الكلمات الأخيرة للأب رغيد: لا أستطيع إغلاق بيت الله

في الذكرى السنوية الأولى لمقتل راعي أبرشية الموصل للكلدان، تقول الشاهدة الوحيدة على القتل: قُتل رغيد لأنه لم يكن خائفاً. هذه المرأة، أرملة أحد الشمامسة المساعدين الثلاثة الذين قتلوا مع الكاهن، تعيش اليوم في سوريا، بانتظار بدء حياة جديدة مع أولادها

روما، الخميس 12 يونيو 2008 (Zenit.org).

 كان بإمكانه أن يهرب، ويخلص نفسه، ولكنه ذهب للقاء حتفه من غير خوف. لقد قُتل الأب رغيد غاني، الذي قتل قبل سنة في العراق، لأنه ظل مقتنعاً حتى النهاية بأنه يجب على المسيحيين ألا يخافوا، وبأن "بيت الله لا يمكن إغلاقه!". في الذكرى السنوية الأولى "للاستشهاد"، تتحدث الشاهدة الوحيدة عن الموضوع: بيان آدم بيلا، زوجة أحد الشمامسة المساعدين الثلاثة الذين قتلوا بدم بارد مع راعي أبرشيتهم في 3 يونيو 2007، في الموصل. وهذه هي الأبرشية عينها التي فقدت في مارس الماضي، أسقفها، فرج رحو الذي وقع هو أيضاً ضحية الإرهاب.
المرأة التي أجرت معها Ankawa.com مقابلةً، هي اليوم لاجئة في سوريا مع أولادها الأربعة. ويعيشون جميعاً مع عائلة صهرها. إنها تعاني كثيراً وتتساءل عن قدرٍ ما تزال غير قادرة على فهمه، وعن المصاعب المستمرة في الحيازة على تأشيرة. ولكنها اليوم، وبعد مرور إثني عشر شهراً، تملك القوة أخيراً لإعطاء وصفاً أكثر اكتمالاً لتلك اللحظات الأليمة.
بعد الاحتفال بالذبيحة الإلهية في رعيته، كنيسة الروح القدس، غادر الأب رغيد بسيارة مع أحد الشمامسة، قريبه بسمان يوسف داود. وكانت بيان في سيارة خلفهما، برفقة زوجها وحيد حنا إيشو، والشماس الآخر غسان عصام بيداود. وكان الثلاثة يرافقون مؤخراً الكاهن أينما ذهب بغية حمايته بعد تهديدات القتل المتكررة.
وتروي المرأة: "في نقطة معينة، أوقف مسلحون السيارة. كان بإمكان الأب رغيد أن يهرب، ولكنه لم يشأ ذلك لأنه أيقن بأنهم كانوا يلاحقونه. أجبرونا على الترجل من السيارة، وقادوني بعيداً. من ثم صرخ أحد القتلة برغيد: "لقد قلت لك أن تغلق الكنيسة، لمَ لم تفعل ذلك؟ لماذا ما تزال هنا؟" فأجاب بكل بساطة: "كيف لي أن أغلق بيت الله؟". سرعان ما طرحوه أرضاً، وكان لرغيد وقتاً كافياً فقط للإيماءة لي برأسه لكي أهرب. وبعدها قاموا بإطلاق النار على الأربعة وقتلهم. وهنا أُغمي على بيان. وبعد ساعات على المجزرة، ظلت الجثث متروكة على الطريق لأنه لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها. وقد دفنت جميعها في كراملس.
وتطرح بيان عدة أسئلة موجهة إياها إلى الإرهابيين: "لمَ جعلوا مني أرملةً، ولمَ سرقوا كلمة "بابا" من أفواه أولادي؟ ما السوء الذي ارتكبناه؟ ماذا فعل زوجي؟". لقد طلبت من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في أغسطس 2007 حق اللجوء الإنساني في الغرب، ولكن المصاعب كبيرة. "أولاً، لم يصدقوا قصتي. كيف لهم أن يغلقوا الباب في وجه معاناة كهذه؟". وفي يناير 2008، التقت مجدداً بهيئة الأمم المتحدة. وهي الآن لا تنتظر شيئاً سوى البدء بحياة جديدة لها ولأولادها.
لقد جرت الاحتفالات في ذكرى الشهداء الأربعة في شمال العراق. وفي روما، نظم المعهد الإيرلندي الحبري مؤتمراً في 31 مايو الماضي بعنوان "شهود المسيح، الماضي والحاضر"، من أجل التذكير بتضحيات رغيد، الطالب السابق في هذا المعهد. وقد شارك في هذا الحدث الكردينال كاسبر، رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، والمونسنيور بارولين، نائب أمين سر الدولة للعلاقات مع الدول.

نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط
جميع الحقوق محفوظة لآسيا نيوز ((asianews.it