الفاتيكان، الجمعة 2 أكتوبر 2009 (Zenit.org)
ننشر في ما يلي مداخلة المونسنيور دومينيك مامبرتي في مجلي الأمن
إن الكرسي الرسولي يدعم المبادرة التي اتخذها مجلس الأمن برئاسة الولايات المتحدة خلال هذا الشهر للدعوة إلى عقد قمة على مستوى رؤساء الدول والحكومات لمناقشة الحد من انتشار الأسلحة النووية ونزعها. إنها حدث مناسب ومهم نظراً إلى أنها تعقد بالتزامن مع المؤتمر حول تسهيل العمل بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي ما تزال تتطلب تسعة تصديقات. إضافة إلى ذلك، تفضي إلى مؤتمر استعراض معاهدة الحد من الانتشار النووي لسنة 2010، الذي يرمي إلى تعزيز التقيد الشامل بالمعاهدة والامتثال لها وتطبيقها. كذلك لا بد من اعتبار هذه القمة كاستجابة مناسبة وملموسة للدعوة العالمية لإعطاء زخم سياسي جديد وللانفتاح في مجال نزع السلاح النووي.
في البداية، لا بد من الاعتراف بأن مقاربة مجلس الأمن في مجال أسلحة الدمار الشامل بما فيها الجهود لتجنب انتشار هذه الأسلحة كانت على مستوى البلاد أو على مستوى قضية محددة. لقد عمل المجلس بحزم ضد البرامج النووية لبعض الدول وكان قوياً في رده الوقائي على تهديدات الجهات الفاعلة غير الحكومية. إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي إنجازات في صوغ خطط لوضع نظام لتنظيم التسلح (المادة 26)، بخاصة الأسلحة النووية وانتشارها، كعنصر أساسي للحفاظ على السلام والأمن الدوليين وخلق بيئة مناسبة لضمان التقدم البشري (المادة 11).
من خلال إقرار المشاركين الرفيعي المستوى في القمة، وتبعاً لاقتراح الأمين العام المؤلف من خمس نقاط والصادر في أكتوبر 2008، يتمتع مجلس الأمن بفرصة عظيمة أخرى ليكون ضامناً قوياً لأمن جميع الدول غير الحائزة على الأسلحة النووية بحيث لا تكون عرضة لاستخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها. كذلك يتم تشجيع المجلس على بدء المناقشات وإعطاء إرشادات ملموسة حول القضايا الأمنية في مجال نزع الأسلحة النووية وعملية الحد من انتشارها. لا بد من أن ينتهز المجلس هذه الفرصة ويصبح مؤيداً فعالاً في قضية بلوغ عالم خالٍ من الأسلحة النووية ويؤدي دوراً قيادياً في تعزيز الدعم الدولي للمعاهدات المتعددة الأطراف حول الحد من انتشار الأسلحة النووية والمساعي لنزعها. لذلك، يحث الكرسي الرسولي الدول المعنية على اتخاذ قرارات والتزامات واضحة وحازمة، والسعي لنزع السلاح النووي بشكل متقدم ومنظم.
إن الأسلحة النووية تنتهك الحياة على الكوكب، تنتهك الكوكب عينه وعملية تطور الكوكب المستمرة. بطبيعتها، لا تعتبر الأسلحة النووية مميتة فحسب وإنما مضللة تماماً. مع الأخذ بالاعتبار أن الردع النووي يعود إلى حقبة الحرب الباردة وأنه لم يعد مبرراً في أيامنا الحالية، يؤيد الكرسي الرسولي إعادة توجيه هذه العقائد العسكرية التي تستمر في الاعتماد على الأسلحة النووية كوسيلة أمن ودفاع أو حتى كمعيار قوة، والتي أظهرت أنها بين الأسباب الرئيسية التي تحول دون نزع فعلي للسلاح النووي والحد من انتشاره مما يضع كمال معاهدة حظر الانتشار النووي في دائرة الخطر. يشكل التخلي عن هذه العقائد تجميداً للتجارب النووية التي شهدناها مؤخراً؛ ومعالجة قضايا الأسلحة النووية الاستراتيجية، والتكتيكية ووسائل تسليمها. لذلك فإن بدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية يعتبر أولوية سامية يتطلب تحقيقها خطوات ملموسة نحو مصادقة تسع دول عليها. إن الحظر الشامل للمتفجرات سيمنع تطور الأسلحة النووية، مساهماً بتسهيل عملية نزع الأسلحة النووية والحد من انتشارها، والحؤول دون إلحاق المزيد من الأضرار بالبيئة. في هذا الصدد، من المهم وقف إنتاج المواد الانشطارية وتحويلها إلى أسلحة. لذا تقتضي المسؤولية بدء نفاذ معاهدة لوقف إنتاج المواد الانشطارية، وعدم تأجيلها.
لقد أدت حقبة الحرب الباردة إلى سباق التسلح النووي الذي فازت فيه الدولة التي تملك أكبر وأقوى ترسانة من الأسلحة النووية. يتطلب عالم اليوم قيادة شجاعة في إزالة هذه الترسانات بالكامل. وفي سبيل تحقيق ذلك، تحتاج الدول إلى الثقة والأمان. وتعتبر المناطق الخالية من الأسلحة النووية أفضل مثال للثقة والتأكيد على أن السلام والأمن ممكنان من دون الحيازة على أسلحة نووية. بالتالي يشجع الكرسي الرسولي الدول المصنعة للأسلحة النووية وتلك الحائزة عليها على المصادقة على كافة معاهدات المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، ويؤيد المساعي لتأسيس منطقة مماثلة في الشرق الأوسط.
كان الاحتفال بيوم السلام العالمي في 21 سبتمبر خاتمة لحملة الأمين العام "يجب أن ننزع السلاح معاً" (WMD) الهادفة إلى زيادة التوعية على مخاطر الأسلحة النووية وتبعاتها، والمشتقة لفظتها الأوائلية من أسلحة الدمار الشامل (WMD). إن الكرسي الرسولي يؤيد ويوصي بهذه الرسالة القوية التي يجب أن يتردد صداها في النقاشات القائمة حول نزع السلاح، فيؤدي إلى خلق بيئة مناسبة لضمان التقدم البشري (المادة 11). يرتبط نزع السلاح بالتنمية ويكمل أحدهما الآخر. لذلك من الممكن أن نضيف على حملة "يجب أن ننزع السلاح معاً"، "يجب أن ينمو العالم" نحو تطور ثقافة السلام وإنجاز أهداف التنمية من أجل خير كل فرد في العائلة البشرية ومن أجل عيش الأجيال المستقبلية في عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
ترجمة وكالة زينيت العالمية a