واقع الشباب وآليات تنشيط الدعوات

ماجستير في اللاهوت الراعوي للشباب والتربية الدينية

جامعة الآباء السالزيان بروما

مقدمة:-

عندما شرفني الأب توما عدلي بالدعوة لعمل لقاء عن آليات تنشيط الدعوات وواقع الشباب لمنشطي الدعوات بكنيستنا القبطية الكاثوليكية, وجدت نفسي اقبل وبلا تردد لان هذا هو صميم وجوهر دراستي وعملي مع الشباب وواقع تكوينهم من خلال احتكاكي بهم في معهد التربية الدينية بأسيوط ولقاءاتي العديدة الكثيرة بهم وإرشادي ومرافقتي للبعض منهم. هذا إلى جانب بعد ثان وهو أكثر أهمية لديّ وهو كوني كاهناً شاباً غيوراً ومتحمساً لتكوين نوعية دعوات مميزة تحتاجها كنيستنا في هذا الوضع والظروف الراهنة. والبعد الأخر  الذي شجعني لقبول الدعوة بلا توان هو كوني درست مثل هذه الأمور وتعمقت فيها بجامعة الآباء السالزيان بروما في قسم اللاهوت الراعوي  والعمل مع الشباب "أمل ورجاء الكنيسة" كما أحب دائماً أن يسميهم خادم الرب المتنيح البابا يوحنا بولس الثاني. لذا  فضلت أن أتحدث في نقطتين هامتين, الأولى هي واقع الشباب, والثانية آليات تنشيط الدعوات.  

واقع الشباب

         يعزّ عليّ أن أتحدث عن الشباب بشأن هواجسهم، وكأنّني أدّعي لنفسي حقّ الكلام نيابةً عنهم، بينما كان همّي دومًا أن أتحدث معهم، فاستمع إليهم وأصغي إلى ما يقولونه عن أنفسهم، وأكتفي بالتعليق عليه انطلاقًا مما أتيح لي أن أكتسبه من خبرة ومعرفة.

         ألا أنه، وقد طُرح عليّ السؤال، فإنني أسمح لنفسي بأن أذكر، في ضوء صلتي الطويلة بالشباب ومتابعتي الحثيثة لشؤونهم وشجونهم، (أفراداً وجماعات)، ما يبدو لي أنه يشكّل بعضًا من هواجسهم الأساسية.

         التوق إلى تحقيق ذواتهم على أكمل وجه ممكن، في مستقبل يأملون أن يأتي مؤاتيًا لتطلعاتهم وأن يكون لهم كلمة ومساهمة في صنعه.

     الرغبة بأن يُعترَف بهم وبوجودهم الفريد وبمعاناتهم وأحلامهم.

     الرفض بأن يُعتَبَروا تكرارًا للماضي ونسخة عمّن سبقهم.

      المطالبة بحقّ عيش خبرتهم الخاصة، في ظروف جيلهم، وابتكار تعبير جديد عن قيم التراث الحضاري، دون أن تُسَدّ عليهم الطريق مسبقًا وتُنـزَع المبادرة منهم، بحجة خبرة الأجيال التي سبقتهم.

تطلعات الشباب

      المطالبة بحقّ عيش خبرتهم الخاصة، في ظروف جيلهم، وابتكار تعبير جديد عن قيم التراث الحضاري، دون أن تُسَدّ عليهم الطريق مسبقًا وتُنـزَع المبادرة منهم، بحجة خبرة الأجيال التي سبقتهم.

       الحاجة إلى أن يؤخَذوا على محمل الجدّ، ولو لم يكونوا بعد "منتجين" (بالعرف الاجتماعي لهذه الكلمة) وأن تُسمَع آراؤهم، ولو اتّسم تعبيرهم عنها بشيء من الرعونة والنـزق.

         الحاجة إلى أن لا يستقيل الأكبر سنًا حيالهم، إذ هم بحاجة إليهم (وإلى صلابتهم)، وحتى إلى معارضتهم (ولو ضاقوا ذرعًا بها)، لينجزوا بناء أنفسهم، شرط أن يَقبل أولئك بالدخول في حوار حقيقي معهم وأن لا يتخذوا من سنّهم أو سلطتهم ذريعة لإسكاتهم.

         الإصرار على أن تولى حاجاتهم في شتى الميادين، من اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية (وعاطفية) وروحية، الأهمية التي تستحقها، وأن يمنحها المجتمع مركز الصدارة في هواجسه وخططه، ليشعروا أنهم فعلاً أثمن ما لديه، كونهم أمله في النهوض والنموّ والتجدّد.

الدعوات لماذا ؟

1-  الحاجة الماسة إلى اكتشاف المعنى الشخصي للدعوة.

2- ضمان وجود الدعوات الحقيقية  الناضجة.

3- ضرورة وجود إجابات مقنعة على تساؤلات الشباب.

4- الانتباه لتلبية احتياجات الكنيسة.

5- الانتباه لمتطلبات العالم.

6- محاولة اكتشاف الأزمة التي تمر بها الدعوات اليوم.

         وجود أزمة كبيرة في نطاق الدعوات (سلبيات)

         الإهمال وعدم التقدير 

         غياب الرعاية المتكاملة من الأسرة والكنيسة والمجتمع

         أزمة هوية وكيان

         غياب الوعي والحس الإيماني

         تشويش بين طرق وجمعيات عديدة للتكريس

         نقص التمييز الأولي

         مجتمع استهلاكي لا يقيّم الإنسان كإنسان بل كآله

         نقص عمليات المرافقة وغياب المرافقين الأكفاء

أزمة الدعوات (إيجابيات)

         ظهور مصطلحات ومفاهيم لاهوتية وعقيدية وراعوية جديدة في تنشيط الدعوات.

         ظهور أروع التعابير عن الهوية والكيان على الصعيد النفسي والاجتماعي.

         حيوية الجماعات المسيحية التي تساعد على  خلق مناخ سليم لنشأة ونمو الدعوة.

         التقدم والتطور في طرق فهم وتحليل الدعوة وديناميتها نفسياً وروحياً.

         ظهور مرافقات ومتابعات منهجية صحيحة للمدعو.

         هناك العديد من الأشخاص الذين بدأوا يفكروا في حلول قوية وعميق لأزمة الدعوات سواء من المدعوين أو غيرهم.

مفهوم الدعوة

         أتباع المسيح اليوم بالنسبة للشباب لا يعنى هروباً من العالم بقدر ما هو غرس الشاب من جديد وبطريقة أصيله فيه .

         قدرة الإيمان المسيحي الفعال مع أعطاء معنى جديد وعميق لحياة الشاب وبالتالي بداية البحث عن معنى لوجوده ودعوته .

         يعمل لاهوت تنشيط الدعوات على مساعدة الشباب على اتخاذ القرار وبموضوعية ونزاهة …. وهنا ستصبح الدعوة أسلوب إجابة على أتباع يسوع .

متطلبات الدعوة

         ومن هنا :

         العمل على تكوين هوية حقيقية تبحث عن دعوة معينة بأسلوب حياة معين وثابت إجابة على سؤال يسوع "أتبعني أنت" .

         تفضيل اللقاء الشخصي والمباشر مع يسوع ، فهو نبع الرجاء والحياة وأساس كل دعوة .

         العمل على الدفاع من اجل قضية يسوع الأساسية وهى تحرير الإنسان واختيار كل شخص الطريقة التي تناسب قدراته ومواهبه في الدفاع عن ذلك .

         تحفيز وتشجيع الشباب على حب الحياة كما أحبها الرب نفسه ووهب ذاته لأجل تجديدها لكل البشر .

         العمل على أيجاد وسيلة مناسبة لكل شاب ليعبر ليسوع عن حبه له ومشاعره تجاهه على الطريقة التي تناسبه حتى يصبح شبيهاً به بين البشر ( مسيح آخر ) .

وفي هذا المضمار يأتي دور اللاهوت الراعوي لتنشيط الدعوات, إذ أنه من صميم وجوهر عمل الكنيسة الإرسالى وتجسيد لخدمتها الراعوي في العالم.

لاهوت تنشيط الدعوات يجب أن يكون :-

ليس جزئي بل كل عمل الرعية أي أنه عمل كل الجماعة الراعوية الحية.

ليس عام سطحي بل متخصص وعميق, يشدد على وجود متخصصين في فهم وقراءة وتحليل الدعوة, والعمل على توجيهها في المجال المناسب في الخدمة.

ليس لجانب واحد من الحياة بل لكل جوانبها, أي يشمل كل سلوك وتصرفات الجماعة الكنسية, وبالتالي الدعوة تكون مجاوبة على نداء الله بكل مناحي الحياة.

ليس عرضي تكميلي لكنه مركزي جوهري, فالكنيسة أو الرعية التي لا تفرز دعوات عامة ومتخصصة بنوعية جيدة هي كنيسة عقيمة وعليها مراجعة ذاتها.

 

الواجبات الأساسية للتنشيط

1- أولوية الروحانية الحقيقية (قدمان تسيران على الأرض ويدان وقلب متجه نحو السماء)

2- ضرورة وجود خطة عمل موحدة على مستوى الكنيسة المحلية للعمل

3- تكوين ضمير حي حساس تجاه الدعوة والخدمة (الوعظ – التكوين – الإرشاد المرافقة)

4- التربية على الاختيار الطوعي التفضيلي لمنطق الدعوة

5- ضرورة وجود دليل يبين لاتجاهات المختلفة وأنماط الدعوة في الكنيسة

6- التكامل بين الله ودعوة الشخص وخدمة ونمو الجماعة

7- العمل على خلق ”ثقافة دعواتية ” في قلوب المؤمنين

8- تكوين ”دعواتي“ لمربي ومنشطي الإيمان

9- العمل على بث الروح النبوية والإبداع والشجاعة والتواضع في الشباب

10- أيجاد هيئة ايبارشية للدعوات على غرار الاتحاد ألرهباني الرجالي أو النسائي

الوالدون

لمساعدة الأبناء على الاختيار عليهم:

أن يكونوا مربي الإيمان

أن يشاركوا في مسيرة اكتشاف أبنائهم وتفضيلهم لنمط معين من الدعوة

مساعدتهم وتحفيزهم على الاختيار واتخاذ القرار وتشجيعهم.

 ويجب أن يكون دور المربين في تنمية الدعوات ألا يكونوا لا مربين فقط بل مربين متخصصين في :

إعادة اكتشاف قيم الشباب  ووجود إجابات مقنعه للرد عليها

عشق وحب الحياة والرجاء

صداقة, مودة, حكمة

تربيه على منطق وفكر الدعوة والتكريس

معلمي التعليم المسيحي

ضرورة وجود تعليم خاص ومكثف عن

الدعوة في التعليم المسيحي

إعلان البشارة متكامل ومعمق بالعلوم الكتابية

 وعي معلم التعليم المسيحي أنه مربي لإيمان المدعو و أنه مرافق لمسيرته.

أن يساعده على الاكتشاف ويكون جاهز دائما للسير معه

أن يعمل خدام التعليم المسيحي على إيجاد التكامل والتفاعل بين التعليم المسيحي والطقوس والحياة

دور الرعية كما أعلنه البابا يوحنا بولس الثاني في ”أعطيكم رعاة“

إعطاء أولوية لتبشير وكرازة لكل إنسان في واقع حياته.

توضيح وتعميق مفهوم الدعوة في كل الأعمار من خلال الأنشطة المتنوعة التي تتناسب مع كل مرحلة عمرية.

 أن تقيم صلوات واحتفالات ومهرجانات عن الدعوة لكل الأعمار.

 أن تعمل على زرع منطق الخدمة والرسالة في نفوس الشباب

و هذا هو معنى اللاهوت الراعوي وفيه يتم تنشيط الدعوات كفرع عملي تطبيقي من أفرع اللاهوت الراعوي.