنى أن أختم مضيفًا كلمة تشجيع خاصة لهم.

أيها الأصدقاء الشباب الأعزاء، مثل الرجال السبعة، "المملوئين بالروح القدس والحكمة" الذين أوكل الرسل رعاية الكنيسة الشابة، أتمنى أن تتقدموا وتحملوا المسؤولية التي يضعها أمامكم إيمانكم بالمسيح! أصلي لكي تجدوا الشجاعة لتعلنوا المسيح الذي "هو هو الأمس، واليوم وإلى الأبد" وتعلنوا الحقائق التي تجد ركيزتها فيه (راجع فرح ورجاء، 10؛ عب 13، 8). هذه هي الحقائق التي تحررنا! هي الحقائق التي وحدها تستطيع أن تضمن احترام الكرامة الثابتة وحقوق كل رجل وامرأة وطفل في عالمناومعهم أكثر الكائنات البشرية ضعفًا، الأجنة في أحشاء أمهاتهم. في عالم حيث ما زال العازار يقف على بابنا، كما ذكرنا البابا يوحنا بولس الثاني، عندما تكلم في هذا المكان بالذات (العظة في ملعب يانكي، 2 أكتوبر 1979، 7)، لندع إيماننا وحبنا يأتيان ثمرًا وافرًا عبر مد يدنا للفقراء، للمحتاجين وللذين لا صوت لهم.

يا شباب وشابات أميركا، أناشدكم: افتحوا قلوبكم لدعوة الله لاتباعه في الكهنوت والحياة المكرسة. هل هناك علامة حب أكبر من هذه: أن تتبعوا خطوات المسيح، الذي كان مستعدًا أن يضحي بحياته لأجل أصدقائه (راجع يو 15، 13)؟

في إنجيل اليوم، يعد الرب التلاميذ بأنهم سيقومون بأعمال أعظم من أعماله (راجع يو 14، 12). أيها الأصدقاء الأعزاء، وحده الله يعرف بعنايته أية أعمال ستقوم بها نعمته في حياتكم وفي حياة الكنيسة في الولايات المتحدة. ولكن وعد المسيح يفعم قلوبنا برجاء أكيد. لنضم الآن صلاتنا لصلاته، كحجارة حية في الهيكل الروحي الذي هو كنيسته الواحدة الجامعة المقدسة والرسولية. لنرفع عيوننا إليه، لأنه الآن أيضًا هو يُعدّ لنا منزلًا في بيت أبيه. وإذ يقوينا الروح القدس، فلنعمل بغيرة متجددة على نشر ملكوته.

"طوبى للذين يؤمنون!" (راجع 1 بط 2، 7). لنلتفت إلى يسوع! وحده الطريق الذي يقود إلى السعادة الأبدية، الحقيقة التي تشبع أعمق أشواق القلب، والحياة التي تحمل فرحًا ورجاءً دائمي التجدد، لنا وللعالم. آمين.

* * *

(بالاسبانية)

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في الرب،

أحييكم بفرح ويسعدني الاحتفال بهذا القداس لحمد الله لأجل المئوية الثانية للّحظة التي بدأت فيها الكنيسة الكاثوليكية بالنمو في هذه الأمة. بالنظر إلى مسيرة الإيمان التي تمت في هذه السنين، والتي لم تخل من الصعوبات، نسبح الرب من أجل الثمار التي أعطتها كلمة الله في هذه الأنحاء ونعبر عن شوقنا أن يُعرف المسيح ويُحَب أكثر وأكثر، هو الطريق والحق والحياة.

هنا، في وطن الحرية هذا، أود أن أعلن بقوة بأن كلمة المسيح لا تنفي توقنا إلى حياة مليئة وحرة، بل تكشف لنا كرامتنا الحقيقية كأبناء الله، وتشجعنا على مقاومة كل ما يستعبدنا، بدءًا من أنانيتنا ونزواتنا. في الوقت عينه، تحضنا كلمة المسيح على إظهار إيماننا من خلال حياة محبة وعلى جعل جماعاتنا الكنسية كل يوم أكثر ضيافة وأخوّة.

وبوجه خاص، أدعو الشباب إلى قبول التحدي الكبير الذي يقتضيه الإيمان بالمسيح والعمل على التعبير عن هذا الإيمان عبر قرب ملموس من الفقراء. وأيضًا عبر التجاوب مع الدعوة التي يوجهها الرب إلى ترك كل شيء واعتناق حياة من التكرس الكامل لله وللكنيسة، في الحياة الكهنوتية والرهبانية.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أدعوكم إلى النظر برجاء إلى المستقبل، سامحين ليسوع أن يدخل في حياتكم. هو وحده الطريق الذي يقود إلى السعادة التي لا تضمحل، الحقيقة التي تروي أنبل التطلعات البشرية، والحياة المفعمة فرحًا لخير الكنيسة والعالم. بارككم الله.

* * *

نقله من الإنكليزية والإسبانية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.


كلمة البابا الى الشباب في إكليريكية القديس يوسف في نيويورك

نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org) – ننشر فيما يلي الكلمة التي وجهها البابا بندكتس السادس عشر الإكليريكيين الشباب في إكليريكية القديس يوسف في نيويورك.

 
أصحاب السيادة

إخوتي الأساقفة الأعزاء

أصدقائي الشباب الأعزاء

 بشروا بالمسيح الرب وكونوا دائماً مُستعدين لأن تُقدموا جواباً مُقنعاً لكل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي في داخلكم (1 بطرس 15:3). بهذه الكلمات من رسالة بطرس الأولى، أُحييكم جميعاً من كل قلبي. وأشكر الكردينال إيغان على كلمة ترحيبه الطيبة، كما أشكر الممثلين بينكم على سخاء ترحيبكم. وأبعث تحية شكرٍ خاصة إلى الأسقف ولش، رئيس معهد القديس يوسف، وإلى الأساتذة والطلاب.

أصدقائي الشباب، إني سعيدٌ جداً بالفرصة التي أُتيحت لي للتحدث إليكم. أرجو أن تبعثوا بتحياتي الحارة إلى عائلاتكم وأقاربكم، وإلى الأساتذة وهيئات الإدارة في المدارس، والمعاهد، والجامعات المختلفة التي تقصدونها. أعلم أنّ العديد من الناس قد بذلوا جهداً كبيراً من أجل أن يتم هذا اللقاء اليوم. أُقدم شكري الجزيل لهم جميعاً. وأعبر أيضاً عن شكري لكم على تمنياتكم لي بعيد ميلاد سعيد! شكراً على هذه البادرة المؤثرة وتستحقون جميعاً علامة ممتازة على لفظكم الألماني! أودّ هذا المساء أن أتشارك معكم بعض الأفكار عن حياتنا التي تُصبح رحلة رجاء إن كنّا تلامذةً ليسوع المسيح نسير على خطى الربّ.

 أمامكم صور لستّة رجال ونساء عاديين كبروا لعيش حياة استثنائية. إن الكنيسة تُكرمهم كمُكرمين، أو طوباويين، أو قديسين: لقد لبى كلٌّ منهم دعوة الرب من أجل عيش حياة محبة وخدمه كل منهم في أزقة، وشوارع، وضواحي نيويورك. أنا متأثرٌ بتنوعهم الرائع، فهم رجال ونساء علمانيون فقراء وأغنياء – منهم زوجة وأم غنية – وكاهن وراهبة مهاجران من عفار، ابنة أب مُحارب من موهوك وأم جونكونية، وعبد من هايتي، ومُفكر كوبي.

القديسة إليزابيث آن ساتن، والقديس فرانسيس غزافييه كابريني، وجون نيومن، والطوباويّة كاتري تيكاكويتا، والمكرم بيار توسان، والأب فليكس فاريلا: بامكان كل واحد منا أن يكون في عدادهم لأنه لا يوجد لهذه المجموعة قالب أو شكل مُعين لا يتغير. لكن نظرةً أقرب تُظهر وجود عناصر مشتركة. فقد أصبحت حياتهم رحلة رجاء رائعة بالتهابها بحبّ يسوع. وقد فهم البعض ذلك بترك البيت وبدء رحلة حج لآلاف الأميال. كان لكل منهم فعل تخلٍّ من أجل الله وهم على ثقة بأنه الغاية الأخيرة لكل سائح. لقد أعطى جميعهم  الأمل الكبير لكل لذين التقوهم في رحلتهم وكثيراً ما أيقظوا فيهم حياة إيمان. من خلال ملاجىء الأيتام، والمدارس، والمستشفيات، ومُصادقة الفقراء، والمرضى، والمهمشين، ومن خلال الشهادة الواضحة في سيرهم بتواضع على خطى يسوع، رسم هؤلاء الستة طريق الإيمان، والرجاء، والمحبة للعديد من الأشخاص بما فيهم ربّما أجدادكم.

 ماذا عن اليوم؟ من يحمل الشهادة لخيرات يسوع في شوارع نيويورك، في أحياء المدن الكبيرة التي يملأها الخلل، وفي الأماكن حيث يجتمع الشبّان للبحث عن شخص يثقون به؟  الله هو أصلنا وغايتنا، ويسوع هو الطريق. إن طريق الرحلة تلتوي وتنعطف تماماً كما حصل مع قدّيسنا في الأفراح والتجارب في الحياة اليومية: ضمن عائلاتكم، في المدرسة أو الكلية، خلال نشاطاتكم الترفيهيّة، وفي جماعات أبرشيّتكم. جميع هذه الأماكن مطبوعة بالثقافة التي تكبرون فيها. وأنتم كشباب أميركيّين، تُقدّم لكم فرص عديدة من أجل نموّكم الشخصيّ، وتُربّون بحسٍّ من الكرم، والمساعدة، والعدل. ومع ذلك، فأنتم تعلمون بأنّ هناك العديد من المصاعب كالنشاطات والأفكار التي تخنق الرجاء، والطرق التي تبدو وكأنّها تُؤدّي إلى السعادة والتحقيق ولكنّها في الواقع تُفضي فقط إلى الحيرة والخوف.

 لقد أُفسدت سنواتي كمراهق بنظام مشؤوم ظننت أنّه يحمل كلّ الأجوبة، وقد تعاظم تأثيره بدخوله إلى المدارس والهيئات المدنيّة، كما إلى السياسة وحتى إلى الدين قبل أن يُكشف شره بالكامل. لقد أبعد الله وأصبح بالتالي غير متأثرٍ بأيّ شيء صادق وصالح. لكان أجدادكم وأجداد أجدادكم أخبروكم عن الدمار المرعب الذي نتج عن ذلك. والحقيقة أنّ البعض منهم أتى إلى أميركا تحديداً للهرب من الروعة هذه.

 فلنشكر الله أن الكثيرين من جيلكم يتمتعون اليوم بالحريات التي نشأت عن انتشار الديمقراطيّة واحترام حقوق الإنسان. ولنشكر الله على كل الذين ناضلوا من أجل ضمان أن تكبروا في بيئة تربي على  ما هو جميل، جيد، وحقيقي : أهلكم وأجدادكم، معلميكم والكهنة، هؤلاء القادة المدنيين الذين يبحثون عن الصواب والعدل

ومع ذلك تبقى سلطة الدمار. ونخدع أنفسنا إن تظاهرنا بغير ذلك. ولكنها لا تنتصر أبداً، بل تُهزم. هذا هو جوهر الرجاء الذي نُعرف به كمسيحيّين، والكنيسة تُذكر به بشكل جذري خلال فترة الآلام وتحتفل به بفرح عظيم في زمن الفصح! من يظهر لنا الطريق ما وراء الموت هو الذي يظهر لنا كيف نتغلب على الدمار والخوف:  إنّه يسوع معلم الحياة الحقيقي (راجع بالرجاء مُخلصون 6 ). ويعني موته وقيامته أننا نستطيع القول بأنّ الآب قد أعادنا إلى الحياة! ( الصلاة بعد المناولة، يوم الجمعة العظيمة). ومنذ بضعة أسابيع، وخلال صلوات عيد الفصح، لم ندعُ الله إلى عالمنا بيأسٍ أو خوفٍ بل بثقتنا التي يملأها الرجاء: بدد الظلام من قلوبنا! وبدد الظلام من عقولنا (راجع صلاة إضاءة شمعة الفصح).

 ماذا يمكن لهذه الظلمة أن تكون؟ وماذا يحصل عندما يجد الناس، وبخاصة الأكثر ضعفاً منهم، قبضةً مغلقة من الكبت أو التلاعب بدلاً من يد رجاء؟ هناك مجموعة أولى من الأمثلة التي تتصل بالقلب. وهنا، تتحطم أحلام وطموحات الشباب وتضيع بسهولة. وأُفكر بأولئك الذين هم تحت تأثير المخدرات والكحول، والتشرد والفقر، والعنصرية، والعنف، والانحطاط، وبخاصة بالفتيات والنساء بينهم.

في حين أن أسباب هذه المشاكل معقدة إلا أنها تملك كلها وضع عقل فاسد ينتج عن معاملة الأشخاص كأشياء مُجردة، وقساوة قلب تُهمل أولاً كرامة الإنسان الموهوبة من الله وتُسخرها. مآسي كهذه تشير أيضاً إلى ما كان وما سيكون ممكناً إن امتدّت أياديكم إلى الغير. أُشجعكم على دعوة الآخرين، وبخاصة الضعفاء والأبرياء، إلى الانضمام إليكم في طريق الصلاح والرجاء.

 وموضع الظلام الثاني الذي يؤثر في العقل، كثيراً ما لا تتم ملاحظته ولذلك فهو مشؤوم. فاستعمال الحقيقة بشكل خاطىء يُشوه إدراكنا للواقع ويُفسد خيالنا وطموحاتنا. لقد ذكرتُ مسبقاً الحريات العديدة التي أنتم محظوظون بالتمتع بها. ويجب المحافظة على أهمية الحرية الأساسية بشدة. وليس من العجب أن يُطالب الأفراد بحريتهم بصوتٍ مرتفع على الساحة العامة. ولكن الحرية قيمةٌ دقيقة، إذ يمكن فهمها أو استعمالها بطريقة خاطئة لا تُؤدي إلى السعادة التي ننتظرها جميعاً لا بل إلى عتمة تلاعب يرتبك فيها فهمنا لأنفسنا وللعالم، وحتى أنه يتشوه بأعمال أصحاب البرامج الخفية.

 هل لاحظتم كيف أنه كثيراً ما تتم المطالبة بالحرية من دون الإشارة إلى حقيقة الإنسان؟ ويُناقش البعض اليوم أن احترام حرية الفرد يجعل البحث عن الحقيقة خطأً بما فيها حقيقة ما هو صالح. ويُعتبر في بعض الأحيان الكلام عن الحقيقة مثيراً للجدل أو مُقسماً، وبالتالي فإنه من الأفضل أن تبقى في دائرة سرية. وفي ما يخص الحقيقة أو بالأحرى غيابها، انتشرت فكرة أنه بإعطاء القيمة لكل شيء دون تمييز، يتم ضمان الحرية وتحرير الضمير. وهذا ما نسميه نسبية. ولكن ما غاية حرية تسعى باهمالها الحقيقة إلى كل ما هو خاطىء؟ كم من الشباب امتدت لهم يد باسم الحرية أو الخبرة وقادتهم إلى الإدمان، والحيرة الأخلاقية أو الفكرية، والأذى، وفقدان احترام أنفسهم، وحتى إلى اليأس وبطريقة مأساوية ومحزنة إلى الانتحار؟

 أصدقائي الأعزاء، الحقيقة ليست ضريبة. كما أنها ليست ببساطة مجموعة من القوانين. إنها اكتشاف من لا يخذلنا أبداً، من يمكننا الوثوق به دوماً. في البحث عن الحقيقة، نعيش بالإيمان إذ أن الحقيقة الأسمى هي يسوع المسيح. لذا نحن معنيون بالحرية الحقيقية التي بها نسمح لأنفسنا بالتقرب من المسيح الموجود من أجل الآخرين (راجع بالرجاء مُخلصون 28).

 كيف بامكاننا إذاً كمؤمنين أن نساعد الغير على السير في طريق الحرية التي تحمل التحقيق والسعادة الأبدية؟ فلنتطلع مرة أخرى إلى القديسين. كيف حررت شهادتهم الغير من ظلمة القلب والعقل؟ الجواب موجود في جوهر إيمانهم، جوهر إيماننا. إن التجسد، ميلاد المسيح يخبرنا أن الله يجد بالفعل مكاناً بيننا. وعلى الرغم من أن النزل ملآن إلا أنه يدخل من الاسطبل ويرى نوره بعض الأشخاص، فيدركون حقيقة عالم هيرودس المظلم المغلق ويتبعون عوضاً عن ذلك النجم المرشد الساطع في سماء الليل. وماذا يُشع عندها؟ هنا لا بد من تذكر صلاة ليلة الفصح الأكثر قداسة: أبانا، نُشارك بنور مجدك بابنك نور العالم، ألهبنا برجائك! (مباركة النار). وكذلك، في موكب مهيب بشموعنا المضاءة، ننقل نور المسيح بيننا. إنه النور الذي يبدد الشر، ويمحو الذنوب، ويُعيد البراءة، ويمنح التعزية للحزانى، ويُزيل البغض، ويُحل السلام، ويُذل الازدراء الأرضي. هذا هو عمل نور المسيح. هذا هو طريق القديسين. إنه رؤية رجاء رائعة "يدعوكم نور المسيح أن تكونوا النجم المرشد للآخرين بالسير على درب المسيح، درب المغفرة، والمصالحة، والتواضع، والفرح، والسلام.

 مع ذلك فإننا أحياناً نقع في تجربة الانغلاق على أنفسنا، والشك في قدرة بهاء المسيح، والحد من آفاق الرجاء. تشجعوا! وركزوا أنظاركم على القديسين. إن تنوع خبرتهم في وجود الله تحثنا على اكتشاف اتساع المسيحية وعمقها من جديد. دعوا خيالكم يرتفع بحرية في الآفاق غير المحدودة للتلمذة المسيحية. أحياناً يُنظر إلينا كأناس لا تتحدث سوى عن المحرمات. لا يمكن لشيء أن يكون أبعد من الحقيقة! والتلمذة المسيحية الحقيقية مطبوعة بحس التعجب. نقف أمام الله الذي نعرفه ونحبه كصديق لنا، اتساع خليقته وجمال إيماننا المسيحي.

 أصدقائي الأعزاء، يدعونا مثال القديسين إذاً إلى التفكير بأربعة مظاهر أساسية لكنز إيماننا: الصلاة الفردية والتأمل، الصلاة الطقسية، المحبة في العمل، والدعوات.

الأمر الأهم هو أن تُنموا علاقتكم الشخصية مع الله. ويتم التعبير عن هذه العلاقة بالصلاة. والله بطبيعته يتكلم، ويسمع، ويستجيب. في الواقع، يُذكرنا القديس بولس: صلوا دون انقطاع (1 تسالونيكي 17:5). بعيداً عن الانغلاق على أنفسنا أو الانسحاب من أفراح الحياة وأحزانها، فإننا بالصلاة ننظر إلى الله الذي من خلاله ننظر إلى بعضنا البعض بما في ذلك إلى المهمشين والتائهين في الطرقات البعيدة عن طريق الرب (راجع بالرجاء مخلصون 33). وكما يعلمنا القديسون، فإن الصلاة تصبح رجاءً. لقد كان المسيح رفيقهم الدائم الذي تحدثوا معه في كل خطوة من رحلتهم للآخرين.

 وهناك مظهر آخر للصلاة يجب أن نتذكره: التأمل الصامت. فالقديس يوحنا، مثلاً، يخبرنا أنه يجب علينا، لاحتضان وحي الله، أن نصغي أولاً من ثم نجيب باعلان ما رأيناه وسمعناه (راجع 1 يوحنا 1: 2-3 ، الوحي الإلهي 1).

هل فقدنا ربما شيئاً من فن الإصغاء؟ وهل تتركون مكاناً لسماع الله يخاطبكم هامساً ويدعوكم إلى الصلاح؟ أيها الأصدقاء، لا تخافوا من الصمت أو السكون، أصغوا إلى الله، وقدموا له العبادة في سر القربان المقدس. ولتجعل كلمته من رحلتكم تجلياً للقداسة.

 في الطقس الديني، نجد الكنيسة جمعاء في الصلاة. وتعني كلمة "الطقس الديني" مشاركة شعب الله في عمل المسيح الكاهن وجسده الذي هو الكنيسة (المجمع المقدس 7). ما هو هذا العمل؟ أولاً، يشير إلى آلام المسيح، وموته وقيامته، وصعوده الذي نسميه سر الفصح. كما يشير إلى احتفال الطقس الديني بذاته. وفي الواقع أن المعنيان متصلان بشدة لأن عمل يسوع هذا هو المحتوى الحقيقي للطقس الديني. ومن خلال الطقس الديني، يتصل عمل الرب باستمرار مع التاريخ ومع حياتنا لإعطائها شكلاً. وهنا نتناول لمحةً عن عظمة إيماننا المسيحي. كلما اجتمعتم في القداس، وعندما تذهبون للاعتراف، وكلما احتفلتم بالأسرار، يعمل يسوع معكم. ومن خلال الروح القدس، يجذبكم إلى ذاته، وإلى الحبّ القرباني للآب الذي أصبح حباً للجميع. نرى إذاً أن الطقس الديني للكنيسة هو خدمة رجاء للبشرية. إن مشاركتكم الأمينة هي رجاء فعال يساعد في إبقاء قديسي العالم وخاطئيه متشابهين في الانفتاح على الله، هذا هو الإيمان البشري الصادق الذي نقدمه للجميع (راجع بالرجاء مخلصون 34).

إن صلاتكم الشخصية، وأوقات تأملكم الصامت، ومشاركتكم في الطقس الديني للكنيسة تُقربكم من الله وتُحضركم لخدمة الآخرين. وإن القديسين الحاضرين معنا هذا المساء يظهرون لنا أن حياة الإيمان والرجاء هي أيضاُ حياة محبة. بتأملنا يسوع على الصليب، نرى الحب في شكله الأكثر فطرية. بامكاننا البدء بتخيل طريق الحب الذي علينا أن نمشي بموازاتها (راجع الله محبة 12).

 إن الفرص للقيام بهذه الرحلة وفيرة. انظروا إلى أنفسكم بعيون المسيح، أصغوا بآذانه، واشعروا وفكروا بقلبه وعقله. هل أنتم مستعدون لإعطاء كل شيء تماماً كما فعل للحقيقة والعدالة؟ الكثير من الأمثلة عن المعاناة التي عاشها قديسونا بحنو ما تزال موجودة في هذه المدينة وسواها، وأشكال جديدة من الظلم ظهرت، بعضها معقد ينشأ عن استغلال القلب واستعمال العقل، وحتى موطننا المشترك، الأرض نفسها، ترزح تحت حمل الجشع المبدد والاستغلال غير المسؤول. علينا الإصغاء بتمعن كما علينا الاستجابة بعمل اجتماعي متجدد ينشأ عن المحبة العالمية غير المحدودة. بهذه الطريقة، نضمن أن تصبح أعمال رحمتنا وعدالتنا، رجاءً في العمل للآخرين.

 أيها الشباب الأعزاء، أود أخيراً أن أتشارك معكم كلمة عن الدعوات. أولاً أُفكر بأهلكم، وأجدادكم وعرابيكم. لقد كانوا مربيكم الأولين في الإيمان. بتقديمكم إلى العماد، أعطوكم إمكانية الحصول على أعظم عطية في حياتكم. في ذلك اليوم، دخلتم إلى أعماق قداسة الله نفسه، وأصبحتم أبناء وبنات الآب بالتبني. لقد اتحدتم بالمسيح وجُعلتم سكنى روحه. فلنصل للأمهات والآباء حول العالم وبخاصة لهؤلاء الذين ربما يكافحون اجتماعياً، مادياً، وروحياً. ولنُجل دعوة الزواج وكرامة الحياة العائلية، ولنقدر دوماً أن الدعوات تُعطى الحياة ضمن العائلات.

 في اجتماعنا هنا في إكليريكية القديس يوسف، أحيي الطلاب الحاضرين وأشجع جميع الطلاب في أميركا. أنا سعيد بازدياد أعدادكم! ينظر إليكم شعب الله ككهنة أتقياء في رحلة اهتداء يومية تُلهبون في الآخرين رغبة الدخول بشكل أعمق إلى حياة المؤمنين الكهنوتيّة. أحثكم على تعميق صداقتكم بيسوع الراعي الصالح. تكلموا معه قلباً لقلب. وانبذوا تجربة التفاخر، أو التباهي أو الغرور. ناضلوا من أجل نموذج حياة مطبوعة صدقاً بالمحبة، والعفة، والتواضع، على مثال المسيح، الكاهن الأسمى الأبدي، الذي يجب أن تصبحوا به مثالاً حياً. أعزائي الطلاب، أصلي لأجلكم يومياً. وتذكروا أن من المهم أن تذوبوا في حب الرب وتجعلوا حبه ساطعاً للآخرين.

 إن الرهبان والراهبات والكهنة، يساهمون بشكل كبير في رسالة الكنيسة. وشهادتهم النبوية مطبوعة بقناعة عميقة بالأولية التي بها يرسم الإنجيل الحياة المسيحية ويحول المجتمع. اليوم، ألفت انتباهكم إلى التجديد الروحي الإيجابي الذي تتولاه الجمعيات في ما يتعلق بموهبتها. والموهبة هدية مجانية وكريمة. تُمنح المواهب من الروح القدس الذي يلهم المؤسسين والمؤسسات، ويشكل الجمعيات بإرث روحي. وإن النظام الرائع للمواهب الخاصة بكل جمعية دينية هو كنز روحي استثنائي. في الواقع، إن تاريخ الكنيسة هو مصور ربما بأجمل شكل من خلال تاريخ مدارسها الروحية التي تنشأ معظمها عن حياة القداسة التي عاشها المؤسسون والمؤسسات. من خلال اكتشاف المواهب التي تنتج اتساعاً كهذا للحكمة الروحية، أنا واثق بأن بعضاً منكم أنتم الشباب سوف تنجذبون إلى حياة خدمة رسولية أو تأملية. لا تخجلوا من التحدث مع الرهبان والراهبات والكهنة عن موهبة جمعياتهم وروحيتها. ليس هناك من جماعة كاملة، لا بل هناك وفاء لموهبة مؤسسة وليس لأفراد مستقلين. هذا ما يدعوكم الرب لإدراكه. تشجعوا! بامكانكم جعل حياتكم موهبة ذاتية لمحبة الرب يسوع، وبه، لمحبة كل عضو من العائلة البشرية (راجع الحياة المكرسة 3).

 أصدقائي، أسألكم من جديد، ماذا عن اليوم؟ عمّ تبحثون؟ ماذا يهمس لكم الله؟ إن الرجاء الذي لا يخيبكم هو يسوع المسيح، فالقديسون يظهرون لنا الحب الناكر للذات لطريقه. وكتلامذة المسيح، تجلت رحلاتهم الاستثنائية ضمن جماعة الرجاء التي هي الكنيسة. وأنتم من ضمن الكنيسة، سوف تجدون الشجاعة والدعم للسير في طريق الرب. بتغذيكم من الصلاة الفردية في الصمت التي يلقنها الطقس الديني للكنيسة، سوف تكتشفون دعوة الله الخاصة لكم. أتموها بفرح. أنتم تلامذة المسيح اليوم. أضيئوا نوره فوق هذه المدينة وغيرها. أظهروا للعالم سبب الرجاء الذي في داخلكم. أخبروا الآخرين عن الحقيقة التي تُحرركم. بمشاعر الرجاء فيكم، أستودعكم إلى حين لقائنا في سيدني في يوليو المقبل بمناسبة يوم الشبيبة العالمي! وعربوناً لحبي لكم ولعائلاتكم، أمنحكم بسرور بركتي الرسولية.

 

نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.


بندكتس السادس عشر: ردّ الى طرق محبتك أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالحقد

بقلم طوني عساف

 نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org) –  

قام بندكتس السادس عشر اليوم بزيارة حج من الحزن والمصالحة الى المنطقة الصفر. كان برفقة البابا رئيس أساقفة نيويورك الكاردينال إيغان، عندما توجهت السيارة البابوية ببطء نحو المنطقة الصفر. وتابع البابا بعد ذلك سيراً على الأقدام نحو الهوة التي خلفها اعتداء الحادي عشر من سبتمبر 2001، وركع على ركبتيه واضاء شمعة. كان برفقة البابا ايضاً ثمانية وعشرون شخصاً يمثلون المدينة، والناجين من الاعتداء وعائلات الضحايا.

 وصلى البابا طالباً من إله المحبة والرحمة والشفاء أن يمنحنا القوة والعزاء. وأمام ضخامة المأساة، سأل البابا الله الحكمة والشجاعة لعالم  يملك فيه السلام والمحبة بين الأمم وقلوب الجميع. وصلى البابا ايضاً لجميع الذين فقدوا أحباءهم في ذلك اليوم في البينتغون وبينسيلفينيا وصلى قائلاً: ردّ الى طرق محبتك أولئك الذين امتلأت قلوبهم وعقولهم بالحقد.


بندكتس السادس عشر: التحرش الجنسي تسبب بالأذى الكبير

في عظته أمام الكهنة والمكرسين

 بقلم طوني عساف

 نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org). –

أعرب البابا مجدداً يوم أمس عن ألمه بسبب فضيحة التحرش الجنسي الذي "تسبب بالأذى الكبير".

 جاءت كلمته هذه في عظته التي تلاها في القداس الإلهي في كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك، والذي شارك فيه كهنة ومكرسون ومكرسات وإكليريكيزن من كل أنحاء الولايات المتحدة.

وقال البابا: "في سياق حاجتنا للمعنى الذي يعطيه الإيمان، وللوحدة والتعاون في العمل لبناء الكنيسة، أود أن أتحدث لبرهة عن التحرش الجنسي الذي تسبب بالأذى الكبير. وقد سبق وتسنى لي أن أتحدث عن هذا الموضوع وعن الضرر الناجم عنه في جماعة المؤمنين".

وأكد البابا للكهنة عن قربه الروحي بينما "تسعون الى الإجابة برجاء مسيحي على التحديات المستمرة التي يمثلها هذه الوضع"، مصلياً لكي هذا الوقت "زمن تنقية لكل كنيسة وجماعة دينية، وزمن تضميد للجراح".

 وشجع البابا الحاضرين للتعاون مع الأساقفة "الذين لا يزالون يعملون بفعالية لحل هذه المشكلة". ودعاهم ليكونوا "قوات وحدة في جسد المسيح"، وليمهدوا السبيل للروح  بشهادتهم الشخصية، وأمانتهم للخدمة والرسالة التي أوكلت إليهم.

 كما ودعاهم أيضاً ليكونوا "أول من يصادق الفقراء، المشردين، الغرباء والمرضى والمتألمين".

"كونوا منارات رجاء – تابع يقول – مشعين بنور المسيح للعالم، وشجعوا الشباب ليكتشفوا جمال وهب الذات كلياً لله ولكنيسته".

وختم البابا قائلاً للإكليريكيين: "إن لكم في قلبي مكانة مميزة".  


بندكتس السادس عشر للكهنة والمكرسين: "امضوا كمن يبشر بالرجاء لتعرف الكنيسة في امريكا "ربيعاً جديداً"

بقلم طوني عساف

نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org). –

خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهية مع الكهنة والكرسين في كاتدرائية القديس باتريك في نيويور يوم أمس، تحدث البابا بندكتس السادس عشر عن أجه التشابه بين بنية الكاتدرائية والكنيسة الحية.

وبدأ البابا المقارنة بالنوافذ الزجاجية التي "تملأ الداخل بنور سري". "هذه النوافذ من الخارج سوداء وحالكة وملطخة، ولكن متى دخلنا الكنيسة، نشعر بأنها حية، ويظهر رونقها من خلال النور الذي يخترقها". وتابع البابا أن عدداً كبيراً من الكتاب استعمل صورة الزجاج الملطخ ليصف سر الكنيسة ذاتها". فقط من الداخل، من خبرة الإيمان والحياة الكنسيةتابع قداسته – يمكننا رؤية حقيقة الكنيسة: مفعمة بالنعمة، ومشعة بالجمال ومزدانة بعطايا الروح القدس. غير أن البابا اشار أيضاً الى أن بنيان الكنيسة حية صعب في عالم "يميل الى النظر الى الكنيسة، كالزجاج الخارجي الملطخ، من الخارج"، قائلاً بأنه عالم "تنقصه الروحانية، ويجد صعوبة في الدخول في سر الكنيسة". وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الناظرين الى الكنيسة من الخارج، فحتى "بالنسبة لمن منا داخل الكنيسة، قد يشح نور الإيمان بسبب الروتين، ويُظلِم بهاء الكنيسة بسبب خطيئة وضعف أعضائها، وقد يسيطر عليها التعتيم بسبب العقبات التي تعترضها في مجتمع يبدو وكانه في بعض الأحيان ينسى الله، ويغفل عن أبسط المسائل في الأخلاق المسيحية".

وانتقل بندكتس السادس عشر ليتحدث عن المقارنة الثانية متحدثاً عن هيكلية الكاتدرائية الغوطية المعقدة ولكن في الوقت عينه "ترمز الى وحدة خليقة الله بدقة وانسجام". وفي هذا السياق تطرق البابا الى موضوع الإنشقاق "بين مختلف الفرق، مختلف الأجيال ومختلف الأعضاء في نفس العائلة الدينية"، فقال: "لا يسعنا أن نمضي قدماً إلا إذا حولنا نظرنا جميعاً صوب المسيح! على ضوء الإيمان، سنكتشف الحكمة والقوة اللازمتين لانفتاح أنفسنا على وجهات نظر قد لا تتفق بالضرورة مع الأفكار والافتراضات الخاصة بنا.

أما المقارنة الأخيرة فتتعلق بوحدة الكاتدرائية الغوطية التي "ليست الوحدة الساكنة لمعبد كلاسيكي، وإنما وحدة تنبثق عن دينامية قوى مختلفة، تدفع هذه البنية نحو الأعلى، صوب السماء". هنا أيضاً – قال البابا – نرى رمز وحدة الكنيسة، التي هي – كما قال القديس بولس – وحدة جسد حي يتكون من أعضاء كثيرة مختلفة، لكل واحد منها وظيفته الخاصة".

وهنا توجه البابا الى الحاضرين مشجعاً إياهم على القيام بواجباتهم بحسب المواهب والعطايا التي أعطيت لكل واحد منهما. فللكهنة قال البابا: "أنتم أيها الكهنة الأعزاء، من خلال سر الكهنوت، أخذتم صورة المسيح، رأس الجسد". وللشمامسة قال: "وأنتم أيها الشمامسة الأعزاء، رسمتم لخدمة هذا الجسد". وأخيراً للمكرسين والمكرسات – التأمليين والرسوليين معاًقال: "كرستم حياتكم للسير على خطى المعلم الإلهي بمحبة سخية وتفان تام في سبيل الإنجيل".

وختم بندكتس السادس عشر داعياً االحاضرين الى المضي قدماً "كمن يبشر بالرجاء في خضم هذه المدينة، وجميع تلك الأماكن حيث وضعتنا نعمة الله"، لتعرف الكنيسة في امريكا "ربيعاً جديداً".


البابا: الكنيسة في أمريكا اجتذبت أناساً "من كل أمة تحت السماء"

في كلمته الى الكهنة والمكرسين

بقلم طوني عساف

نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org). –

احتفل البابا بندكتس السادس عشر بالذبيحة الإلهية يوم أمس في كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك مع الكهنة والمكرسين.

واستهل قداسته عظته معرباً عن فرحه بالاحتفال بالذبيحة مع "الذين اختارهم الرب، ولبوا الدعوة، وكرسوا حياتهم للسعي وراء القداسة، نشر الإنجيل، وبناء كنيسة الإيمان، الرجاء والمحبة".

وقال البابا أن الكنيسة في الولايات المتحدة "لطالما اجتذبت رسالة الكنيسة أناساً "من كل أمة تحت السماء" في اتحاد روحي، وأغنت جسد المسيح بمختلف هباتهم"، سائلاً الله نعمة "عنصرة جديدة للكنيسة في أمريكا".

وشدد بندكتس السادس عشر على أهمية رسالة الكنيسة في إعلان الحياة، لأن الحياة الحقة – قال قداسته – "توجد فقط في المصالحة، الحرية والمحبة، هبات الله الثمينة".

"هذه هي رسالة الرجاء التي دعينا لإعلانها وتجسيدها في عالم يكاد فيه الحب الذاتي، الطمع، العنف والسخرية، يخنقون نمو النعمة الهش في قلوب الناسفي مجتمع باتت فيه الكنيسة قانونية ومؤسساتية لعدد كبير من الناس – أضاف البابايكمن التحدي الكبير الذي نواجهه، في نقل الفرح النابع من الإيمان ومن خبرة محبة الله".


بندكتس السادس عشر: "صلوا لي أيضاً لأن الوقت يمضي"

في كلمته الى الشبان المصابين بإعاقات

بقلم طوني عساف

نيويورك، الأحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org) –،

"لقد بارككم الله بالحياة، بمواهب وعطايا مختلفة، تستطيعون من خلالها أن تخدموه وتخدموا المجتمع بطرق عدة". بهذه الكلمات استهل بندكتس السادس عشر خطابه الذي وجهه للشباب المصابين بإعاقات، مساء السبت، في إكليريكية القديس يوسف في نيويورك.

وقال البابا "إن شهادة قيمة مجهودنا اهي علامة رجاء للجميع"، في الوقت الذي تظهر فيه مساهمات بعض الأشخاص كبيرة ومساهمات آخرين متواضعة.

"إن إيمانكم – تابع قداسته – يساعدنا على فتح الأفق وتخطي ذواتنا لنرى الحياة التي وهبها الله".

وشجع بندكتس السادس عشر الشباب المصابين بإعاقات للصلاة من أجل العالم مشيراً الى أن هناك "نوايا كثيرة وأشخاص عديدون يمكنكم أن تصلّوا من أجلهم، ومن بينهم أولئك الذين لم يتعرفوا على يسوع بعد".

وختم قداسته اطالباً منهم أن يصلوا له أيضاً لأن "الوقت يمضي".


كلمة البابا الى الشبان المصابين بإعاقات

نيويورك، الاحد 20 أبريل 2008 (Zenit.org) – ننشر فيما يلي الكلمة التي وجهها البابا بندكتس السادس عشر للشباب المصابين بإعاقات، مساء السبت، في إكليريكية القديس يوسف في نيويورك. ***

أصحاب النيافة،

سيادة الأسقف والش،

أيها الأصدقاء الأعزاء،

يسعدني أن أحظى بهذه الفرصة لأمضي بعض الوقت معكم. أشكر الكاردينال إيغان على كلمات الترحيب وأتوجه بشكر خاص الى ممثليكم للكلمات اللطيفة وللرسم. اعلموا أنه فرح كبير بالنسبة لي أن أكون بينكم. انقلوا تحياتي الى أهاليكم وعائلاتكم ومعلميكم والمعتنين بكم.

لقد بارككم الله بالحياة، بمواهب وعطايا مختلفة، تستطيعون من خلالها أن تخدموه وتخدموا المجتمع بطرق عدة. وبينما تظهر مساهمات بعض الأشخاص كبيرة ومساهمات آخرين متواضعة، فإن شهادة قيمة مجهودنا علامة رجاء للجميع.

من الصعب في بعض الأحيان ان نجد سبباً لما يبدو صعوبة يجب تخطيها، أو ألماً يجب تحمّله. ولكن إيمانكم يساعدنا على فتح الأفق وتخطي ذواتنا لنرى الحياة التي وهبها الله. إن محبة الله غير المشروطة، والتي تغمر كل كائن بشري، تعطي معنى وهدفاً لكل حياة بشرية. بصليبه، يجتذبنا يسوع في محبته الخلاصية (راجع يوحنا 12:32)، وبهذا يرينا الطريق – طريق الرجاء التي ترفعنا جميعاً، لنكون بدورنا حاملي رجاء ومحبة للآخرين.

أيها الأصدقاء الأعزاء، أشجعكم للصلاة كل يوم من أجل عالمنا. هناك نوايا كثيرة وأشخاص عديدون يمكنكم أن تصلّوا من أجلهم، ومن بينهم أولئك الذين لم يتعرفوا على يسوع بعد. وأرجو منكم أن تستمروا في صلاتكم لي أيضاً، فكما تعلمون لقد احتفلت للتو بعيد ميلاد آخر، والوقت يمضي!

أجدد شكري لكم جميعاً، وبخاصة المرتلين الصغار في كاتدرائية القديس باتريك، وأعضاء جوقة الصم في الأبرشية. وكعلامة قوة وسلام، وبعاطفة كبيرة في الرب، أمنحكم مع عائلاتكم ومعلميكم والمعتنين بكم بركتي الرسولية.

 


نقله من الإنكليزية إلى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.

البابا يزور غراوند زيرو بنيويورك ويتوقف دقيقة صلاة

 

 

البابا يحتفل بالقداس الإلهي في ملعب يانكي ستاديوم بنيويورك

 

 

زار البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم بتوقيت نيويورك "غراوند زيرو"، حيث كان البرجان التوأمان اللذين انهارا على أثر اعتداءات الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001. رافق البابا رئيس أساقفة نيويورك الكاردينال إيغان وكان في استقباله عمدة نيويورك السيد مايكل بلومبرغ وحاكما ولايتي نيويورك ونيوجرسي إضافة إلى ممثلين عن الأجهزة الأمنية وفرق الإنقاذ وذوي ضحايا الاعتداءات الإرهابية. توقف البابا دقيقة صلاة قبل أن يمنح الحاضرين بركاته الرسولية. \"\"