روما، الخميس 12 مارس 2009 (ZENIT.org)
انتقالاً إلى فرنسا، دعا المونسنيور فؤاد طوال، بطريرك القدس للاتين، إلى التضامن العالمي لإحلال سلام دائم.
لاكروا – كيف تتعافى أبرشيتكم من الحرب على غزة؟
المونسنيور طوال – في ظروف معينة، تكون فترة ما بعد الحرب أسوأ من الحرب عينها، إذ تزداد الحاجة إلى إعادة الإعمار. إنني شخصياً متأثر جداً بإرادة العيش القوية التي يتمتع بها الفلسطينيون في غزة أكانوا عناصر من حماس أو فتح. فقد كانوا جميعاً ضحايا العنف.
عندما أُغلقت جميع معابر غزة، توجب على هؤلاء الرجال أن يحفروا الأنفاق بأيديهم المجردة أحياناً من أجل الحصول على المؤن والأسلحة. لقد حفروا تحت الأرض للبقاء على قيد الحياة… إنني أقدر إرادة العيش هذه.
فضلاً عن ذلك، أبدى العالم أجمع تضامنه بخاصة فرنسا وأوروبا بشتى الأشكال من رسائل وصلوات ومسابح وساعات سجود ودعم مادي ومالي. لقد تأثرنا كثيراً بهذه المبادرات التي أعطتنا الدفع الأكبر لتخطي هذه الأزمة.
لاكروا – ماذا تنتظرون من الرئيس الأميركي باراك أوباما؟
المونسنيور طوال – إنني أتوقع أن يؤدي إلى جانب فرنسا وأوروبا دوراً سياسياً مهماً. نحن بحاجة إلى برنامج سياسي فعلي للتوصل إلى إنهاء الاحتلال وإنشاء دولتين. وفي شرم الشيخ كانت الأجواء إيجابية جداً نظراً إلى أن جميع الحكومات كانت تعمل معنا من أجل إعادة الإعمار. هذا وفهمت الولايات المتحدة مع هيلاري كلينتون أنه لا بد من التحرك.
إننا نطالب فرنسا أن توفر لنا حياة هادئة بحكم صداقتها مع إسرائيل. لأن أصدقاءها هم الوحيدون القادرون على التحاور مع إسرائيل. يجب على فرنسا أن تؤدي دوراً سياسياً أكبر في الأراضي المقدسة. تشجعوا على قول الأمور على حقيقتها من أجل مصلحة الجميع. يجب ألا تدعوا الأميركيين يستأثرون بالعمل السياسي.
لن يكون سلام لشعب دون آخر. إننا نعلم جميعاً أن القدس هي مفتاح السلام في العالم. فالفلسطينيون والإسرائيليون يعيشون معاً في المأزق والأمل عينهما.
لاكروا – هل يجب التحاور مع حركة حماس؟
المونسنيور طوال – ما من أحد يصدق عدم وجود اتصالات مباشرة لإسرائيل مع حماس. إن الحوار الحقيقي والبناء لا يقتصر على حوار بين الأصدقاء. فلم لا يجري الحوار مع الأعداء؟ لا بد من إنهاء هذه العداوة…
لاكروا – ما هو تحليلكم لنتائج الانتخابات الإسرائيلية؟
المونسنيور طوال – لم يرق لي البعد العسكري لهذه الحقبة. إضافة إلى أن الشعب الإسرائيلي مشرذم أكثر من أي وقت مضى. إلا أن بنيامين نتانياهو الذكي لا يجرؤ على تشكيل حكومة يمينية متشددة لن تلق الدعم لا من أوروبا ولا من أميركا.
إن الهواء الذي يتنفسه الشعب في إسرائيل هو الخوف، الخوف من ذاته ومن العالم، من الماضي والحاضر والمستقبل. أمام هذا الخوف نحن بحاجة إلى أشخاص شجعان قادرين على طرح مبادرات شجاعة من أجل السلام والكرامة والعدالة. بيد أن لا أحد يجرؤ على القيام بذلك حالياً. مع ذلك يستحق السلام بعض التضحيات.
لاكروا – ما هي التضحيات التي يجب على الإسرائيليين الموافقة عليها؟
المونسنيور طوال – التضحيات هي عبارة عن وقف الاحتلال وإدراك أن جميع الشعوب لها الحق في الكرامة عينها وفي السلام والأمان. فبعد ستين عاماً من الوجود وأعمال العنف والحروب، ما هي النتيجة الإيجابية التي تم التوصل إليها؟ لا بد لنا من التساؤل: هل تبعنا الطريق الصحيحة؟ أكانت السبل ملائمة؟ آن الأوان لتغيير السبل ولعدم اللجوء فقط إلى القوة العسكرية.
لاكروا – ما هو الدور الذي يمكنكم تأديته؟
المونسنيور طوال – إن كنيستنا أقلية في ظل وجود الأغلبية اليهودية والمسلمة. إننا نسعى إلى جعل رأينا مسموعاً وإلى إعلان الأمور المفيدة للعالم أجمع واستنكار الخطأ.
لاكروا – ماذا تنتظرون من الزيارة المقبلة التي سيقوم بها بندكتس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة؟
المونسينور طوال – إن وضع المنطقة حرج دون أي شك. ووقت الزيارة حرج أيضاً… إننا نعمل على وضع برنامج متوازن لهذه الزيارة. سوف يحتفل البابا بالافخارستيا في مكان الميلاد في بيت لحم. من ثم سيذهب إلى جدار الفصل الذي يسبب الخزي للعالم أجمع. وبعدها يتوجه إلى مخيم للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم.
لاكروا – لقد عبرت بعض الشخصيات الفلسطينية عن خشيتها من عودة سياسية إسرائيلية من خلال هذه الزيارة…
هذه الخشية طبيعية. يجب على السلطات السياسية الأردنية والفلسطينية واليهودية الاستفادة من هذه الزيارة، فلكل سلطة مطالبها! أما نحن فإننا نعتبر هذه الزيارة رعوية بالدرجة الأولى. لذا سوف نقوم بكل ما في وسعنا بخاصة في الحوار بين الكنائس الثلاث عشرة المسيحية المحلية.
نرجو أن يوجه البابا دعوة من أجل السلام والعدالة وفقاً لموقف الكرسي الرسولي الثابت. وأرجو أن يحذو الحجاج حذو الأب الأقدس في زيارة الأراضي المقدسة. سوف يسعدنا بخاصة استقبال مئات الشبان الفرنسيين المرتقب وصولهم في يوليو المقبل.
لاكروا – هل يغادر المسيحيون دوماً الأراضي المقدسة؟
المونسنيور طوال – الجميع يغادر حالياً من يهود ومسيحييين ومسلمين. ولكننا نتأثر بمغادرة كل فرد من جماعتنا نظراً إلى أننا أقلية. إن الأراضي المقدسة من دون المسيحيين تفقد شيئاً من هويتها. لكن المسيح قال لنا أنه معنا حتى انقضاء الدهر. من هنا نستمد رجاءنا وشجاعتنا. يجب ألا نفقد أبداً هذا البعد الروحي بالعودة إلى الإنجيل والحفاظ الدائم على رجائنا.
لاكروا – إن السلطات الإسرائيلية تتردد في إعطاء تأشيرات الدخول للقيمين على الكنيسة، ما هو تعليقكم على ذلك؟
المونسنيور طوال – هذه مسألة مهمة بالنسبة لنا. فسلطتنا تشمل الأردن وفلسطين وإسرائيل لذا نحن بحاجة إلى التنقل بحرية من أجل المآتم ومراسيم الزواج والسيامات. لمَ هذا الخوف الشديد الذي تشعر به السلطات الإسرائيلية من الكنيسة؟
إننا مع ذلك كله عنصر مصالحة وحوار واعتدال. إننا نمد يد العون من أجل السلام وأرجو أن يتحلى الإسرائيليون بالشجاعة اللازمة للتراجع عن مواقفهم وللتوقف عن منع حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية من أجل مصلحة الجميع ومن أجل ترك انطباع جيد عن الدولة الإسرائيلية التي تعتبر نفسها ديمقراطية.
نقلته من الفرنسية إلى العربية غرة معيط (ZENIT.org)