ما من تناقض بين نظرية التطور الداروينية وفكرة الخلق البيبلية

بحسب الكاردينال شونبورن

بقلم روبير شعيب

روما، الثلاثاء 4 نوفمبر 2008 (Zenit.org).

بالرغم من الصراع الذي تسببت فيه نظرية التطور التي أطلقها دارويين في القرن التاسع عشر، إلا أن التقليد الفكري المسيحي الرفيع لم يكن بعيدًا عن حدس إمكانية التطور في الخليقة، الأمر الذي لا ينفي وجود الخالق ولا يناقض جوهر الكتاب المقدس.

فالقديس أغسطينوس يصرح بأن الكون يمكن أن يكون نتيجة تطور كبذر يتضمن في أصله الفكرة الإلهية بشأن الكون التي ما تلبث تتنامى في الزمن. تطور الخليقة يصل إلى الإنسان وعند ذلك، عندما تضحي الخليقة حاضرة لقبول نفس على صورة الله ومثاله، ينفخ فيها الله الروح.

توضيحًا وتماشيًا مع هذا التقليد، وفي معرض الجمعية العامة للأكاديمية الحبرية للعلوم الذي تختتم اليوم الثلاثاء أعمالها في روما صرح الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا، أن ما من تناقض بين نظرية التطور العلمية وفكرة الخلق البيبلية والمسيحية.

وشرح الكاردينال أن ما من تناقض بين النظريات الإيمانية والعلمية، بل هناك مجرد "صراع بين مفهومين مختلفين للإنسان ولعقلانيته، بين النظرة المسيحية وبين التيار العقلي الذي يسعى إلى تقليص الإنسان إلى البعد البيولوجي فقط".

واستشهد شونبورن بنصوص عدة من البابا بندكتس السادس عشر خلال حبريته، تشير إلى قبول إيجابي لإمكانية التطور.

وأضاف موضحًا أنه بالرغم من أن هذه النظرية تنمي معرفتنا بشأن الحياة، إلا أنها لا تجيب على السؤال الفلسفي العظيم: ما هو مصدر كل شيء؟ وكيف يتم تسيير كل الأشياء لكي تصل إلى الإنسان؟"

ولذا من الواجب أن نعترف بوجود "فكرة سابقة" تبين لنا أن الإنسان ليس ثمرة الصدفة، بل الخالق "فكّر به وأراده وأحبه".

كما وأوضح مستشار الأكاديميا، المونسينيور مارسيلو سانشيز، أن الفكرة التي يعرضها سفر التكوين حول خلق الله للعالم – رمزيًا – في ستة أيام، يفتح المجال أمام فكرة خلق تدريجي للكون. ومن هذه الناحية فالكتاب المقدس أقرب إلى النظريات العلمية القائلة بالتطور منه إلى الأساطير الإغريقية القائلة بالعالم الأزلي.

وشرح أن ما من تعارض بين الإيمان والتطور، بل بين الإيمان وبعض الإيديولوجيات المادية التي تعلن بأن المادة وحدها هي موجودة. "إلا أن هذه النظريات ليست علمية بل فلسفية".

"يتم استغلال نظريات علمية لتقديم تفاسير فلسفية، أو بالحري، ملحدة، تقول بأن الصدفة هي أساس كل شيء. ولكني أكرر، هذه مجرد نظرية فلسفية، وهي ليست موقف كبار العلماء، الذين هم مؤمنون في أغلب الأحيان".

"الكنيسة منفتحة على الحوار مع العلم، لأن العلم يتحدث عن الطبيعة. ولطالما آمنت الكنيسة بأن الطبيعة هي خليقة الله، وأن الكائن البشري هو جزء من الطبيعة".