كلمة البابا لدى مغادرته أنغولا

"أشكر الرب لأني وجدت كنيسة حية، وبالرغم من الصعوبات، مليئة بالحماس"

لواندا، الاثنين 23 مارس 2009 (Zenit.org).

ننشر في ما يلي كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر خلال مراسم الوداع في مطار لواندا الدولي عند العاشرة من صباح 23 مارس 2009.

* * *

فخامة رئيس الجمهورية،

حضرات السلطات المدنية والعسكرية والكنسية

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في المسيح،

جميع الأصدقاء في أنغولا،

إني وإذ أقدر بشكل عميق حضور فخامتكم، السيد الرئيس، في ساعة مغادرتي هذه، أود أن أعبر لكم عن تقديري وعرفاني للمعاملة المميزة التي حفظتموها لي، ولأجل التدابير التي اتخذتموها لتسهيل اللقاءات المختلفة التي سررت بعيشها. أوجه شكري القلبي إلى السلطات المدنية والعسكرية، إلى الرعاة ومسؤولي الجماعات والمؤسسات الكنسية التي شاركت في اللقاءات المذكورة أعلاه، وذلك لأجل كل اللطف الذي من خلاله شاؤوا أن يكرموا شخصي خلال هذه الأيام التي استطعت أن أقضيها في ما بينكم. وتذهب كلمة الشكر أيضًا إلى العاملين في حقل الاتصالات الاجتماعية، وإلى العاملين في الخدمات الأمنية وإلى جميع المتطوعين، الذين بسخاء وفعالية وفطنة، ساهموا في نجاح زيارتي.

أشكر الرب لأني وجدت كنيسة حية، وبالرغم من الصعوبات، مليئة بالحماس، عرفت كيف تحمل على كتفيها صليبها وصليب الآخرين، مقدمة بذلك شهادة أمام الجميع عن قوة الرسالة الإنجيلية الخلاصية. وتستمر هذه الكنيسة بإعلان مجيء زمن الرجاء، ملتزمة في مصالحة النفوس وداعية إلى عيش المحبة الأخوية التي تعرف أن تنفتح على قبول الجميع، في احترام أفكار وعواطف كل فرد.

ها قد أتت ساعة الفراق لأتوجه إلى روما، حزينًا لأني مضطر أن أفارقكم،  ولكني سعيد لأني عرفت شعبًا شجاعًا ومصممًا على الولادة من جديد. بالرغم من التحديات والعراقيل، يريد هذا الشعب أن يبني المستقبل سائرًا في سبل الغفران، والعدالة، والتعاضد.

إذا سمحتم، أن أوجه نداءً أخيرًا: أود المطالبة بأن يكون التحقيق الصحيح للآمال الأساسية للشعوب الأكثر حاجة، الاهتمام الأول لجميع الذين يغطون مسؤوليات عامة، لأني أكيد أن نيتهم هي أن يقوموا بالمهمة الموكلة إليهم لا لمصالحهم الشخصية بل لأجل الخير العام. لا يمكن لقلبنا أن يعرف هوادة ما دام هناك إخوة يتألمون لأجل نقص الغذاء، أو العمل، أو المسكن، أو ما سوى ذلك من الخيور الأساسية.

إن التحدي الكبير، للتوصل إلى تقديم جواب عملي لهؤلاء الإخوة في الإنسانية، هو التعاضد: التعاضد بين الأجيال، التعاضد بين الأمم وبين القارات لكي تقوم بتقسيم عادل لموارد الأرض بين كل البشر.

ومن لواندا أتطلع لأشمل إفريقيا بأسرها، لميعاد اللقاء المقبل في أكتوبر في حاضرة الفاتيكان، عندما سنلتقي للجمعية الثانية الخاصة لسينودس الأساقفة المكرس لهذه القارة، حيث وجد ملاذًا الكلمة المتجسد بالذات.

أصلي الآن إلى الله لكي يُشعر بحمايته وبعونه اللاجئين والمنفيين الذين لا يحصون  والذين يهيمون في الأرض بانتظار الرجوع إلى بيوتهم. يقول لهم رب السماوات: "حتى وإن نسيت الأم رضيعها، فأنا لن أنساك أبدًا" (راجع أش 49، 15). إن الله يحبكم كأبنائه وكبناته؛ وهو يسهر على أيامكم وعلى لياليكم، على أتعابكم وعلى تطلعاتكم.

أيها الإخوة والأصدقاء في إفريقيا، أيها الانغوليون الأعزاء، تشجعوا! لا تتعبوا أبدًا من التقدم في السلام، محققين بوادر الغفران، وعاملين على المصالحة الوطنية، لكي لا يغلب العنف على الحوار من بعد، ولا  اليأس على الثقة، ولا الضغينة على الحب الأخوي. وهذا الأمر سيضحي ممكنًا إذا ما اعترفتم بعضكم ببعض كأبناء الآب السماوي الواحد والأحد. فليبارك الله أنغولا! فليبارك كل بناته وأبنائه! فليبارك حاضر ومستقبل هذه الأمة الحبيبة. إلى اللقاء!

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2009.