روما، الاثنين 01 مارس 2010 (Zenit.org) –
ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر يوم الأحد 28 فبراير قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، من نافذة مكتبه المطل على ساحة القديس بطرس.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
اختتمت البارحة الرياضة الروحية التي تجري عادة في الفاتيكان في بداية الصوم الكبير. لقد عشت مع معاوني في الكوريا الرومانية أيام تأمل وصلاة مكثفة، وتفكير في الدعوة الكهنوتية انسجاماً مع السنة التي تحتفل بها الكنيسة. أشكر جميع الأشخاص الذين كانوا أقرباء منا روحياً.
في هذا الأحد الثاني من زمن الصوم الكبير، تتمحور الليتورجيا حول واقعة التجلي التي تلي دعوة المعلم "إن أراد أحد أن يسير ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني" (لو 9، 23) في إنجيل لوقا. هذا الحدث الاستثنائي هو تشجيع على اتباع يسوع.
لا يتحدث لوقا عن تجلًّ بل يصف ما جرى من خلال عنصرين: وجه يسوع الذي يتغير وثيابه التي تصبح بيضاء لماعة بحضور موسى وإيليا اللذين يرمزان إلى الشريعة والأنبياء. أما التلاميذ الثلاثة الذين يشاهدون ما يحصل، فيغالبهم النوم: هذا هو موقف من يرى المعجزات السماوية ولا يفهمها. وحده التغلب على السبات هو الذي يسمح لبطرس ويعقوب ويوحنا بمشاهدة مجد يسوع. هنا تتسارع الوتيرة، ففيما يفارق موسى وإيليا المعلم، يتكلم بطرس، وبينما هو يتكلم، تخيم عليه سحابة مع التلميذين الآخرين؛ إنها سحابة تكشف مجد الرب عندما تغطيهم، كما حصل مع الشعب المسافر إلى الصحراء. أعينهم لا ترى لكن آذانهم تسمع صوتاً منطلقاً من السحابة يقول: "هذا هو ابني الذي اخترته. له اسمعوا!" (لو 9، 35).
لم يعد التلاميذ أمام وجه متجلًّ أو ثياب بيضاء أو سحابة تكشف الحضور الإلهي. أمام أعينهم، لا يوجد إلا "يسوع وحده" (لو 9، 36). يسوع هو وحده أمام أبيه فيما يصلي، لكن "يسوع وحده" هو في الوقت عينه كل ما يعطى للتلاميذ والكنيسة في كل الأزمنة. هذا ما يكفي للمسيرة. إنه الصوت الوحيد الذي يجب الإصغاء إليه، الشخص الوحيد الذي يجب اتباعه. هو الذي سيبذل حياته خلال صعوده إلى أورشليم و"سيحول جسدنا الوضيع إلى صورة مطابقة لجسده المجيد" (في 3، 21) في أحد الأيام.
"يا معلم، ما أحسن أن نبقى هنا" (لو 9، 33): هذه هي عبارة بطرس الافتتانية التي تشبه أحياناً رغبتنا أمام تعازي الرب. لكن التجلي يذكرنا بأن الأفراح التي ينثرها الله في الحياة ليست نقاط وصول، بل نوراً يمنحنا إياه في رحلتنا الأرضية لكي يكون "يسوع وحده" شريعتنا وتكون كلمته المعيار المرشد لوجودنا.
في زمن الصوم الكبير، أدعوكم جميعاً إلى المواظبة على التأمل بالإنجيل. وأرجو في هذه السنة الكهنوتية أن "يرتوي الرعاة من كلمة الله، ويعرفوها ويحبوها لدرجة أن تعطيهم الحياة وتغني أفكارهم (عظة قداس تبريك الزيوت، 9 أبريل 2009).
فلتساعدنا مريم العذراء على عيش أوقات لقائنا مع الرب لكي نتمكن من اتباعه يومياً بفرح. نوجه إليها أنظارنا ونبتهل إليها من خلال صلاة التبشير الملائكي.
ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)