البابا وعيد الميلاد عام 2008

بقلم طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

إلتقى البابا بندكتس السادس عشر يوم الإثنين أعضاء الكوريا الرومانية لتبادل التهاني بمناسبة الأعياد. وألقى البابا كلمة ذكّر فيها بالأحداث والمناسبات التي جرت خلال عام 2008 على الصعيد الكنسي.

استهل البابا كلمته مشيراً الى أن جو الفرح الذي "نختبره اليوم" هو "امتداد للغبطة السرية، السعادة الحميمية التي اختبرتها العائلة المقدسة والملائكة ورعاة بيت لحم، في الليلة التي أبصر فيها يسوع النور".

"لقد كانت هذه السنة، التي شارفت على الانتهاء – قال قداسته – غنية بلمحات حول تواريخ هامة في تاريخ الكنيسة الحديث"، مذكّراً  بالذكرى السنوية الخمسين لوفاة البابا بيوس الثاني عشر، وبالذكرى السنوية الخمسين لانتخاب يوحنا الثالث والعشرين حبراً أعظماً.

"مرت أربعون سنة – تابع الحبر الأعظم – على صدور الرسالة العامة "الحياة البشرية" وثلاثون سنة على وفاة كاتبها، البابا بولس السادس".

وقال البابا بأن أحداث الماضي تذهب بنا أبعد من الحدث التاريخي بحد ذاته،  وتقودنا الى المستقبل، مذكراً بافتتاح السنة البولسية بحضور البطريرك المسكوني برتلماوس الأول، وممثلين عن عدد كبير من الكنائس الأخرى والجماعات الكنسية. وقال البابا: "بولس هو بالنسبة لنا، شخصية من الماضي، ولكنه لا يزال يحاكينا اليوم من خلال رسائله. ومن يدخل في حوار معه، يقوده الرسول الى المسيح المصلوب والقائم من الموت".

وأوضح بندكتس السادس عشر بأن السنة البولسية لا تقتصر على حج بمعنى المسيرة الظاهرية نحو أماكن بولسية وحسب، بل هي "مسيرة حج يقوم بها القلب، مع بولس، نحو يسوع المسيح".

وذكّر البابا بثلاثة أحداث تميز بها هذا العام الذي شارف على الانتهاء. "الأول، يوم الشبيبة العالمي في أستراليا، عيد كبير للإيمان… والزيارتين الرسوليتين: الزيارة الى الولايات المتحدة والثانية الى فرنسا.

وفي الختام سلط البابا الضوء على أهمية سينودس الأساقفة حول كلمة الله، وختم قائلاً بأنه من خلال كل هذه المناسبات، "باتت الكنيسة ظاهرة للعالم ومن أجل العالم، كقوة روحية تهدي الى سبل الحياة، ومن خلال شهادة الإيمان، تشع بالنور على العالم".

البابا يقيم عام 2008 ويتحدث عن يوم الشبيبة العالمي

بقلم طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

في كلمته التي وجهها الى الكوريا الرومانية بمناسبة عيد الميلاد، قيّم البابا بندكتس السادس عشر الأحداث التي تمت خلال عام 2008.

من بين هذه الأحداث، تطرق قداسته الى يوم الشبيبة العالمي في سيدني، واصفاً إياه بأنه عيد الفرح، الذي "جمع أكثر من 200000 شاب من كل انحاء العالم، وقرّب بينهم ليس فقط على الصعيد الخارجي – بالمعنى الجغرافي – بل، وبفضل مشاركة خبرة الفرح المسيحي، قرّبهم أيضاً على الصعيد الداخلي".

وقال قداسته بأن أستراليا "لم تشهد في تاريخها عدداً من الناس من كل الأقطار، كالعدد الذي شهدته خلال اليوم العالمي للشباب" مشيراً الى أن التخوّف من الخلل في النظام العام، وخلق زحمة، وإعاقة الحياة اليومية، والتسبب بأعمال عنف وفسح المجال للمخدرات، "لم يكن له أي أساس وصحة".

وأوضح بندكتس السادس عشر بأن يوم الشبيبة العالمي ليس كما يظن البعض، "حدث يعبر عن ثقافة شبابية حديثة، كنوع من مهرجان الروك بحلة كنسية، يكون فيها البابا نجم الاحتفال"، بل هو "حدث فيه يخرج الجميع من ذواتهم، ويتخطون ذواتهم مع ذواتهم ومع الآخرين" و"ليس هناك من تفسير لطبيعة فرح هذه الأيام، وقدرتها الإبداعية على خلق الشراكة".

وأشار البابا الى أن أحداث الأيام العالمية لا تتوقف فقط عند أسبوع واحد فقط، بل هي "مسيرة طويلة تستبق الحدث… وتستمر بعده…". هذه الأيام – تابع الحبر الأعظم – هي ذروة مسيرة طويلة، يلتقي خلالها البعض بالبعض الآخر، ومعاً يسيرون نحو المسيح". "البابا إذاً – ختم يقول – ليس النجم الذي يتمحور كل شيء حوله، بل هو فقط النائب والوسيط. إنه يشير الى الآخر الذي هو المحور"، مشيراً الى أن خبرة فرح هذا اللقاء لا يمكن تشبيهها بفرح مهرجان الروك. وهنا استشهد البابا بنيتشي فقال: "البراعة لا تكمن في تنظيم العيد، بل في وجود أشخاص قادرين على الفرح في العيد".

"ما كنا نعتبره عادياً في حياتنا اليومية، عدنا فاكتشفنا سموّه"

البابا يذكّر بسينودس الأساقفة حول الكلمة

بقلم طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

 "ما نعتبره في حياتنا اليومية عادياً، عدنا فاكتشفنا سموّه: أن الله يتكلم، ويجيب على أسئلتنا. أنه هو شخصياً ينطق بكلمات بشرية، وأننا نصغي إليه ونفهمه؛ أن يدخل في حياتنا ويغيرها وأن نستطيع أن نخرج من حياتنا للدخول في عظمة رحمته".

هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه يوم أمس بأعضاء الكوريا الرومانية، مقيّماً بعض الأحداث والمناسبات الكنسية خلال عام 2008، ومن بينها سينودس الأساقفة.

وقال قداسته: "رعاة قدموا من كل أنحاء العالم، واجتمعوا حول كلمة الله التي رُفعت أمامهم؛ حول كلمة الله، التي تظهر بأبهى حلة في الكتاب المقدس"، مشيراً الى أن كلمة الله "وسمت تاريخاً مشتركاً ولا تزال تسمه. ولذلك فقد أدركنا من جديد بأننا – ولأن الكلمة هي شخصية – نستطيع أن نفهمها بطريقة صحيحة وشاملة فقط في الـ "نحن" في جماعة الله: واعين دائماً الى أننا لا نستطيع أن نستوعبها بالكامل، وبأنها تقول شيئاً جديداً لكل جيل".

وقال البابا  بأن رسالة كلمة الله لا تبقى في الماضي ولا يمكن أن تكون منغلقة على ذاتها. "الله – قال بندكتس السادس عشر – يتكلم دائماً في الحاضر، ونحن نسمع الكتاب المقدس بالملء، فقط عندما نكتشف "حاضر" الله هذا، الذي يدعونا اليوم."

وذكّر البابا بشهادات بعض المؤمنين العلمانيين حول كلمة الله مذكّراً بأنهم "لا يعيشون من كلمة الله وحسب، بل يتألمون في سبيلها أيضاً"، كما وذكّر أيضاً بمداخلة الحاخام عن الكتب المقدسة عند اليهود، وبمداخلة البطريرك برثلماوس الأول، "الذي فتح لنا مدخلاً للكلمة، على ضوء التقليد الأرثوذكسي، بتحليل عميق".

وتمنى الحبر الأعظم أن تؤثر خبرات السينودس بقوة على حياة الكنيسة، بخاصة على العلاقات الشخصية مع الكتب المقدسة، وعلى فهمها في الليتورجيا وفي التعليم الديني كما وأيضاً في البحث العلمي، "لكيما لا يبقى الكتاب المقدس كلمة في الماضي، بل أن تقرأ آنيته وحيويته إنطلاقاً من أبعاد معانيه الواسعة".

أبعاد الروح القدس بحسب بندكتس السادس عشر

بقلم طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

في كلمته الى أعضاء الكوريا الرومانية في ختام عام 2008، وإنطلاقاً من خبرة يوم الشبيبة العالمي وسينودس الأساقفة، تحدث بندكتس السادس عشر عن أربعة ابعاد للروح القدس.

1- الروح الخالق

هناك قبل كل شيء التأكيد الذي يأتينا من رواية الخليقة: تتحدث الرواية عن الروح الخالق الذي يرفرف فوق المياه، الذي يخلق العالم ويجدده باستمرار. الإيمان بالروح الخالق هو عنصر أساسي في قانون الإيمان المسيحي. وبمجرد أن المادة  المادة تحتوي بذاتها على بنية ماتيماتيكية، فهي ممتلئة من الروح، وهي الأساس الذي ترتكز إليه علوم الطبيعة الحديثة. فقط لأن المادة مبنية بطريقة عقلية وذكية، يمكن لروحنا أن يفهمها ويحولها. وبما أن هذه الهيكلية الذكية تأتي من الروح الخالق، الذي أعطى الروح لنا أيضاً، فهذا يتضمن واجباً ومسؤولية. في الإيمان بشأن الخليقة يكمن الأساس الأخير لمسؤوليتنا تجاه الأرض. فهي ليست بكل بساطة ملكاً لنا نستغلها على هوى مصالحنا ورغباتنا، بل هي عطية من الخالق الذي أعطانا إياها لنديرها. أن تعكس الأرض والكون الروح الخالق، يعني أن بنيتهما العقلية تحمل في ذاتها أيضاً التوجه الأدبي. الروح الذي جعلهما هو الخير بذاته، وهو من خلال لغة الخلق، يهدينا الى سبيل الحياة الحقة.

ولأن الإيمان بالخالق هو جزء أساسي من قانون الإيمان المسيحي، لا يمكن للكنيسة أن تتوقف فقط عند نقل رسالة الخلاص لمؤمنيها. إنها تحمل مسؤولية تجاه الخليقة، وعليها أن تُظهر هذه المسؤولية. وهكذا فإنها لا تدافع عن الأرض والمياه والهواء كعطايا للجميع وحسب، بل عليها أن تدافع أيضاً عن الإنسان أمام تدميره لذاته. من الضروري أن يكون هناك إيكولوجيا الإنسان، بالمعنى الصحيح للكلمة. لسنا نتحدث عن الماورائيات عندما تتطرق الكنيسة الى طبيعة الكائن البشري كرجل وامرأة وتطالب بأن يُحترم نظام الخليقة هذا. الأمر يتعلق هنا بالإيمان بالخالق وبالإصغاء الى لغة الخليقة، التي يدفع عدم احترامها بالإنسان الى تدمير ذاته بذاته، وبالتالي الى تدمير عمل الله. الإنسان يريد أن يكون سيد ذاته وأن يتصرف دائماً بمفرده في ما يعنيه. ولكن بهذه الطريق هو يعيش منافياً للحق ولروح الخالق. نعم، الغابات الاستوائية تستحق حمايتنا، ولكن يستحق هذه الحماية أيضاً، الإنسانُ كخليقة فيها كُتبت رسالة لا تعني التناقض مع حريتنا بل هي شرط هذه. لاهوتيون كبار صنفوا الزواج، أي الرباط لمدى الحياة بين الرجل والمرأة، كسر الخلق، الذي أسسه الخالق بذاته، والذي أظهره يسوع في تاريخ الخلاص – دون التغيير في رسالة الخليقة – كسر العهد الجديد. أن تشهد الكنيسة للروح الخالق الحاضر في الطبيعة بمجملها وبنوع خاص في طبيعة الإنسان المخلوق على صورة الله، هو جزء من إعلان البشارة. ومن هذا المنطلق، من الأهمية إعادة قراءة الرسالة العامة "الحياة البشرية": لقد أراد البابا بولس السادس أن ينشر المحبة ضد الجنس كاستهلاك، والمستقبل ضد زعم الحاضر، وطبيعة الإنسان ضد التلاعب به.

2- الروح والكتاب المقدس

– إذا كان الروح الخالق يظهر قبل كل شيء في عظمة الكون الصامتة، في هيكليته الذكية، فإن الإيمان يقول لنا، ما هو غير مُتوقَّع، أي أن هذا الروح ينطق ايضاً بكلمات بشرية، وقد دخل التاريخ، وكقوة وسمت التاريخ، هو أيضاً روح ناطق أو بالحري، هو الكلمة التي وصلت إلينا في العهدين القديم والجديد. ما يعنيه هذا بالنسبة لنا، عبر عنه القديس أمبروسيوس بصورة رائعة في إحدى رسائله: "الآن أيضاً، بينما أقرأ الكتب الإلهية، الله يتنزه في الفردوس" (رسالة 49، 3).

بقراءتنا للكتب المقدسة، يمكننا نحن أيضاً اليوم التنزه في حديقة الفردوس وأن نلتقي بالله الذي فيها يتنزه: بين موضوع اليوم العالمي للشباب وموضوع سينودس الأساقفة هناك علاقة داخلية وطيدة. الموضوعان "الروح القدس" و "كلمة الله" يتلازمان. من خلال قراءتنا للكتب المقدسة، نفهم أيضاً بأن المسيح والروح لا ينفصلان. فإذا كان بولس يؤكد : "الرب هو الروح" (2 كو 3: 17)، فهو بذلك لا يظهر الوحدة الثالوثية بين الإبن والروح القدس وحسب، بل وقبل كل شيء، اتحادهما حيال تاريخ الخلاص: في موت وقيامة المسيح يُنزع حجاب المعنى الحرفي ويظهر حضور الله الذي يكلم الإنسان. بقراءتنا للكتب المقدسة مع المسيح، نتعلم أن نصغي في الكلمات البشرية الى صوت الروح القدس ونكتشف وحدة الكتاب المقدس.

3 – الروح والمسيح

وهنا ننتقل الى البعد الثالث في ما يتعلق بالروح القدس، وهو يكمن في عدم الانقسام بين المسيح والروح القدس. يظهر هذا التلازم بأبهى حلة في رواية القديس يوحنا عن ظهور القائم من بين الأموات الأول للتلاميذ: الرب ينفخ على التلاميذ ويمنحهم الروح القدس. الروح القدس هو نفَس المسيح. وكما أن الله – في بداية الخليقة – نفخ في الغبار وخلق الإنسان الحي، هكذا ينفخ المسيح ويجمعنا في شراكة وجودية مع الإبن، ويجعلنا خليقة جديدة. ولذلك فنحن بفضل الروح القدس نستطيع أن نقول مع الإبن: "أبّا، أيها الآب!" (راجع يو 20: 22 ؛ رو 8: 15).

4- الروح والكنيسة

 في البعد الرابع، تظهر جلية العلاقة بين الروح والكنيسة. في رسالته الأولى الى أهل كورنثوس 12 وفي الرسالة الى أهل روما 12، تحدث بولس عن الكنيسة كجسد المسيح، وكهيكلية للروح القدس، حيث تجعل مواهب الروح القدس من الأفراد أعضاء أحياء في الجسد الكامل. الروح القدس هو روح جسد المسيح. في هذا الجسد ككل، نجد دورنا، نعيش الواحد للآخر، مرتبطين الواحد بالآخر، ونعيش في عمق ذاك الذي عاش وتألم من أجلنا، وبواسطة روحه يجتذبنا إليه في وحدة جميع أبناء الله. "أتريد أن تعيش أنت أيضاً في الروح؟ كن إذاً في جسد المسيح"، يقول القديس أغسطينوس.

بندكتس السادس عشر: "الفرح هو ثمرة الروح"

بقلم طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 23 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

"البراعة لا تكمن في تنظيم العيد، بل في وجود أشخاص قادرين على الفرح في العيد". بكلمات فريديريك نيتشي هذه، استهل البابا بندكتس السادس عشر كلمته عن فرح العيد، عيد الميلاد، في كلمته الى أعضاء الكوريا الرومانية يوم أمس.

وقال البابا بأن فرح هذا العيد هو "امتداد للغبطة السرية، السعادة الحميمية التي اختبرتها العائلة المقدسة والملائكة ورعاة بيت لحم، في الليلة التي أبصر فيها يسوع النور".

"الفرح – تابع قداسته – هو جزء أساسي من العيد. العيد يمكن تنظيمه أما الفرح فلا."

وقال قداسته بأن الفرح "يُمنح كهبة" مذكراً بما قاله بولس عن الفرح كثمرة الروح، وما قاله أيضاً يوحنا في إنجيله عن الفرح والروح، فقال: "الروح القدس يمنحنا الفرح. الروح هو الفرح. الفرح هو الهبة التي فيها تتلخص كل الهبات الأخرى".

"الفرح هو التعبير عن السعادة، عن الإنسجام مع الذات. إنه ما ينتج عن الانسجام مع الله ومع خليقته. الإشعاع والتواصل هما جزء من الفرح."

"إن روح الكنيسة الإرسالي – ختم البابا – ليس سوى القوة الدافعة لنقل الفرح الذي أعطي لنا."