روما، الأحد 30 مايو 2007 ((ZENIT.org –
لا يكفي أن يقول الطب “أنا أعالجكم”، بل عليه أن يقول خصوصاً: “أنا أعتني بكم”، بحسب جيوسيبي نويا، أستاذ طب التوليد والجراحة النسائية في جامعة قلب يسوع الأقدس الكاثوليكية في روما.
وقد جاءت مداخلة البرفسور نويا خلال حفل تقديم كتاب بعنوان: “طفل في المرحلة النهائية من المرض: قصة حبّ عظيمة في وجه الموت الرحيم قبل الولادة” (منشورات Nova Millennium Romae )، في السابع عشر من مايو في حرم كلية علم الأخلاق في جامعة سيدة الرسل الحبرية « Regina Apostolorum » في روما.
وفي حديث إلى وكالة زينت، شرح البرفسور كيف أن “تطور المفاهيم حول الرعاية الجينية قد أعادت إطلاق الطب الجيني بزخم في السنوات الثلاثين الأخيرة، وإن أصبحنا اليوم نتكلم أكثر فأكثر عن الجنين كما لو كان شخصاً بالغاً، لا يجوز أن نتكتّم عن حالات تشوهات جينية عديدة يتمّ معالجتها عبر اللجوء إلى الموت الرحيم قبل الولادة، أي عبر “التخطيط الفعلي” لقتل جنين يُعتَبر في المرحلة النهائية”.
وقد أشار برفسور التوليد والجراحة النسائية بأسف إلى “53 مليون حالة إجهاض طوعي تُمارَس سنوياً في العالم، وإلى مليار حالة من دون حماية تمّ القضاء على حياتها في حوالى ثلاثة عقود”. وأضاف شارحاً أن “ذلك يمثّل أكبر محرقة في تاريخ البشرية حيث يبدو وكأن الشعوب قد أُصيبت بفقدان الذاكرة، وغرقت في نوع من الكبت الجماعي من دون أن تعي ذلك”.
أما بالنسبة إلى إيطاليا، فقد لاحظ جيوسيبي نويا ارتفاعاً في عدد عمليات الإجهاض، خاصةً- وهنا تقع المفارقة- في المناطق حيث ذهنية الإجهاض غير شائعة ومترسخة فعلياً (بوليا، أمبريا وليغوريا).
ورأى البرفسور نويا أنه: “غالباً ما يتمّ التكتّم عن العلاقة بين الإجهاض الطوعي والحياة النفسية للمرأة لكي لا يُسلّط الضوء على التناقض القائم في ممارسة طبية تُستخدَم وفقاً لقانون يزعم أنه يرمي إلى حماية الحياة النفسية للمرأة في حين أنه يؤدي إلى تدهورها في الواقع”.
وفي هذا الصدد، يشير البرفسور إلى أن “الإضطرابات النفسية هي أكثر بثلاث مرات رواجاً عند النساء اللواتي اخترن طوعاً الإجهاض منه عند النساء اللواتي اخترن متابعة حملهنّ؛ كما أن خطر الإنهيارات العصبية، المتفرقة أو المتكررة، أكثر بمرّتين عند أولئك النسوة”.
وقد ذكر البرفسور نويا وهو أيضاً خبير في علاجات ما قبل الولادة حالات عديدة تشير إلى أن “النزعة إلى الإنتحار والإجهاض الطوعي مرتبطان بشكل وثيق”. وندّد بانتشار ما أسماه “متلازمة الجنين الكامل”، أي انتشار ثقافة واسعة الرواج تقوم على المبدأ القائل ب “إمكانية التخلص من الطفل في حال لم يكن كاملاً”.
ووفق هذه الثقافة، فإن ” الجنين الذي يعاني تشوّهاً هو خطأ، لا بل خطر على المجتمع، وبالتالي فإنه يصحّ التخلص منه إستناداً إلى مفهوم الإجهاض الإختياري الذي أضحى ممكناً بفضل تقنيات التشخيص”.
وأردف البرفسور قائلاً: “إن التشخيص قبل الولادة هذا يستند إلى مفهوم خاطىء للوقاية وهو التشخيص بهدف التخلص، في حين أن الغاية الأخلاقية منه هي التشخيص بهدف العلاج. فكما تلاحظون، إن المعرفة ذاتها، إنما من دون تمييز أخلاقي، قد تُستخدَم ضدّ الشخص البشري”.
وفي الإطار عينه، أسف البرفسور نويا للتجارب الثقافية والعلمية التي تضع في مرحلة نهائية الأجنة التي يتمّ التضحية بها في 86% من الحالات، نظراً لخداع مبدأ العلاج المرتبط بمشاكل العقم.
وتساءل: “هل تستحق مجموعة تقنيات تضحي بما يزيد عن نصف مليون طفل من أجل أن يولد 87347 طفلاً بأن تُسمّى “علاجات عقم”؟”. “ماذا نفكّر، سوى من باب التجارب الثقافية والعلمية، بهذه الأرقام التي تُظهر أنه ما بعد التشخيص في مرحلة ما قبل التخصيب، يتمّ تسجيل 279 ولادة فقط (أي 1.5%) من أصل 17544 جنيناً تمّ زرعهم) (بحسب إحصاءات مركز تشخيص الأجنة وراثياً Preimplantation Genetic Diagnosis Consortium للعام 2001) وأن تقنية تجميد الأجنة تفترض خسارة 91.6% من الأجنة المنقولة و95.7% من التي تمّ تجميدها؟”.
كذلك أدان جيوسيبي نويا “منحى الخمول الثقافي والعلمي الذي ينعكس على عالم ما قبل الولادة”.