وجوه مصرية: ثمرة تعاون وصداقة الأب متى شفيق والشيخ سيد عبد العزيز

        لديهما ثقة بأنّ المجتمع بحاجة إلى التضامن أكثر من أي وقت مضى. فمحبة الوطن في مفهومها ليست شعارات رنانة أو موضوع إنشاء استعمرته "إنّ" وأخواتها، بل موضوع حياة تقوده "كيف" وأخواتها!

لذلك حمل على عاتقهما خدمة أهالي قريتهما بأسيوط لما قاسته من علامات الحرمان الشديد لعلامات التنمية. لذلك كان طبيعيا أن يثمر تعاونهما عن جمعية "معا" لخدمة أهالي قرية "النخيلة" والتي نمت واتسع نشاطها ليشمل القرية ومركز ابوتيج فضلا عن محافظة اسيوط.

إنهما الشيخ سيد عبد العزيز عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف والأب متى شفيق أخنوخ راعي الكنيسة الكاثوليكية بالنخيلة.

كانت البداية عندما بادر الأب متى بدعوة الشيخ سيد لحضور مؤتمر "منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية". وكان ذلك عام 2005 م ثم توالت اللقاءات بينهما، رغم ان الشيخ من قرية "باقور" والأب من "النخيلة" فحضرا معا العديد من جلسات الصلح بين العائلات بسبب مشاكل الأخذ بالثأر .

وبعدما هدأت أحداث النخيلة، فكّر الأب متى في تأسيس جمعية أهلية لخدمة القرية التي عانت كمثيلاتها من قرى الصعيد بسبب سطوة البعض، فاشار على الشيخ سيد والذي رحب وأبدى إعجابه الشديد بها، فتحدثا معا عن أمال وأحلام منها ما تحقق بالفعل وكان بمثابة رسالة إلى أهالي القرية أكدت أن جمعية "معا" علامة بارزة للمحبة والأخاء بينهما.

أمضيا وقتا رائعا في تدريب مشترك تحت عنوان "الإدارة الفعالة" (منحة مقدمة من مركز تحديث الصناعة باسيوط) ولقد كرمت الجمعية العديد من الأمهات المثاليات سواء مسيحيات او مسلمات، كذلك ترعى الطفل المتميز من سن 8 سنوات وحتى 15 سنة فتنمي موهبته في شتى المجالات كما تكفلت الجمعية بمصاريف مدرسية لحوالي 60 طالبا على مستوى مركز ابوتيج من الأسر غير القادرة.

 هذا بالإضافة إالى تنظيم دورات تدريبية لشباب الخريجين في مجال الكومبيوتر واللغات فضلا عن مساعدتهم في الحصول على فرصة عمل مناسبة وبالفعل دربت الجمعية "160" شابا وفتاة حصلوا على فرص عمل في مجالاتهم. ولقد اتسع نشاط الجمعية في خدمة قرية النخيلة ومركز ابوتيج التابعة له القرية إلى ان ذاع سيطها في المحافظة أسيوط. فأصبح يستفيد منها الجميع.

ولشدة محبة الشيخ سيد للأب متى كان يصران على أن يقيما معا في غرفة واحدة بالفندق عندما يذهبان لمؤتمرات خارج محافظة أسيوط. كما كانت الجمعية تنظم إفطارا جماعيا في رمضان كل عام يحضره شباب الشيوخ والقساوسة فضلا عن بعض مسئولي الشعب والشورى بالمحافظة . كما كان يستضيف الأب متى الشيخ سيد في الاستراحة الخاصة به في الكنيسة وذلك عندما كانا يخططان لبعض المشاريع التنموية داخل مركز ابوتيج، فضلا عن ان الشيخ كان يتوضأ ويصلي في محراب الأب.

ولأن الأب متى محبوبا من جميع أهالي القرية والمركز لذلك جاءته دعوة للمشاركة في احتفالية افتتاح مسجد عائلة "الجعافرة" وهي من كبرى عائلات القرية والذي تزامن في يوم 31 مايو عام 2007 م وهو عيد مخصص لتكريم السيدة العذراء مريم، فلبى الدعوة بعد ان انتهى من صلاة قداس ختام الشهر المريمي. ولأن أهالي القرية اقتنعوا فعلا بصدق علاقة التعاون والمحبة بين الشيخ سيد والأب متى لذلك لجأ أحد الأقباط من القرية إلى الشيخ سيد لكي يتوسط له لدى الأب متى لأنه أراد خدمة من الجمعية ولم تكن ممكنة…

كما جابا معا العديد من المحافظات مثل الاسكندرية والقاهرة والمنيا لكي يعلنا معا للآخرين عن إمكانية التعايش وتوافر فرص المحبة والصداقة واحترام المعتقدات والبحث عن كيفيات وآليات تساعد على الشفاء من جراحات الماضي والتحرر من قيوده فضلا عن قراءة الحاضر وصناعة الغد.

وعندما سافر الأب متى إلى استراليا ليمكث بها ثلاث سنوات تأثر الشيخ سيد كثيرا حتى انه كان اول المودعين له مع المهندس عبد العال على رئيس المجلس الشعبي المحلي لمدينة ابوتيج والذي أهداه عسل نحل.. ورغم بعد المسافة بين الشيخ والأب متى إلا ان العلاقة ظلت مستمرة … فكيف يمكن لزمان أو مكان أن يخفي علاقة صداقة عمادها حب الله والوطن؟!

عن جريدة روزاليوسف 11/ 7 / 2008