الكرسي الرسولي حول الحد من الأسلحة

"يسهل الحصول على الأسلحة أكثر منه على الغذاء"

نيويورك، الجمعة 21 نوفمبر 2008 (Zenit.org).

ننشر في ما يلي التصريح الذي أدلى به يوم الأربعاء رئيس الأساقفة تشيلستينو ميليوري، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن حول "الحفاظ على السلام والأمن العالميين: تعزيز الأمن الجماعي من خلال تنظيم التسلح والحد منه بشكل شامل".

***

سيدي الرئيس،

اسمحوا لي أن أهنئكم على توليكم منصب رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر، وأن أعبر لكم عن تقدير وفدي للدعوة إلى هذه المناقشة المفتوحة التي تهدف إلى التفكير حول ضرورة تنظيم التسلح والقوى المسلحة والحد من ذلك على نحو شامل، وإلى تعزيز السلام والأمن في العالم.  

إن التبعات المأساوية التي تنتج عن التجارة العالمية غير المشروعة للأسلحة تدعو الأسرة الدولية إلى مضاعفة التزامها بوضع آليات جديدة من التحكم. ومع التبني الحديث لقرار "نحو معاهدة تجارة الأسلحة"، في اللجنة الأولى من الجمعية العامة، الذي يرسم الخطوة المهمة الأولى نحو عقد اتفاقية شرعية ملزمة حول تجارة الأسلحة ونقلها، فإن هذه المناقشة لم تنعقد فقط في الوقت المناسب لا بل أنها تعتبر أساسية من أجل إعادة إنعاش الجهود في موضوع الحد من الأسلحة في العالم. والكرسي الرسولي يدعم ويشجع تعهداً مماثلاً تتقدم به هذه الهيئة والأسرة الدولية جمعاء، ويبدي استعداده للمساهمة.

كما أن مبادرة مجلس الأمن لمعالجة مسألة تنظيم التسلح والحد منه ترتبط بمشاكل الأمن العالمية المتواصلة، وتكتسب زخماً حول العالم. مؤخراً، خلال المناقشة العامة ضمن اللجنة الأولى للجمعية العامة، سمعنا مندوباً من إفريقيا يقول بأن "هناك لكل إفريقي، سبع طلقات غير شرعية، وثلاث بنادق مصوبة إليه أو إليها. هذا الأمر مخزٍ بخاصة في زمن ما تزال تعيش فيه نسبة عالية وغير مقبولة من سكان العالم دون خط الفقر".

هذا مجرد مثل واحد بين العديد من الأمثلة الأخرى. ووفدي يشعر بالقلق الكبير لدى البلدان التي تمزقها الصراعات، والتي تظهر لنا تجربتها أن التجارة غير المشروعة للأسلحة، وتخزينها، وإنتاجها غير المشروع، تقف عائقاً أمام حل الخلافات بطريقة سلمية، وتحول التشنجات السياسية إلى صراعات مسلحة، كما تشكل العامل الأساسي في إطالة أمدها، وبالتالي في تعريض السلام والتنمية للخطر. إن عدم التنظيم والالتزام بتخفيض مخزون الأسلحة العالمي قد خلق عالماً يسهل فيه الحصول على الأسلحة أكثر منه على الغذاء والمأوى والتعليم. من الواضح أننا ومن خلال تخصيص جزء من مبلغ 1.3 تريليون دولار الذي يتم إنفاقه على الأسلحة، لبرامج مخصصة لتعزيز كامل النمو الإجتماعي، والإقتصادي، والروحي لدى الشعوب، لن نخلق فقط عالماً أفضل وأكثر أماناً، بل أننا سنعزز أيضاً احتراماً جديداً للحياة وللآخر.

سيدي الرئيس، في هذا السياق، يتمنى وفدي أن ينقل أصوات مئات الآلاف من الأشخاص في جمهورية الكونغو الديمقراطية، المطالبين بالعدالة والسلام والأمن والقدرة على مجرد العيش بكرامة في بلادهم. والكرسي الرسولي يدين بشدة المجازر المرتكبة على مرأى الأسرة الدولية في الجمهورية المذكورة، ويدعو إلى توحيد الجهود لإنهاء هذه المأساة البشرية. أما بدء نفاذ بروتوكول نيروبي في 5 مايو 2006 حول الوقاية، والمراقبة، والحد من الأسلحة الصغيرة والخفيفة، فقد أحرز خطوة مهمة نحو المعايير العالمية لحماية الشعوب المدنية في منطقة البحيرات الكبرى، والقرن الإفريقي، والدول المجاورة. ونحن على علم بأن الدول التي ترتكب فيها المجازر حالياً وقعت وصادقت على بروتوكول نيروبي، لذا يدعو الكرسي الرسولي جميعها إلى الإسراع بتطبيقه.

ختاماً، سيدي الرئيس، يوافق وفدي بالكامل على ضرورة تطوير إجماع أمن جديد يساعد في تحقيق أهداف التنمية، والأمن، واحترام حقوق الإنسان المتفق عليها عالمياً. من هنا، تبرز الحاجة إلى بذل جهود أكبر، وإبداء إرادة وشفافية ومرونة وانفتاح في السياسة. كما نؤيد الرأي القائل بأن البدء بعملية مماثلة يتطلب الخطوة الأولى والأهم التي تضمن التزام الدول بالاتفاقيات التي وقعتها وصادقت عليها.

شكراً سيدي الرئيس

ترجمة وكالة زينيت العالمية