القديسة برﭼـيت السويدية ، مؤسسة رهبنة البرﭼـتين

القديسة برﭼـيت السويدية ، مؤسسة رهبنة البرﭼـتين

إعداد – ناجى كامل

لقديسة برﭼـيت السويدية
St. Bridget of Sweden
أميرة نورسيا، مؤسسة رهبنة البرﭼـتين
(عيدها 23 يوليو)

إسمها “برﭼـيت” ومعناه “المُمَجَّدة أو السامية أو الرفيعة المقام”. وُلِدَت في 14 يونيو 1303م بمدينة “أوپـلاند” جنوب شرق السويد لأبٍ هو “بيرجير برسون” وهو فارس من عائلة أرستقراطية تُدعى “فنيستا” وهو حاكم مدينة “أوپـلاند” ويحمل صفة المرجع القانوني لعائلته. وأمٍ هي “إنجبورد” المرجعية القانونية لعائلتها النبيلة، عائلة “فلكونيا”.
من خلال عائلتها، كانت “برﭼـيت” وثيقة العلاقة بحكام وملوك المقاطعات السويدية (لم تكن السويد قد توحدت بعد ليصبح ملكها واحد).
في العاشرة من عمرها رأت ” برﭼـيت ” رؤية ليسوع على الصليب، وفشعرت بألم شديد وقالت له من فعل هذا فأجابها: “إنهم من يحتقرونني ويزدرون حُبّي لهم”.
منذ ذلك الوقت أصبحت آلام الرب الخلاصية هي محل تأملاتها ومحور حياتها الروحية.
تزوجت من “أولف جادمرسون” لورد إقليم “نوركي” السويدية، وأنجبت منه 8 أطفال، 4 بنات و4 بنين. عاش منهم 6 أبناء وكانت هذه حالة نادرة في تلك الفترة، إذ كان عدد الأطفال الموتى أكبر من الأحياء لأي أسرة. إحدى بناتها هي “القديسة كاترين السويدية، الراهبة البرﭼـيتية”.
إمتازت “برﭼـيت” بأعمالها الخيرية الكثيرة وزُهدها في المُتع الأرضية، واهتمت كثيراً بشئون الأرامل وكل من إمرأة تعول أطفال وهي بلا زوج.
في عام 1341م، قامت وزوجها بالحج الروحي ” pilgrimage” إلى “سان تياجو دي كومباستيلا بإسبانيا” متخذين التقشف والمشقّة كسبيل للصلاة والتأمل والتوبة.
في عام 1344م توفي زوجها، ومن بعده توجهت إلى التكريس الثالثي التابع لرهبنة الفرنسيسكان. وكرَّست حياتها تماماً للصلاة وخدمة الفقراء والمرضى، بعدها بوقت قصير بدأت تعدّ لتأسيس رهبنة تحمل اسم “رهبنة المُخَلِّص الأقدس”، والتي اشتهرت فيما بعد بإشتقت من اسمها “البرﭼـيتين”، والتي يقع مقرها الرئيس بمدينة “فادستينا” الذي تبرع بأرضه الملك “ماجنوس الرابع”.
وتمتاز بيوت الإبتداء في هذه الرهبنة بوجود مباني مستقلة لسكن الرهبان والراهبات، لكنها تقع في نفس محيط أسوار المقر الواحد. يعيشون حياة الفقر والطاعة والعفّة وينفقون على الفقراء من دخل الحِرف التي يشتغلون بها. ويكون وجه الإنفاق الأول على الرهبان والراهبات هو لشراء الكتب لهم.
ومنذ تأسيس “برﭼـيت” لرهبنتها حرصت على ممارسة سر المصالحة يومياً (الإعتراف)، كما امتازت دائماً بوجه بشوش لا تفارقه الإبتسامة.
عام 1350م كان عاماً يوبيلياً، وقتها شجّعت “برﭼـيت” الأوروبيين على عمل حج روحي جماعي إلى روما، طلباً لشفاء مرضى الطاعون الذي سرعان ما تحوَّل إلى وباء يضرب أوروبا كلها، وقد اصطحبت فيه إبنتها “كاترين” (القديسة كاترين السويدية فيما بعد) وبعض الكهنة والرهبان المبتدئين، كما كانت فرصة لإطلاع قداسة البابا على قانون الرهبنة والحصول على موافقة الكنيسة وإعتماد الرهبنة رسمياً. إلا أنه كان عليها الإنتظار حتى تزول محنة إختطاف الكرسي الرسولي من روما إلى “أﭬـينيون” بفرنسا، وعودة الحبر الروماني إلى مقره بروما وهو ما حدث عام 1370م على عهد البابا “أوربان الخامس” الذي أجاز الرهبنة بقانونها وأهدافها.
تعددت الرؤى الروحية في مراحل كثيرة من حياة ” برﭼـيت”، وسجلتها هي ومجموعة من الصلوات علمها إياها مخلِّصنا الصالح في كتاب أسمته “الإلهام السماوي”.
كما رأت قبيل رحيلها رؤية شاهدت فيها يسوع الطفل مُضجعاً على الأرض يُشعّ نوراً، وتركع إلى جواره أمه مريم في هيئة سيدة شقراء، وتضم يديها مُصلّيةً له، وإلى جانبهما القديس يوسف راكعاً أيضاً يصلّي، وقد ألهمت هذه الرؤية الكثير من الفنانين الذين رسموا لوحات تعبر عن ميلاد السيد المسيح.
حرصت “برﭼـيت” رغم تخطيها الستين من عمرها على أداء الحج الروحي وإذكاء روح الخشوع والتصوُّف بين الناس، وتبشِّر بالإصلاح الكنسي من خلال دعوات مليئة بالشوق لله تقطع كل رباطات الأرض من شهوات جسدية وحُبّ للمال والسُلطة، والتحزُّب والكبرياء والإنشقاقات. وقد اشتهرت في كل بلد أقامت حج روحياً لها، حتى في القدس التي أدت لها حجّاً روحياً قبيل وفاتها، وفي طريق عودتها للسويد رقدت في الرب أثناء مرورها بروما في 23 يوليو 1373م بعمر السبعين.
لم تكن سنواتها الأخيرة سعيدة في روما نها تألمت كثيراً للإنشقاقات التي يحاول المتكبرون زرعها في الكنيسة، والتزرُّع بالإصلاح عن طريق المُخاصمات والإنفصالات، تألمت كثيراً لحال كنيستها لكنها لم تفقد الإيمان في ان رب الكنيسة الجريحة سيعالج كل جروحها، وأن صوت الروح القدس يعمل في كثيرين.
دُفِنَت القديسة “برﭼـيت ” بكاتدرائية “سان لوينزو” في پانيسبيرنا بروما، ثم نُقِلت رفاتها بإكرام فيما بعد إلى السويد.
تم إعلان قداستها عن يد البابا “بونيفاس التاسع” عام 1391م.
تُرسم القديسة ” برﭼـيت” وعلى رأسها صليب يحيط برأسها هو رمز رهبنتها حتى الآن، وأمامها عصى وقبعة وحقيبة كرمز لرحلات الحج الروحي العديدة التي أدتها، وبيدها كتاب وريشة تخطّ بها قانون رهبنتها. وخلفها ملاك يحرسها.
شهادة حياتها وبركة شفاعتها فلتكن معنا. آمين.