الجزيرة العربية: حالة المسيحيين في أكبر أبرشية في العالم

بحسب النائب الرسولي بول هيندر

بقلم روبير شعيب

ريميني، الثلاثاء 2 سبتمبر 2008 (Zenit.org).

 "المسيحي، أينما وُجد، يجد الإمكانية لعيش إيمانه، حتى في الأماكن وفي الحالات الأكثر صعوبة. والشهادة المسيحية ممكنة في أي مكان، حتى في أرض مثل الجزيرة العربية، حيث هناك اختلاف اجتماعي وثقافي وديني ظاهر".

هذا ما صرح به الأسقف بول هيندر، النائب الرسولي في الجزيرة العربية والمقيم في أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، في حديث له إلى جريدة الأوسرفاتوري رومانو، بعد أن قام بمداخلة في لقاء ريميني خلال لقاء الشعوب الذي تنظمه جماعة "شركة وتحرير".

تشكل الأبرشية التي يرأسها هيندر من حيث المساحة التي تبلغ نحو 3 ملايين كلم مربع، أكبر "أبرشية" في العالم. ينتمي إلى الأبرشية أناس من 90 عرقًا مختلفًا، وتضم دول مثل الإمارات العربية المتحدة، البحرين، عمان، اليمن، قطر، والمملكة العربية السعودية. القسم الأكبر من المؤمنين هم من الهنود والفيليبينيين، ولكن هناك عدد كبير من الأندونيسيين، النيجريين، الأوروبيين، الشرق أوسطيين، والأميريكيين.

ليس هناك مسيحيين محليين، فجميعهم مهاجرين، وحتى الأسقف هيندر السويسري الأصل، الذي يعلق على هذا الوضع بالقول: "نحن كنيسة حاجّة مائة بالمائة".

حالة المؤمنين

 وتعليقًا على وضع المؤمنين في تلك الأراضي لفت هيندر أنه رغم ضرورة التأقلم مع العيش في أوطان مسلمة، إلا أنه لا يمكنه أن يصرح بأن المؤمنين هناك "يؤمنون أقل ممن يتمتع بحرية التصرف".

وشرح أن الحالة تختلف من دولة إلى أخرى. فهناك حرية دينية في كل هذه الدول، ما خلا المملكة العربية السعودية حيث يعيش نحو 800 ألف كاثوليكي. وفي المملكة السعودية، يستطيع المؤمنون أن يجتمعوا في بيوت خاصة، فالملك عبدالله لا يمنع الصلاة فيها، بشرك أن لا تولد إزعاجًا.

وعدد الكهنة القليل دفع بعض الجماعات إلى تسليم رعاية الجماعة إلى علمانيين.

وتحدث النائب الرسولي عن الصعوبات العديدة التي تواجهها الجماعة المسيحية متطرقًا في المقام الأول إلى "التبادل" الذي "لا يعاش كما نعيشه في أوروبا". ولفت إلى أن المسيرة نحو الآخرين هي في الوقت عينه شخصية وجماعية ولا تخلو من المخاطر، ملمحًا إلى "الميل للتباهي بالثقافة الغربية" واعتبارها "قمة نمو الإنسانية"، إلا أن هذا الأمر، بحسب الأسقف هيندر "ليس عدلاً، إذ لا يجب أن يكون للشعوب كلها التاريخ عينه".

الحوار بين الأديان واحترام الإسلام

وعبّر عن اعتقاده بأن على الإسلام أن ينفتح على العقل في مسيرة تشبه المسيرة التي عاشتها المسيحية "إلا أن هذا لا يعني أن هذه العملية يجب أن تقوده إلى العلمنة عينها"، ودعا في هذا الإطار إلى "التواضع في اعتبار النتائج النهائية نسبية".

 وبالحديث عن الحوار الفعلي بين المسيحية والإسلام اعتبر النائب الرسولي أن ما من جدوى من الإصرار على "تبادل بالمعنى الحسابي للكلمة"، لأن "مفهوم الديمقراطية بحسب الفكر الغربي هو ثمرة عملية طويلة الأمد، وقد عاشت الكنيسة عينها بعض الصعوبات في قبولها. ولذا لا يمكن فرض الديمقراطية والحقوق كما نفهمها نحن، لأنها ثمرة مسيرة لا يجب بالضرورة أن تكون مسيرة الإمارات العربية".

وشرح أن الحياة السياسية في الدول العربية هي متشربة بالدين، ولهذا يصعب قبول مفهوم دولة ليبرالية أوروبية.

واعتبر أن ما يجب القيام به الآن هو "تعزيز الحوار مع السلطات لشرح الحالة العملية التي يعيشها المسيحيون، وخصوصًا المهمشون منهم، وأولئك الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى مراكز العبادة، والذين يعانون من مصاعب إقتصادية جمة".

وبالحديث عن كنيسة الجزيرة العربية، قال: "هي كنيسة حيوية جدًا، رغم أنها ليست مرئية"، وانطلاقًا من شعار لقاء ريميني لهذه السنة قال: "بما أننا لا أحد، نحن رواد".