زيارة البابا إلى الأرض المقدسة تركت تأثيرا إيجابيا في الأوساط المحلية والدولية

 

 بندكتس تحدث بصراحة وشفافية إلى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني

 

غداة نهاية زيارة البابا الثانية عشرة خارج الأراضي الإيطالية والتي قادته إلى الأردن، إسرائيل والأراضي الفلسطينية واستغرقت أسبوعا كاملا، خصصت معظم الصحف المحلية والدولية حيزا كبيرا من صفحاتها للتعليق على هذه الزيارة وتقييم نتائجها.

شددت أبرز الجرائد العالمية على صورتين أساسيتين شكلتا ـ حسب آراء الصحفيين والمحللين ـ المحط الأبرز من هذه الزيارة وذروتها. وهما صورتا الحبر الأعظم خلال زيارتيه لنصب الهولكوست في القدس، ولمخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية. وصفت الصحف هذه الزيارة بـ"الأصعب والأهم" في حبرية البابا راتزينغر، نظرا لتشابك القضايا السياسية، الدينية والأيديولوجية في المنطقة، وخصوصا في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.

جاءت زيارة البابا إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل في وقت يبدو فيه أن مفاوضات السلام الثنائية دخلت نفقا مسدودا، وفيما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إعادة إحياء العملية السلمية علما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس يستعدان لزيارة واشنطن في المستقبل القريب لعقد محادثات مع الرئيس الأمريكي حول سبل دفع عملية السلام.

وقد تحدث البابا بندكتس السادس عشر نفسه عن انطباعاته على هذه الزيارة في طريق عودته إلى روما أمس الجمعة، خلال مخاطبته الصحفيين على متن الطائرة البابوية. أعرب بندكتس السادس عشر عن تأثره الكبير إزاء الأماكن التي زارها، وقال إنه لمس لدى اليهود، المسيحيين والمسلمين الرغبة في تعزيز التعاون بين الديانات الثلاث، بعيدا عن الغايات السياسية. وأكد البابا أنه يدرك جيدا ـ كما يعلم الجميع ـ وجود صعاب جمة في الأرض المقدسة ينبغي ألا نغض الطرف عنها، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه شعر بوجود رغبة عميقة وملموسة لدى أهالي المنطقة في تحقيق السلام المنشود.

أكد البابا أن أهداف زيارته الرسولية الثانية عشرة خارج الأراضي الإيطالية هي التالية: أن يكون "حاج سلام" في الأراضي التي عاش فيها يسوع، تثبيت مسيحيي الأرض المقدسة بالإيمان، تعزيز العلاقات مع الإسلام واليهودية وتوطيد الروابط المسكونية أي بين الكنيسة الكاثوليكية وأتباع باقي الكنائس المسيحية.

إزاء الأوضاع المعقدة والمتشابكة في المنطقة قرر بندكتس السادس عشر أن يخاطب الجميع بوضوح تام، وأن يقول كل ما يجب قوله بشكل صريح وشفاف، حتى إن لم تلقى كلماته إعجاب هذا الطرف أو ذاك. فخلال الخطابات التي ألقاها أمام الإسرائيليين ذكّر هؤلاء بحقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا الحق في العيش ضمن حدود دولة سيدة ومستقلة والحق في حرية التنقل وحرية العبادة، وأثناء خطاباته في الضفة الغربية أكد البابا للفلسطينيين أن للإسرائيليين الحق في العيش بأمان، حاثا على نبذ الإرهاب والتصدي له.

مما لا شك فيه أن "السلام" شكل محور الخطابات التي ألقاها الحبر الأعظم خلال زيارته الرسولية أكان في إسرائيل أم في الضفة الغربية. شدد البابا على حق الفلسطينيين في دولة سيدة، آمنة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل وضمن حدود معترف بها دوليا، وقبيل مغادرته إسرائيل ظهر أمس الجمعة تحدث عن حق الدولة العبرية في الوجود وفي العيش بأمن وسلام ضمن حدود معترف بها دوليا.