ما هي الاختلافات ما بين الأرثوذكسية والكاثوليكية؟ 2- الحبل بلا دنس

أرسل لنا أحد أصدقاء الموقع هذا السؤال، وطلب منا الرد على ما جاء به، ونظرا لأن موقع القديس تكلا القبطي الأرثوذكسي قد قام بعرض نقاط الاختلاف بطريقة مسيحية، وبدون تعصب أو تجريح أو تجني، فقد فكرتُ، وبطريقة شخصية، أقوم بالرد المبسط على هذه النقاط علَّنا نستطيع أن نفهم أن الاختلاف، إذا ما اقترن بالمحبة، يؤدي إلى إغناء كل الأطراف… ولإظهار أن أغلب هذه الاختلافات هي سطحية ولها أسبابها التاريخية التي بفهمها يزول كثير من الغموض وتبدوا الحواجز والقلاع نقاط تلاقي وثراء… وحتى وإن تعلق الأمر ببعض الاسباب الكتابية أو العقائدية فمن الأمانة عرض الرأي والرأي الأخر وللقارئ اختيار الرأي الذي يرى أنه أكثر تطابقا من التقليد المقدس والإيمان القويم…

 

نقاط الاختلاف كما يعرضها موقع القديس تكلا

يقول الموقع:

أولاً، ليس الهدف من ذكر نقاط الخلاف هو التركيز على ما يهدم وليس ما يبني، ولكن ينبغي ملاحظة أن هذا هو إيماننا، وهو ما يجب أن نوضحه وننادي به للعالم أجمع. فالهدف هو أن نتدارس ونتباحث معاً في الأمور اللاهوتية والعقائدية، ولا نعتمد على توارث عقائد قد يشوبها بعض الأخطاء..  ومن الجانب الآخر، فمن الواضح تاريخياً أن الأرثوذكس Orthodox والكاثوليك Catholic هما أوائل الطوائف المسيحية، وهم -على الرغم من بعض نقاط الاختلاف- الأقرب بين الطوائف المسيحية أجمع.

http://st-takla.org/FAQ-Questions-VS-Answers/03-Questions-Related-to-Theology-and-Dogma__Al-Lahoot-Wal-3akeeda/045-Difference-between-Orthodox-and-Catholic.html

ثم يقول نفس الموقع

الكاثوليك يؤمنون:-

الاختلاف الثاني

2. أن السيدة العذراء مريم حبل بها بلا دنس الخطية الأصلية، وفى هذا الاعتقاد سلبت السيدة العذراء المخلوقة بالسيد المسيح وهو الله الخالق الذي وحدة فقط حبل بلا دنس الخطية الأصلية، وهذا محال أن يسوى المخلوق بالخالق، لذلك نحن الأرثوذكس نؤمن بأن السيدة العذراء ولدت كآي إنسان أخر ومثل الأنبياء القديسين.

 

الرد الكاثوليكي على هذا الرابط:

تقوم اغلب الاعتراضات على فهم خاطئ لهذه العقيدة الكاثوليكية، فيظن البعض أن الحبل بلا دنس يعني أن العذراء مريم ولِدتْ بدون علاقة زوجية بين أبويها يوقيم وحنا، وهذا بالطبع خاطئ لأن العذراء مريم ولدت بطريقة طبيعية ككل البشر وكنتيجة للعلاقة الزوجية بين أبويها القديسيين. وذلك لأن أيماننا المسيحي يرفع العلاقة الزوجية لمقام القداسة، ولهذا فالزواج هو أحد أسرار الكنيسة السبع، وقد جاءت أول معجزات السيد المسيح في عرس، أي في فرح، قانا الجليل.

والكاثوليك عندما يقولون أنها العذراء مريم ولدت بغير دنس فهو يؤمنون أنها الإناء النقي الذي اختاره الله، قبل تكوين العالم، ليستقبل  الكلمة المتجسد، يسوع المسيح، يجب أن يكون نقياً.

والله في الكتاب المقدس يقول لجميع أنبيائه، لأرميا ولأشعيا النبي: عرفتكَ حتى قبل أن تتشكل في بطن أمك (أرميا 1: 4 – 5) اخترتك قبل تأسيس العالم (أفسس 1: 11)

فإن كان الله يختار الأنبياء قبل تأسيس العالم فكم بالحري العذراء مريم التي قبلت البشارة وصارت "أم المخلص"، "أم الله"…

وبالتالي فالكاثوليك يؤمنون بأن الله اختار مريم وحفظها من "الخطيئة الأصلية" أو "الخطيئة الأبوية لأدم وحواء"، وذلك باستحقاقات يسوع المسيح، لكي لا يحمل المسيح الخطيئة الأصلية من أمه وبالتالي يحتاج هو أيضا للخلاص…

فلا يمكن أن ننسى أن المسيح أخذ جسده البشري من الجسد الطاهر للعذراء مريم، وهنا الطهارة تعني الطهارة من الخطيئة….

وبالتالي فهذه العقيدة لا تأله مريم، بل هي تكريم للسيد المسيح وتأكيد أنها جاء من "بطن" نقي وبأنه لم يحمل من أمه "الخطيئة"، وذلك أن المخلص جاء ليخص البشر من الخطيئة لا ذاته…

هذه العقيدة هي قبل كل شيء تكريما للسيد المسيح وتأكيدا على أن الله عندما جاء "ملء الزمان" أرسل ابنه تحت الشريعة ليفتدي من هم تحت الخطيئة…

أين المشكلة؟

تكمن المشكلة في أن البعض ينطلق من اسم العقيدة ليرفضها بدون حتى أن يفهمه أو يكلف نفسه قراءة ما يقوله الكاثوليك عنها بل أن الأكثرية تكتفي بالانتقادات التي يقوله غير الكاثوليك عنها.

 

وهنا ادعوا الجميع لقراءة الشرح الكامل لهذه العقيدة على هذا الرابط:

http://www.coptcatholic.net/section.php?hash=aWQ9Mjg4Ng%3D%3D

 

للتأمل:

ربما أنت لا تعرفني، لكنني أعرف كل شيء عنك (مزمور139: 1)

لأنني خلقتُكَ على صورتي (تكوين 1: 27)

عرفتكَ حتى قبل أن تتشكل في بطن أمك (أرميا 1: 4 – 5)

اخترتك قبل تأسيس العالم (أفسس 1: 11 – 12)

لم توجد صدفةً، أو اعتباطاً، لأن كل أيامك مكتوبة في كتابي (مزمور 139: 15 – 16)

علمتُ موعد ولادتك وأين ستقيم (أعمال الرسل 17: 26)

نسجتكَ في بطن أمِكَ (مزمور 139: 13)

وأخرجتكَ يوم ولدت (مزمور 71: 6) 

لست بعيداً وغاضباً، بل أنا الحب المطلق (يوحنا الأولى 4: 16)

ورغبتي أن أسكب محبتي عليك، فقط لأنكَ ابني، ولأنني أبوك (يوحنا الأولى 3: 1)

كل عطيةٍ صالحةٍ تنالها تأتي من يدي (يعقوب 1: 17)

خُطتي لمستقبلك مليئة بالرجاء (إرميا 29: 11)

والرب يبارك الجميع

إعداد الأب د. يوأنس لحظي جيد