اللقاء الأول بين البابا والشباب

"تجاهل مشروع الخالق يؤدي إلى الفوضى التي تحمل بالضرورة أصداءها في سائر نظام الخلائق"

بقلم روبير شعيب

سيدني، الجمعة 18 يوليو 2008 (Zenit.org)

ذكر الأب الأقدس الشبيبة في اللقاء الأول له معهم في سيدني أمس الخميس بأهمية الشهادة للإيمان بالمسيح، معترفًا بأنها "ليست بالأمر السهل" في أيامنا.

وأوضح للشبيبة أن "هناك الكثير من الأشخاص الذين يدّعون اليوم أنه يجب ترك الله جانبًا، وأن الدين والإيمان، بينما يصلحان للأفراد، فيجب أن يُزالا من الحياة العامة أو أن يستعملا بقدر ما يؤديان إلى تحقيق أهداف عملية محددة".

كما ونبههم إلى التجاهل الذي تتعرض له المبادئ الأخلاقية الأساسية، مهددة بالتالي كرامة الشخص البشري وفرادته، تلك الكرامة التي هي هبة الله للبشرية، وتساءل بندكتس السادس عشر: "هل نتعرف على الكرامة الكامنة في كل فرد انطلاقًا من هويته الذاتية العميقة – كصورة للخالق – وبالتالي نعترف بأن الحقوق الإنسانية هي شاملة، ومبنية على القانون الطبيعي، وليست موضوعًا للنقاش أو المحاباة؟"

وأشار إلى أن هذه الكرامة يتمتع بها كل كائن بشري كونه خلق على صورة الله ومثاله، و "بهذا الشكل نتوصل إلى التفكير بالموقع الذي يحتله المسنون، المهجرون، والذين لا صوت لهم في مجتمعاتنا".

واستنكر البابا العنف البيتي، والاعتداء على الحياة البشرية في أضعف حالاتها، أي في الحالة الجنينية: "كيف يمكن أن يصيب العنف البيتي الكثير من الأمهات والأطفال؟ كيف يمكن أن يضحي أروع مقدس للحياة البشرية – الرحم – فريسة عنف لا يوصف؟".

مرائية النظرة العلمانية للإنسان

وربط الأب الأقدس تسعى هذه النظرة العلمانية إلى شرح الحياة البشرية وإلى تركيب المجتمع بمرجعية قليلة إلى الخالق، أو دون مرجعية البتة إليه تعالى. "وتقدم ذاتها كنظرة مجردة، متسامية على الأطراف، ومتضمنة للجميع. ولكن بالحقيقة، أسوة بكل الإيديولوجيات، العلمانية تفرض نظرة محددة للعالم. إذا لم يكن الله مفيدًا للحياة العامة، فسيتم تشكيل المجتمع انطلاقًا من صورة تنفي الله، وسيتم تسيير الخطاب والسياسات المتعلقة بالخير العام، لا انطلاقًا من المبادئ المرتكزة على الحقيقة، بل انطلاقًا من النتائج".

وشدد البابا على أن الخبرة تبين أن "تجاهل مشروع الخالق يؤدي إلى الفوضى التي تحمل بالضرورة أصداءها في سائر نظام الخلائق"، لأنه  "عندما يُغيّب الله، تضعف قدرتنا على إدراك النظام الطبيعي، والغائية، و "الخير"".  وسرعان ما نكتشف أن "ما كان يعتبر عبقرية بشرية هو بالحقيقة جنون، وطمع واستغلال أناني".

احترام الحياة البشرية

ثم أضاف البابا: "إن خليقة الله واحدة، وهي خليقة صالحة. الاهتمام باللاعنف، بالنمو الممكن، بالعدل والسلام، والعناية بالبيئة هي ذات أهمية حيوية بالنسبة للبشرية".

"ولكن لا يمكن فهم هذه الأمور بمعزل عن تأمل عميق بالكرامة الكامنة لكل حياة بشرية من الحبل وحتى الموت الطبيعي: كرامة يمنحها الخالق بالذات، وبالتالي لا يمكن المس بها".

وتابع مستنكرًا: "لقد تعب عالمنا من الجشع، والاستغلال، والانقسام، ومن رتابة الأوثان الكاذبة والأجوبة المجزوءة، ومن ألم الوعود الكاذبة. إن قلبنا وعقلنا تواقان إلى نظرة إلى العالم حيث يدوم الحب، وحيث تتقاسم العطايا، وحيث تبنى الوحدة، وحيث تجد الحرية المعنى في الحقيقة، وحيث توجد الهوية في الشركة المحترمة".

وختم مشيرًا إلى الرسالة التي يود تحميلها إلى الشبيبة: "هذا هو عمل الروح القدس! هذا هو الرجاء الذي يحمله إنجيل يسوع المسيح. وأنتم خُلقتم من جديد عبر العماد، وتقويتهم بمواهب الروح القدس عبر سر التثبيت لكي تشهدوا لهذا الواقع. فلتكن هذه الرسالة التي تحملونها من سيدني إلى العالم!".

 

البابا: "الحب هو البرنامج الذي خلقنا لتحقيقه، هو ما صممنا الخالق لأجله"

بقلم روبير شعيب

سيدني، الجمعة 18 يوليو 2008 (Zenit.org)

الصداقة مع يسوع تقدم للإنسان ملء الحياة. هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر أثناء اللقاء مع المشتركين ببرنامج إعادة التأهيل الذي تقدمه جامعة نوتر دايم في سيدني.

جاء كلام الأب الأقدس اليوم الجمعة في معرض لقاءاته في إطار لقاء الشبيبة العالمي 23، الذي يجري في سيدني من 12 إلى 20 يوليو.

قال الأب الأقدس للشباب الذين يخضعون لبرنامج يؤهلهم للانخراط مجددًا في الحياة العادية بعد أن كانوا أسرى المخدرات، والكحول والإجرا: "يقدم لكم يسوع حبًا لا شروط – وعبر صداقة المحبة معه يمكنكم أن تجدوا ملء الحياة".

وتحدث البابا عن الحب فقال: "عندما نحب نحقق حاجاتنا الأعمق ونضحي ذواتنا بشكل أكمل، ونضحي إنسانيين بشكل أكمل".

"الحب هو البرنامج الذي خلقنا لتحقيقه، هو ما صممنا الخالق لأجله".

وأوضح بندكتس السادس عشر أنه لا يعني "العلاقات السطحية والعابرة"، "الحب الحقيقي"، "نواة تعليم يسوع الخلقي" الذي ينبع من وصية: "أحبب الرب إلهك من كل قلبك، كل نفسك، وكل عقلك، وكل قوتك"، و "أحبب قريبك كنفسك" (راجع مر 12، 30 – 31).

وقال من ثم إلى الشباب: "هذا هو، إذا شئتم، البرنامج المكتوب في كل كائن بشري، إذا ما تحلى بالحكمة والشجاعة لعيشه، وإذا ما كنا مستعدين لنضحي بأفضلياتنا لكي نكون بخدمة الآخرين، ونهب حياتنا لخير الآخرين، وفوق كل شيء ليسوع، الذي أحبنا ووهب حياته لأجلنا. الكائن البشري مدعو لعيش هذا الأمر، وهذا هو معنى أن نكون أحياءً حقًا".