حوار مع الانبا يوسف أبو الخير

أجرى الحوار: ناجـح سمعـان

يجمع الأنبا يوسف أبو الخير مطران سوهاج في تكوينه بين الكاهن الراعي والباحث الإكاديمي ، فقد مزج نيافته في اتحاد وثيق بين ما جمعه من خبرة رعوية في كنائس سوهاج و الأقصر إلى جانب ما تحصل عليه من علوم فسلفية ولاهوتية باكليريكية المعادي وجامعة القاهرة والجامعة الحبرية بروما فأضحى يمثل نموذجاً فريداً للأسقف المعلم والراعي المدبر لايبارشيته . وفي لقاء دافئ وسيادة المطران كان لحامل الرسالة هذا الحوار .

 

·        سيادة المطران في البداية دعنا نقدم للقارئ بطاقة تعارف بنيافتكم .. فماذا تقول ؟

         الانبا يوسف أبو الخير مطران سوهاج للاقباط الكاثوليك ولدت في 23 سبتمبر 1943 بقرية كوم غريب مركز طما محافظة سوهاج . التحقت باكليريكية المعادى في 15 سبتمبر 1959 وحصلت على بكالوريوس العلوم اللاهوتية من روما كما حصلت على ليسانس الآداب قسم الفلسفة في جامعة القاهرة وتمت سيامتى الكهنوتية في 17 سبتمبر 1972 بيد الانبا اندرواس غطاس وهو غبطة الكاردينال الانبا اسطفانوس الثاني . أما عن خدمتى الكهنوتية فقد عملت ناظراً للمعهد المتوسط بالمعادي في  1972 لمدة عامين  ثم راعياً بالأقصر وجراجوس من 1974 حتى 1976 عقب  ذلك اصبحت مديراً لاكليريكية طهطا حتى عام 1980 ثم راعياً لجرجا من عام 1980 حتى سيامتى الاسقفية في 13 نوفمبر 2003 .

·        ما هى أبرز الملامح المميزة لايبارشية سوهاج .

         تمتد الخريطة الجغرافية للايبارشية من طما شمالاً حتى البلينا جنوباً لتحوى بين ضفتيها عدد ( 21 ) كنيسة قبطية كاثوليكية تمثل كل واحدة وردة يانعة في بستان سوهاج النضر ولكل رعية طابعها الفريد ويغلب على بيئة الايبارشية الطابع الزراعي حيث الفلاحة مهنة الكثيرين . وأما عن القراءة الاجتماعية فتمثل القوة البشرية لأبناء الايبارشية عامل تأثير كبير في الخدمة حيث يوجد لدينا عدد كبير من المدرسين إلى جانب عدد لأباس به من حملة المؤهلات العليا . ويعتبر الانتماء قيمة اجتماعية ملحوظة بين أبناء سوهاج سواء المقيمين فيها أو المغتربين عنها . واخيراً يخدم بين ابناء سوهاج عدد ( 22 ) كاهن يبذل كل واحد منهم قصارى جهده في الخدمة ودور المطرانية يقوم في المساعدة والتعضيد لنجاح الخدمة في كل رعية .

·        ماذا عن شعاركم الأسقفي ( أنا يوسف أخوكم ) ؟

         منذ دعوة الرب لي لأكون مطرانا للايبارشية وحتى اليوم وأنا أحاول قدر استطاعتى لأن أعيش هذا الشعار بكل معانيه في حياتي . ومع جميع من اتعامل معهم حتى تكون كلماته ليست حروفاً أرددها فحسب بل أفعال على القيام بها وواجبات أتممها وسندى في هذا كله الثقة في نعمة الله ومعونته الدائمة .

·        لنيافتكم الكثير من المحاضرات والعظات حول فضيلة الرجاء .. لماذا ؟

         يتميز الطابع المجتمعى المعاصر بالكثير من التحديات حتى أن تفكير الكثيرين في الأمل اصبح أمراً صعباً . لذا فإنني عندما أتحدث عن الرجاء فلكى أؤكد أن الرجاء فضيلة إلهية تتفوق على الأمل علينا جميعاً أن نتحلى بها لأن الرجاء يكون لدى صاحبه قناعة بأنه لا يوجد مستحيل . نعترف أن عوامل الاحباط متعددة وأن فضيلة الرجاء غائبة عن عموم المسيحيين لكن هذا الواقع لا ينبغى أن يسلمنا إلى اليأس بل علينا أن نبث من جديد فضيلة الرجاء بين الشباب والعائلات حتى يمتلئوا بالقوة الروحية ويواصلوا مسيرتهم الايمانية والاجتماعية بثبات . 

·        لسيادتكم خبرة رعوية طويلة في سوهاج والأقصر .. كيف ترى الرعية الناهضة ؟

         الرعية المثالية هى تلك الواحة التى تجعل من أرضها مكان فرح وصلاة لأبنائها . تنهض الرعية إذ شعر كل فرد بكيانه ودوره ليس من حيث أنه ذو مكانة ولكن من منطلق أنه كائن مخلوق على صورة الله ومثاله . ان الثقة المتبادلة بين الكاهن والعلماني والتعاون المبني على الحوار والترابط ما بين الأفراد من ابرز سمات الرعية الناهضة . نحن جميعاً أعضاء في جسد واحد نعم يوجد تمايز بين الأعضاء لكن هذا التمايز والاختلاف لأبد أن يستثمر في الخدمة للخير العام . الاختلاف في الرأى وارد وصحى لأنه غنى للجماعة بينما القطيعة بسبب الخلاف في الراى غير لأئقة . وفي نهضة الرعية تتحقق نهضة الايبارشية ومن ثم نهضة الكنيسة كلها لذا نحن محتاجون دائماً إلى التعرف على طبيعة الله المعطاءه والمحبه .

·        ماذا عن العلاقة بين الاكليروس والعلمانيين في الكنيسة القبطية الكاثوليكية ؟ ولماذا تغيب المجالس الرعوية عن أغلب الايبارشيات ؟

         الراعى هو المستول الأول عن رسالة الكنيسة بكل جوانبها ولكن لا تكتمل هذه الرسالة الإ إذا ساهم فيها العلمانيون بقدر طاقاتهم . لذا فلا مناص عن التعاون الوثيق بين الاكليروس والعلمانيين والمجلس الرعوى آلية هامة في تنظيم العمل داخل الرعية والايبارشية . وعلى مستوى ايبارشية سوهاج يوجد مجالس رعوية في أغلب الكنائس ونتطلع إلى اليوم الذى نرى فيه مجالس رعوية فاعله تبدا على مستوى الرعية والايبارشية وصولاً إلى المجلس الرعوى العام للطائفة . لأن في ذلك خير اكيد للكنيسة فالتفاهم بين الاكليروس والعلمانيين يرسخ مبدأ المشاركة ويجعل القرارات أكثر صوابية وعلى هذا الاساس فلا بديل عن تماسك الأيدى بين الرعاة والعلمانيين لأجل نجاح الرسالة .

·        في الآوانة الاخيرة استقبلت ايبارشيكتم زيارة الآباء الفرنسيسكان بفرح كبير .. هل ترى نيافتكم أن الايبارشية في حاجة إلى رهبنة رجالية ؟

         يوجد بالايبارشية ( 5 ) جمعيات رهبانية نسائية تعمل بمختلف ربوع الايبارشية وفي مجالات متعددة وغنية . وبالتأكيد كما للأخوات الراهبات خدماتهن المتميزة كذلك للآباء الرهبان رسالتهم الفريدة وروحانياتهم الغنية . واتمنى بحق أن يكون بالايبارشية رهبنة رجالية لأن في ذلك إضافة وغنى للعمل الروحى والاجتماعى . وصدقني فقد أطرقنا أبواب الكثير من الرهبانيات الرجالية في السنوات الماضية ودعوناهم للخدمة بيننا ونتطلع إلى اليوم الذى يلبي أحدهم الدعوة فأبواب الايبارشية مفتوحة للجميع .

·        ترددت أقاويل كثيرة حول تدخلكم في شئون جمعية الصعيد .. هل لنا أن نعرف علاقة الانبا يوسف ابو الخير بجمعية الصعيد ؟

         بكل سرور .. علاقتى بجمعية الصعيد تنبع من قناعتى بأن الجمعية هيئة كاثوليكية منذ تاسيسها على يد الأب هنرى عيروط عام 1941 ومن واجبنا الاهتمام بها حتى تظل أمينة على الأسس التى انطلقت منها . لا اقبل التعصب أو التمييز بين العاملين في الجمعية سواء من الكاثوليك أو غيرهم من الطوائف الأخرى . وكل أمنيتى أن الجمعية تنشط في رسالتها واتمنى لمجلس إدارتها الموقر كل توفيق فجميعهم رجال أفاضل يعملون في صمت لأجل القيام برسالتهم التعليمية والتنموية في خدمة المجتمع المصرى  .

·        معروف عن نيافتكم الاهتمام بالنواحى الثقافية في الايبارشية .. لماذا يغيب الكتاب الكاثوليكي عن القارئ المصري ؟

         الكتاب من أهم ادوات المعرفة لأبناء الكنيسة ولكل قارئ . نعترف أن الكتاب الكاثوليكى يغيب عن القارئ في كثير من الأحيان ربما لارتفاع سعره وربما لغياب آلية التوزيع . لذلك قمنا بتجربة جيدة في سوهاج إذ أصدرنا نبذات شهرية لتثقيف الشباب بأسعار زهيدة ومجانية ايضاً وخصصنا كذلك أربعة أماكن للتوزيع في الجهات الاربعة للايبارشية إلى جانب المكتبة العامة بالبطرخانة . وقد لاقت التجربة نجاحاً ملحوظاً . وعلى المستوى العام يوجد الآن بالطائفة دار القديس بطرس للنشر نساعد في تعضيد هذه المؤسسة الناشئة ونتمنى للعاملين فيها التوفيق .

·        كيف تقرأ جنابكم المناخ الاجتماعي في مصر ؟ وماذا عن الدور الاجتماعى للكنيسة الكاثوليكية في مصر ؟

         لا غنى للكنيسة الكاثوليكية عن خدمة المجتمع المصرى وكذلك المجتمع يحتاج إلى دور الكنيسة الاجتماعى . قد يكون عددنا ككاثوليك قليل مقارنة بعدد السكان . لكن خدماتنا للمجتمع المصري رائدة من خلال المدارس والمستشفيات والمؤسسات التنموية والثقافية . والجميع يقدر ما نقوم به من أدوار ويقدر كذلك رسالتنا الرائدة التى تعبر عن الفكر المتطور للكنيسة الكاثوليكية هذا الفكر الذي يجعل الكنيسة الكاثوليكية في موضع المبادرة . فكم من الأفكار بدأت بها الكنيسة الكاثوليكية وسرعان ما انتقلت إلى غيرها من الكنائس والمؤسسات التربوية . وهذه هي القوة المجتمعية الحقيقية أن تكون صاحب فكر مستنير ومبادرة خلاقة .

·        لنستمع من نيافتكم إلى كلمة مؤجزة نختم بهذا هذا الحوار الرائع ؟

         اشكر محبتكم ومجهوداتكم  .. وفي الختام اتمنى أن يجد كل فرد من ابناء طائفتنا العزيزة في الكنيسة علامة طمأنينة وقوة تعضيد حتى يقوم بدوره الانساني بضمير نقي وفكر مستنير .

أجرى الحوار

ناجـح سمعـان

المراسل الصحفى لايبارشيات الصعيد