طوباوي جديد من لبنان

موطن الأرز يحتفل بتطويب الأب يعقوب الكبوشي

ساحة الشهداء / بيروت، الأحد 22 يونيو 2008 (zenit.org). 

 غصت ساحة الشهداء في بيروت بمئات آلاف اللبنانيين الذين جاؤوا للمشاركة في احتفال تطويب الأب يعقوب الحداد الكبوشي، وهي المرة الأولى التي يُتفل فيها بتطويب خارج الفاتيكان.

 ولهذه المناسبة حضر الى لبنان، عميد مجمع دعاوى القديسين، الكاردينال سارايفا مارتينس، ممثلاً للبابا بندكتس السادس عشر.

 وقرأ الكاردينال رسالة البابا بندكتس السادس عشر التي يعلن فيها تطويب الكبوشي، وجاء فيها: "بعد أن اطلعنا على رأي مجمع دعاوى القديسين، وبالسلطة الرسولية التي أعطيت لنا، نعلن طوباوياً خادم الله يعقوب الغزيري، من رهبنة الإخوة الصغار الكبوشيين، مؤسس جمعية راهبات الصليب، الذي كان في حياته مثال السامري الصالح في مساعدته للبؤساء والمرضى".

بعد ذلك أزيحت الستارة عن صورة الطوباوي الجديدن الذي رسمتها الفنانة الروسية ناتاليا تساركوفا، المعروفة بلقب "رسامة البابوات الرسمية"، والتي قدمت الصورة لبندكتس السادس عشر في الفاتيكان ليباركها لهذه المناسبةن بحضور الرئيس العامة لجمعة راهبات الصليب الأخت ماري مخلوف.

عظة البطريرك صفير بمناسبة تطويب الأب يعقوب الكبوشي

ساحة الشهداء / بيروت، الأحد 22 يونيو 2008 (). – ننشر في ما يلي العظة التي تلاها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير خلال القداس الاحتفالي بتطويب الاب يعقوب الكبوشي في ساحة الشهداء في بيروت.

"حينئذ يسطع الأبرار كالشمس في ملكوت الله" (متى 13: 43)

"نحمد الله على أنه حقق الأمنية التي طالما صلت من أجلها "جمعية راهبات الصليب اللبنانيات"، وكثير من المؤمنين والمؤمنات في لبنان وسواه من البلدان. وهذه الأمنية هي رؤية صورة الأب يعقوب الكبوشي ترتفع على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن أعلنته الكنيسة المقدسة طوباويا. وقد جاء في هذا اليوم صاحب النيافة الكاردينال خوسيه سارايفا مارتنس، رئيس مجمع دعاوى القديسين السامي الاحترام، ليحتفل بالذبيحة الألهية شكرا لله على هذه النعمة، ويعلن رسميا باسم صاحب القداسة البابا بنديكتس السادس عشر، هذا الحدث التقوي التاريخي الكبير. وبعد أن كان مثل هذا الاعلان يجري في روما، عاصمة الكثلكة، أمر صاحب القداسة أن يجري التطويب في بلد الطوباوي، حضا للمؤمنين على الاقتداء بفضائله، ودفعا لهم على السير في طريق القداسة. وقد قال أحد االمفكرين المؤمنين الكبار: "هناك أسف واحد وهو ألا نكون قديسين".

وقد أراد أركان الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان أن يحضروا هذا الاحتفال تقديرا منهم لفضائل الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي، واستمطارا، بشفاعته، لنعمة السلام الذي يتوق اليه لبنان منذ سنوات.

طريق القداسة ليست طريقا سهلة. وهذا ما أشار اليه السيد المسيح بقوله: "ادخلوا من الباب الضيق: لأنه واسع الباب، ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون فيه" وقد اختار الأب يعقوب هذا الطريق الضيق منذ صباه. فمارس الفضائل المسيحية التي رأى أبويه يمارسانها، في بلدتهما غزير. وهذا ما دفعه الى دخول الرهبانية الكبوشية في مار أنطونيوس خاشبو في بلدته، وكان ابن ثماني عشرة سنة. وعاش مآسي الحرب الكونية الأولى. وقد امتاز بممارسته من الفضائل ثلاثا: الاستسلام للارادة الالهية، والبساطة المسيحية، وعمل الرحمة.

الاستسلام للارادة الألهية

كان الطوباوي الأب يعقوب الحداد شديد الايمان بالعناية الألهية. لقد قام بأعمال باهرة يقتضي لها مبالغ طائلة. وتسأءل الناس: كيف لهذا الراهب الفقير أن يجد هذه المبالغ الوافرة من المال ليقوم بما قام به من أعمال باهرة. فبنى المستشفيات، والمدارس، ودور العجزة، واستقبل من مرضى الجسد والعقل من ترفضهم سائر المستشفيات العادية. وغالبا ما كان يردد: "ان العناية الآلهية تساعدني. ان اتكالي على الله" وعندما سأله أحدهم: "كيف محاسبتك".أجاب: "لا تحدثني عن محاسبتي.هذا أمر أجهله. محاسبي هو الله. ولا أحتفظ بشيء، وان ما يصل الى يدي أنفقه فورا في سبيل الفقراء". وردا على سؤال طرحه عليه أحد الصحافيين، قال: "ان كل ما يعطيناه الله هو لله ولفقراء لبنان، وهو ليس لي، ولا لأهلي الذين يهتم بهم الله". وقال لراهباته: "ان الفقراء هم شكات بأيدينا لأمر العناية الألهية. اذا فهمتن جيدا ذلك الذي يمثله الفقراء على الأرض، تخدمنهم وأنتن راكعات. ثقوا أن مصرف العناية عصي على الأفلاس". كم كان اتكاله على العناية الالهية كبيرا!.

البساطة المسيحية

عاش عيش الفقر والتقشف والبساطة المسيحية، اقتداء بالقديس فرنسيس الأسيزي، وعملا بقول السيد المسيح الذي قال: "للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار،أما ابن الانسان فليس له موضع يسند اليه رأسه". والطوباوي قال: "تأمل فقر يسوع من المغارة الى اللحد (مولده – هربه الى مصر- شغله في الناصرة – ليدفع الجزية – الجلجلة). ان فقر ابن الله يظهر بكل فظاظته على الصليب حيث لا محل ليسند اليه رأسه، ولا نقطة ماء ليروي عطشه، ولا قطعة قماش ليغطي جسده، شرابه الخل، الممزوج بمرارة، وبالقرب منه جلادون يلقون القرعة ليتقاسموا ثيابه، في المغارة وجدت أمه أقمطة لتقي جسد الطفل من البرد، أما على الصليب، فالفقر المدقع، ابنها عريان" .
وفي وعظه تعمد السهولة، وهل أسهل من التعبير عن هذه النصيحة التي أعطى بموجبها أربع قواعد للتواضع فقال: "القاعدة الأولى: لا تنسب لذاتك شيئا أو صفة ليست فيك.
القاعدة الثانية: أن ننسب الى الله ما هو حسن فينا.
القاعدة الثالثة: لا تمدح نفسك أمام الناس.
القاعدة الرابعة: لا تعدد نقائص القريب لتعلي صفاتك" .

عمل الرحمة

جاء في كتاب الاقتداء بالمسيح: "قياس المحبة أن تحب دون قياس". هذه كانت محبة الطوباوي الأب يعقوب. محبته للمنبوذين من الناس، الذين يأنف أقربهم اليهم من الاهتمام بهم، فاستقبلهم واحتضنهم وأشعرهم بأنهم بشر مفتدون بدم الحمل الالهي، وان مصيرهم العودة الى الله الذي منه أتوا. وقد جاء في إحدى كتاباته: "الباري تعالى هو رحوم صالح، لا عن اضطرار لأن قوة تضغط عليه، ولا بقصد الانتفاع، لأنه كامل لا يحتاج الى الخليقة، بقي أن نقول ان الله صالح من مجرد محبته إيانا وتعطفه علينا. هو اله جيد حتى نحو الأشياء التي لا يمكنها أن تقر بعرفان الجميل كالبقول، والنبات، والأشجار، والحيوانات. هو جيد حتى نحو الأشرار الذين يهينونه .
"انه يشرق شمسه على الأخيار والأشرار".

إنا، وقد أسبغ الله علينا جميعا هذه النعمة، فأقام من بيننا طوباويا، كان يعيش مثلنا على هذه الأرض، ليدعونا جميعا الى الاقتداء بفضائله ولا سيما بالاتكال على العناية الإلهية، وعيش البساطة، والإقبال على أعمال الرحمة، نسأله تعالى، بشفاعة الطوباوي الجديد، الأب يعقوب الكبوشي، أن يحل سلامه الالهي في قلوب جميع اللبنانيين، ويوثق فيما بينهم روابط الاخاء والمحبة، ويهدينا جميعا الى الإقتداء بمثل هذا الطوباوي لنصبح يوما، بعد قضاء ما يكتبه الله لنا من عمر في الدنيا، في عداد القديسين".

 

عودة الى أعلى الصفحة

 

الأخت ماري مخلوف: "الاب يعقوب هو السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب"

بمناسبة تطويب الأاب الكبوشي في ساحة الشهداء اللبنانية

 ساحة الشهداء / بيروت، الأحد 22 يونيو 2008 (zenit.org).  بمناسبة تطويب الاب يعقوب الكبوشي، القت الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الاخت ماري مخلوف كلمة في ساحة الشهداء في بيروت  قالت فيها بأن الاب يعقوب – على مثال معلمه الإلهي –  "لم يأبه للفوارق والحواجز والانتماءات في وطن الرسالة والبشارة، في وطن الانفتاح والتعاون والاحترام المتبادل، فتكونت عنده القناعة الراسخة راسية اساساتها على الصخر ومنه اصلب"

 وقالت مخلوف بأن "القداسة ليست حكرا على احد، بل هي فضيلة، والفضيلة هي صلة التواصل بين الخالق وخليقته، وبالتالي هي رسالة الخلاص. رفع المعلم الالهي صوته معلنا بأن القريب هو كل انسان بحاجة الى ابتسامة ومحبة وعناية والتفاتة حنان. كلنا مهما كنا واينما كنا وكيفما كنا بحاجة لقريب نساعده ولقريب يساعدنا…" وأضافت: "سمع ابونا يعقوب تعليم المسيح … فما تردد وانطلق ممتلئا بالرجاء يلملم ما تبقى من اجساد اضنتها الشيخوخة، وانهكها المرض وتلاعب الخلل بتوازنها وازهقها الملل، ففتح قلبه وزراعيه ليضمهم قبل ان يباشر بوضع اساسات مؤسساته وقبل ان يمد يده الكريمة والمباركة الى اصحاب الايادي البيضاء الذين كانوا وما زالوا يعرفون كيف يتعرفون على اخوة لهم في الانسانية المعذبة، فيجسدون دور السامري في ملاقاة القريب".

وتابعت الرئيسة العامة : " من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نمثل في هذا الاحتفال المقدس المهيب الذي يفوق كل وصف ويستحيل على كل محاولة للتعبير عن ابعاده، في حضرة الكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة ولمرة هي الاولى يتكرم فيها صاحب القداسة البابا بندكتس السادس عشر فيسمح باجراء مراسم التطويب خارج حاضرة الفاتيكان وفي لبنان بالذات: هذا الوطن الذي قامت اساساته على تلاقي الحضارات، فمهما تصارعت ومهما تباعدت او تنافرت، فلا تزداد الا رغبة بالعيش معا وسوية، عيشا مشتركا يرفض التعايش ومفاهيم الهدنة الهشة. انه لبنان الذي ينفض جناحيه كالنسر ليسقط العداوات فيسطع النور في قلب الظلمات وتصحو السماء باشراقة شمسه!، شمس الحرية والكرامة والاخوة. من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب، ان نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابونا يعقوب الطوباوي لتتبادل الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وايام الصبا: لسنا اهلا ولا مستحقات لهذه النعمة! ولكن النعمة مجانية وانت يا ابونا قد زرعت روح المجانية حيثما حللت ونفحتها في روحانية جمعيتك التي اردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة.
من اينا لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نتواجد في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بارواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا ابونا باعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة اهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، واكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم الذي يخرج من مدار الايام في هذه السنة التي لا تعلق في مدارات السنين، الا البرهان الساطع على ان لبنان لا يحتله الارهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل ابنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرس بها وجعلها صلاته وقربانه وطن ابونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين."

 " وما القديس شربل ورفقا ونعمة الله الذين اعلنت قداستهم الا رمز للتراث النسكي وقداسة ارض وشعب هذا الوطن الذي يشهد اليوم تطويب ابونا يعقوب: السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب، يلتحق بخمسة عشر قديسا واربعة واربعين طوباويا من رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين. وقد ذاع عرف قداستهم فعطر الكون كله، فكان للقديس فرنسيس المؤسس التأثير العظيم في مسارات القداسة شرقا وغربا. في هذه المناسبة نطلب شفاعتهم ونجدد احترامنا ونعبر عن عواطفنا البنوية لامنا الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية المقدسة، متمنين على صاحب النيافة ان يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بان الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروقات واختلافات وتميزات. "

وختم الأخت ماري:  "اليوم نجدد عهدنا لابونا يعقوب باننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها. اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوما الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا. يا ابانا الطوباوي، لحظات وينتهي هذا الاحتفال، فترجع بناتك الى اديارهن ومؤسساتهن يعملن تحت ناظريك وبوحي من فيض الهاماتك وارشاداتك، طالبات منك ان تكون شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى ابناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروقات بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون. فلترفرف نعمة الروح على الكنيسة، لتبقى قلبا واحدا، ويدا واحدة تشهد بكل تجرد وشجاع، للقيم ولتراث على مد التاريخ، وما قبل التاريخ مرورا بصور وصيدا وجبيل وبيروت، مدن الحضارات والابجديات، صعودا الى قمم جبال اخذ الخلود معناه من ارزاتها وغاباتها، وصولا الى سهول اغنت اهراء روما بخيراتها واستضافت الشمس في احضانها، فكان لها منه معبدا… من كل هذا التراث، الى عناق سبع عشرة طائفة يرفعن راية لبنان الاشعاع والتنوع والتلاقي. "

"ايها الطوباوي، لقد امضيت سنواتك لكل لبنان وعملت لكل اللبنانيين. لتكن شفاعتك مقبولة ويبقى لبنان".

البابا يهنىء الشعب اللبناني بتطويب الأب يعقوب الكبوشي

الفاتيكان، الأحد 22 يونيو 2008 (zenit.org). – بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي هنأ البابا بندكتس السادس عشر لبنان بتطويب الأب يعقوب الكبوشي فقال: "اليوم في بيروت، عاصمة لبنان، يعلن تطويب يعقوب الحداد الغزيري – خليل – الكاهن في رهبنة الإخوة الأصغار الكبوشيين، ومؤسس جمعية راهبات الصليب في لبنان. أهنىء بناته بالروح وأتمنى من كل قلبي، وبشفاعة أبونا يعقوب، وشفاعة القديسين اللبنانيين، أن ينعم لبنان بالسلام العادل والمستقر".

الأخت ماري مخلوف: "الاب يعقوب هو السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب"

بمناسبة تطويب الأاب الكبوشي في ساحة الشهداء اللبنانية

 ساحة الشهداء / بيروت، الأحد 22 يونيو 2008 (zenit.org).  بمناسبة تطويب الاب يعقوب الكبوشي، القت الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الاخت ماري مخلوف كلمة في ساحة الشهداء في بيروت  قالت فيها بأن الاب يعقوب – على مثال معلمه الإلهي –  "لم يأبه للفوارق والحواجز والانتماءات في وطن الرسالة والبشارة، في وطن الانفتاح والتعاون والاحترام المتبادل، فتكونت عنده القناعة الراسخة راسية اساساتها على الصخر ومنه اصلب"

 وقالت مخلوف بأن "القداسة ليست حكرا على احد، بل هي فضيلة، والفضيلة هي صلة التواصل بين الخالق وخليقته، وبالتالي هي رسالة الخلاص. رفع المعلم الالهي صوته معلنا بأن القريب هو كل انسان بحاجة الى ابتسامة ومحبة وعناية والتفاتة حنان. كلنا مهما كنا واينما كنا وكيفما كنا بحاجة لقريب نساعده ولقريب يساعدنا…" وأضافت: "سمع ابونا يعقوب تعليم المسيح … فما تردد وانطلق ممتلئا بالرجاء يلملم ما تبقى من اجساد اضنتها الشيخوخة، وانهكها المرض وتلاعب الخلل بتوازنها وازهقها الملل، ففتح قلبه وزراعيه ليضمهم قبل ان يباشر بوضع اساسات مؤسساته وقبل ان يمد يده الكريمة والمباركة الى اصحاب الايادي البيضاء الذين كانوا وما زالوا يعرفون كيف يتعرفون على اخوة لهم في الانسانية المعذبة، فيجسدون دور السامري في ملاقاة القريب".

وتابعت الرئيسة العامة : " من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نمثل في هذا الاحتفال المقدس المهيب الذي يفوق كل وصف ويستحيل على كل محاولة للتعبير عن ابعاده، في حضرة الكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة ولمرة هي الاولى يتكرم فيها صاحب القداسة البابا بندكتس السادس عشر فيسمح باجراء مراسم التطويب خارج حاضرة الفاتيكان وفي لبنان بالذات: هذا الوطن الذي قامت اساساته على تلاقي الحضارات، فمهما تصارعت ومهما تباعدت او تنافرت، فلا تزداد الا رغبة بالعيش معا وسوية، عيشا مشتركا يرفض التعايش ومفاهيم الهدنة الهشة. انه لبنان الذي ينفض جناحيه كالنسر ليسقط العداوات فيسطع النور في قلب الظلمات وتصحو السماء باشراقة شمسه!، شمس الحرية والكرامة والاخوة. من اين لنا نحن جمعية راهبات الصليب، ان نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابونا يعقوب الطوباوي لتتبادل الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وايام الصبا: لسنا اهلا ولا مستحقات لهذه النعمة! ولكن النعمة مجانية وانت يا ابونا قد زرعت روح المجانية حيثما حللت ونفحتها في روحانية جمعيتك التي اردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة.
من اينا لنا نحن جمعية راهبات الصليب ان نتواجد في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بارواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا ابونا باعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة اهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، واكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم الذي يخرج من مدار الايام في هذه السنة التي لا تعلق في مدارات السنين، الا البرهان الساطع على ان لبنان لا يحتله الارهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل ابنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرس بها وجعلها صلاته وقربانه وطن ابونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين."

 " وما القديس شربل ورفقا ونعمة الله الذين اعلنت قداستهم الا رمز للتراث النسكي وقداسة ارض وشعب هذا الوطن الذي يشهد اليوم تطويب ابونا يعقوب: السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب، يلتحق بخمسة عشر قديسا واربعة واربعين طوباويا من رهبنة الاخوة الاصاغر الكبوشيين. وقد ذاع عرف قداستهم فعطر الكون كله، فكان للقديس فرنسيس المؤسس التأثير العظيم في مسارات القداسة شرقا وغربا. في هذه المناسبة نطلب شفاعتهم ونجدد احترامنا ونعبر عن عواطفنا البنوية لامنا الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية المقدسة، متمنين على صاحب النيافة ان يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بان الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروقات واختلافات وتميزات. "

وختم الأخت ماري:  "اليوم نجدد عهدنا لابونا يعقوب باننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها. اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوما الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا. يا ابانا الطوباوي، لحظات وينتهي هذا الاحتفال، فترجع بناتك الى اديارهن ومؤسساتهن يعملن تحت ناظريك وبوحي من فيض الهاماتك وارشاداتك، طالبات منك ان تكون شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى ابناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروقات بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون. فلترفرف نعمة الروح على الكنيسة، لتبقى قلبا واحدا، ويدا واحدة تشهد بكل تجرد وشجاع، للقيم ولتراث على مد التاريخ، وما قبل التاريخ مرورا بصور وصيدا وجبيل وبيروت، مدن الحضارات والابجديات، صعودا الى قمم جبال اخذ الخلود معناه من ارزاتها وغاباتها، وصولا الى سهول اغنت اهراء روما بخيراتها واستضافت الشمس في احضانها، فكان لها منه معبدا… من كل هذا التراث، الى عناق سبع عشرة طائفة يرفعن راية لبنان الاشعاع والتنوع والتلاقي. "

"ايها الطوباوي، لقد امضيت سنواتك لكل لبنان وعملت لكل اللبنانيين. لتكن شفاعتك مقبولة ويبقى لبنان".