بريجيتا الابنة و الزوجة :
ولدت بريجيتا في أوائل القرن الرابع عشر في قصر فينيسا بالقرب من مدينة أيسالا عاصمة بلاد السويد آو اسوج. وكانت آسرتها من أشراف تلك البلاد لأنها كانت سليلة ملوك السويد الأقدمين آلا آن الشرف الأكبر الذي كان يزين بيت الأمير بيرجر والأميرة انجيورجة والدي بريجيتا كان في فضائلهما العالية لان الفضيلة كانت ولاتزال اشرف حلية واكرم حسب ونسب وكان الأميران يتقريان آلي الأسرار الإلهية كل يوم جمعة ويحفظان وصية الصيام بكل دقة و عبادة وأنشا كثيرا من الكنائس و المدارس والأديار حتى عم فضلهما وفاح أريج الفضائل من حولهما فكافائهما الرب بأن منحهما أولاد عديدين وكلل حياتهما بابنتهما بريجيتا آلتي أضحت مجداً لهما و لبلادهما و لذريتهما من بعدهما.
فجاءت بريجيتا آخر اخوتها وكانت بركة ونعمة لأهلها ولبيتها ولما ولدت ظهرت البتول مريم لكاهن الرعية قديس من كهنة الجوار يدعى بندكتس وقالت له : لقد وضعت اليوم الأميرة انجيورجة ابنة سوف يذيع صيتها في الأرض كلها.
وعينت والدتها عناية كبرى بتربيتها فنشأت بريجيتا على التقوى وانطبعت عبادة يسوع المصلوب في قلبها منذ حداثتها فصارت تؤثر الصلاة أمام الصليب و تتفهم كل يوم اكثر فأكثر معاني الألام السامية.
وما كانت تبلغ الثالثة عشرة من عمرها حتى زفها أهلها آلي الأمير اولف فاقترنت به و ظهرت منذ أول عهدها سيدة كثيرة الرصانة كثيرة الانتباه لادارة بيتها شديدة العناية بزوجها حسنة الوفادة لذويه وأقربائه وأصحابه فأحبها الأمير اولف محبة كبرى وكان يبالغ في إكرامها و يعمل برأيها واشارتها فتسلطت على عقله وعلى قلبه وعلى محيطها كله وراقت لزوجها عادات تقوها فراح يشاطرها أعمالها الخيرية في إسعاف البائسين و بناء الكنائس و المعابد و ممارسة أنواع الأمانات آلتي تكبح جموح أهواء الجسد و تخضع امياله لرغائب الروح النقية الطاهرة
ورزقها الله أربعة صبيان أتربع بنات فكانوا إكليلها و موضوع سعادتها وألامها وأنها رغم عنايتها الشديدة بهم و بتهذيبهم بكت كثيرا على شذوذ بعضهم كما ذرفت دموعاً سخية على فقد اثنين منهم داعهما الله أليه في ربيع العمر إذ كان الواحد تلميذاً في المدرسة و الثاني راهباً صغيراً في دير الأباء السترسيان ألا إنها كانت صبوراً مستسلمة لاحكام الرب بكل خضوع و محبة وبكت ايضاً موت ابنتها انجيورجة وقد كانت خيرة بنتها و تعزية عذبة لقلبها.كانت قد وقفتها لله في أحد الأديار الراهبات وكانت انجيورجة قد حققت ما عقدته أمها عليها من الأمال. وكانت قد قدمت لله ايضاً ابنتها سيسيليا وأرسلتها آلي الدير لتعيش عيشة الراهبات البتولات . آلا آن هذه الابنة ما لبثت آن تركت الدير وتزوجت فتألمت برجيتا جدا من جراء ذلك فألهمها الله العزاء وقال لها “آنت وهبت لي ابنتك وآنا جعلتها حيثما أرادت مشيئتي ” مريداً آن يفهمها .ويفهمنا بذلك آن حكمته هي التي توزع الدعوات في الدنيا. وتعين لكل نفس طريقها في الحياة.
آما اعز أولادها عليها فكانت كاترينا ابنتها . لأنها بعد آن تزوجت حملت زوجها على آن يعيش معها عيشة الرهبان و الراهبات و تفرغت هي للصلاة و العبادة والأعمال الصالحة ثم رافقت والدتها في أسفارها وزياراتها التقوية . ثم صارت أول رئيسة لدير فادستينا الذي أنشأته والدتها . وماتت موت البارات سنة 1381 وأعلنت الكنيسة قداستها سنة 1476.
آثرها في حياة المملكة السويدية و الكنيسة الكاثوليكية
تزوج ماغنس ملك السويد بأميرة فرنسية تدعى بلانش ابنة الكونت دي نامور فدعا بريجتا لتكون رائدة لها و مشرفة على حياتها فتركت بريجيتا قصرها و عزلتها اللذيذة آسفة على ذلك النعيم البيتي وجاءت آلي البلاط وأخذت تسعى بنفوذها ووظيفتها وقوة شخصيتها لتجعل الرصانة والأخلاق الشريفة المسيحية شعار الأسرة الملكية لكن الملكة الشابة ما لبثت آن عافت عادات بريجيتا الشديدة و طرقها القشفية و نصائحها السديدة فشعرت بريجيتا بأن وجودها في البلاط أضحى عبئاً ثقيلاً فتركت بلاده السويد وراحت تسوح مع زوجها متنقلة من بلاد آلي بلاد في زيارة الأماكن المقدسة فمرت بفرنسا وايطاليا و اسبانيا و قضت في أحد الأديار سنة كاملة تمارس أنواع العبادات و الأماتات فأوحى الله اليها بإيحاءات عديدة وملأها من روحه ومن تعاليمه الإلهية.
ورقد زوجها بالرب فأوحى الله اليها بأن تعود آلي بلاط السويد فعادت وأخذت تصلح ما فسد من أخلاق وعادات الملك و تدافع عن المظلومين الضعفاء فاضطر الملك أن يخفف من عبء الضرائب عن عاتق الناس وان يحسن انتقاء وزرائه وان يعفي الفلاحين من ضريبة الأعشار ليسهل لهم زراعة أراضيهم فأخذ الملك بسطوتها و سداد رأيها فصار يسمع لها وصار لايأتي كبيرة و لا صغيرة ألا باشارتها.
ومراراً أوحى الله اليها بإرادته وأوامره لتبليغها الأحبار العظام الرومانيين . ولقد عمل الباباوات بإرشادها و نصائحها ولقد كان لها الفضل الكبير مع القديسة كاترينا السيانية معاصرتها في إرجاع البابوية من مدينة افينيون في فرنسا الى رومة عاصمة الكثلكة في ايطاليا.
وكانت تثور على الكهنة و الرهبان المتوانين في اتمام واجباتهم و تذكرهم آن حقوق الدائن هي قبل الإحسان آلي الفقير وان نقاوة الحياة يجب آن تكون عماد حياتهم ورسالتهم فلم يكن يفوتها آمر من أمور الكنيسة آلا تنبهت له وعملت على المساعدة في حسن إتمامه.
وانشأت ديراً للراهبات ووضعت له قانوناً آخذته من إيحاءاتها و منجاتها للفادي الإلهي وانتشرت الرهبانية آلتي أنشأتها ودعتها بأسم”رهبانية المخلص”وصار عدد الأديار التابعة لها أربعين ديراًُ.
سنوها الأخيرة
وقضت برجيتا أربع عشرة سنة في مدينة رومة تتعاطى أعمال البر و التقوى مع ابنتها كاترينا فكانت بركة ونعمة للكنيسة و لكل طبقات الشعب تخدم الفقراء و تساعد كل مشروع تقوى وكل عمل خيري.فأضحت أم الجميع بجلها الكبير و الصغير و يسترشد أمراء الكنيسة بآرائها :.
ثم أقلعت آلي فلسطين وزارت بصحبة ابنتها البلاد التي طاف فيها الفادي الإلهي واسمع صوته على هضابها و بطاحها وفي مدنها و قراها, وعلى بحيرتها و جبالها فكانت الرؤى تتوارد عليها ومنها تعرف كيف عاش السيد المسيح و تشاهد أعماله وأسراره بكل وضوح وجلاء .وقد جمعت ايحائتها في كتاب قال عنه الحبر الروماني بندكتس الرابع عشر انه يجدر بالمسيحيين آن يقبلوه بكل تقوى وعبادة.
وافتقدها الرب في آخر أيامها بمحن شديدة فكان الشيطان يهاجمها بأفكار الزهو و الكبرياء و الكسل و الخيلاء واسلمها الله الى تجارب القنوط حتى امتلأت نفسها حزناً وظلاماً لكنها كانت تجد قوتها في تناول جسد الرب و دمه بكل تقوى و ثبات حتى تغلبت على تلك المهجمات وماعتمت آن فاضت نفسها بالتعزيات الإلهية والانخطفات السماوية حتى أخر أيامها .
ورقدت بالرب في اليوم الثالث و العشرون من شهر تموزسنة 1373وكان لها من العمر إحدى وسبعون سنة وأعلنت الكنيسة قداستها على عهد البابا بونيفاسيوس التاسع سنة 1391 .
امين