حوار مع الأنبا بطرس فهيم المعاون البطريركى

 

 ) نحن فى حاجة إلى مشروع كنسى موحد من أجل خدمة الإنسان فى مصر ( 

 

الأنبا بطرس فهيم ، أحدث أساقفة الكنيسة القبطية الكاثوليكية وأصغرهم سناً ، يتيح له عمله كمعاوناً بطريركياً الإقتراب من العديد من القضايا الكنسية والملفات الرعائية فى الدائرة البطريركية . ولد الأنبا بطرس فهيم بقرية طوة بمحافظة المنيا فى 3 يوليو 1961 وسيم كاهنا بيد الأنبا أنطونيوس نجيب فى 20 مايو 1988 . وقد عمل سيادته بالعمل الراعوى حيث خدم بكنيسة السيدة العذراء بجاهين والقديس مرقس بالمنيا والقديس بطرس ببنى سويف . كذلك عمل نيافته بالعمل الإكاديمي حيث عين مدرساً بالكلية الإكليريكية بالمعادى منذ عام 1990 حتى اوفد إلى بعثة درسية فى روما من عام 1994 إلى العام 2000 . وعقب عودته إلى مصر واصل عمله بالكلية الاكليريكية إلى أن تولى إدارة الاكليريكية منذ عام 2005 وحتى سيامته الأسقفية فى 13 أكتوبر 2006 . وفي لقاء أخوي وسيادة المطران كان لنا هذا الحوار …

 

* ما هى أهم الملامح المميزة للإيبارشية البطريركية ؟

فى البداية أود أن أعبر عن امتنانى وشكري لله على نعمته التى ترافقنى فى كل مراحل دعوتى سواء الكهنوتية أو الأسقفية ، كذلك لأبد من الشكر لغبطة أبينا البطريرك الأنبا أنطونيوس نجيب على ثقته ودعوته لى للعمل كمعاون لغبطته في الايبارشية البطريركية . وإذا أردنا قراءة أهم ملامح الإيبارشية البطريركية فمن الناحية الجغرافية نجدها واسعة جداً إذ تضم العاصمة والدلتا والإسكندرية ويؤثر هذا الإتساع الجغرافي بالسلب أحياناً فى العمل الرعائى إذ تبدو الكنائس متباعدة ومشتته لذا نعمل على توحيد الرؤيه بين الرعايا من خلال الأنشطة التكوينية . والإيبارشية البطريركية تتسم كذلك بتحمل مهام العمل المسكوني وواجبات العمل القومى بحكم التواجد فى الإدارة المركزية بالقاهرة . وعن جانب التنوع والغنى الثقافى فالإيبارشية البطريركية تضم مراكز جميع الرهبانيات وعدد كبير من المدارس والمستشفيات الكاثوليكية مما يمثل غنى كبير للإيبارشية . أما عن القراءة الاجتماعية لأبناء الايبارشية فإن الايبارشية تحظى بكثافة عالية من المؤمنين ، وفى هذا قوة روحية كبيرة لكن علينا أن نقر بأن الكثافة السكانية العالية مع تضاؤل فرص العمل فإن ذلك يخلق تحديات مادية كبيرة ، مما يؤثر على صعوبة الحياة خاصة لدى الشباب والعائلات.

 

* لماذ أخترت ( المحبة لا تسقط أبداً ) شعاراً لرسالتكم الأسقفية ؟

المحبة هى الاحتياج الأول لعالم اليوم ، فما أروع أن تزرع دون ان تنتظر الحصاد ، فالمحبة هى احترام الجميع ، الله أولاً فى الطاعة البنوية الواعية وطاعة الرؤساء الدينيين والمدنيين فيما يتوافق وإرادة الله . المحبة هى احترام الأخوة والأخوات فى كل ظروفهم على الأخص الفقراء منهم والضعفاء ، والمحبة كذلك هى احترام الأخر وخصوصاً حين يكون مختلف عنى . فيجب أن لا يكون الاختلاف سبباً للخلاف بل هو تنوع وغنى وثراء للجميع . والمحبة أيضاً هى الاحترام لذاتنا ولشعبنا ولوطننا الذى نحن منه وبه وله فأنا أشعر إنى أبن هذه الأرض الطيبة وإبن هذا الوطن المبارك . فأنا أسقف هذه الأرض و أشعر أنى أسقفاً ليس للكاثوليك فحسب ولا للمسيحيين فقط بل جميع المصريين إخوتى وأحباتئ .

 

*ماذا عن دوركم كرئيس للجنة الاسقفية فى تعميق الإيمان ؟

اللجنة الأسقفية لتنشيط وتعميق الإيمان هى إحدى اللجان الأسقفية المنبثقة عن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر وتعمل اللجنة فى ثلاثة محاور أساسية هى الكتاب المقدس والعقيدة والتعليم المسيحى . ويعمل بالقطاعات الثلاثة لفيف من الآباء الكهنة والعلمانيين المتخصصين . ومن ناحية التعليم المسيحى فقد قمنا بعمل مناهج التربية الدينية للمرحلة الإبتدائية وكذلك كتاب خاص بخادم التربية الدينية . أما عن الكتاب المقدس فإننا أصدرنا كتاب عن القديس بولس الرسول من إعداد الأب الدكتور كميل وليم ونفكر حالياً فى عمل مهرجان عام عن القديس بولس . وكذلك تحت الطبع قاموس التعريف بالكتاب المقدس . وفى الجانب الخاص بالعقيدة الكاثوليكية فإننا نقوم بجمع كل ما هو موجود من كتابات فى العقيدة الكاثوليكية بهدف إنشاء مكتبة متخصصة فى العقيدة .

 

* نهضة الطائفة شعار ومسيرة … حدثنا عن ذلك ؟

هناك إحساس عام لدى الجميع بالرغبة فى التجديد والنهضة الروحية فى الطائفة لإستعادة الأمجاد للكنيسة القبطية الكاثوليكية . وقد رأى غبطة أبينا البطريرك الأنبا أنطونيوس نجيب أن نبدأ المسيرة فى قطاعات صغيرة وبتدريج منطقى وفى مناخ من الهدوء . ولما كان الكاهن هو دينامو الرعية فقد بدأنا بالكهنة ونظمنا عدد من اللقاءات لكهنة الطائفة وطرحنا التساؤل الهام ماذا نحن نحتاج للنهوض بأحوال الطائفة ؟ . واستمعنا إلى الكثير من المقترحات بصدق كبير وإحساس بالمسئولية مما افرز لدينا رصداً دقيقاً للواقع وآليات للعمل سوف تعمل الكنيسة تحت رعاية غبطة البطريرك والآباء الاساقفة على تفعيل هذه المقترحات على المستويين الفردي والجماعي .

 

* ماذا عن المجلس الرعوى العام للكنيسة الكاثوليكية فى مصر ؟

المجلس الرعوى العام آلية هامة فى التواصل بين السلطة الكنسية وجميع المؤمنين فى كافة الاييارشيات الكاثوليكية من خلال أعضاء المجلس ولجانه وأنشطته ولقد عمل المجلس لفترة طويلة وبأداء جيد لكنه توقفه لظروف لا أعرفها . وحديثاً في اجتماعات مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك تم الاتفاق على إعادة عمل المجلس الرعوى العام إحساساً بأهمية المجلس فى تأكيد مبدأ التواصل وتوحيداً  للرؤية وصولاً إلى النهضة المنشودة .

 

* ما هى أخر المستجدات فى الحوار المسيحى – الإسلامى ؟

بالفعل الكنيسة الكاثوليكية تعطى اهتماماً كبيراً للحوار وبشكل خاص منذ المجمع الفاتيكانى الثانى ( 1962-1965 ) . والذى أعطى أهمية خاصة لحوار الكنيسة الكاثوليكية مع مختلف الكنائس والأديان . وذلك لقناعة الكنيسة بأهمية الحوار فى تأكيد إحترام الإنسان المختلف عنى فى الفكر والعقيدة . أما عن غاية الحوار فإن المردود الطيب لأبد وسيعود على الإنسانية كلها بالخير والتضامن والسلام . وفى تقديري أن الحوار المسيحي الإسلامى آلية هامة فى التواصل الحضاري والبعد عن الصراعات الفكرية وصولاً إلى حضارة المحبة . وعن آخر المستجدات فإننى أوكد لك حيث أنى أشرف بعضوية المجلس البابوى للحوار بين الأديان بأن الكنيسة الكاثوليكية لا تفوت فرصة للتقارب وتعزيز الحوار بين أصحاب الأديان لخير جميع البشر .

 

* لماذا يبدو حضور الكنيسة الكاثوليكية ضعيفاً على المستوى العام ؟

قد يكون التمثيل فى الواقع السياسي والمدنى على المستوى الرسمى ضعيف إلى حد ما لأننا نعول أكثر على الدور الثقافى والتنويرى للكنيسة فى خدمة المجتمع . أضف إلى ذلك أن القيادة الكنسية تمتنع بقدر عالى من التواضع عن الظهور الإعلامى مما يترجم خطأ بأنه انسحاب . لكن صدقني أن الدور التعليمى للمدارس الكاثوليكية والمراكز الثقافية أكثر تأثيراً فى تكوين الشخصية المصرية . كذلك لا ننسى عمل الرهبانيات الكاثوليكية فى مجالات الصحة والعمل الاجتماعى وأيضاً الدور الرائد للجمعيات الكاثوليكية فى التنمية فمثل تلك الأعمال تؤكد فعالية الحضور اليومى والإنتماء المعاش .

 

* على ذكر الجمعيات التنموية الكاثوليكية كيف تقرأ نيافتكم أدائها ؟

التنمية لا بديل عنها لخير المجتمع المصرى كله . وتعمل الجمعيات الكاثوليكية سواء كانت رهبانية أو علمانية على النهوض بمستوى الأفراد وتحسين ظروفهم التعليمية والصحية والإقتصادية لكن علينا أن نوحد الجهود وصولاً إلى تحقيق الأهداف . ولكى تحافظ هذه المؤسسات على الريادة لأبد أن يكون لها عقل مبتكر وناقد وأنشطة إبداعية . كما أن عليها أن توازى بين الأنشطة المادية والتوعية الفكرية من أجل استقرار الحياة .

 

* كيف تستشرف أفاق المستقبل للكنيسة الكاثوليكية فى مصر ؟

الكنيسة الكاثوليكية فى مصر تعتمد على ركيزتين أساسيتين الأولى كونها غصن فى شجرة الكنيسة الكاثوليكية المنتشرة فى العالم أجمع مما يجعل كنيستنا المحلية أكثر انفتاحاً وشمولية على المستوى الدينى والثقافي فى العالم . والركيزة الثانية هى أن الكنيسة المصرية الكاثوليكية متجذرة فى الأرض المصرية الخصبة  بتاريخها المجيد وتحاول أن تعيش واقعها بمصداقية وكذلك تتطلع إلى مستقبل زاهر بنعمة الله . وبصورة إجمالية فإن الكنيسة الكاثوليكية فى مصر بمجموعها العام من ايبارشيات ورهبانيات وجمعيات تقدم خدمات جليلة لأبنائها ولجميع المصريين . لكن ينقصنا التنسيق المشترك من أجل توحيد الرؤى والجهود . إننا بحق فى حاجة إلى مشروع كنسى موحد من أجل خدمة الإنسان فى المجتمع المصري .

 

* على هامش زيارتكم إلى أسيوط وفى ختام هذا الحوار ماذا تقول للشباب فى الصعيد ؟

أسيوط من أكبر الإيبارشيات الكاثوليكية كما أنها تحظى بنشاط ملحوظ يقوده صاحب النيافة الأنبا كيرلس وليم مطران الايبارشية ، وبالمناسبة فهو كان استاذى بالكلية الاكليريكية وأدين له بالكثير إذ أن سيادته ذو ثقافة عالية ومحبة أبوية . وبالفعل سعدت بهذه الزيارة وبالأخص فى لقائى بالشباب على هامش تساعية الدعوات ولقد شعرت برغبة حقيقية لدى الشباب فى معرفة ما يريده الرب منهم ، واتمنى لهم الإصغاء الجيد والتمييز الروحى المستنير . وأقول لكل الشباب الكاثوليكى فى مصر لا تخافوا من تبعية يسوع ، لأنكم إذا تبعتم يسوع المسيح لن تخسروا شئ بل ستربحوا كل شئ فالإتحاد بالمسيح يفجر فى قلوبنا طاقات حية تقود إلى الحياة الأفضل . 

أجرى الحوار :

ناجـح سمــعـان