تأملات روحية وصلوات فى فترة الصوم الكبير

تأملات روحية وصلوات فى فترة الصوم الكبير

كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك

لوس أنجلوس-كاليفورنيا

جمعية جنود مريم -فرقة سلطانة الملائكة

من 6 مارس حتى 21 أبريل 2019

في كل عام، بمناسبة زمن الصوم[1]، وهو 40 يوما والتي تمثل الوقت الذي قضاه يسوع في البريّة وجرّب من الشرير (متى1:4-2 و مرقس 12:1-13 و لوقا1:4-2)، و إذ تذكرنا الكنيسة بذاك الحدث وتدعونا الى إعادة نظر صادقة بحياتنا على ضوء تعاليم الإنجيل لإستقبال الفصح.

من اجل بنيان بعضنا البعض وتعميق الوحدة فى المسيح يسوع، يرجى تنفيذ البرنامج التالي حسب ما يلى:

  1. قراءة وتأمل وتلاوة الصلوات المرفقة حسب اليوم[2]
  2. صلاة عائلية امام صورة مثلث الرحمات الأنبا أغناطيوس يعقوب يوم 12 مارس في ذكرى الرحيل
  3. الساعة المقدسة يوم السبت23  مارس 2019

                     الساعة12 ظهراً (غرب امريكا) ويرجى مراعاة التوقيت

  • تتلى صلوات من الأجبية او الصلوات الواردة مع صلوات شخصية 
  • التأمل في سفر اشعيا النبي الإصحاح 53
  • ممارسة وتأمل في مراحل درب الصليب إما يوميا او في يوم الجمعة طوال الصوم

40 يوما تحت أقدام الصليب

وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ“(يوحنا25:19).

ما الذي يا تُرى تبادر الي ذهن وقلب أمنا القديسة مريم العذراء وهي واقفة بكل أمانة تحت صليب ابنها وهو في لحظات عذابه وآلامه الأخيرة؟ انها كأم محبة فكرت في كل لحظة قد مرّت في حياتها الثمينة وفي كل خبرة عاشتها مع ابنها الحبيب. فكرّت وتذكرت الحبل به وولادته في مغارة وتقدمته في الهيكل وخدمته العلنية وآلامه وموته على خشبة الصليب.

أنت مدعو في فترة هذا الصوم المبارك ومن خلال التأملات اليومية والصلوات في التفكير فيما كانت تفكر فيه أمنا القديسة مريم العذراء والتي تحملت تلك المعاناة الشديدة التي لحقت بإبنها وبها، فلقد واجهت صليب إبنها بإيمان عميق وكامل وبحب وتفاني لا يمكن وصفه من خلال حياته ومسيرته حتى وقوفها في تلك الساعات الثلاث الأخيرة والتي  لم تغّير من إخلاصها او تهز إيمانها.

لقد كتب القديس بولس في رسالته لأهل غلاطية قائلا:” وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ”(غلاطية14:6)، فلقد تحقق وأيقن وآمن من ان صليب المسيح يجب ان يكون هو الأول والمركز في حياة كل إنسان مسيحي. ربما من وجهة النظر الأرضية قد لا يعني الصليب أي شيئ فما هو إلا قيمة للمعاناة والموت. فما هي قيمة المعاناة القاسية لإبن الله؟ كيف يمكن لهذا الحدث المخيف والمرعب ان يُنظر اليه كشيئ عظيم ويصبح وحده علامة مميزة؟ تلك الأسئلة وغيرها تبدو صعبة من وجهة النظر الأرضية والإجابة عليها أيضا صعب فهمها. ولكن إذا ما نظرنا اليها من منظور سماوي بالنعمة والحق، فتكون الإجابة انه في الصليب كل الأشياء الصالحة موجودة، فسر الصليب هو فيمن صُلب عليه فالصليب هو عرش لكل النعم والرحمة ومنه وجدت الحياة الجديدة والتي انسكبت منه فلا يوجد مصدر آخر لقوة الله في تغيير انساننا العتيق إلاّ في الصليب والمصلوب. يمكننا ان نرى ان الموت يُصبح مصدر للحياة والمعاناة تصبح منبع للشفاء، والحبال والأربطة والمسامير تصبح مصدر للحرية. ان الله فقط في حكمته الأزلية الكاملة وقوته قادر ان يحّول مثل ذلك ما نراه شرا ومعاناة الى نعمة نقية وقوية فليس هناك أي عقل بشري يمكنه ان يتصور ان خلاص البشرية يمكنه ان يبدأ بالموت على الصليب.

ان تأملات تلك الأربعون يوما عند اقدام الصليب والتي كتبت كتأملات يومية حتى يمكن للمؤمن أن يصلي بعمق متأملاً في سر الصليب، فأنت مدعو أن تقف عند الصليب وتلقي نظرة قريبة للمصلوب وتتأمل في عمق سر الصليب والموت ثم القيامة العجيبة، وإذا ما فعلت ذلك بإيمان وثقة ورجاء فتأكد ان يسوع لديه الكثير ليعلّمك بشهادته ويكشف لك شخصيا عن سر الألم والمعاناة في معركة الحياة هذه. أنت مدعو ان تدخل في عمق عمل الحب المضّحي وتوحد نفسك أكثر به وبقوة وبصدق. ان هذه التأملات هي مقدمة من وجهة نظر أعظم رسول كان بالقرب من يسوع في حياته الأرضية ألا وهي القديسة مريم أمه، فهي واجهت سيف الألم ذاك الذي انغرس في قلبها كنبؤة سمعان الشيخ :” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا35:2)، وتقبلت كل هذا بكل حب وإيمان وإستسلام لإرادة الله.

ان الكتب المقدسة لم تكشف كثيرا عن ما كان يدور في عقل وقلب القديسة مريم خلال تلك الساعات الثلاث، ولكن تلك الكتب كشفت لنا الكثير عما كان ما بين الإبن وأمه. حيث ان الصليب كان تتويجا لحياة كلا من الأم والإبن فالتأمل في تلك الساعات الأخيرة عند الصليب وما حملته من خبرات وتجارب طوال الحياة الأرضية لكليهما سيصبح له قيمة روحية لنا جميعا. انه من المُلهم لنا ان نوحد كل ما قيل وكتب وحدث وتم في حياة الأم وابنها حتى وصولهما الي تلك الساعات الأخيرة في حياة الإبن الإلهي ونتأمل فيه بعمق وبصلوات. حاول ان تضع نفسك عند أقدام الصليب لتحيا مع القديسة مريم تلك اللحظات الرهيبة وقدم صلواتك وصلبانك وتجاربك ومعاناتك وضعها عند اقدام يسوع المصلوب وادخل الي عمق سر الصليب حتى تتحقق من ان الصليب هو سر افتخارك كمسيحي كما كان للقديس بولس.    

صلاة: يا يسوع، هـأنذا مستعد لأرافقك مع مريم على درب الصليب وقلبي مفعم بالحب الذي أظهرَته أمّنا لما تبعتك الى الجلجلة. أريد أن أحمل صليبي كما حملت انت صليبك. علّمني أن أحذو حذوك فأساعد الآخرين على حمل صليبهم، وأن أنهض إذا ما سقطتُ واقعاً.

هـأنذا يا مريم ذاهب الآن معكِ لأتبع يسوع على درب صليبه، حاملاً صليبي وصليب عائلتي، حاملاً صليب الكنيسة وصليب العالم. أريد أن أحمل على كتفيّ كل صليب، لأساعد البشر كلّهم. إنني لا أريد أن أتركك تبكين وحدك يا أمي المتألمة، بل أقصد أن أرافقك بدموعي. فأنا أطلب منك اليوم هذه النعمة وهي أن تستمدي لي أن أحفظ على الدوام ذكر آلام سيدنا يسوع المسيح في عقلي وقلبي.

فأنا أرجو من هذه الآلام العتيدة أن تمنحني، في ساعة موتي، طمأنينة وقوة لكي لا

أقطع رجائي عند ساعة تأملي بكثرة الإهانة التي أغظتُ بها سيدي، وتهبني غفران خطاياي ونعمة الثبات في البر والحياة الأبدية التي أرجو أن أبلغ إليها. وهناك أفرح معك وأسبِّح مراحم  إلهي الغير المتناهية. آمين.

أواه يا أمي المباركة! إنه ليس سهم واحد فقط إذاً، بل سهام كثيرة بعدد كثرة خطاياي قد أضيفت إلى قلبك على سبعة سهام أحزانك الأصلية. فليس لك أيتها السيدة البارة البريئة من كل ذنب، بل لي أنا الأثيم تحق الآلام والعذابات الواجبة لكثرة ذنوبي ومآثمي. ولكن من حيث أنك أردت اختيارياً أن تحتملي هذا المقدار من التألم لأجلي. فاستمدي لي باستحقاقاتك توجعاً شديداً على خطاياي، وصبراً جميلاً به أحتمل شدائد هذه الحياة ومصائبها، التي هي دائماً أخف جداً مما كنت أستحق أنا الذي، مرات عديدة، قد استأهلت الهلاك في جهنم إلى أبد الآبدين. آمين. لا تخجلي يا سيدتي من أنك تقبليني بالقرب منك لأبكي معك، لأن الصواب يقضي أن أبكي أكثر منك، لأني أغظت إلهي مرات عديدة. فيا أم الرحمة، أنا أرجو غفران خطاياي أولاً باستحقاقات موت مخلصي يسوع المسيح، وبعد ذلك باستحقاقات أحزانك التي تكبدتها حين آلامه. ومعاً أرجو نوال خلاصي الأبدي في السماء. آمين. يا مرآة الطهارة، سيدتي. أنا الخاطئ التعيس، قد أهنتُ إلهي وأغظتك بإتلافي لموهبة العفة. فلا يوجد دواء آخر سوى أن أقدم ذاتي أسيراً لك. فها أنا اليوم أكرس نفسي عبداً لك، فاقبلي هذا العاصي المتمرد ولا تعرضي عنه. آمين. افتحي لنا باب التحنن، يا والدة الإله المباركة، لأننا بإتكالنا عليكِ لا نخيب. وبكِ نخلص من المحن والشدائد، لأنك خلاص الجنس البشري. فكوني يا أم الجودة، ملجأنا في احتياجاتنا، وتعزيتنا في أتعابنا، وشفيعتنا عند ابنك الممجد. اليوم وفي كل أيام حياتنا، لا سيما عند ساعة موتنا، إلى الأبد. آمين.

+ صلي لأجلنا أيتها البتول الكلية الأوجاع.

+ لكي نستحق مواعيد المسيح.

اليوم الأول- الأربعاء 6 مارس [3]  Ash Wednesday –”حب الأم”

تأمل: “وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ”(يوحنا25:19).

يُعد هذا المنظر من المناظر الأكثر انتشاراً في الرسوم المقدسة عبر القرون، فهو منظر لأم يسوع واقفة تحت الصليب مع امراءتان أخريات والقديس يوحنا الحبيب معهن. وهذا المنظر أيضا لا يمثل فقط صورة لخلاص العالم بل انه يعبّر أكثر عن ان ابن الله يقّدم حياته لأجلنا نحن البشر فهو يمثل اعظم صورة حب مضّحي عُرفت للعالم. تُرى ماذا تعبّر هذه الصورة أكثر من هذا؟ انها تعبّر عن ام بشرية تقف بجانب ابنها الحبيب وهو يموت  وبطريقة بشعة تحت الآلام والعذابات. نعم، مريم هي أم الله، ويسوع هو ابن الله الوحيد، وهي البريئة من الدنس وهو الأقنوم الثاني للثالوث الأقدس ولكن هو أيضا ابنها وهي أمه. ولهذا فذلك المنظر يمثل خاصة صورة عائلية بين ام مع وحيدها. حاول ان تتخيل تلك المشاعر الإنسانية والخبرات لكلا من الأم والإبن في تلك اللحظات وتخيّل الألم والمعاناة في قلب الأم وهي واقفة ترى آلام وعذاب وصرخة ابنها وحيدها الذي عاشت حياتها كلها من أجله، فهو ليس فقط مخلص العالم بل هو جسدها ودمها وكل كيانها.

تدريب: اليوم، وبالنظر والتأمل في ذلك المنظر وللرابطة البشرية التي ما بين الأم وابنها، ثم ابتعد قليلا ولو للحظات عن كون الإبن هو الكلمة المتجسدة وعن طبيعة الأم الطاهرة بل انظر فقط لتلك الرابطة البشرية التي تربطهما، فهي امه وهو ابنها. تأمل تلك الرابطة اليوم وحاول ان تدخلها الي أعماق قلبك حتى تبدأ ان تشعر بذاك الحب الذي كان بينهما. هل املك ولو جزء بسيط من ذاك الحب؟ هل آلام يسوع مسّت قلبي الحجري؟

صلاة: يا الله العظيم الأبدي ها انني ابدأ رحلة الصوم المقدسة فساعدني بنعمتك ان يكون صومي وصدقتي وصلاتي اعترافا مني بملكك على قلبي فأنال منك بشكر كل البركات التي تساعدني في مسيرتي الي فصحك المقدس، آمين.

وانت يا أمي الحبيبة لقد وقفت تحت صليب ابنك وتدعوني الآن الي سر ذلك الحب حبك ليسوع ودعوتيني ان اقف معكِ وها أنا قد قبلت تلك الدعوة المقدسة لأرى واتعمق في سر حبك العجيب، فساعديني يا أماه ان أرى واحيا واطبع حبك ليسوع هذا في قلبي حتى القاكما في السماء. آمين. ابانا والسلام والمجد

قراءة وتأمل: يوئيل12:2-18 و2كورنثوس20:5-21 و1:6-2 ومتى1:6-6 و16-18   

اليوم الثاني-الخميس 7 مارس الخميس بعد أربعاء الرماد – “قوة القلب الطاهر””

تأمل: “ وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ”(يوحنا25:19)  

اليوم مرة أخرى ننظر الي المنظرالأكثر قداسة لأم يسوع وهي واقفة عند أقدام الصليب ولاحظ ان انجيل القديس يوحنا قد ذكر انها كانت “واقفة” . انه لاشك فيه ان مشاعر الأم البشرية كانت قاسية ومؤلمة وقلبها ممزق ومطعون وهي بجانب ابنها المحبوب وهو معلّق على الصليب، ولكن مع هذا وهي بالقرب منه كانت “واقفة”. ان الحقيقة في كونها كانت “واقفة” يلفت النظر. ومهما تكون من وصف لتلك الحالة كما وصفها انجيل يوحنا في نظر البعض بسيطة ويمكن ان يمر عليها بدون أي تعليق، ولكن ذلك الوقوف يعكس قوة إيمانها وسط الآلام الشخصية. لا يوجد شيئ اكثر تحطيما لقلبها وهي تشهد عذاب وحيدها الذي تحبه بكل كيانها ولكنها وقفت بكل قوة وإيمان دون أن ينهار جسمها وسط قسوة الألم وذلك لتتم محبة الأم لإبنها حتى النهاية. ان قوة أمنا القديسة مريم وهي واقفة عند أقدام الصليب تأتي جذوره من قلبها الطاهر. قلب مريم الطاهر في الحب كان كامل القوة وكامل الإيمان ولا يتغير وممتلئ بالرجاء وسط مشاغل العالم. من المنظور الأرضي يمكن ان نرى ان أعظم المآسي المحتملة هو ان فقد الإبن ولكن من منظور سماوي فهي مدعوة في نفس اللحظة لإثبات حبها النقي من قلبها الطاهر. فقط القلب المُحبّ  بصورة كاملة يمكنه ان يكون قويا وبه الرجاء، فالرجاء الحي في قلبها خاصة هو الذي يلهمها لذلك المجد العتيد. كيف يمكن لشحص ان يكون له رجاء وقوة لمواجهة مثل ذاك الألم؟ انه يوجد طريق واحد فقط ألا وهو طريق الحب، فالحب النقي والمقدس في القلب الطاهر لأمنا القديسة مريم كان كاملاً وتاماً.  

تدريب: اليوم وبمعونة قلب امنا القديسة الطاهرة مريم تأمل في الحب ذاك الذي كان لها لإبنها واسمح لنفسك ان تشكر الله لهذا القلب الطاهر والحب الكامل. عندما تجد ألم ما في حياتك ويكون من الصعب عليك إحتماله تذكر الحب الذي كان في قلب مريم وصلّي لقلبها الطاهر طالبا منها ان تعينك وتقوي قلبك فتكون قوة قلبها ملهماً لك وقوتها تصبح قوتك فيصبح الصليب ذو ثِقل خفيف لأنه محمول معك بقلب يسوع وامه القديسة مريم.  يمكنك أيضا حضور القداس يوميا او التأمل بعمق في انجيل اليوم.

صلاة: ايتها الأم الحبيبة مريم هيبيني من قوة وطهارة قلبك ان اتأمل صليب ابنك وان أقبل في حب متاعب ومصاعب الحياة لأنها طريقي لحياتك الجديدة. آمين. ابانا والسلام والمجد. قراءة وتأمل:  تثنية15:30-20 و لوقا22:9-25          

االيوم الثالث- الجمعة 8 مارس – الجمعة بعد أربعاء الرماد ” أفكار والدة الله”

تأمل: وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ”(يوحنا25:19)

معظم الناس عندما يختبرون مثل ذلك الإضطهاد يواههم أفكار مرتبكة وغضب واحيانا إنكار لما يحدث، ومثل تلك المواجهات صعبة للغاية على الفهم وينتابهم عدم فهم وفِكر مشوش الذي يزداد بين الحين والآخر. ولكن ترى مالذي دار في فِكر أمنا القديسة مريم؟ ان أمنا مريم ، ليس فقط لديها قلب طاهر بل أيضا لها عقل وفِكر مستنير بالإيمان القوي، وفي إيمانها ربما لم يكن لديها المعرفة والفهم الكامل كما هي الآن وهي في السماء لكن إيمانها كان على دراية وعِلم بأن مثل تلك الآلام مسموح بها بمشيئة إلهية سماوية. وفكرها لابد انه ادرك عمق الحقيقة بأن إبنها يتمم رسالته السماوية وعرفت بأن مثل تلك المآساة ليست بشيئ على الإطلاق بل انها أعظم عمل للحب قد عُرف في تاريخ البشرية. ان إيمان مريم يمكن ان يختلط بذاك الألم الذي شعرت به في تلك اللحظة ولكن ايمانها هو في الحقيقة مصدر الثقة العظيمة اذا ما ساورها أي قلق تجاه ما يحدث. ايمان مريم قد حوّل كل التجارب الي شيئ واضح دون لوم او إدانة وانتصرت على تجاربها كإنسانة بإيمانها وكشف لها حقيقة سر عجيب عن محبة الله للبشرية. ان المعاناة في حياتنا تتركنا غير متأكدين ومزعزعين وقد تقودنا ان نترك ايماننا ونشك في مشيئة الله الكاملة، لذا يجب ان نتعلم من شهادة امنا القديسة مريم ان سمحت لإيمانها و للحقيقة ان تقود فكرها وهي تواجه آلام ابنها. الحقيقة فقط وحدها يمكن ان تحررنا لكي نفهم ونتسلط على كل تجربة شك في حكمة الله في ان الله هو الأول والأخر والبداية والنهاية وهو كل شيئ ولا يمكنه ان يسمح بشيئ لا يمكننا احتماله.     

تدريب: اليوم، وعلى مثال إيمان امنا القديسة نريم المباركة ومدى حكمتها في معرفة مشيئة الله ومن انه هو الذي خلق كل شيئ سأصوم اليوم وأدخر ما كنت سأنفقه واعطي ثمنه للمحتاج.

صلاة: . يا امنا المحبوبة مريم العذراء، هناك الكثير من التجارب تعرضت لها في حياتي وخاصة تجربة الشك في طرق الله من صلباني وممن احبهم تركوني في حيرة وارتباك. صلّي من أجلي حتى يقوي الرب ايماني وانا في معركة الحياة هذه ووسط عالم المعاناة والألم حتى لا افقد حكمة الله الساكنة فيّ. آمين.    

قراءة وتأمل: اشعيا1:58-9 و متى14:9-15 ابانا والسلام والمجد

اليوم الرابع-السبت 9 مارس- السبت بعد أربعاء الرماد “الصداقة الروحية”

تأمل: وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ”(يوحنا25:19)

من عظمة الله وقدرته وحكمته اننا نرى امنا مريم العذراء لم تكن وحيدة عند أقدام الصليب فكان سصحبها امرآتان وأيضا القديس يوحنا الحبيب، وكانوا جميعا واقفين تحت ذبيحة يسوع وهو على الصليب. ان قوة مريم العذراء والتي لا توصف والتي كانت واقفة في إيمان كامل وتسليم مطلق وهي تراقب ذبيحة ابنها المقدسة على الصليب لأبيه السماوي. ومن عظمة وحكمة الله ان ام يسوع لم تكن وحدها واقفة لتشهد هذا الحدث فلقد أعطاها الله مرافقين روحانيون ليسيروا معها في رحلة الآلام تلك. وبطرق عديدة كانت امنا مريم العذراء عمودا من القوة لمرافقيها اكثر من كونهم لها. ويمكننا ان نتأكد ان القديسة مريم قد سمحت بمصاحبة القديس يوحنا والمرآتان لها ليجلبوا الراحة والقوة لقلبها. انها ليست مشيئة الله ان نواجه الصعوبة في حياتنا لوحدنا حتى ولو كنا أقوياء وطاهرين كما كانت امنا مريم العذراء ويمكننا ان نتأكد أيضا ان الله يريدنا ان نواجه التحديات في الحياة مع مساعدة ومساندة من الآخرين. ان الحياة البشرية مكونة من اتصال وعلاقة مع الآخر ومجابهة للكثير من التحديات اليومية ولذلك يجب ان نسمح لهذا المنظر المقدس عند اقدام الصليب ان يذكرنا بالصداقة الروحية ومساندتهم لنا في شتى المجالات. ان هذا يلزمنا يوميا ان نطلب ان نحتضن تلك الصداقات الروحية التي يعطيها لنا الله ونفتح قلوبنا لتلك التي يرسلها الله في طريقنا أثناء حياتنا لمساندتنا وتقوية إيماننا.

تدريب: اليوم، وبناء على شيئان، أولهما ينعكس على الشكر للأشخاص المحيطين بنا في حياتنا والذين يكونون مصدر القوة والتأييد والتشجيع في أوقات الحاجة ولا يوجد اشخاص أخر سوى يسوع ومريم امه لكونهما سنداً قويا. واذا ما نظرنا حولنا سنجد العديد ممن استخدمهم الله لتقويتنا وتغضيدنا بطرق مختلفة. وثانيا تأمل أيضا لتصل لمن هم الي صداقتك الروحية والذين وضعهم الله في حياتك لتصل اليهم وتعضدهم، فقف معهم عند أقدام صلبانهم اليومية ومعا تنظرون الي الرب نفسه ويكون ذلك كله تعضيد ومسندة وتشجيع لكليكما.

صلاة:.  ايتها الأم الحبيبة مريم، كما انت واقفة تحت الصليب ومصاحبة للقديس يوحنا والمرآتان القديستان والتى سمحت لهم ليكونوا مصدرا للتعزية والمساندة لكِ ودعوتيهم لأحزان قلبك هم الذين يشاركونك حبهم ليسوع مما يجلب لكِ الفرح والقوة. اسمحي يا أماه ان تجذبيني نحو قلبك وان اكون مشاركا لكِ في احزانك وانا على ثقة انه بقربي لقلبك الطاهر سيكون هذا مصدراً لعزائي في معاناتي وآلامي. آمين.

قراءة وتأمل: اش9:58-14 ولوقا27:5-32  ابانا والسلام والمجد 

اليوم الخامس-الأحد 10 مارس- الأحد الأول من الزمن الأربعيني ” تسليم كامل”

تأمل:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»” (لوقا38:1) و” «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ»“(لوقا42:22).

ان امنا القديسة مريم دائما تقول “نعم” وهذه “النعم” هي عربون حبها الكامل. في البشارة كشف لها رئيس الملائكة جبرائيل بداية حياة مخلص العالم  وكشف أيضا لها من انها ستكون امه وهو سيكون وليدها وتساءلت مريم بقلب مفتوح وأتت لها الإجابة من حلول الروح القدس فسلّمت بدون تحفظ حياتها.  ان حب امنا القديسة مريم الي الله انعكس طوال حياتها منذ مواجهتها بالسر العظيم للتجسد فاستسلمت بإرادة حرّة وموافقة كاملة لمشيئة الله، ولذلك اصبح الله واحدا منا وتجسّد في احشاءها الطاهرة. في بستان جثسيماني وقبل ساعات قليلة من الصلب جثا يسوع على ركبتيه وصرخ قائلا”يا أبتاه «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». هذه الصلاة هي صلاة التسليم الكامل لمشيئة الله الآب في السماء ولكن هي أيضا كانت لها بعد آخر فصلاته تلك قد وحدته اكثر واكثر بأمه القديسة مريم التي سلّمت من قبل حياتها لمشيئة الله. فكما قالت مريم “نعم” لمشيئة الله ، هكذا قال ابنها في تلك الليلة التي أُسلم فيها. وعندما وقفت امنا مريم عند أقدام الصليب فهي قد وحّدت نفسها وجسدها مع ابنها واستسلمت هي أيضا لمشيئة الله الآب.

تدريب: سأحاول التعامل مع هذه التجربة (…..) بمعونة روح المسيح واقدم نفسي وجسدي في استسلام تام لمشيئة الله القدوسة.

صلاة:ايتها الأم الحبيبة كما وقفتِ عند أقدام الصليب متذكرة كلمتك “نعم” لمشيئة الله الآب وأصبحت على الفور مدركة ان تلك “النعم” تعني التضحية الكاملة والتسليم المطلق والموت عن العالم وانها تعني ايضا ايمانك بمشيئة الله ومن ان مشيئته المقدسة هي تفوق كل الخيرات الأرضية، وأيضا تعني انك قد اخترتِ ان تثقي في عمق بنعم السماء التي تفوق كل المستحيلات، فإجذبيني نحوكِ يا أماه وساعديني ان أقول تلك الكلمات معكِ وانا اواجه الأسرار الإلهية والصعوبات والمعاناة في حياتي واعطيني ان استسلم بآمانة لمشية الله قائلا” لتكن مشيئتك”. آمين.

قراءة وتأمل: تك8:9-15 و1بطرس18:3-22 ومرقس12:1-15   ابانا والسلام والمجد 

اليوم السادس-الأثنين 11 مارس- الأثنين من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني-“ارتكاض الفرح”

تأمل:” فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا41:1-45).  

عندما كانت القديسة مريم العذراء واقفة عند أقدام صليب ابنها يسوع، كان لديها ثلاث ساعات لتتذكر كل لحظات زخبرات حياتها مع ابنه اثناء حياته على الأرض. ربما عادت بداذكرتها الي الوراء عندما شهد القديس يوحنا المعمدان وهو مازال في رحم والدته القديسة اليصابات، فلقد ابتهج  بوجود مخلص العالم. على الرغم من ان يوحنا لم يكن قادرا على استيعال وفهم هذلا السر بكامله ولكنه فهمه واحس به بروحه “فارتكض” فرحا وهو في الرحم وبالطبع لم يكن ذاك الإرتكاض من ذاته بل بفعل الروح القدس فلقد حصل على تلك الهِبة ،هبة الفرح- والتي هي ثمرة من ثمر الروح القدس فتجاوب معها. لقد شعرت القديسة اليصابات بهذا الفرح وعبّرت عنه لأم الله ولنا جميعا. ان ذاك الفرح الذي اختبرته القديسة مريم وهي في بيت اليصابات قد افاض عليها بالتعزية والسلام وهي الآن واقفة عند صليب ابنها. لم تتساءل مريم كيف ان الله الآب يترك ابنها وهو على الصليب وكيف يكون ذلك؟ وكيف ان الله الأب وللروح القدس يتواريان في تلك اللحظة؟! لكن كان ايمانه القوي برسالة ابنها وقلبها وروحها ممتلئان من عطية الروح القدس من فرح وسلام وطول اناة وصبروتسليم وها هو الآن الروح القدس يلهمها بالفرح بدرجة قوية رغما من ان ابنها معلّق على الصليب. كلما نظرت الي ابنها تمتلئء بالفرح اكثر واكثر فهو الهها وهو أيضا ابنها وجسدها ودمها فما اعظم ذلك الفرح وتلك البركة.   

تدريب: اليوم، وأمام الحقيقة من الله حاضر دائما مهما كانت الظروف التي قد تمر بها في حياتك فحضور الرب دائم وحضورة يجلب الفرح وذلك الفرح يظلل أي شيئ وكل شيئ قد نواججه في الحياة، فدع فرح حضور الله يدخل الي قلبك في هذا اليوم وانظر الى امنا القديسة مريم وقدم فعل شكر خاص الي الله لحبه وعنايته بي وللبشر.

صلاة:ايتها الأم الحبيبة ان قلبك  قد ارتكض من الفرح، ذلك الفرح الناتج من حقيقة مقدسة وبسيطة من انه مهما حدث لإبنك فهو مازال هو الله وانه لا يزال ابنكِ وان حضوره يلهمك بالرجاء والفرح ولا شيئ يمكنه ان ينزع فرحك هذا ، فصلّي من اجلي كي ابقي عيوني يقظة للحضور الإلهي لأبنكِ مهما كانت الأحداث في حياتي واجعلي ذلك الحضور هو مصدر الفرح الذي يعينيني لكي افرح دائما في كل الأحوال. آمين.

قراءة وتأمل:احبار1:19-2 و11-18 و متى31:25-46   ابانا والسلام والمجد 

اليوم السابع- الثلاثاء 12 مارس- الثلاثاء من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني “آمة متواضعة للرب” – (ذكرى الرحيل)

تأمل:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي”(لوقا46:1-48).

كما ان امنا القديسة مريم وقفت تحت صليب ابنها، فهل كل الأجيال سيطوبون تلك اللحظة المباركة؟ هل ياترى هي قد طوبت كما انشدت في انشودة التعظيم لأنها واقفة عند موت ابنها ذلك الموت القاسي والوحشي؟ على الرغم من ان خبرتها عند الصليب يمكن ان يعتبركواحد من الآلام الإستثنائية مع الحزن والتضحية فهي أيضا كانت لحظة للبركة الغير عادية. فتلك اللحظة وهي واقفة تتطلع بحب لإبنها المصلوب كانت لحظة لنعمة غير عادية فهي لحظة من خلالها تم خلاص العالم بالألم ومريم اختارت ان تشهد هذه الذبيحة الكاملة للحب بعيونها وتطبعها في قلبها. اختارت مريم ان تفرح في الرب الذي يمكنه ان يخرج كل شيئ صالح وسط الآلام. في حياتنا وعندما نواجه مضايقات ومعاناة فيكون من السهل ان نجرب وتتحول نفوسنا بعيدا امام الأذى واليأس وبسهولة يمكننا ان نفقد النظر الي البركات والتي أُعطيت لنا من قبل في الحياة ومازالت تتدفق علينا. لم يفرض الرب الألم والمعاناة على ابنه وامه القديسة مريم ولكن كانت هي مشيئة الآب أن يدخل لتلك اللحظة من المعاناة والإضطهاد وقبل يسوع الإبن ان يحول تلك كلها الي خلاص أبدي. لقد اختارت مريم ان تدخل لتلك اللحظة هي أيضا لكي تكون اول شاهد لأعظم حب ولقوة الله المحب والحي في ابنها القدوس الوحيد. الآب القدوس يدعو كل واحد منا ان يفرح مع امنا القديسة مريم كما يدعونا لأن نقف لنواجه الصليب بكل قوة وشجاعة واستسلام وحب. ان هذا النص الإنجيلي يذكرنا أيضا بالكلمات التي انشدتها امنا القديسة مريم والتي تكلمت بها بينما كانت هي حُبلى بيسوع وذهبت للقاء القديسة اليصابات. انها كلمات دائما موجودة ومحفوظة على شفتيها فهي تعلن عن عظمة الرب وفرحتها في الرب مخلصها.

تدريب: اليوم وكل يوم سأصلي الصلاة الخاصة التي علمتني إياها امي مريم العذراء  بكل إنتباه وامام أي مواجهة صعبة قد تمر في حياتنا حتى تكون هي مصدر قوة وتعزية وفرح وسلام لقلوبنا فبركات الرب عديدة ولا تتوقف ولا يمكنه ان يتركنا. فعندما تكون الحياة مؤلمة فانظر وتذكر نشيد مريم. وعندما تكون الحياة فيها حزن فتذكر وردد نشيد مريم.

صلاة: يا امي الحبيبة مريم ان كلماتك التي رددتيها عند زيارتك للقديسة اليصابات معلنة عظمة القدير لهي كلمات اتتك من فرحة البشارة العظيمة فساعديني ان اشابهكِ في التسبيح والشكر والتمجيد لرب المجد الذي يهبنا دائما كل ما نطلب وقبل ان نطلبه واطبعي في قلبي ذلك الحب الذي تحبين به الله فيبتهج قلبي معك لالله مخلصنا. آمين.

قراءة وتأمل: اشعيا10:55-11 و متى7:6-15  «. ابانا والسلام والمجد 

اليوم الثامن- الأربعاء 13 مارس – الأربعاء من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني “الإخلاص في كل الأشياء”

تأمل:”فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا”(لوقا56:1).

ان هناك قيمة جميلة لإحدى فضائل امنا القديسة مريم الا وهو “الإخلاص” فهذا الإخلاص نحو ابنها قد ظهر أولا في اخلاصها نحو القديسة اليصابات، فالقديسة مريم كانت حُبلى ومع ذلك ذهبت لرعاية نسيبتها اليصابات في حبلها وخصصت ثلاثة اشهر من وقتها لتقضيه مع اليصابات في الثلاثة اشهر الأخيرة من حبلها. انها كانت هناك لتنصت وتفهم وتقدم النصيحة وتخدم وببساطة لتعبّرعن مدى إهتمامها وبالطبع لتقديم بركة ابنها وبركتها للقديسة اليصابات بوجود ام الله خلال تلك الشهور الثلاث. ان فضيلة اإخلاص لهي قوية خاصة عند القديسة مريم فبينما يسوع يموت على الصليب كان يمكن لأمه الحبيبة ان تكون في مكان آخر في ذاك الوقت لتبكي وتحزن وليس في الجلجلثة وعند الصليب. لقد مضت ثلاث اشهر مع اليصابات وها هي ثلاث ساعات طويلة تقضيها عند اقدام صليب ابنها. تلك اللحظات تعكس عمق الإلتزام فحبها الثابت والأمين لا يتغير حتى النهاية. الإخلاص فضيلة مطلوبة من كلا منا عندما نواجه بصعوبة من الآخ وعندما نرى احتياج الآخرين ومعاناتهم واحزانهم او اضطهادهم فعلينا ان نختار اما ان نبتعد في ضعف وانانية او نتوجه اليهم حاملين معهم الصلبان ومساندتهم وتقوية ايمانهم.

تدريب: اليوم ومن اخلاص امنا القديسة مريم فهي كانت صديقة امينة وقريبة وربة بيت وام خلال حياتها الأرضية ولم تتغير من اجل اكتمال واجباتها مهما كانت صغيرة او كبيرة او حتى ثقيلة، فتأمل فيما دعاك الله اليه وفي التزماتك ومسؤوليتك الثابتة والغير متغيرة نحو الآخر. هل انت على استعداد؟ هل انت مستعد لمساعدة الآخرين وبدون تردد؟ هل ترغب في الحقيقة لتتفهم جراحاتهم فتقدم لهم قلب محب؟. ابحث كيف تماثل وتحيا تلك الفضيلة المقدسة التي للعذراء مريم واختار ان تتصل بمن هم في حاجة ملحّة ان تقف معهم وتساندهم في حمل صلبانهم فهؤلاء هم الذين انت مطالب دائما ان تحبهم “احبب قريبك كنفسك”.

صلاة: يا امنا الحبيبة ان اخلاصك نحو القديسة اليصابات خلال تلك الشهور الثلاث قد اعطتنا مثالاً حيّاً عن الرعاية والإهتمام وخدمة الآخرين فساعدني يا امي ان اتبعك وانظر يوميا لتلك الفرص المعطاة لي ان احب هؤلاء من هم في حاجة الى حبي ومساعدتي حتى يمكنني ان اقدم الخدمة المطلوبة بكل قلبي ونفسي وعقلي وقوتي. آمين

قراءة وتأمل: يونان1:3-10 و لوقا29:11-32 ابانا والسلام والمجد 

اليوم التاسع- الخميس 14 مارس- الخميس من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني”غير مقبول من قِبل العالم”

تأمل: « وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ”(لوقا6:2-7).

اول حزن أصاب قلب امنا القديسة مريم هي لحظة ميلاد يسوع. انه من الصعب على الفهم تلك اللحظة التي فيها كانت ام الله ان تلد ابنها، مخلّص العالم. ان المكان الوحيد الذي رحّب به فيه كان حظيرة تسكن فيها الحيوانات. لا توجد حجرة له في الخان او أي بيت آخر فكان هذا حازا في قلب الأم وهي تعلم ان ابنها هو المسيّا المنتظر وهي تعلم جيدا انها قد حخبلت به بطريقة معجزية بأن ظللها الروح القدس وقوة العلي. ولكن الآن هنا قد اتى الإبن لكي يولد في ملء الزمان ولكنه رُفض من اول لحظة وكان مهده الأول عبارة عن مزود او حوض صغير لتغذية الحيوانات. كان الرفض جزء من حياة مريم ويسوع بدءا من مولده وانتهى عند الصليب والقديسة مريم كانت هناك طوال تلك الأيام والشهور والسنون. ولكن الرفض الذي واجهوه في بيت لحم لم يسرق سلامهم او فرحهم فشيئ واحد قد ظلل رفض العالم فكان حبهما المشترك الذي كان بين الأم وابنها. تلك الرابطة التي جمعت بينهما كغذاء روحي متبادل وهذا الحب المشترك بينهما ساعدهما ان يتخطوا ألم الرفض الأرضي لكي يجيبوا مشيئة الآب السماوي حتى الكمال. هكذا غالبا في حياتنا قد نختبر الرفض وعدم الفهم وقلة الترحيب من العالم واذا ما حدث هذا فهناك تجربة عظيمة لأن نضعف وحتى ان يصيبنا اليأس. ان مفتاح قهر الرفض هو تأكيد المحبة والإلتصاق بحب الأم مريم وابنها يسوع في حياتنا فهما دائما هناك فاتحان اذرعتهما لك ولا يتركونك وحيداً ولن يرفضوك مهما حدث. تلك الهدية او العطيّة لأحضان حبهما يجب ان تقدمه انت نحو الآخرين فأنت مدعو لأن تشابه أم يسوع وأيضا انت مدعو لأن تكون يسوعاًَ للآخرين.

تدريب: اليوم عليك ان تتأكد من شيئان هامان، الأول ان تعرف انك دائما مرحباً بك من ام الله وابنها يسوع فانت دائما تنتمي لهذه العائلة. وثانيهما ان تتأمل في واجبك ان تحضر حب هذه العائلة المقدسة وتقدمه للآخرين وخاصة لمن هم في حاجة ملّحة وخاصة من انت مسؤول عنهم فقبولك وترحيبك بالآخرين يفتح قلوب الآخرين لقبولك وستتحقق انك بقبولك لهم انت في الحقيقة تقبل المسيح في حياتك.  

صلاة: ايتها الأم الحبيبة مريم العذراء اشكرك لأنكِ ترحبين بي دائما وتقبليني كطفل لكِ فياليت قلبك يكون هو بيتي حيث أقيم واستريح واكون بهذا قريبا لإبنك ومهما كان هناك أي رفض لي من العالم فوجودي بقربكما هو اعظم ترحيب انا اتوق اليه أَسْجُدُ فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ، وَأَحْمَدُ اسْمَكَ عَلَى رَحْمَتِكَ وَحَقِّكَ، لأَنَّكَ قَدْ عَظَّمْتَ كَلِمَتَكَ عَلَى كُلِّ اسْمِكَ.آمين.

قراءة وتأمل: 1ملوك3:19-8 ومتى7:7-12 ابانا والسلام والمجد 

اليوم العاشر:الجمعة 15 مارس – الجمعة من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني”سيف الحزن”

تأمل:” وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا34:2-35).

عندما وقفت القديسة مريم العذراء عند صليب ابنها فمن المؤكد انها تذكرت لحظات مرت منذ 33 سنة مضت مع ابنها وكانت احدى تلك اللحظات هي عندما قدمت هي والقديس يوسف طفلهما في الهيكل على حسب عادة اليهود. وعندما احضرا طفلهما البِكر الي الهيكل حيّاهم سمعان الشيخ ذلك الرجل البار الذي قضى أيامه في الصلاة في الهيكل. لقد حصل سمعان الشيخ على رؤية خاصة من الله من انهسيتبارك قبل موته بأن يرى مخلّص العالم، وعندما احضر امنا القديسة مريم والقديس يوسف طفلهما يسوع الى الهيكل عرف سمعان الشيخ في الحال بأن هذا الطفل هو المسيّا الموعود به والتي تنتظره المسكونة كلها فأخذ الطفل يسوع على يديه ثم اعلن:” الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ»”(لوقا29:2-32). ثم التفت الي مريم وقال لها:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»” (لوقا35:2). “سيف الحزن”، قد تنبأ عنه سمعان الشيخ منذ 33 سنة مضت وهو في الهيكل وها هي الآن وعند الجلجلثة اخترق ذاك السف قلب الأم المباركة، فقلب مريم الطاهر قد جُرح بذاك السيف الموعود وهي واقفة عند اقدام الصليب تراقب وحيدها وهو يموت بقسوة. احدى التعزيات التي نالتها بينما سيف الحزن يخترق قلبها هو تذكرها بتلك النبؤة والتي اطلقها سمعان الشيخ. انها نبؤة سمعان التي تذكرتها في تلك اللحظة وصدق كلمات الشيخ ساعدت مريم لأن تعرف ان ذبيحة ابنها على الصليب هو تتميم لرسالته. ان معرفة تلك الحقيقةقد سهّل على الأم بالتأكيد تبعات الحزن والألم من ان وحيدها يموت ليتمم مشيئة الآب السماوي. نحن ايضاً عندما يخترق فلبنا العديد من سيوف الأحزان في حياتنا علينا ان نتذكر ان الله قد وعدنا انه اذا ما تبعنا يسوع فاننا نقبل صلباننا ومن اننا سوف نشرب من نفس الكأس الذي شرب منه يسوع. ان معرفتنا بحقيقة دعوتنا في حياتنا هذه سيساعدنا في قبول أي تضحيات او ضيقات ونتقبلها في استسلام عندما تأتينا بثمارها من اجل تحقيق رسالتنا السماوية.

تدريب: اليوم، وعلى أساس تأملنا في منظر الجلجلثة علينا ان ننظر بعمق الي سيف الألم الذي اخترق قلب امنا القديسة مريم وهي واقفة عند الصليب وعلينا ان نتأمل في ذلك العزاء الذي نالته عند تذكرها لنبؤة سمعان الشيخ وبتأملنا في تلك الكلمات وقوتها وكيف ان العذراء وجدت فيها حكمة وسر الصليب فترى موت ابنها على انه تتميم لمشيئة الله الآب وبالنظر الى رسالته من ان الحب المضحي سيساعدك لقبول سيوف هذه الحياة.   

صلاة: ايتها الأم الحبيبة مريم كما وقفتِ عند اقدام ابنك الإلهي وهو على الصليب وسيف الحزن والذي تنبأ عنه سمعان الشيخ وهو يخترق قلبك الطاهر فساعديني ان أرى أي الم اعتصر قلبك في ذاك اليوم وكيف انك قبلتيه في استسلام عجيب لهذا الحب المضحي وساعديني أيضا ان أرى قبول قلبك وصلي من اجلي ان أرى في صلبان حياتي صورة مشابهة للحزن الذي اخترق قلبك ولكنك تقبلتيه بفرح لأنه هو تتميم لمشيئة الله القدوسة ولمجد اسمه.  آمين.قراءة وتأمل: حزقيال21:18-28 ومتى20:5-26    ابانا والسلام والمجد 

اليوم الحادي عشر: السبت 16 مارس- السبت من الأسبوع الأول من الزمن الأربعيني” الحياة في المنفى”

تأمل:” وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ» فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ”(متى13:2-14)

بينما امنا القديسة مريم واقفة عند صليب ابنها فلقد تذكرت رحلتها الي مصر مع القديس يوسف فلقد فرّوا ليحموا الطفل يسوع من وحشية هيرودس، ولكن الآن ها ان تلك الوحشية قد طالت ابنها. ربما تساءلت القديسة مريم ما الذي كان سيفعله القديس يوسف في هذا اليوم اذا ما كان حاضرا. هل كان سينقذ يسوع مرة أخرى بالفرار من اورشليم؟ هل سيحمي ابنها من الشر الواقع عليه الآن؟. وكلما تذكرت كل تلك الأحداث فالقديسة مريم قد احتضنت سر تلك الآلام عند قبولها كاملة منذ ان قبلت مهمة ان تكون اما لمخلص العالم. لقد فرّوا من هيرودس الملك منذ زمن لأنه لم تكن قد أتت ساعته بعد ولم تكن ساعة يسوع ان يبذل حياته لخلاص العالم، ولكنها ها ان ساعته قد أتت الآن. كل ما يمكن ان تفعله الآن هو ان تقف في ايمان وثقة وهي تواجه وجها لوجه سر المعاناة والألم والموت. في كل أيام حياتنا توجد لحظات نهرب فيها من المعاناة والألم ولحظات أخرى نواجهها، وفي بعض الأوضاع نجد ان الله يحمينا وفي غيرها يدعونا ان نحتضن الصليب المعطى لنا. بينما نحن نتطلع الي الصليب مع امنا مريم يجب ان نكون على دراية ويقين من مشيئة الله وفي وقتها المناسب. ان يسوع لم يعاني قبل ان تحين ساعته فالآب السماوي قد حمى ابنه الوحيد من أي شر حتى تأتي ساعة مجده. هذا هو اليوم وهذه هي ساعته وهذه هي لحظته ليحتضن الخطية بكل تبعاتها والموت.

تدريب: اليوم ، وحسب توقيت الله في حياتك، ما الذي يدعوك الله اليه لكي تحمله اليوم؟ ما هو الصليب الذي سمح لك الله به؟ اذا ما كان الوقت هو المناسب ويوم الصليب قد اتى فلا تتردد ان تحمله ولا تنظر في طريقة للهروب منه بل واجه الصليب مع يسوع وامنا القديسة مريم واعلم انك بهذا ومعهما وبمعاونتهما ستجد القوة والتعضيد وتمجد الله.

صلاة: ايتها الأم الحبيبة مريم لقد دعوت لكي تحمي ابنك خلال حياته الأرضية ونحن أيضا نهرع الي رعايتك وحمايتك كأم لنا، فكوني اما لي واحميني بحبك وحرريني من كل شر وعندما تأتي ساعتي لكي اتألم وأحمل الصليب فساعديني ان أقول “نعم” لذلك الصليب بكل ثقة عالما من انكِ واقفة معي وبجانبي. .آمين.

قراءة وتأمل: التثنية 16:26-19  ومتى 43:5-48                  ابانا والسلام والمجد 

اليوم الثاني عشر: الأحد 17 مارس –الأحد الثاني من الزمن الأربعيني-“مشاركة في المعاناة”

تأمل:” حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ

وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا

دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ”(متى16:2)

كانت القديسة مريم مدركة تماما من غضب هيرودس وأيضا مدركة حقيقة الأطفال الأبرياء الذين لا يحصى عددهم وقد عانوا الموت بسبب ابنها. هي والقديس يوسف والطفل يسوع فروا لبي مصر ليحموا يسوع من بطش هيرودس خاصة بعد ان خدعه المجوس ولم يعودوا اليه فكانت المذبحة الأليمة. ان الشر قادر أحيانا ان يصيبنا بالذعر ويهز اركان حياتنا فكيف لهيرودس ان يقترف مثل ذلك وكيف انه من اجل ان يقتل ابن مريم يذبح أطفال من دون سنتين؟ ان تلك المذبحة كانت العلامة الأولى الصارخة من ان حياة مريم وابنها ستكون مملوءة بالمعاناة والألم.  ولكن ان مذبحة قتل هؤلاء الأطفال القديسين لا يجب ان تتركنا في ذهول وحزن فيجب ان نتطلع الي ما وراء تلك المعاناة ونرى شهاداتهم فهم عانوا من اجل ابن الله وانهم قد استشهدوا في سبيله. ان معاناة هؤلاء الأطفال الأبرياء يعلمنا ان الألم هو دعوة مقدسة وفي هذه الحالة الخاصة اذا كانت المعاناة ونحن أبرياء فغالبا  ما اذا تعرضنا للظلم من الآخرين فنميل نحو الثورة والغضب وتنبعث فينا روح الإنتقام من عدم العدل الواقغ غلينا، ولكن في تلك الحالة لم يحدث مثل ذلك لأنهم أطفال أبرياء لا ذنب لهم فكان الإستشهاد الحقيقي. بعد عدة سنوات لاحقة وقفت مريم العذراء عند صليب ابنها وهي مدركة تماما رغبته في تقديم نفسه ذبيحة بريئة من كل ذنب من اجل جميع البشر وان كل ما حفظه طوال حياته الأرضية جاءت الساعة الآن ليقطف ثمارها وتذكرها لأحداث قتل أطفال بيت لحم ما زالت في ذاكرتها وها هي الآن ساعة الإستشهاد التي تنتظرها البشرية جمعاء من ابنها الوحيد وهو على الصليب.  

تدريب: اليوم سأوحد هذا الصليب (….) مع عذابات يسوع وعلّي ان ابحث كيف اشهد عن ايماني امام كل ظلم او لامبالاة تواجهني وبدون غضب او تذمر اقدم نفسي ذبيحة من اجل يسوع.

صلاة: أيتها الأم القديسة مريم ان قوتك وصبرك لهما مثالا لنا فشهاداتك كثيرة طوال حياتك لم تغير ايمانك ورجاؤك ومحبتك نحو الله واستشهادك كان مستمرا يحمل مدى حبك نحو القدوس. فساعديني يا امي كي لا أغضب او أثور او أيأس عندما أرى يد الشر وهي تعبث في العالم بل أظل ثابتا في إيماني ورجائي ومحبتي وثقتي في شفاعتكِ من أجلي. َآمين.

قراءة وتأمل:  تكوين5:15-12 و17-18، وفيليبي17:3-1:4، ولوقا28:9-36. ابانا والسلام والمجد 

اليوم الثالث عشر: الأثنين 18 مارس – الأثنين من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني”تأملات الأم”

تأمل: فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟» فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا” (لوقا48:2-51).

عندما كانت القديسة مريم واقفة عند صليب ابنها قد تكون تذكّرت ذلك الوقت الذي كان فيه يسوع عمره 12 عاما وتخلف عنهم في اورشليم لمدة ثلاثة أيام. لقد عاد القديس يوسف والقديسة مريم الى اورشليم للبحث عن يسوع وأخيرا وجداه في الهيكل مع العلماء والقادة الدينيين. في ذلك اليوم بينما كان الصبي يسوع مع علماء إسرائيل والذين اندهشوا منه ومن تساؤلاته العميقة والعظيمة والتي كانت تدل على حكمة تفوق عمره:” وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ”(لوقا47:2). بعد ذاك الحدث بعشرون عاما تقريبا وفي الم شاهدت القديسة مريم رغم الزمن نفس المشهد من علماء الشريعة وهم يسألون ابنها عدة مرات محاولين الإيقاع به واتهامه والتقليل من شأن رسالته او حكمته. فما الذي حدث؟ وما الفرق ما بين تلك السنوات؟ لقد اندهشوا وتعجبوا من الحكمة التي كان ينطق بها في عمر 12 سنة وما كان يعلمه وهو في الثلاثين من عمره اصابهم بالذهول والشك والغيرة والحسد والخوف. انه أساسا خبث شديد منهم وشيئ يتعجب منه فما الذي دفعهم للتشكيك في حكمة يسوع؟ في حياتنا الشخصية يمكننا ان نجد كلما كبرنا واقتربنا اكثر نحو الله أناس يدفعوننا بعيدا عن الله، فيجب ان لا نتوقع شيئا اقل من نفس المعاملة التي عومل بها يسوع فأناس كانوا يوما اصدقاؤنا يصبحوا يوما ما من المتهمين لنا.

تدريب: اليوم وبناء على أي خبرة لديك مع من قد اتهموك او خانوك او ابعدوك عن ايمانك بيسوع وبالطبع ليس كل منا قد اختبر ذلك بنفس المقدار الذي واجهه يسوع ولكن اذا ما اختبرنا جزءا منه فيمكن ان يكون ذلك مصدرا للارتباك والأذى والغضب وحتى الي اليأس. كما كانت امنا القديسة مريم مشاهدة لكل ما يحدث في حياتها وحياة ابنها لكنها لم يتزعزع ايمانها وكيف ان ابنها قد غفر للقادة الدينين رغم ما فعلوه به بل صلى من اجلهم فلنتعلم من يسوع ومريم كيف نقابل الإساءة بالصلاة من اجل كل من يسيئ الينا.    

صلاة: يا امي الحبيبة مريم عندما كان يسوع طفلا قد اندهشت من ردود فعل القادة الدينيين من أسئلة واجوبة وحكمة ابنك العجيبة وانتِ أيضا رأيت نفس القادة وهم يديرون ظهورهم لرسالة يسوع وفقدانهم لدهشتهم التي تحولت الي حسد وغيرة. فيا أمي صلي من اجلي كي اغفر دائما وان اقبل كل حملات التشكيك في كل مرة اشهد فيها ليسوع وان أكون ثابتا في إيماني ورجائي مثلكِ وانت واقفة عند الصليب. آمين.  

قراءة وتأمل: دانيال4:9-10 و لوقا36:6-38  ابانا والسلام والمجد 

اليوم الرابع عشر: الثلاثاء 19 مارس- الثلاثاء من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني “مهما قال لكم فافعلوه” – (عيد القديس يوسف البتول)

تأمل:” وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»”(يوحنا3:2-5).

تلك الكلمات فاهت بها امنا القديسة مريم عند اول معجزات يسوع”مهما قال لكم فافعلوه”. انها كلمات قوية وفعّالة والتي يمكن ان تكون أساس حياتنا الروحية. اذا ما تخيلنا اذا ما كانت امنا القديسة مريم تكلمت عند اقدام صليب ابنها عن أي شيئ وما الذي يمكن ان تقوله؟ هل كانت تتكلم بكلمات اليأس والألم والإرتباك او الغضب؟ لا بل كانت ستتكلم بنفس الكلمات التي قالتها في عرس قانا الجليل:”يا ابني يا من احبه من كل قلبي، افعل كل ما يقوله لك الآيب السماوي”. بالطبع ان يسوع غير محتاج لمثل تلك النصيحة ولكنه ربما قد يرغب في ان يسمعها من امه على أي حال فرغبته ان يسمع من امه تلك الكلمات والتي قيلت من قبل في عرس قانا الجليل والتي تعكس مقدار الحب الموجود بين الأم والإبن وكيف انهما على يقين وايمان من إتمام مشيئة الآب السماوي وخطته لخلاص العالم. كلاهما قد عرفا ان مشيئة الآب السماوي هي كاملة وتامة وحقة وانهما كانا في اشياق شديد لتنفيذ تلك المشيئة الإلهية بلا تحفظ وان تلك الكلمات محفوظة في قلوبهما ويمكن ان يعلناها:”يا امي الحبيبة افعلي كل ما يقوله لكِ ابانا السماوي” و “يا ابني الحبيب افعل كل ما يقوله لك ابوك السماوي”.

تدريب: اليوم وبناء على تلك الكلمات ومعرفة ان الأم والإبن قد نطقا بها اليك انت ومهما حدث في حياتك فأمنا القديسة مريم وابنها السماوي يدعوانك الي سماع والعمل وطاعة وصية الحب والمجد “مهما قال لك فافعله”. يطلبان منك اليوم ان تبقى امينا وثابتا في ايمانك خلال ما قد تتعرض له من مشاكل الحياة. ان تلك الكلمات يجب ان تتذكرها وترددها في أعماق قلبك وفكرك وفي الأوقات الصعبة او الحسنة ومن خلال الألم والفرح دائما تذكر “مهما قال لك فافعله”.

صلاة: يا امي الحبيبة مريم ساعديني ان انصت وانت تتكلمين بتلك الكلمات لي “مهما قال لك ابني يسوع فافعله”، فساعديني بقوة صلاتك وشفاعتك ان اجيب لهذه الدعوة لتنفيذ مشيئة الله لحياتي. آمين.

صلاة للقديس يوسف: إليكَ نلتجئُ في ضيقنا أيّها القدّيس يوسف، ونلتمِسُ حِمايتكَ بِثقة، فبِحقّ رِباط الحُبِّ المُقدّس، الذي جَمَعَ بينَكَ وبينَ العذراء البريئة من كلّ دنس، وبِحقِّ المَحبَّةِ الأبويَّة التي أحببتها الطفلَ يسوع، نسألكَ أن تنظُرَ بعينِ الرأفةِ، إلى الميراث المحبوب الذي اقتناهُ يسوعُ المسيح بدمِهِ، وأنْ تُسعِفُنا بِقضاءِ حاجاتنا لِما لكَ من المقدِرة. يا حارس العائلة الإلهيّة الجزيلَ العناية، دافِعْ عن سُلالةِ يسوع المسيح المُختارة، أبعد عنَّا أيُّها الآب الودود، وَباء الأضاليل والرذائِل المفسِدةِ في العالم. تلطّف يا نصيرنا القويّ، واعضدنا من السَّماء في الجهاد الناشب بيننا وبينَ سُلطانِ الظَّلام. وكما سَبقَ لكَ أنْ نجَّيتَ مِنَ الموت، حياة الطفلِ يسوع المُهدّدة، هكذا نجّني الآن ونجِّ كنيسة الله المُقدّسة من مكايد الأعداء ومن كلّ شِدّة، وابسُط على كُلٍّ مِنَّا ظِلَّ حِمايتكَ، حتى إذا ساعدتّنا، عِشْنا على مِثالِكَ حياةَ قداسة، ومُتنا موت الصالحين، فنفوزَ بالسعادةِ الأبديّةِ في السَّماء. آمين.

قراءة وتأمل: اشعيا16:1-20 و متى1:23-12    ابانا والسلام والمجد

اليوم الخامس عشر: الاربعاء 20 مارس الأربعاء من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني “سماع ومشاهدة كلمة الله”

تأمل: “ وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»”(لوقا27:11-28).   

اثناء خدمة يسوع العلنية قامت امرأة من وسط الجمع لتطوب امه ولكن يسوع صحح لها مفهوم التطويب ليس لأن مريم هي أم يسوع فقط، بل لأنها آمنت وبهذا قد رفعها الي مستوى جديد. فمن هو اكثر من مريم العذراء التي “سمعت كلمة الله وحفظتها”. هذه الحقيقة خاصة والقديسة مريم تقف عند صليب ابنها مقدمة ابنها الى أبيه السماوي وهي على معرفة كاملة لخلاصه الذي يقدمه من اجل البشرية جمعاء وبموافقة إرادتها مع إرادة الأب السماوي منذ ان سلّمت حياتها بكاملها الى الله. انها اكثر من أي من تلاميذ ورسل ومؤمنين ابنها يسوع فهي متفهمة ومتذكرة لجميع النبؤات والأقوال التي جاءت في العهد القديم والتي تشهد عن مخلص العالم ابنها يسوع فأطاعت وسلّمت.

وماذا عنك انت؟ وانت تتطلع لصليب يسوع هل انت قادر ان ترى حياتك متحدة به وهو على الصليب؟ هل انت قادر على احتضان أعباء التضحية وتسليم ذاتك بكليتها حسبما دعاك اليها الله؟ هل انت قادر على تنفيذ كل وصيّة حب من الله مهما كانت التكلفة؟ هل انت قادر ان تسمع كلمة الله وتحفظها وتعمل بها؟    

تدريب: ان الله يرغب في ان يباركك بلا حدود وكل ما يريده منك هو ان تسمع لكلمته وتحفظها في قلبك وتعمل بها. اليوم ابدأ خطة لقراءة الكتاب المقدس بتمعن وتفكير واطلب من الله ان يرشدك لتعمل بكل كلمة من كلمته المقدسة.

صلاة: أيها الأب ضابط الكل والقادر على كل شيئ والحي الى الأبد لقد دعوتنا في زمن الصوم المقدس هذا ان نقترب منك بقوة أكثر ونتحد بك، فساعدني ان أستعد لأحتفل بهذا السر الفصحي بتجديد الذهن والقلب. أعطني روح التوبة والندامة يارب واغرس في روح الاتضاع لكي اخدمك وساعدني لكي ان اخدمك في شخص القريب. آمين. قراءة وتأمل:  ارميا18:18-20 ومتى 17:20-28       

ابانا والسلام والمجد 

اليوم السادس عشر:الخميس 21 مارس – الخميس من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني “اعظم المعجزات”

تأمل: “ فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا. لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». فَضَحِكُوا عَلَيْهِ، عَارِفِينَ أَنَّهَا مَاتَتْ. فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلاً: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!». فَرَجَعَتْ رُوحُهَا وَقَامَتْ فِي الْحَالِ. فَأَمَرَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ”(لوقا52:8-55).

تلك المعجزة هي واحدة من العديد من المعجزات التي قام بها يسوع في حياته العلنية ولقد عاينت وشاهدت القديسة مريم الكثير من معجزات ابنها يسوع. لقد كانت اول معجزة في عرس قانا الجليل والتي صنعها يسوع بطلب من امه مريم. وبعدها اجرى العديد من إقامة موتى واشباع الآلاف وإخراج الشياطين وشفاء العميان والخًرس وغيرها. وبينما امنا اقديسة مريم واقفة عند اقدام صليب ابنها يسوع كانت تأمل في ان يصنع ابنها معجزة أخرى، فلقد سمعت رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة وهم يقولون:” «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ!(متى42:27). لم تكن القديسة مريم تأمل في معجزة من ان ينزل ابنها من على الصليب بل كانت تتطلع الى معجزة أعظم من ذلك وهو ان خلاص ابنها يمطر بركاته على الجميع وليمسح الخطايا ويمحوها وان يؤمن رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة بابنها ذاك الذي صلبوه ويتوبوا ويشملهم خلاص ابنها وان يروا قوة الصليب وثمرة ذبيحة ابنها. لقد كانت اعظم معجزة تأمل القديسة مريم ان يسوع ينفذها هو خلاص كل العالم. وانت على مثال امنا القديسة مريم يجب ان تتوق الى خلاص كل الناس الأصدقاء وحتى الأعداء وان تتغلب على أي انانية وحب الذات من اجل ان يشمل خلاص يسوع حياتك وحياة الآخرين.

تدريب: اليوم وبقوة ربنا يسوع المسيح الذي اقام الموتى وشفى المرضى واشبع الجموع وأعاد البصر للعميان ولكن هناك شيئ واحد لا يقدر ان يقوم به الا وهو ان يهب نعمته وخلاصه لمن يقاوم بعناد، فكن على استعداد ان تفتح قلبك لنعمته حتى يمكن ليسوع ان يتمم معجزته العظمى وان يسكن قلبك وحياتك وبهذا يتحقق الفرح لقلب مريم الطاهر وهي تشاهد قوة فداء ابنها.

صلاة: يا امي الحبيبة صلي من اجلي كي أكون مستقبلا الى اخر واعظم معجزة يصنعها ابنك يسوع وساعديني ان افتح قلبي لكي استقبل جميع الهاماته وعطاياه ومواهبه والتي يقدمها لي ابنك من فوق الصليب. قراءة وتأمل: ارميا5:17-10 و لوقا19:16-31  ابانا والسلام والمجد 

اليوم السابع عشر:الجمعة  22 مارس – الجمعة من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني “الدخول الي اورشليم”

تأمل:” وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!»”(متى8:21-9).

لكم هو عجيب تلك التحية والهتاف قبل أسبوع واحد فقط من الصلب ويسوع قادم الى اورشليم، فلقد استقبل بفرح وصراخ “اوصنا” ورفعوا الأغصان وسعف النخيل وهم يستقبلون يسوع كملك. ولكن، الآن ومريم العذراء تراقب ابنها وهو يثبت عرش حبه المجيد ويوزع نعمته ورحمته على العالم أجمع. هذه ليست مملكة أرضية ولكنه اعظم بكثير فهي مملكة بقوة روحية وسلطان اقوى من أي سلطان ارضي. ان ملك يوزع الخلاص من على عرش الصليب. ان المقارنة ما بين احد الشعانين والجمعة الكبيرة ها قد بدأت وتركت العديد في حالة عدم فهم وادراك. لقد ابتعد الكثيرين بعد ان رأوا يسوع حياته  تتآكل وتندثر من المجد وترحيب عظيم في اورشليم الي حمل الصليب خارجا فيما بعد من نفس المدينة. ان آلمهم كان مزيجاً من الفرح والسلام الي حزن وبكاء على عرشه الذي بدأ ينهار، وكانوا يظنون ان صرخاتهم له وللسماء “اوصنا” تعني الكثير ليسوع ليخلصهم من حكم ارضي.  ان موت يسوع الأرضي قد وحّد الأرض والسماء واصبح صليبه جسر دائم يصل بين الله الأب وبنيه على الأرض عبر المسافات والأزمنة. ان موت يسوع كان مؤلما وحزن قلب مريم الطاهر عظيم ولكنها كانت تردد وتقول في نفسها:”يا ابني انت ملك الجميع، أوصنا لك يا ابني واوصنا ياربي ويا ابني ويا ملكي، واوصنا في الأعالي.   

تدريب: تبقى مريم، الأمّ المتالّمة والمعلّمة في الإيمان، ترى وحيدها معلّقاً فتقف إلى جانب التلميذ، هي إلى جانبنا تعلّمنا معنى التتلمذ وحمل الصليب، تعلّمنا أنّ عمق الإيمان يتجلّى من خلال الصبر والرجاء والإتّكال على الله، من خلال قبول صلبان حياتنا لتحويل إلى وسيلة قداسة. مريم هي الأمّ الحزينة وهي أمّ الرجاء، معلّمة في الإيمان، حزنت، بكيت، تألّمت فقدانها وحيدٍ احبّته وكان ثمرة وعود الله لها ولشعبها، حزنت ولم تغضب، بكيت ولم تيأس، تألمت وما ثارت أو رفضت الله في حياتنا. هي المعلّمة تقود التلميذ إلى الرّب، وتبقى قربه عندما يحمل صليبه، كنجمة الصباح تقود سفينتا إلى ميناء ابنها حين تضرب بحر حياتنا عواصف اليأس والألم.

صلاة: إنني لا أريد أن أتركك تبكين وحدك يا أمي المتألمة، بل أقصد أن أرافقك بدموعي. فأنا أطلب منك اليوم هذه النعمة وهي أن تستمدي لي أن أحفظ على الدوام ذكر آلام سيدنا يسوع المسيح في عقلي وقلبي، وأن أكون حسن العبادة نحو هذه الآلام المقدسة، لكي أصرف الأيام الباقية من حياتي بالبكاء على أوجاعه تعالى بالجسد وأوجاعك.آمين.

قراءة وتأمل: تكوين3:37-4 و12-13و 17-28 ومتى33:21-43 و45-46    ابانا والسلام والمجد.  

اليوم الثامن عشر: السبت 23 مارس – السبت من الأسبوع الثاني من الزمن الأربعيني”هذا هو جسدي..هذا هو دمي”

تأمل:” وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا”(متى26:26-28).

ان اول احتفال بالقربان الأقدس وذبيحة الإفخارستيا كان في العشاء الأخير عندما اسس يسوع سر الكهنوت وسر التناول المقدس في حضور رسله. إنّه منتهى الحبّ، هذا الذي أحبّنا به الله. “ما من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه”،حتّى قدّم لنا جسده ودمه غذاء أبديًا تحت شكلي الخبز والخمر، “فأعطى حتّى النهاية شهادة حبّه المتواصل للبشريّة”.  ان صورة المعاناة والموت كانت دائما في ذاكرة الأم وعليه ففي كل مرة تقام الذبيحة الإلهية ويقدم الجسد والدم علينا ان نشترك مع امنا مريم في طبع تلك اللحظات في قلوبنا وذاكرتنا.                                                                تدريب: اليوم ونحن كلّما تقدّمنا من سرّ القربان، هل نؤمن بأنّنا نتناول يسوع المحبّة والتضحية الكاملة، فنكون مستعدّين لاستقبال هذا الجود الإلهيّ، بتوبة صادقةٍ، وقلب نقيّ، ومظهر لائق،ليكون لنا هذا القربان غذاء يحيي نفوسنا ويطهّر أجسادنا للحياة الأبديّة. نحن جميعا مدعوون لنكون واحدا مع يسوع في كل مرة نتناول من جسده ودمه الأقدسين فتأمل في مدى ايمانك بحضور الرب في سر القربان الأقدس ودرّب نفسك في استقبال يسوع في قلبك واعلم ان اتحادك به هو للدوام وليس لفترة محدودة.           صلاة: اللهم، يا من ترك لنا ذكرى آلامه في هذا السرّ العجيب، هبْ لنا أن نُكرِّم جسدك ودمك المقدَّسين، فنجني في نفوسنا ثمرة فدائك على الدوام. أنت الحي المالك إلى دهر الدهور. آمين.                                                           قراءة وتأمل: ميخا14:7-15 و18-20  ولوقا1:15-3 و11-32  ابانا والسلام والمجد  

اليوم التاسع عشر: الاحد 24 مارس – الأحد الثالث من الزمن الأربعيني “النزاع في البستان”                                                                        تأمل:” فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي». ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»”(متى38:26-39).                 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ”(لوقا44:22).                                                               ان النزاع الذي مرّ به يسوع وهو في بستان جَثْسَيْمَانِي وهو يصلّي كان فقط مقدمة للمعاملة القاسية والصلب التي سيواجهها في اليوم التالي. هذا الخميس بعد ان شارك رسله عطية جسده ودمه خرج للصلاة وبينما هو يصلي خرّ على قدميه امام ابيه السماوي وقبل “الكأس” والمعطاة له لكي يشربها. ثلاث مرات صلى مكررا طلبه “ان كان مستطاع ان تعبر هذه الكأس” ولكنه قبلها “ليس كما اريد انا بل كما تريد انت”. كانت تلك الليلة واحدة من ليالي السهر وعدم النوم لمريم ام يسوع، فلقد بلغها نبأ القبض على ابنها يسوع فهرولت الى مكان المحاكمة امام قيافا ومجلس السنهدريم ووقفت تراقب من بعيد وتنتظر ومعها بعض النسوة  القديسات. لقد نازع يسوع في البستان واختار ثلاث مرات إرادة ابيه السماوي، بينما بطرس في اثناء تلك الليلة عينها انكر معرفته به. ان امنا القديسة مريم في اثناء صمتها خلال تلك الليلة وحّدت فكرها وقلبها مع نزاع ابنها وقبوله الحر للصليب. انها ساعته، ها قد أتت الساعة لكي يعطي يسوع اعظم مجد لأبيه السماوي وأيضا هي ساعة امنا المباركة مريم المدعوة ان تقدم ابنها بكل حرية ليد اعداؤه ولسلطان الشر حتى يتمم مشيئة ابيه لخلاص البشرية جمعاء. القديس بطرس و الرسل الأخرين فقدوا اخلاصهم وانتماؤهم عند تلك الساعة بينما امنا القديسة مريم كان التلميذ الذي احبه يسوع وهي يرافقان يسوع وفي تسليم كامل لمشيئة الأب السماوي. في يوم الجمعة العظيمة بينما مريم تقف عند اقدام صليب ابنها يسوع استمرت في الصلاة كما فعل ابنها وهو في بستان الزيتون قائلة “لاتكن مشيئتي بل مشيتك أيها الأب”.  

تدريب: اليوم وامام ما عاناه يسوع منذ لحظة القبض عليه وتأمل في لحظات الإرتباك والضيقة في حياتك وما مر بها من صلبان وانت تتحمل صلبان الحياة ولكن هناك شيئ واحد لتتقبل بصدق تلك الصعوبات الا وهي ان توحد نفسك مع صلاة يسوع في البستان وأيضا مع صلاة امنا القديسة مريم مرددا بكل ثقة وايمان :”يا ابتاه لتكن مشيئتك”.  

صلاة: يا امي مريم الحبيبة وانت ترقبين القبض على ابنك ومعاملته القاسية وكانت صلاتك دائما هي صلاة ابنك “يا ابتاه لا تكن مشيئتي بل مشيئتك”، فحزن يسوع هو حزنك انتِ وتسليمه هو أيضا تسليمكِ أنتِ، فصليّ من اجلي حتى اتحد مع ابنك ومعك في صلاة التسليم الكامل لمشيئة ابانا السماوي. آمين. قراءة وتأمل:  خروج1:20-17 و 1كورنثوس22:1-25 ويوحنا13:2-25 ابانا والسلام والمجد

اليوم العشرون: الاثنين 25 مارس – الأثنين من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني” براءة حمل الله”-(عيد البشارة)

تأمل:” ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ”(يوحنا12:18-13).

عندما تم القبض على يسوع تم قيده واقتادوه الى حنانيا رئيس الكهنة الذي ارسله الي قيافا والذي سأله ولطمه ثم ارسله أي بيلاطس البنطي. ارسله بيلاطس بعد ذلك الي هيرودس الذي سأله وسخر منه ثم اعاده الي بيلاطس ولقد تعرّض يسوع للمواجهة والإستجواب واحدة تلو الأخرى. بعد استجواب بيلاطس ليسوع قال لرئيس الكهنة وللجموع «إِنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإِنْسَانِ»(لوقا4:24) وأيضا هيرودس استجوب يسوع ووجده “غير مدان” واعاده الي بيلاطس. للمرة الثانية واجه بيلاطس رئيس الكهنة والجموع قائلا: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلاَ هِيرُودُسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ. فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ»(لوقا14:23-16).

ان يسوع “برئ” كان هذا هو منطوق الحكم من كلا من هيرودس وبيلاطس حتى ولو ان بيلاطس قد صدّق على حكم الموت ليسوع، ولكن النقطة الهامة روحيا هو ان يسوع كان “بريئاً” وغير مذنب. وهذا بأكثر دقة ان برائته هي التي جعلت موته ذبيحة، فلو كان مذنبا لكان عقابه اذن من العدل ولكن برائته حولت العقوبة الي ذبيحة كفاريّة لخلاص العالم. وامام كل هذا تشاهد الأم ما يحدث، وها هو بيلاطس يعلن على الجمع براءة ابنها ولكنه يقف فيغسل يديه من دم ابنها ويعلن تنازلاً لرغبة الجماهير المطالبة بقتله “ليصلب” وعندما رنَّ في أذنيها قرار الحكم جاز في قلبها سيف الحزن عميقاً، ورفعت عينيها إلى السماء، واستسلمت لمشيئة الآب السماوي دون أيّ تذمرّ، وصلّت لتوبة أعداء ابنها.

تدريب: تأمل اليوم مع براءة وبرارة يسوع وكيف ان من هو بلا خطيئة قد قبل الموت ليخلّص المذنب والخاطئ فعليّ إذن ان أتقدم لسر المصالحة في اقرب وقت بعد ان أفحص ضميري على ضوء الأنجيل. ردد دائما:” اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ.اغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي، وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ، وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا. إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، آمين.

صلاة:. ايتها الأم الحبيبة مريم العذراء مع جروحات قلبك الطاهر وانتِ تنظرين لإبنكِ في برارته وبراءته وكيف انكِ كنتِ لا تريدين ان تسمعي كلمات بيلاطس لكي تؤكدي حقيقة برارءته فأنتِ تعلمين قبل أي إنسان انه “بلا خطيئة” وان معاناته من اجل برارته اصبح مصدر لخلاص كل من يقبل ذبيحته على الصليب. فيا أمي، أنا مذنب واستحق الموت بدلا من ابنكِ الذي مات بسبب خطاياي العديدة فأطلب منكِ اليوم يا أمي ان تساعديني لأعرف شناعة ما اقترفت واندم عليها فلا أعود من بعد اهين مخلصي الحبيب. آمين.

قراءة وتأمل: 2ملوك1:5-15 ولوقا24:4-30    ابانا والسلام والمجد 

اليوم الواحد والعشرون: الثلاثاء26  مارس – الثلاثاء من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني”الجلد واللطم”

تأمل: “حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ”(متى26:27-31).

بينما كان يسوع يُجلد وهو مربوط على العمود ويُتوج بإكليل من الشوك ويُستهزأ به من الجنود،عرفت مريم الأم بشعور الأم ان ابنها يعاني كثيرا ولقد عانت هي الأخرى من كل جلدة وشعرت بكل شوكة وسمعت كل كلمة إستهزاء وصرخة معايرة اصابت طفلها الثمين. في نهاية ذاك اليوم بينما وهي واقفة عند اقدام الصليب متذكرة كل الآلام التي قاساها ابنها ونظرت الي كل جزء من جراحات يسوع في جسده وكل كدمة ونزف وجرح في جسده المقدس ولا يمكنها ان تخجل او تدير نظهرها من النظر الي ابنها المضروب  فهي تريد ان ترى تأثيرات الوحشية والمعاناة التي تعرض لها ابنها يسوع والتي تقبلها بشجاعة وان ترى اكليل الشوك المغروس في رأسه الأقدس ولكنها رأت الأكليل الحقيقي الذي فاض بالنعم والرحمة لجميع البشر.  لكيف لأم ان تختبر مثل تلك الوحشية والعنف نحو ابنها ولا تمتلئ بالكراهية؟ وكيف لمثل تلك الأم يمكنها ان تقع فريسة لليأس والشك؟ ولكن الأجابة بسيطة فمثل هذه الأم هي ام الله ولقد رأت وشاهدت كل تلك الأشياء واختبرته من خلال قلبها الطاهر ومن خلال حبها نحو ابنها الذي كان عميقا للغاية لدرجة انه كان يفيض غفرانا لكل من ضربه او لطمه او استهزأ به. الحب هو الإختيار الوحيد في مجابهة تلك الكراهية الشديدة فهي لا يمكنها الا ان تقدم كابنها الحب والرحمة لإمتصاص أي كره او عنف. في حياتنا نحن وفي خبرتنا نحو اية إهانة او استهزاء من الآخرين سيكون اول رد فعل هو رد الإهانة وعدم تجاهلها وهذا من الطبيعي لأي إنسان ولكننا يجب ان نطلب ان نماثل هدوء وسكينة الحب في قلب امنا مريم ولا نقابل الكره بالكره او الشر بالشر او العين بالعين والسِن بالسِن كشريعة العهد القديم.   

تدريب: اليوم سأعد نفسي أولا بطلب المغفرة من الله مقراً بضعفي وبخطيئتي. وعلى أن أتأمل جيداً في ما قد تعرضت له من قبل او الآن من معاملة سيئة من الآخر وما قد يكون من شعور بالكراهية او روح الإنتقام فعليّ اذن ان أتذكر موقف أمنا مريم عالما ومتيقنا بأنها واقفة هي أيضا معي عند صليبي كما وقفت بجانب صليب ابنها ومهما كنت قد تعرضت الى إهانة وعدم تقدير او سوء معاملة فقلب الأم الذي يفيض بالحب والرحمة سيقف بجانبي، فأطلب بكل ثقة ان تحول أي شعور سلبي نحو الآخرين الى حب ومغفرة.        

صلاة: يامريم عندما تنهال علينا الام الجسد وعذابات المرض ذكرينا بان يسوع لما جلد قد اتحد بجميع الذين يتالمون في العالم. “مامن حب اعظم من ان يبذل الانسان ذاته في سبيل احبائه”. وحبك لنا يارب بلغ منك ان تلاقي اشد العذاب والضرب في جسدك الذي لم يعرف الخطيئة. فأشكرك يا أماه لوقوفك بجانبي وصلاتك وشفاعتك من أجلي. آمين.

. قراءة وتأمل: دانيال 25:3 و34-43 ومتى21:18-35 ابانا والسلام والمجد 

اليوم الثاني والعشرون: الاربعاء 27 مارس- الأربعاء من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني” هوذا ملككم”

تأمل:” مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ!». فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا». وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ!». فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!». فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ”(يوحنا12:19-16).

نعم، يسوع كان ملكا، ملك الملوك ورب الأرباب، ومريم العذراء تعلم مثل تلك الحقيقة والمغروسة في قلبها، فلذلك لما شاهدت بيلاطس يحضر ابنها المضروب بكل عنف امام الجميع وليعلن:”هوذا ملككم”، وعلى الرغم ان بيلاطس قالها في كلمات سخرية واستهزاء ولكنها عالمة بانها حقيقة. لكم هي مقارنة عجيبة لنا جميعا فمن ناحية هناك بيلاطس الوالي الأرضي والذي له سلطان ان يصلب يسوع او ان يطلقه، ومن ناحية أخرى كان هناك يسوع مربوط اليدين والقدم ومعامل كمجرم وجالسا على كرسي الحكم. انه على مقربة ان يُحكم عليه بالإدانة بالموت من حاكم ارضي ولكن من وجهة نظر سماوية يسوع على وشك ان يتوج على عرش القضاء الحقيقي للنعم والرحمة، كان على رأسه اكليل من شوك ولكن من الناحية السمائية كان هو اكليل للمجد. كان على وشك الحكم عليه بالموت ولكن من الناحية السمائية كان الحكم بتحرير الخطاة. بينما كانت امنا مريم العذراء تقف عند صليب ابنها تذكرت كل تلك الكلمات لبيلاطس وكررتها عدة مرات:””هو ذا ملككم” فمريم تعرفه حق المعرفة فهي نظرت وتأملت اليه بعيونها وكرّمته بكل قلبها واعترفت بملكه وسلّمت له كل حياتها وخضعت لقواعده واحكامه وشريعته. انه ليس فقط ابنها فهو أيضا ملكها في جميع النواحي والنعمة والرحمة المتدفقتان من عرش صليبه سيّرت كل حياتها. في حياتنا غالبا ما نقع في خطأ تقييم السلة الأرضية اكثر من السلطان السماوي، ولكن مملكة يسوع يجب ان تعلمنا ان أي سلطة أرضية تتضاءل بجانب السلطة السمائية والتي يمارسها يسوع. لقد سمح للرجال ان يعاملوه كمجرم ولكنه مارس سلطانه الذي فاق أي تأثير لملك ارضي فمملكة يسوع ليست من هذا العالم فهي مملكة رحمة ومحبة ونعم وبركات. ان امنا مريم عرفت وشاهدت كل هذا واختارت ابنها كملك ابدي.

تدريب: اليوم سأخذ بعض الوقت من يومي المشغول لكي ازور الرب في بيت القربان

المقدس لكي اعترف بكل قلبي بأنه ملكي وعليّ ان اتتبع خطوات مليكي وانفذ وصاياه

واحفظها وان أحب الاخرين كعربون حب لملكي والهي وخلصي.

صلاة: يا أمّ مخلّصي، صلّس من اجلي لكي ابقي نظري الي ملكوت السماء ولا ابتعد ابدا او يغيقيني شيئا حتى اصل بك ومعك الي ملكوت ابنك الحبيب. آمين.

قراءة وتأمل:     تثنية 1:4و5-9  ومتى 17:5-19            ابانا والسلام والمجد 

اليوم الثالث والعشرون: الخميس 28 مارس – الخميس من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني-“حكم الموت”

تأمل: “ فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ”(متى24:27-26).   

قد اتخذ القرار واعلن بيلاطس ان يؤمن ببراءة يسوع ولكنه بسبب هياج وتهديد رؤساء الكهنة والجموع امر بصلب يسوع. لقد كان هذ اسهل شيئ لديه لكي يتفادى الموقف، فلقد تصرف بطريقة جبانة ثم اعلن انه برئ من دم يسوع، ولكن صرخ رؤساء الكهنة والشيوخ وكل من هم تواجدوا “دمه علينا وعلى أولادنا”. ترى ما الذي فكّرت فيه امنا القديسة مريم عندما سمعت حكم الموت على ابنها؟ ما الذلى يا ترى فكّرت فيه عند هياج القادة الدينيين وسط الجموع بإعطاء موافقتهم القوية والصوتية؟ ربما وهي تواصل التأمل في تلك الكلمات “دمه علينا وعلى أولادنا” ان تحول هذا الإعلان الي صلواتها العميقة. بينما مريم واقفة عند صليب ابنها متأملة في تلك الكلمات والتي قيلت فقط منذ ساعات قليلة ان تتحقق انهم كانوا يعبّرون عن رغبة يسوع الدفينة، فرغبته ان دمه الثمين يفيض في الحقيقة على كل البشر متضمنا حتى هؤلاء الذين تسببوا في موته. انها رغبته ان دمه الثمين يغطى الكل ليغسلهم من خطاياهم ويقدسهم لكي يمكنهم من دخول ملكوته الأبدي. امنا القديسة مريم من المؤكد انها شاركت في نفس تلك الرغبة، رغبة ابنه لخلاص الجميع وانها قد غفرت جبن بيلاطس وقسوة الجموع. نحن جميعا مدعوون ان نبذل دماؤنا لتقديس الأخرين، فيسوع هو المخلّص الواحد والوحيد للعالم ونحن مدعوون ان نشارك في تقدمته وان نوحد ذبيحتنا اليومية مع ذبيحته الكفارية. لكي نتمم هذا يجب ان ندع كل شيئ من جرح لكبرياؤنا ومن الغضب والأذى أوالعنف، ويجب ان نرغب ان تضحياتنا اليومية تقدم لخير الجميع متضمنا حتى من هم اخطأوا او أساءوا لنا، ويجب أيضا ان نبعد عنا أي رغبة لعدل ارضي وان نتحقق من ان الرحمة والمغفرة هما اللذان سيحققان بالكمال حق وعدل الله.     

تدريب: اليوم، مع امنا مريم العذراء والتى تأملت في كلمات الجموع “دمه علينا وعلى أولادنا” وكانت هي رغبتها وشوقها وصلاتها اثناء تلك الثلاث ساعات التي قضاها ابنها على الصليب ان نضع اي سوء فهم او معاملة سيئة قد تعرضنا لها في حياتنا او معاناة او ضرر عند صليب يسوع ونحن على ثقة ان امنا مريم ستحولها الى نعم ورحمة سوف ننالها وينالها معنا من هم اكثر حاجة لتلك الرحمة.

صلاة: يا يسوع، دعني اذهب لمريم عندما تجتاحني الآلام والضيقات فإسأل والدتك ان تبقى معي عندما أكون خائفا او مضطربا وخاضعا للتجربة حتى لا استسلم. دعني انظر الي مريم كمثال للحب وكمصدر لشفائي واجعلني ان اري من كانوا غيري في الم او ضيقة وانني لست وحدي واتوسل اليك يا رب ان تساعدني ان انمو في المحبة فإذا ما كنت قريبا من مريم وامينا لك فسيجد المتألمين راحة عندما اقدم لهم ما يخفف من آلامهم فيبث في قلوبهم الرجاء فلا يشعرون انهم تعساء لا شريك لهم في صليبهم .آمين. قراءة وتأمل:  ارميا23:7-28 ولوقا14:11-23  ابانا والسلام والمجد 

اليوم الرابع والعشرون:الجمعة 29 مارس – الجمعة من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني- “رعاية الأم والإبن”

تأمل:كيف يمكن لأمنا القديسة مريم ان تنسى تلك اللحظة عندما تقابلت مع ابنها وهو في طريقه للصلب؟ بينما هي واقفة عند صليب ابنها فلقد استرجعت في ذاكرتها وفي قلبها تلك اللحظات التي شاهدت فيها ابنها حاملا صليبه ولكم من المرات القاسية والمؤلمة التي مرّت في حياتها مع يسوع ولكن تلك المرة مختلفة لأنها تراه وحده مقاسيا المرارة والألم. بعد سقوطه لأول مرة تحت ثقل الصليب وقف مرة أخرى لإستكمال رحلته وسط الألم والدم وتلقى عزاءاً من نظرة الحب من امه فلقد التقت العيون والقلوب معا متحدتان في الحزن والفرح. الحزن ملأ قلباهما الطاهران الأقدسين عندما شعرا بالألم العميق الذي أصاب كلا منهما. يسوع ناظراً نحو امه الحبيبة وهو عالما بمدى السيف المنغرس في قلبها الطاهر وهي تراقبه كيف يعاملونه في قسوة ووحشية. نظرت اليه القديسة مريم ليس فقط الي مخلص العالم بل أيضا الي طفلها الوحيد ذاك الذي تحبه من كل قلبها. الفرح والحزن امتزجا في قلبيهما وكل شعر واختبر قوة المشاعر ورابطة الحب التي بين الأم والإبن. ان الحب لهو اقوى من المعاناة والخلاص اقوى من الموت. ان الفرح الداخلي الذي شعرا به كليهما من ان يسوع سيعطي العالم في سويعات قليلة اعظم نعمة قد عرفها العالم ملأ قلب الأم والإبن في تلك اللحظة واعطاهما القوة التي يحتجانها لإتمام ذبيحة الخلاص الكفّارية. كل واحد منا لديه الفرصة في الحياة ان يسهل المعاناة نحو الآخر بقبولنا الإعتناء والرعاية والقاء نظرة حب نخوه مما يخفف من ثقل الألم، وعندما نتقابل مع شخص في احتياج فلدينا اذن الفرصة ان نعبّر عن محبتنا نحوه فبينما الرحمة يمكن ان يُنظر اليها من ان شخص ينظر من عليائه نحو آخر مما لا يُقبل منه لكن المحبة الحقيقية والمشاركة في المعاناة ليست بالكلام واللسان بل بالعمل على تخفيف الألم والوقوف مع الآخر في مواساة حقيقية وليست ظاهرية. المحبة الحقيقية تحمل مع الآخر صليبه فتدخل الي القلب والعقل وتشد الأزر وتسير معه يدا بيد طوال الطريق الوعر حتى يصلا معا بسلام الي نهاية الطريق.    

تدريب:سأقوم اليوم بالبحث عن من يقوم بالعمل معي او من يدرس معي واقدم له المعونة بروح المسيح المصلوب.

صلاة: يا يسوع الغائص في لجّة الأوجاع، ويا مريم المطعونة بسيف الحزن، أسألكما بهذا التلاقي المرّ، أن تجعلاني ألاقي ديّاني العادل عند ساعة موتي، ووجهه وجه أب رحيم.آمين. قراءة وتأمل: هوشع2:14-10  و مرقس 28:12-34   ابانا والسلام والمجد 

اليوم الخامس والعشرون: السبت 30 مارس: السبت من الأسبوع الثالث من الزمن الأربعيني-“وقوع يسوع”

تأمل:” تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ»(متى28:11-30).

 ان يسوع تحت ثقل الصليب سقط على الأرض وسمعان القيراواني غريب قد سخّروه لمساعدة يسوع في حمل صليبه “وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ”(متى32:27)، ولكن على الرغم من معاونة سمعان لكن يسوع قد سقط مرة ثم مرة أخرى.

بينما القديسة مريم تراقب في حزن ابنها وسقوطه على الأرض ثلاث مرات لأنه قد قد استنفذ كل طاقته واصبح بالكاد غير قادر ان يستكمل مسيرته فربما تذكرت كلمات يسوع نفسه التي قالها من قبل في حياته العلنية:”تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وانا اريحكم” ولكم شعرت بعظم ذاك الثقل فما عليها الا ان تردد تلك الكلمات:”يا ابني يا حبيبي تعال الي تعالى الي قلبي واسترح”. بالطبع لا يمكنها طبيعيا ان تساعد ابنها في حمل صليبه وربما قد شعرت بسعادة كبيرة، لا توصف! فها إنّ الإنسان الخاطئ يُشارك في عمل الخلاص وكيف ان صلاتها للأب السماوي قد استيجبت وها هو انسان قد جاء لمعاونة ابنها حتى ولو لمدة قصيرة.

كم ستكون سعادة مريم كبيرة لو أساعد أنا أيضاً في حياتي ابنها في نشر الخلاص وذلك في عنايتي واهتمامي بأخي الإنسان، إذ لا يتقدّم الإنسان إلاّ إذا تقدّمت إنسانيّتي أنا، وبلغت إلى مستوى الصدق والنبل والعدل والمحبّة والتسامح والتواضع والسلام، فلا أكون حجرة عثرة له بل صخرة نجاة. نحن مدعوون ان نحمل صليب المسيح ولا يوجد استثناء من حمل ذاك الصليب في حياة كل من آمن وتبع يسوع فهو القائل:” «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي”(متى24:16)، فالصليب ليس اختيارا فهو حقيقة وخاصة صليب الموت ذاته. ان السؤال المقدم هو سواء اننا سنحتضن الصليب بإرادتنا او بغير إرادة. ان العذراء مريم ترغب ان ان تحمل الحمل الثقيل للصليب معنا بكل قلبها فسمعان حمله مسخّراً ولكن علينا نحن ان نتقدم طواعية لحمل الثقل عن الآخرين.

تدريب: عليّ اليوم ان ابحث عن أي انسان محتاجا لمساعدتي في المشاركة في حمل اثقاله ومتاعبه فهل اذا ما وجدته ادير ظهري ولا ابالي؟ ام اصلي من اجله أولا ومحاولا ان اشترك معه في الصلاة معا وعلي ان اشابه عمل القيراوني في حمل ثقل وصليب الآخر.

صلاة: يا أمي المحزونة أنني أتوسل إليكِ بحق التألم الشديد الذي تكبدتيه عند مشاهدتكِ أبنكِ يسوع الحبيب مساقاٌ الى الموت، بأن تستمدي لي من الله نعمةً، وهي أن أحتمل أنا أيضاً بتسليم الأرادة وبصبرٍ تام، كل الصلبان التي يرسلها لي الباري تعالى. فالطوبى لي أن كنت أنا كذلك أحمل صليبي وأرافقكِ حتى الموت، فأنتِ البارة وأبنكِ المنزه عن كل زلةٍ قد ارتضيتما بأن تحملا صليباً بهذا المقدار ثقيلاً، فهل أني أنا الأثيم الذي مراتٍ عديدةً أستحقيت الجحيم أرفض أن أحمل صليبي. فمنكِ أرجو أيتها البتول البريئة من العيب أن تعينيني لكي أحتمل بصبرٍ الصلبان التي يرسلها لي الله آمين.قراءات: هوشع 1:6-6 ولوقا9:18-14 ابانا والسلام والمجد

اليوم السادس والعشرون:الاحد 31 مارس – الأحد الرابع من الزمن الأربعيني- “النسوة القديسات وفيرونيكا”

تأمل:” وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضًا وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ، لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ! حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا! وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا! لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟»(لوقا27:23-31).

كثير من النسوة تبعوا يسوع الى جبل الجلجثة يراقبن ويبكين ووقف يسوع وهو في طريقه موجها كلامه الي قلوبهن عن الرعب الحقيقي الآتي متنبأ بالشر الذ سيعاني منه الكثيرين والخطية التي سيقعون فيها. ان موت يسوع هو مؤلم هذه حقيقة ولكن الدراما الأعظم لم تأت بعد عندما يواجه المؤمنون الإعتقال والإتهام والقتل والإضطهادات مثلها مثل النار في الهشيم.  جاءت امرأة اسمها فيرونيكا واقتربت في صمت من يسوع ومسحت وجهه الدموي بمنديلن وكان مثل ذاك الفعل بمثابة فعل رحمة وحب قبله يسوع بشكر وكان بمثابة تكريم لتلك المرأة بأن ذكرت في الأناجيل كفعل محبة بسيط. بينما امنا القديسة مريم واقفة عند صليب ابنها تذكرت ما قدمته تلك النسوة من مشاعر الحزن والبكاء والمشاركة في ذلك المصاب الجلل وما قامت به ايضا المرأة من عمل رحمة لإبنها.  ولكنها هي تذكرت ايضا كلمات يسوه لهؤلاء النسوة:”يا بنات اورشليم، لا تبكين علي بل ابكين على انفسكن وعلى اولادكن” ومن المؤكد ان مريم حملت تلك الكلمات في قلبها وامتلأ قلبها بالحزن ليس فقط لصلب ابنها بل ايضا الحزن على هؤلاء من يرفضون هدية ابنه المقدمة لخلاصهم فهي تعلم ان خلاص ابنها هو للجميع ولكن هناك من سيرفضون ذبيحته على الصليب. ان مريم العذراء على عِلم من ان هؤلاء النسوة وغيرهن سيحملن الصليب وسينوحون ليس مثل ما قاموا به يوم الجمعة في طرق اورشليم بل عندما يقبلن صلبان اتباعهن ليسوع وايمانهن هن واولادهن.  

تدريب: عدة مرات هذا اليوم اعمل على تقوية إيماني بالنظر والتأمل في الصليب والمصلوب وان اقبل بكل حب وتسليم اي صلبان قد تمر في حياتي من اجل المسيح.    

صلاة: يا يسوع، من أجل شدة حبك لنا شئت ان تصلب وتهرق دمك الثمين من أجل خلاص نفوسنا، فانظر الينا بعين العطف وامنحنا الطلبة والنعمة التي نسألك ايّاها (اذكر النعمة المطلوبة). اننا على ثقة تامة في رحمتك، طهّرنا من الخطية بنعمتك، وقدّس أعمالنا، أعطنا وكل أحبتؤنا خبزنا اليومي، خفف عن أثقالنا، بارك عائلاتنا، وامنحنا وكل الذين يعانون في هذا العالم سلامك، ذلك هو السلام الوحيد في هذه الحياة لكي بطاعتنا لوصاياك نأت ذات يوم الى مجد السماء.
آمين. قراءة وتأمل: 2 اخبار 14:36-17و19-23 وافسس4:2-10 ويوحنا14:3-21 

ابانا والسلام والمجد

اليوم السابع والعشرون:الاثنين  أول أبريل – الأثنين من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني-“الإهانة-نزع الثياب”

تأمل: “ ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمًا. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضًا. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ”(يوحنا23:19-24).

ظل يسوع واقفاً حتى ينتهوا من تجهيز المسامير والحبال لصلبه. اقترب منه جندي ونزع عنه ثيابه بلا أية رحمة. وعادت جروحاته لتنزف من جديد مسببة له آلاماً مروعة. ثم اقترعوا على ثيابه وظل يسوع واقفاً عرياناً أمام الجميع. فقد نزعوا عنه كل شيء للاستهزاء به. ليس هناك من إهانة أكثر من إهانة يسوع أو ازدراء أكبر من الذي عانى منه. لقد تركوه أعزل، دون أي سلاح للدفاع عن نفسه. إن الملابس لا تغطي الجسد فقط ولكنها تحجب كل ما يحمله الشخص في نفسه من خصوصية وكرامة. ترى ما الذي يمكنه ان يكون أكثر إذلالا من نزع ثيابك امام والدتك واصدقاؤك ثم تُعلق على الصليب حتى الموت؟ ولكن يسوع قد نُزعت ثيابه لسبب ما! ان كل شيئ ارضي في هذا العالم قد تم بإرادة حرة من يسوع وقدّم كذبيحة حرة حتى الموت بدون مقابل. ان جسد يسوع المقدس كشف عن هويته وعن رسالته الخلاصية وها هو الآن قد نُزعت ثيابه وعلّق على خشبة تهيئة لتقديم ذبيحته من اجل البشر. ان القديسة مريم العذراء وهي تراقب ذلك المشهد تذّرت ذاك الثوب الذي اختاطتْهُ مريم لابنها الحبيب، ها هم الجنود يتقاسمونه فيما بينهم، وجسد ابنها الطاهر النقيّ يُترك معرّىً،ومن المؤكد انها قد تذّكرت تلك الأيام عند ميلاد ابنها عندما جاء الي العالم وكيف انها كانت تقوم بتغيير ملابسه واعادت في نفسها قول أيوب:” «عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا»(ايوب21:1). ان مريم العذراء كانت شاهدة لكل شيئ من بدء حياة يسوع وها هي الآن تشهد نهايته. ان نزع ثياب الرب يسوع قد كشف ان قدسية حياته فليس في ما يمتلكه او ما لديه بل ان قدسيته في قيمة حياته وعمن يكون هو. انه الله الظاهر في الجسد وهو كلمة الله والأقنوم الثاني للثالوث الأقدس فهو في جسده انسان تام وإله تام ومريم العذراء ممتنة وشاكرة ان تكون شاهدة لهذه الحقيقة فالله المتجسد هو معلق الآن على خشبة الصليب. في حياتنا نحن يجب ان نسعى جاهدين لأن نرى قيمة من نحن فغالبا من نقع فريسة ان نضع هويتنا ونقيمها بقيم العالم فالكثير منا يمكنه ان يقول:” لقد حققت الكثير في اعين العالم اذا فانا ذو قيمة”، او ” كلما امتلك وتزداد ممتلكاتي، إذا فسعادتي تكون اعظم”. يجب ان نسعى ان نتعلم من نزع ثياب مخلصنا الصالح وهو معلّق على الصليب امام امه وامام العالم ان هويتنا تأتي من اتحادنا مع الله فنحن ذا قيمة وليس فيما حققناه او نحققه بل اننا قد حصلنا على قيمة اسمى بان الله من السماء قد نزل  الي الأرض وقد اخذ صورتنا وتجسد بيننا وعاش بيننا لكي نكون مشابهين صورة ابنه وعليه فهويتنا مبنية استمرار تجسد الله في حياتنا.      

تدريب: اليوم حاول ان تتحد مع امنا القديسة مريم في تكريم ابنها الإلهي واعترف بان تجسد يسوع قد رفعك الي اعلى السموات وجاهد لكي ترى حضور ابن الله حيّا في حياتك وحياة الآخرين.

صلاة: أيتها الأم العذراء القديسة، سلطانة الشهداء أنتِ التى وقفت بلا ملل تحت اقدام الصليب عند اقدام ابنك وهو يموت، فبحق سيف الألم الذى انغرس فى قلبك، وبحق تلك الألام التى لم تتوقف ابان حياتك على الأرض، وتلك السعادة التى حظيت بها الآن نتيجة لتلك الآلام والضيقات، فأنظرى يا أمنا من عرشك السامى إلينا بعين الأم الشفوقة وإرحمي كل من هم يسجدون لكِ والذين يكرمون دموعك المقدسة ويضعون طلباتهم بكل ثقة فى قلبك الطاهر الحزين. أتوسل إليكِ يا سلطانة الشهداء أن تقدمي طلباتنـا إلى إبنك يسوع المسيح متحدة بإستحقاقات آلامـه وموتـه، مع آلامك أنتِ أيضاً وضعيها عند اٌقدام الصليب وبقوتهما معا امنحيني الحصول على النعمة التى اطلبها الآن………

يا قلب مريم الطاهر والحزين صلي من أجلنا نحن الذين نلتجئ إليك. آمين. قراءة وتأمل:اشعيا17:65-21 ويوحنا43:4- 54  أبانا والسلام والمجد

اليوم الثامن والعشرون:الثلاثاء 2 ابريل: الثلاثاء من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني-يديه وقدميه”

تأمل: “ مريم تسمع صوت المطرقة تسمِّرُ ابنها على الصليب”

بينما تقف امنا القديسة مريم عند صليب ابنها وهي مدفوعة بحب لتكريم جروحات يديه وقدميه المقدستين وهي تتطلع الي المسامير التي اخترقت جسد ابنها بينما يثبت الجنود يديه وقدميه على خشبة الصليب وبتلك البشاعة وبلا رحمة وما سببته تلك المسامير من آلالام، وها هي في حزن تردد:” يا للصوت القاسي، صوتك يا مطرقة، تدخّلين المسامير في يدي ابني على الصليب، طويى لعظمتك يا ابني وإلهي يسوع في صمتك وأنت تلتصقُ بهذا الصليب الذي من أجله جئت!”. ان كل ما يمكن ان تفعله الأم القديسة هي ان تنظربحب وشفقة الي تلك الجروحات التي اصابت ابنها الإلهي. لماذا  قاموا بتسمير يسوع على الصليب؟ انه تحقيق لنبؤة اشعيا في القديم:” وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا”(اشعيا5:53). لكم هي عجيبة تلك العبارة”بجروحاته او بحبره شُفينا” كيف يمكن لجروحات يسوع ان تشفي العالم؟ بينما امنا القديسة مريم تسترجع ذلك السر العجيب تنظر بإكرام شديد لجروحات ابنها في يديه وقدميه فلا بد انها قد تذكّرت بقية نبؤة اشعيا القائلة:” كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ”(اشعيا6:53-7).  لقد احتضن يسوع بإرادته الصليب وقبِل ان يُسمّر عليه لتغييرنا فلقد اخذ تبعات خطايانا ودفع ثمنها بناسوته. ان مثل ذلك العطاء الحر بتقديم حياته ذاك الحمل البرئ من كل عيب قد حطّة حكم الموت وحوّل الخطيئة والموت الي حياة جديدة. ان سر معاناة يسوع الحمل الحقيقي الطاهر الذي بلا عيب لهو عميق يصعب ادراكه او فهمه. ان القديسة مريم فكّرت في قلبها في ذلك السر العجيب لمعاناة ابنها ولكنها عرفت بالإيمان ان كل جرح وكل مسمار قد جلب نعم عديدة للعالم. لقد رأت في ابنها المصلوب تأثيرات خطيّة البشر والعالم ولكنها رأت أيضا ان الخطيّة قد تلاشت وتحطمت بقبول ابنها الصلبوت بإرادته وطاعته لمشيئة ابيه السماوي. انه في الغالب ما نفشل في ان نتفهم سر معاناة يسوع وموته وسر تلك الآلام ونفشل أيضا في ان ندرك انه علينا ان نشكر بإمتنان لذلك السر العظيم في معاناة ابن الله الوحيد وهو برئ لكي يهبنا الحرية والحياة الأبدية.

تدريب: امام جروحات حمل الله البرئ وبالنظر الى جروحاته مع مريم امنا القديسة

ونتأمل كيف ان تلك الجروح هي ثمن خطاياك واسمح لقلبك ان يمتلئ بالشكر والعرفان بالجميل لذلك السر العجيب والغير مدرك لحب يسوع لك. حاول ان تقضي اليوم بعض الوقت متأملا ومتذكرا معموديتيك وجحدك للشيطان.

صلاة: يا امي المحبوبة ان ايمانك هو فقط هو الذي جعلك ترين في سر المعاناة التي تحملها ابنك والمسامير تخترق يديه وقدميه هو تقديم الخلاص لي، فأجذبيني نحوك لكي يخترق قلبي وعقلي معنى تلك الآلام التي تحملها يسوع من أجلي، وصلّي من اجلي. امين. قراءة وتأمل: حزقيال 1:47-9 و12  ويوحنا1:5-16   أبانا والسلام والمجد

اليوم التاسع والعشرون: “الاربعاء 3 ابريل: الأربعاء من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني-“”يسوع يُعلّق على الصليب”

تأمل: «اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»(يوحنا31:12-32).

لقد تنبأ يسوع عن موته وطريقتها وها هي تلك النبؤة تتحقق فلقد رُفع يسوع على الصليب امام الجميع لكي يروه، ومن بين كل من رآوا مثل ذلك المنظر المرعب كانت امه الحبيبة. من المؤكد ان القديسة مريم قد سمعت تلك النبؤة من قبل والتي قالها يسوع اثناء حياته العلنية وأيضا ما زالت تذكر كلمات سمعان الشيخ طوال السنوات السابقة منذ ان اعلنها وهي موجودة في الهيكل:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»”(لوقا35:2). ان قلب مريم الطاهر ممتلئ الآن بالأحزان الكثيرة وهي شاخصة نحو ابنها وهو مرفوع على الصليب والجميع يشاهدونه وهذا المنظر قد سبب لها شديد الألم والحزن ومع ذلك تتردد في اذنها كلمات الحبيب: “ اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ».  على الرغم من ذاك المنظر كان مؤلما على قلب الأم ولكنها هي تعلم علم اليقين ان صلب ابنها قد حقق اعظم شيئ قد عرفه البشر وأهمها هو ان رئيس هذا العالم قد طُرح خارجا من قلوب من نظروا وتوجهت قلوبهم نحو الصليب والمصلوب كما كان في القديم لكل من تطلع الي الحيّة النحاسية يحيا (العدد8:21-9). والقديسة مريم تعلم أيضا ان صليب ابنها سوف يجذب الكثيرين نحو السماء ويحررهم من الموت الأبدي. هل حاولت ان تسمح لقوة الصليب ان تحول وتغير حياتك بالكامل؟ هل صاحبت امنا القديسة مريم ووقفت معها عند صليب ابنها ونظرها معلقا وثابتا في حب نحو صورة الخلاص؟ هل سمحت لقوة الصليب ان تقودك بعيدا عن رئيس هذا العالم نازعا إياه من قلبك؟ هل سمحت لصليب يسوع ان يجذبك نحوه ونحو الآب السماوي؟

تدريب: انظر اليوم الي المصلوب وتمعن فيه جيدا وتأمل في ان ربك قد رُفع على الصليب المقدس واعلم ان ذلك هو صورة لخلاصك انت شخصيا واسمح لنفسك ان تنجذب نحوه واسمح لدمه الثمين ان يغسلك وليدفع بعيدا عن قلبك أي رابطة نحو العالم وليحررك من أي خطيئة. حاول اليوم ان ترى في ذلك الظرف او الحادثة او الموقف (…..) انه إرادة الله لي ومن اجل خلاصي. 

صلاة: ايها الرب ما امجد اسمك فى الارض كلها. السموات تنطق بمجدك والفلك يخبر بعمل يديك. ومجدك ملء كل الارض. انت الاله القدير وحدك ،المالئ كل مكان. ومع انك غير منظور، الا انك قريب من كل احد، لاننا بك نحيا ونتحرك ونوجد. وانت الذى اوجدتنا من العدم ولاتزال تلاحظنا وتحيينا. اللهم نتوسل اليك ان تملأنا من نعمك وتمنحنا هباتك بسخاء. انظر الى حاجاتنا ولا تنظر الى استحقاقنا، فاننا لا نستحق شيئا. اغفر لنا ذنوبنا ولا تدخل فى المحاكمة معنا، لانه لن يتبرر قدامك حى. انت يارب فاحص القلوب والكلى، نعترف امامك بزلاتنا فاصفح عنا كعظيم رحمتك. نسألك ان تبدد من امامنا الظلمة، وتكشف عن اعيننا لنرى عجائب من شريعتك. اللهم القادر على كل شئ. اعضدنا بنعمه من لدنك لاتمام واجباتنا بالاستقامة والاخلاص. واحفظنا بقوة لمقاومة التجارب والشرور المحيطة بنا وثبت قلوبنا بكل قول وعمل صالح بنعمه ورافة ومحبة يسوع المسيح ابنك الوحيد. الذى الذى لك معه ومع روحك القدوس الاكرام والسجود والسلطان والمجد الان والى الابد. امين. قراءة وتأمل: اشعيا8:49-13  ويوحنا17:5-30  ابانا والسلام والمجد

اليوم الثلاثون: الأربعاء 3 ابريل: الأربعاء من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني “يا بتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”

تأمل: “ مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ» صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ.  فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»(لوقا33:23-34أ).

بينما امنا القديسة مريم وهي واقفة عند صليب ابنها سمعته يقول تلك الكلمات، كلمات الحب والمغفرة والرحمة:” «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». ما الذي يمكن قد فكّرت فيه القديسة مريم وهي تسمع كلام ابنها عن من هم مسؤولين عن تعذيبه واهانته وموته؟ وما الذي يمكنها كأم ان تفكر في صلاة ابنها تلك؟. ان هذه الكلمات هل اول الكلمات السبع التي نطق بها الرب يسوع من على الصليب وهي تمثل درساً لنا في المغفرة والتي هي ركن أساسي من ايماننا المسيحي. بينما امنا القديسة مريم تسمع تلك الكلمات التي صرخ بها ابنها يسوع للآب السماوي طالبا المغفرة والرحمة من اجل صالبيه فترددها هي الأخرى كنغمة واحدة متفقة مع ابنها كانهما اغنية تغنت بصوتان، من ممن عاني فيزيقيا وممن من عانت في صمت.  ان تغفر بدون تحفظ في لحظة لهو شيئ يفوق ادراك البشر وبالنسبة لطبيعتنا الساقطة فذلك يعتبر امرا يفوق الخيال او الفهم، فغالبا ما نتطلع للإنتقام وعدالة أرضية ونطلب ان يكون الأخرين مسؤولين عما اقترفوه وان يحاكموا على اخطائهم., لكن ذلك الأمر ليس في مسؤوليتنا فالله في السماء هو القاضي الأوحد وان دورنا هو ان نغفر فقط وان نقوم بهذا الدور مرارا وتكرارا وندع الله هو الذي يحاكم ويقاضي ويخقق العدل الإلهي. من الذي قد سبب ضررا لك؟ من هو ياترى المسؤول؟ ومن هو الذي تطالب بمحاكته ومقاضاته؟ من الذي لم يمكنك ان تغفر له. المغفرة للأخر ليس معناه اعتذار عن خطأه بل بالعكس فعل المغفرة يعترف أولا بالخطأ قبل الفعل والحاجة للرحمة. ان المغفرة تقدم رحمة حتى ولو لم تُسأل من اجلها او حتى تستحق. ان الرحمة يجب ان تقدم منا بدون تحفظ وفي كل موقف في الحياة امام تلك الرحمة التي حصلنا عليها من الله فالرحمة تتدفق تحونا من العلى بلا ثمن او استحقاق.

تدريب: اليوم وانت تنظر الي امنا القديسة مريم وهي تنصت لصرخة ابنها المصلوب طالبا الرحمة والمغفرة لصالبيه وحاول ان تتحد معها ومع ابنها في ان ترحم وتغفر لمن قد أساء اليك ومنتهزا فترة الصوم المبارك لكي تغفر :” فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلاَتِكُمْ”(متى14:6-15).  

صلاة: يا ام الرحمة لقد استمعت في حب لكلمات ابنك العجيبة للمغفرة فكانت تلك الكلمات كسهام رحمة قد انغرست في قلبك وتجاوبت انت معها طالبة أيضا المغفرة لمن صلبوا ابنك الحبيب فصلي من اجلي كي اشابهك في مثل تلك الصلاة صلاة الحب تلك في حياتي وصلي من اجلي حتى لا اتردد في تقديم مثل تلك الرحمة لمن أساءوا الي. آمين. قراءة وتأمل: اشعيا8:49-15 و يوحنا 17:5-30 . ابانا والسلام والمجد    

اليوم الواحد والثلاثون: الخميس 4 ابريل: الخميس من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني-” اليوم ستكون معي في الفردوس”

تأمل:” وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهَُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ».فَقَالَ لَهُ

يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ»(لوقا39:23-43).

انه لحوار قوي قد دار ما بين يسوع واللصان اللذان صلبا معه واحد عن يمينه والآخر عن يساره، ووقفت امنا القديسة مريم في صمت تستمع لمحاثتهم. ليس هناك أي شك بينما مريم تنصت لكلمات ابنها، ان قلبها كان يركض في فرح داخلها. هذا المنظر قوي ورائع فاللصان يمثلان كل منا من حيث من هم على يمين يسوع او يساره. كلا منا يتكلم مع يسوع في نفس الكلمات وكلا من سوف اما ان يستقبل صمت يسوع او يسمع لربنا يقول له:” اليوم تكون معي في الفردوس”. أي اللصان يمثلك بأكثر دقة؟ احدهما ممتلئ بالثقة في نفسه ومن انه على حق وذلك ناتج عن الكبرياء، والآخر ممتلئ بالندم والناتج من التواضع. كلاهما مذنبان ولكن احدهما حصل على الغفران. كلاهما اعترفا بأن يسوع هو المسيّا ولكن واحد فقط اخذ مسؤولية خطيئته. تكلم اللص الأول قائلا:”خلّص نفسك وايانا”، ولكن ما فشل في ان يراه هو في ان يسوع كان في طريقه لأن يفعل ذلك، بمعاناته وموته سيحطم الخطيّة ويفوز بالخلاص للجميع للذين يطلبون ويثقون في رحمته. ان موته هو الباب الي الفردوس ولقد فشل اللص الأول في ان يرى ذلك الخلاص وبدلا من ذلك انه يطلب على الفور خلاص ارض وذلك بتحدي يسوع لأن ينقذ نفسه من الموت على الصليب.  بينما اللص الأخر تعرف على رسالة المجد ليسوع ربنا واعترف بأن موته هو قصاص عادل عن خطاياه:” أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا”. ولكن اللص لم يتوقف عند هذا بل في تواضع طلب من يسوع ان يتذكره اذا ما دخل الي ملكه وملكوته، وقد وافق يسوع وقدّم للص نعمة الفوز بذلك النعيم وذلك بموته وقيامته المجيدة. بينما امنا القديسة مريم تنظر الي كل هذا امتلأ قلبها بالفرح والحزن فحزنها على ذاك اللص الذي فشل ان يعترف بتواضع عن ذنبه واما فرحها فكان من اجل اللص اليمين الذي تواضع امام ابنهاونال الحياة الأبدية. لقد رأت القديسة مريم بينما ابنها معلّق على الصليب ان وعد الفردوس قد طُلب وتم منحه. ان شعور الفرح الذي ملأها كشاهدة للخلاص والذي قدمه ابنها الي اللص اليمين خفف حزنها على تلك المعاملة الوحشية التي تعرض لها ابنها. اننا جميعا مدعوون ان نجلب الفرح في قلب امنا القديسة مريم ويمكننا ان نفعل ذلك عندما نعترف بتواضع اننا أيضا مجرمون ومذنبون بسبب خطايانا وان العقوبة التي نستحقها هي الموت ولكن اذا ما اعترفنا بتلك الحقيقة فيجب ان نجد الشحاعة لنأت الي يسوع نطلب الرحمة والمغفرة حتى ندخل الي الفردوس السماوي.

تدريب: اليوم مع كلمات اللص اليمين:” يا يسوع اذكرني عندما تأتي في ملكوتك”، فيسوع قد مات لكي يفتح لي أبواب الفردوس التي أغلقت بخطيئة آدم وتأمل أيضا في الفرح الذي ستجلبه الي قلب مريم العذراء في كل مرة تأت الي صليب يسوع في تواضع معترفا بخطاياك ونادما عليها

صلاة: يا امي المحبوبة مريم العذراء ام يسوع وامي، بينما انت واقفة عند صليب ابنك وسمعت وعده بالخلاص الي اللص اليمين الذي تاب وندم وارتكض قلبك فرحا فأنا أيضا اصلي لكي يمكنني ان افرّح قلبك عندما اندم واتوب ولا اعود ان أخطئ فصلي من اجلي يا اماه حتى انال نفس ذاك الفرح بندامة وتوبة الخاطئ فأفرح انا أيضا عندما اساعد آخر على التوبة بدلا من اصدار الحكم عليه. آمين. قراءة وتأمل: خروج7:32-14  و يوحنا31:5-47    ابانا والسلام والمجد

اليوم الثاني والثلاثون: الجمعة 5 ابريل: الجمعة من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني- “يا امرأة هذا هو ابنك..هذه هي أمك”

تأمل: “ وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ”(يوحنا25:19-27).

ما اجمل من فعل المحبة والمقدّم من الإبن نحو امه القديسة مريم وهو يستعد ليلفظ أنفاسه الأخيرة فلقد كان همّه ليس فقط في نفسه وأيضا لم يكن في حاجة لكي يطلب رحمة من احد اوينتابه اليأس فلا يفكر إلا في حالته، لكنه كان مهتما بمن يحبهم. لقد تواصل أولا مع اللص اليمين واعدا إياه بالفردوس ثم سلّم امه الحبيبة الي التلميذ الذي كان يحبه يوحنا. “ قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ».وفي تلك اللحظة الثمينة حولت ام الله عيونها عن يسوع ونظرت بحب نحو يوحنا ابنها الجديد في النعمة، ذلك التلميذ الوحيد الذي ظل مع يسوع طوال فترة معاناته وحتى الموت وأيضا من ظل مع القديسة مريم وهي واقفة عند الصليب واخذ هو أيضا ينظر بحب نحو امه الجديدة في النعمة. ان هذا الفعل للعطاء ليس يعني فقط لمريم ويوحنا ولكنه يعني لنا نحن أيضا جميعا كوصية فنحن مدعوون ان نكون حاضرين ومتواجدين عند الصليب بشخصنا كذلك التلميذ الحبيب الذي يمثل كل المؤمنين وها هو يسوع ينظر الينا جميعا من على الصليب قائلا لنا:” هوذا امك” ووجه امه القديسة لكي تنظر الينا في عطف وحنان وحب لترى فينا ابنها الغالي في شخص كلا منا. ان القديسة مريم هي خواء الجديدة، ام كل الأحياء في حياة النعمة الإلهية. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”5:12). اذا ما رغبنا ان نكون بحق أبناء تلك الملكة العظيمة يجب ان نقبل بحب ان تكون مريم هي امنا الجيدة السماوية.

تدريب: اليوم امام تلك الكلمات الجميلة ليسوع وهو يقدم مريم امه لي قائلا: هوذا امك” أي ان اتخذ القديسة مريم ام الله وسلطانة السماء والأرض اما لي فأحبها واخذها الي بيتي واعتني بها وان اسمح لها ان تقود حياتي كلها نحو ابنها يسوع.   

صلاة: يا امنا الحبيبة مريم العذراء انا اقبلك في قلبي وفي حياتي وبيتي كأما روحية واقبلك كسلطانة طالبا منك العناية والإرشاد وان تقودي خطواتي نحو ابنك يسوع فصلي من اجلي حتى انال بواسطتك الحياة الأبدية لأحيا مع ابنك ومعك في الفردوس السماوي.آمين. قراءة وتأمل: حكمة1:2-22  و يوحنا 1:7-2 و 10 و 25-30   ابانا والسلام والمجد

اليوم الثالث والثلاثون: السبت 6 ابريل -السبت من الأسبوع الرابع من الزمن الأربعيني – “الهي الهي لم تركتني”

تأمل: “ وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟”(متى45:27-46)

ان تلك الكلمات التي صرخ بها يسوع لأبيه السماوي من المؤكد انها انغرست بعمق في قلب امه القديسة مريم العذراء، فلقد كانت واقفة بالقرب منه ناظرة اليه في حب ومباركة لجروحات جسده في سبيل العالم وسمعت تلك الكلمات الخارجة من قلبه الأقدس. “إلهي.. إلهي” بدأ بذلك النداء واستمعت امه لإبنها وهو ينادي ابيه في السماء وكم كان لتلك الكلمات من عزاء لها لعلمها وايمانها بمثل تلك العلاقة القوية ما بين الإبن وأبيه السماوي. انها اكثر من أي شخص آخر يعلم علم اليقين من يسوع والأب هم واحد فلقد سمعت ابنها يتكلم بهذا في حياته العلنية عدة مرات:” صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ”(يوحنا11:14). وهي أيضا تعلم كأم وبإيمانها ان ابنها هو ابن الله وها هي تسمعه مناديا لأبيه السماوي. ولكن يسوع استمر سائلاً:”لماذا تركتني”، مما جعل قلب مريم امه يتمزق فلقد شعرت بعظم المعاناة والألم الذي يتعرض له ابنها واحست ان ذاك الألم أكبر من ان يتحمله بشر وانه يشعر بداخله بظلمة داخلية. لقد قالها بصفته نائبًا عن البشرية.  قالها لأنهأخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، صائرًا شبه الناس، وقد وُجِدَ في الهيئة كإنسان” (فيلبي 8،7:2).  قالها لأنه “وَضَعَ نفسه” و”أطاع حتى الموت؛ موت الصليب” (في9:2).  إنه يتكلم الآن كابن للإنسان، أخذ طبيعة الإنسان، وأخذ موضعه، ووقف نائبًا عن الإنسان وبديلًا عنه أمام الله، كابن بشر. هنا نرى البشرية كلها تتكلم على فمه..  وإذ وضعت عليه كل خطايا البشر، والخطية انفصال عن الله، وموضع غضب الله، لذلك تصرخ البشرية على فمه: “إلهي.. إلهي، لماذا تركتني؟!”. وأيضا يمكن القول بأن الرب بقوله “الهي الهي لماذا تركتني” إنما كان يُذَكِّر اليهود بالمزمور الثاني والعشرون الذي يبدأ بهذه العبارة.  كانوا “يضلون إذ لا يعرفون الكتب” (متى 29:22)، بينما كانت هذه الكتب “هي التي تشهد لي” (إنجيل يوحنا 39:5)، فأحالهم السيد المسيح إلى هذا المزمور بالذات وكأن المسيح على الصليب يقول لهم:  اذهبوا واقرأوا مزمور “إلهي إلهي لماذا ترتكني؟!” وانظروا ما قيل عني..  تروا أنه قيل فيه عني.

بينما كانت القديسة مريم تتأمل لتلك الكلمات وترددها مرة ومرات في قلبها فلقد فهمت ان يسوع يعاني من آلام داخلية فشعوره كإنسان بالإنفصال وفقداً روحيا عن الأب كان له تأثير قوي ومع ذلك تقبل كل هذا كتقدمة وذبيحة قد قدمها كعطية للعالم. ان ايمان العذراء الكامل قد قادها ان تفهم ان يسوع ابنها شعر بعذاب الخطية نفسها ومرارتها هذا الذي هو بل خطيئة و”الذي بلا خطية صار خطية لأجلنا” (رسالة كورنثوس الثانية 21:5)، وقبل ان يخضع كإنسان للقصاص وبهذا دفع ثمن الخطية، وتحمَّل الغضب، وخرج منتصرًا بعد أن جاز معصرة الألم وحده، نفسًا وجسدًا. ونحن نستمع لصرخة الألم التي اطلقها يسوع يجب علينا ان نطلب ان نختبرها نحن فصرختنا لن تكون مثل صرخة الرب يسوع لأنها نتيجة لخطايانا نحن وحينئذاك سنستشعر بعظم الخطيئة وعذاب حرماننا من الله ومن رحمته. وفي هذا كله أعطانا دروسًا، لكي نحترس نحن.

إن كانت الخطية تسبب كل هذا الترك، وكل هذا التخلي، وكل هذا الألم، فلنسلك نحن بتدقيق (أفسس 15:5).  ولنخف أن نترك الرب لئلا يتركنا.  فإن الابن نفسه قد تُرِكَ، وألم التَّرك لا يُطاق.  وفي كل ذلك فلنشكر ربنا يسوع المسيح ونُسَبِّحه على كل هذا الحب والبذل. إن عبارة “لماذا تركتني”، تعطينا الكثير من العزاء كلما نقع في الضيقات..  “إن كان الله الآب لم يشفق على ابنه” (رومية 22:8)، وسلَّمه لهذا العذاب والحزن، فلماذا نتذمَّر نحن على الآلام التي يسمح بها الله الآب..؟!  إن كان الآب قد سُرَّ أنن يسحق بالحزن ابنه الوحيد الحبيب الذي قال عنه: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرت” (متى 17:3).  ومع ذلك فنحن لم نتعرض لشيء من كل آلام المسيح على الرغم من استحقاقنا لكل ألم، فلماذا إذن نتذمر على الضيقات؟

إن الابن شرب الكأس التي قدَّمها له الآب، وقال له “لتكن مشيئتك”.  وأطاع حتى الموت؛ موت الصليب، بكل خضوع.

تدريب: اليوم سأصرخ صرخة يسوع طالبا من الهي الاّ يتركني حتى ولو سقطت بل يقودني للتوبة وخاصة وان مريم امي واقفة معي لتقويتي وتعزيتي والصلاة معي للأب السماوي.

صلاة: يامريم ساعدينا عندما نتالم ونطرح السؤال “لماذا؟” على ان نجد جوابا في كلمة
“لماذا؟” التي طرحها يسوع على الصليب وهكذا ننتقل من الموت الى الحياة.  يا امي الحبيبة قفي معي بينما انا احيا واشعر بتأثيرات خطاياي فخطيئتي تتركني معزولا وحزينا وبعيدا عن ابي السماوي وعنك انتِ، فحضورك الأموي في حياتي سيذكرني دائما بأن الأب لن يتركني هو أيضا وسيدعوني لأعود اليه والي قلبه الرحيم. آمين. قراءة وتأمل: ارميا 18:11-20  و يوحنا40:7-53 ابانا والسلام والمجد.

اليوم الرابع والثلاثون: الاحد  7 ابريل – الأحد الخامس من الزمن الأربعيني –”أنا عطشان”

تأمل:” بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَلًا، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ”(يوحنا28:19-29).

بينما امنا القديسة مريم تسمع ابنها يقول تلك الكلمات:”انا عطشان” فاشتاقت على الفور ان تسرع لإرواء عطشه فهي كم من المرات قامت بذاك الفعل لعطشه الجسدي ولكنها أيضا على استعداد ان تفعل أي شيئ لعطشه الروحي. بينما اخذ الجندي الأسفنجة المملءة بالخل ليضعها نحو فمه قربما قد تعزت بعض الشيئ لفعل الرحمة هذا، فالجندي كان يمثل البشرية الساقطة والخل كان علامة لحالتنا المزدرية. ولكن بأكثر دقة ان حالتنا الساقطة هي التي اشتاق يسوع ليخلصها فهو لم يرغب في خمر جيدة او ماءا نقيا بل كانت رغبته هي البشرية الساقطة فلقد كان عطشانا لكي تأتِ كل نفس اليه في ضعفاتنا وخطايانا. ان يسوع مازال يصرخ تلك الصرخة “أنا عطشان” لك فغالبا نشعر أيضا باننا نأت اليه لنروي عطشه اذا ما جئنا اليه بطريقة ملائكية أو عن طريق معجزة وغالبا أيضا ما نظن ان يسوع ينظر الينا مبتسما اذا ما جئنا اليه ونحن بلا خطيئة. لكن ذلك كله غير صحيح فالسبب الذي مات بذلك الموت الشنيع هو لكي يمكننا ان نأت اليه بقلب منكسر وبلا تردد وبلا مقدمات او حواجز او سدود او اشتراطات. نأت الي يسوع العطشان والمتألم بخطايانا وعدم استحقاقنا فنحن لسنا خمرا صالحا بل خلا ممزوجا بمرارة واذا ما نسمح لأنفسنا بالحضور الي ربنا في عطشه هذا فعطشه حينئذ سوف يزول ويفرح بنا.  ما هي ياترى حالتك الروحية؟ هل انت خجلان من خطيئتك؟ هل اعتمدت شخصية زائفة مفترضا ان يسوع سوف لا يقبلك الا اذا ما كنت كاملاً؟  ليس شيئا من تلك التهيئات فيه من الصحة فلا تتردد ان تأت الي ربنا بكل ضعفاتك ومعاناتك وجهادك وسقطاتك وخطاياك ولا تقلق بماذا سيفكر فيك او يقول عنك فتعال اليه اذا ما وثقت فيه ففعل تواضعك هذا واقترابك نحوه بكل ما انت فيه من خطايا سينعش نفسه ويطفئ ظمأه.  

تدريب: اليوم بروح السيد المسيح سأتجنب الشكوى من أي ضيقة او ألم قد اختبره ومقدما هذا للأب السماوي.

 صلاة: يا ابانا الذي في السموات ان حب ابنك قاده لقبول معاناة الصليب فساعدنا أيها الإله العظيم، ان نتقبل ارادتك فينا وامنحنا النِعمة ان نحب وصاياك ونتمم مشيئتك حسب وعدك ونحن في هذا العالم المملوء بالمتغيرات ولتكن قلوبنا ممائة بهذا الرجاء بالمسيح يسوع ربنا الذي يحيا ويملك معك ومع الروح القدس الى ابد الأبدين. آمين. قراءة وتأمل: ارميا31:31-34 وعبرانيين7:5-9 و يوحنا20:12-33 ابانا والسلام والمجد.

اليوم الخامس والثلاثون:الاثنين 8 ابريل – الأثنين من الأسبوع الخامس من الزمن الأربعيني –” قد أكمل”

تأمل:”فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ”(يوحنا30:19)

ان تلك الكلمات كان لها فعل النجدة من يسوع لأمه الحبيبة ونأمل ان تكون لنا نحن أيضا.”قد اكمل” انتهت بها معاناة يسوع وارتوى ظمأه بذلك الخل كعلامة للبشرية الساقطة والذي دخل جسده وانتهت أيضا كل معاناته الخارجية والداخلية وها هو الآن مستعداً للدخول الي الموت نفسه وتكلم بكلمته الأخيرة والتي بعدها أسلم الروح. بينما امنا القديسة مريم تنظر الي كل هذا وتسمع كلمة ابنها الأخيرة ويلفظ اخر نسمة فربما قد شعرت هي أيضا بالشعور بالنجاة فمهمة يسوع الطويلة للحلاص قد استكملت وكان الموت هو أخر شيئ قبل قيامته المجيدة. ان امنا مريم تعلم جيدا ان ذلك لم تكن النهاية فهي تعرف ان ابنها سيقوم فلقد علّم بهذا كثيراً:” أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ”(مرقس31:8). ان الرسل والتلاميذ لم يفهموا ذلك التعليم ولكن امنا مريم حفظته في قلبها فلقد شهدت كيف انهم رفضوه وموته والآن تتطلع نحو وعده بالقيامة.  وفي ذلك النص نجد انه مكتوب:”أسلم الروح”، فحياته لم تؤخذ منه، فموته كان اختيار حر حيث سلّم نفسه للموت. لقد اختار ان يدخل الي تأثير الخطية حتى مداها وهو الموت نفسه وذلك لكي يخلص الموت ويجعله بابا للحياة الأبدية، فتحطيم الموت قد تم بالله مصدر الحياة واخضعه الي نفسه. ان الله أراد ان يقترب منا بأن يصبح إنسانا واقترب اكثر منا بأن جعل إنسانا يؤذيه ولكن الجزء الأخير من حياة المسيح لم تبدأ كتابته بعد وهي دخوله الي الحياة الجديدة والتي ستبدأ بعد موته ثم قيامته.

“قد أكمل” هو استكمالا لصلاة يسوع الكهنوتية قبل صلبه:”العمل الذي أعطيتني لأعمل، قد أكملته” (يو 4:17) فالسيد المسيح أكمل بر الناموس، وأكمل كل النبوات الخاصة به، وأكمل عمله الكرازي، كما كملت الخطايا الموضوعة على كتفيه وكمل أيضاً العار الواقع عليه وكمل آلامه بالجسد وكمل الغضب الواقع عليه.
“قد أكمل” هي هتاف الفرح والانتصار، هتف به الرب الذي صارع وملك، وأستطاع ان يشترينا بثمن.

ان كلمات يسوع تلك يجب ان تؤخذ بأكثر عناية في حياتنا فيجب ننظر الي انفسنا واقفين عند الصليب مع امنا ونسمع يسوع يتكلم بتلك الكلمات لنا نحن شخصيا ويجب علينا ان نسمح لربنا ان ينظر الي نفوسنا ويقول لنا:” قد أكمل”. ان يسوع يتكلم بتلك الكلمات لكل واحد منا قائلا:” ان خلاصك قد تحقق. موتي قد حطّم موتك الأبدي. كلمتي النهائية للنصر قد قيلت”ز بينما ننظر الي ذلك المشهد المقدس ونسمع لتلك الكلمات يجب ان نتطلع للسماح بأن تغيرنا تماما وتغير حياتنا نحو حياة افضل في المسيح.   

تدريب: اليوم، سواء انك كنت يقظا لتلك الكلمات لربنا له المجد في حياتك الشخصية فهل تسمح ان تطبق ذبيحة خلاصه لتمحو خطاياك؟ هل تثق في وعد الرب لك؟ وهل سمحت لموته ان يطهرك من ادناس هذا العالم؟ تأمل في تلك الكلمات “قد أكمل” “امال رأسه”، “اسلم الروح” واسمح لتسليم الرب لنفسه من اجلك ان تدفعك للندم والتوبة.

صلاة: ِ.يا امي الحبيبة صلي من اجلي كي ما انصت بكل ما في وبإنتباه لكلمات ابنك المقدسة وحتى اسمعه يقول لي قد تمم وحطمت تأثيلر الخطية فيك والموت لم يعد بعد قصاص لخطاياك”. آمين. قراءة وتأمل: دانيال1:13-62 ويوحنا1:8-11 ابانا والسلام والمجد.

اليوم السادس والثلاثون:الثلاثاء 9 ابريل- الثلاثاء من الأسبوع الخامس من الزمن الأربعيني – “يا أبتاه في يديك أستودع روحي”

تأمل: ” وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ”(لوقا46:23).

ان كلمات يسوع تلك كانت صلاة كاملة نابعة من أعماق قلبه الأقدس وتذهب الي قلب الحياة نفسها فهي قالت كل شيئ قهي صلاة تسليم كامل الي الأب السماوي وصلاة الثقة الغير متغيرة والدائمة. بينما امنا القديسة مريم تقف عند اقدام صليب ابنها فلا يوجد شك انها قد اتحدت بإبنها في صلاته التسليم الكامل وهي لن تقدم حياتها هي نفسها فقط مرة واحدة بل ستقدمها مرة أخرى للأب السماوي وتقدم أيضا حياة ابنها الحبيب.  تسليم ذواتنا الي الأب بلا شروط وبحب مطلق يجب ان يصبح رسالتنا اليومية فلا يوجد شيئ في الحياة اكثر أهمية من ذلك. لقد اختار يسوع ان يجعل من تلك الصلاة، صلاة التسليم هي اخر شيئ تكلم بها يسوع من فوق الصليب كما سجلها القديس لوقا، بينما القديس يوحنا في انجيله كشف ان اخر كلمات يسوع كانت “قد أكمل”. هاتان العبارتان من الرب يسوع جعلت واضحا من ان يسوع كان زاحدا تماما مع الأب حتى آخر لحظة وهو على الصليب. فكر في ذلك الأمر بينما كان يسوع معلقاً على الصليب وهو مهان وفي ألم لا يطاق اعطانا مثالا عظيما ومجيدا للتسليم وكاملا بكل الطرق فهو لم نظر الي نفسه وراجيا الرحمة او غاضبا او يائسا فالعنف الذي واجهه لم يبعده او يغيره عن الطاعة المستمرة والتسليم المطلق لأبيه السماوي ولمشيئته القدوسة.؟ لقد اختار يسوع اكثر حالة تعيسة وُجد عليها لكي يعترف بإتحاده الذى لا يفصم مع ابيه. في حياتنا نحن غالبا عندما نواجه بصلبان في طريقنا نبدأ ان نفقد الثقة والرجاء في الأب السماوي ونتفحص بدقة جروحاتنا ونتألم من الظلم والمعاناة ونسمح للضرر والحزن ان يبعد عيوننا بعيدا عن الله ونركزها على انفسنا فقط. ان تلك الصلاة التي نطق بها ربنا يسوع له المجد و كان لها صداها في قلب امنا القديسة مريم هي درس لكل منا فهي أولا قد صليت لأنها اكمل تعبير لمن هو يسوع، وثانيا تكلم بها من اجلنا لكي نشابه يسوع في كيفية عمق التسليم الي الأب في السماء. كم مرة امن تصلي تلك الصلاة؟ وهندما تصليها كيف تصبح بالتقريب هذه الصلاة ان تكون فعل حقيقي في حياتك؟ ان تسلّم هو فعل وهو اكثر من قرار ان تتخذه فهو فعل مستمر لتسليم مشيئتنا بالكامل الي ابينا السماوي.   

تدريب: اليوم سوف احدد وقتا للتأمل في الصليب والمصلوب كمثال حقيقي لحب يسوع مخلصي. وعليك ان تردد هذه الصلاة: “يا ابتاه في يديك استودع روحي” وترددها مرارا وتأمل أيضا في تلك الصلاة كما ولو أمنا القديسة مريم قد قالتها من عمق قلبها الطاهر فهي قدمت خياتها باستمرار واتحدت مع ابنها في لحظات حياته الأخيرة وقدماها معا للأب السماوي كعطية تسليم ازلية من الإبن والأم.

صلاة: يا امي الحبيبة مريم لا ترفضيي من أنكِ تقبليني بالقرب منكِ لأقدم انا أيضا حياتي لأبي السماويً. فيا أم الرحمة أنا أرجو غفران خطاياي أولاً بأستحقاقات موت مخلصي يسوع المسيح، وبأستحقاقات أحزانكِ التي قد تكبدتيها حين آلامه وموته. آمين. قراءة وتأمل: سفر العدد 4:21-9 ويوحنا 21:8-30 ابانا والسلام والمجد.

اليوم السابع والثلاثون:الأربعاء 10 ابريل-الأربعاء من الأسبوع الخامس من الزمن الأربعيني– “الأرض تتزلزل”

تأمل:” وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ”(متى51:27-53)

انه من المؤكد كان منظر مرعب بينما يسوع يلفظ أنفاسه الأخيرة مسلّما روحه، وها ان كل شيئ قد أكمل فإهتز العالم وكان هناك فجأة زلزال قوي مسببا كسر لحجاب الهيكل الي نصفين وكثير من الذين كانوا قد ماتوا في النعمة قد عادوا الي الحياة وظهروا للعديد من الناس. بينما امنا القديسة مريم تنظر الي ابنها المائت اهتزت هي الأخرى ولكن مع قيام بعض الموتى وزلزلة الأرض أصبحت الصورة لديها كاملة فلقد تم كل شيئ على الفور وذبيحة ابنها تمت والموت قد تحطم. ان انشقاق حجاب الهيكل قد فصل الآن ما بين الطبيعة الساقطة والذي حطمها الأب السماوي بين الحياة الجديدة واتحدت السماء مع الأرض وقدمت تلك الحياة والطبيعة الجديدة لتلك الأرواح القديسة والتي قد رقدت في قبورها والآن عادت للحياة. ان حجاب الهيكل هو جزء من الهيكل كانت حافته على ارتفاع عظيم من الأرض (مت 4: 5) فوق سطح رواق سليمان وكان يصعد إليه بدرج. وهذا المكان كان يشرف على واد عميق شرقية من علو 400 قدم. ان ذلك الحجاب كان سميكا وكان يفصل قدس الأقداس من باقي الهيكل وكان فقط رئيس الكهنة يدخل لذلك المكان المقدس مرة واحدة في السنة لتقديم الذبيحة الي الله عن خطايا الشعب. ولكن لماذا انشق ذلك الحجاب؟ وذلك لأن العالم كله الآن اصبح مكانا مقدسا وقدسا جديدا للأقداس. يسوع هو حمل الله الحقيقي الذي حلّ مكان تلك الذبائح الحيوانية التي كانت تقدم في الهيكل ومن كان محليا فقط وفي موضع واحد في اورشليم اصبح عالميا والذبائح الحيوانية المقدمة بصورة مستمرة من الإنسان الي الله أصبحت ذبيحة واحدة من الله للإنسان، لهذا اصبح الحجاب لا ضرورة له. ان معنى تقدمة يسوع على جبل الجلجلثة عن الجميع وامام الجميع هي دعوة لنا جميعا لنكتشف قدس الأقداس الجديد فلا حاجة الي رئيس كهنة وحده والمسموح له بدخول المكان المقدس ولكن الآن نحن مدعوون لنقترب من ذبيحة الحمل الحقيقي الذي بلا دنس وأيضا لقدس الأقداس حتى تتحد حياتنا بحمل الله. بينما امنا القديسة مريم وهي واقفة عند صليب ابنها وتراه وهو يموت تصبح اول من تحد تماما بحمل الذبيحة وقد قبلت دعوته لتدخل معه وبه الي قدس الأقداس وسمحت لإبنها رئيس الكهنة الأعظم ان يوحدها بصليبه ويقدمها هي أيضا الي ابيه السماوي.

تدريب: اليوم وامام الحقيقة المجيدة بأن قدس الأقداس هو من حولي وفي داخلي بقبولي لسكنى الروح القدس ولذا فأنا مدعو ان اتسلق صليب حمل الله لأقدم حياتي للأب السماوي وأيضا ان أقوم من قبر خطاياي لكي احصل على المجد العتيد المحفوظ لي في السماويات.  

صلاة:. يا امي المحبوبة مريم العذراء انت كنت اول من دخل الي قدس الأقداس الجديد  فصلي لأجلي حتى اصبح واحدا مع ذبيحة ابنك وصلي أيضا حتى اتخطى حجاب خطاياي وان اسمح لإبنك الإلهي كرئيس كهنة أعظم ان يقدمني الي الأب السماوي فأتمتع معك ومعه في المجد الأبدي. آمين. قراءة وتأمل: دانيال14:3-20 و91-92 و95  ويوحنا 31:8-42 ابانا والسلام والمجد,

اليوم الثامن والثلاثون:الخميس 11 ابريل- من الأسبوع الخامس من الزمن الأربعيني-“طعنة الجندي”

تأمل:”فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ”(يوحنا32:19-34).

بينما امنا القديسة مريم العذراء تتطلع الي جسد ابنها ورأت الجنود وهم يكسرون ارجل اللصان الذان كانا على يمين ويسار صليب ابنها فربما قد تتعجب وتتساءل ما الذي سيحدث مع ابنها وبينما هي تراقب نظرت فإذا احدهم يغرس حربة في جنبه. من المؤكد انها احست بألم شديد من تلك الحربة وهي تنغرس بوحشية في جنب ابنها ولكن ما حدث كان علامة عن رحمة الله اللامتناهية ففي الحال خرج دم وماء من جرح قلبه وكم من تلك العلامة من تأثير على قلب الأم فلقد فهمت معناها. يا ترى لماذا خرج دم وماء من جرح قلب يسوع وهو معلّق ومائتا على الصليب؟ فالدم والماء كانا علامات لحياة اسرار الكنيسة المقدسة فحتى في الموت وبينما جسد يسوع معرضا مرة أخرى للطعن فلقد حول تلك المهانة الي نعمة. بينما قلبه قد طُعن فلقد فتح بابا في السماء ليفيض رحمة مقدسة بلا نهاية فالدم هو نعمة ستقدم في سر القربان الأقدس اثناء ذبيحة الشكر في القداس الإلهي، والماء هو نعمة تفيض في سر العماد المقدس. بينما امنا القديسة مريم تنظر بحب وبحزن عميق لذلك الفيض من الدم والماء المتدفقان من جرح قلب ابنها، فربما لم تكن تتفهم تماما ان ذلك كان بداية لحياة اسرار الكنيسة المقدسة كما نفهما الآن ولكنها تعلم بالإيمان انها كانت شاهدة لبداية حياة جديدة ونعمة حصلنا عليها جميعا نحن البشر من ذبيحة ابنها على الصليب. ترى ما الذي يكشف ايمانك لك عن اسرار الكنيسة المقدسة؟ هل تفهم ان اسرار الكنيسة السبعة المقدسة هي قنوات لرحمة الله اللامتناهية نحونا؟ هل تتحققت من ان الإنتصار على الخطيئة والموت تم بيسوع المسيح على الصليب وقد أفيض عليك بواسطة تلك الأسرار السبعة من مراحم ونعم لا حدود لها؟ هل تفهم تلك الرابطة بين تلك الطعنة لقلب يسوع على الصليب وحياة اسرار الكنيسة المقدسة؟   

تدريب: اليوم وامام النعمة الغير اعتيادية لأسرار الكنيسة السبعة وانت تلاحظ الدم والماء الخارجان بقوة من جنب يسوع حاول ان تتأمل في ذلك الفعل جيدا وانظر الي نعمة العماد المقدس وسر الإفخارستيا وكل الأسرار وتخيل نفسك واقفا مع القديسة مريم عند صليب ابنها يسوع ورأيت ذلك الفيض من الدم والماء يتدفقان من القلب الأقدس ولمست وعاينت وآمنت ولذلك في الفترة الباقية من الزمن الأربعيني حاول ان تحضر القداس الإلهي بكل انتباه وشكر.

صلاة: أيا امي المحبوبة مريم العذراء صلي من اجلي حتى استمر فاتحا قلبي لرحمة ابنك والمتدفقة من قلبه الأقدس وان أكون اكثر متقبلا بكل شكر لتلك النعمة ان اتناول من جسده ودمه وان احصل على نعم الأسرار المقدسة بصلواتك وشفاعتك من اجلي. آمين. قراءة وتأمل: تكوين3:17-9 و يوحنا 51:8-59 ابانا والسلام والمجد.

اليوم التاسع والثلاثون:الجمعة 12 ابريل- جمعة ختام الصوم- “الرحمة”

تأمل: يسوع ينزل عن الصليب ويوضع في حضن أمه مريم

ان امنا القديسة مريم العذراء لم تعد تقف عند اقدام صليب ابنها متطلعة اليه فها هو الآن جسد يسوع موضوعا على يديها وهي تحتضنه بالقرب من قلبها الطاهر.

 انها لحظة قاسية على قلب الأم وهي تحتضن جسد ابنها المائت وأيضا هي لحظة فرح داخلي عجيب فهي تعلم انها ليست النهاية وان حزنها العميق سيتحول قريبا الي فرح لا يوصف وان احزانها الأرضية ومعاناتها ستنتهي فهي على رجاء ان موت ابنها ستعقبه القيامة. ان القديسة مريم قد تذكرت كلمات يسوع في حياته العلنية:” «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَحَزِنُوا جِدًّا”(متى22:17-23)، فلقد كانت شاهدة لكلماته وهي تؤمن بأن كلمته صادقة وحقيقية وستتحقق. وهي تعلم ان نبؤاته عن موته قد تحققت ولذا فنبؤته عن قيامته من المؤكد ستتم “في اليوم الثالث”. ان امنا القديسة مريم علمت ان حزنها سينتهي قريبا وسيتحول الي فرح وها هي في انتظار لتلك القيامة المجيدة. في كثير من حياتنا نواجه بأحداث تدفعنا أحيانا لليأس وتلك الأحداث قد تكون صغيرة او متعددة ويمكن ان تكون مرتبطة بعلاقاتنا مع الأخرين والتي قد تترك فينا مشاعر عدم الرجاء واليأس والإحباط. وفي بعض الأحيان نتعرض لأحداث دامية قد تتركنا في دوامة لا فرار منها. ان معنى تلك اللحظة التي تحتضن امنا مريم العذراء وليدها وهو مائت بلا حراك تشابه تلك الأحداث الدامية التي فيها نفقد عزيز او قريب ولكن مريم امنا لم ينتابها اليأس والإحباط ويهتز ايمانها بل انها صورة للحب الذي يقهر الخوف وصورة للإيمان الكامل في خطة الله الخلاصية من اجل البشر. ولنا ان نتخيل ان صلاة الأم أمام جسد ابنها المائت الموضوع في حضنها كانت كالآتي: “أيّها الجسد الطاهر، النقيّ، أيّها الجسد البهيّ، جسد إلهي وربّي وابني، المجد لك. أيّها الجسد الذي خلّص البشريّة وأعاد للإنسان بهاءه الذي خُلِقَ فيه، المجد لك، افرحي أيّتها الأرض منذ خلقكِ حتى فنائكِ، إنّ ابني قد خلّصكِ، وأعتقكِ من الألم والعبوديّة والخطيئة”.

تدريب: اليوم وبمعونة الروح القدس سأعمل عملا جيد نحو ……(اذكر الأسم).

صلاة: : “يا أيّتها العذراء المجيدة، كوني بالقربّ منّي في أوقات حياتي الصعبة، فإنك تعلّميني أن أتألّم، وأن أكفّرَ عن خطاياي، أن أحبّ الربّ، وأن أشعر بعنايته الأبويّة، وحنانكِ الأمومي” (القديس غرينيون دي مونفور).آمين. قراءة وتأمل: ارميا7:20-13 و يوحنا 31:10-42   ابانا والسلام والمجد

اليوم الأربعون: السبت 13 ابريل – (سبت لعازر)-” صمت القبر”

تأمل: “ فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا”(يوحنا40:19-42).

من وجهة النظر الأرضية كل شيئ قد ضاع فحياة يسوع قد انتهت ووضع جسده في القبر ودحرج الحجر على فم القبر وكل تابعيه قد افترقوا وتباعدوا فأين كانت مريم في تلك اللحظة؟

ان الكتب المقدسة لم تذكر لنا اين كانت امنا القديسة مريم موجودة في مساء الجمعة الحزينة وحتى فجر احد القيامة. لقد احتفظت بذاكرة يوم الجمعة في قلبها وطوال حياتها كانت تحفظ جميع أمور ابنها منذ حبلها الطاهر به وميلاده في بيت لحم وتقدمته في الهيكل ونبؤة سمعان وزيارة الرعاة والمجوس وصراخ أطفال بيت لحم وغربتها في ارض مصر ومعيشتها في الناصرة وطفولته وحياته العلنية وتعاليمه ومعجزاته ومقاومة رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة وعذاباته وحتى موته في قلبها. ولكن مع كل ذلك فان قلبها الطاهر كان على ثقة ورجاء تام وايمان ملؤه الثقة في تدابير الله من ان مشيئة الله الأب سوف تكشف عن محبته لخلاص البشر حتى انه بذل ابنه الوحيد. ان الرجاء هو عطية غير عادية من الله فليس هو رغبة او امنية او فكر او توقع فالرجاء هبة تجعل وعود الله في داخل قلب كل واحد منا يؤمن بالله حقيقة ثابتة، فالوعود التي قدمها تعكس مشيئته السماوية وعندما نسمع لتلك الوعود فعلينا ان نؤمن انها تتحقق فهو صادق وآمين.

تدريب: اليوم وامام تلك الأحداث التى حدثت في السبت المقدس بينما الكثير امتلأت قلوبهم باليأس والإرتباك كانت مريم العذراء قلبها ممتلئ بالرجاء فهو تعلم بلا ادنى شك ان اشياء مجيدة سوف تأتي وان ابنها قد اتمم رسالته للخلاص وانه على وشك اعادة حياة جديدة للجميع لمن يؤمنون به فتأمل في رجاؤك في وعود يسوع واتخذ القديسة مريم مثالا لك في رجاؤها وايمانها ومحبتها الدائمة ولا تشك في لحظة ان الله قد اعد لك خلاصا هذا مقداره لنوال الحياة الأبدية في فردوس النعيم.

صلاة: أيتها البتول الفائقة القداسة، أمّ سيدنا يسوع المسيح، بحق الحزن الغامر الذي اختبرته عندما شهدتِ عذاب، صلب، وموت ابنك الإله، انظري إليّ بعين الشفقة، وأيقظي في قلبي إحساس المؤاساة الرقيقة للمعذبين، وكرهاً صادقاً لخطاياي، حتى إذا ما تحررتُ من الميول غير الضرورية تجاه الأفراح الزائلة على هذه الأرض، أتوق إلى أورشليم السماوية و تتجه كل أفكاري وأفعالي من الآن فصاعداً تجاه هذا الهدف الذي أرغب به كثيراً. وهو التسبيح، المجد، والحب لربنا يسوع، ولأمّ الله القديسة الطاهرة مريم العذراء. آمين. قراءة وتأمل: حزقيال 21:37-28 و يوحنا 45:11-57

الاحد  14 ابريل (أحد الشعانين):

تأمل: وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا، وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!”(مرقس8:11-9)

في قراءات هذا اليوم نواجه بخبرات ومشاعر متباينة، فنبدأ احتفالتنا بالإستماع الي قصة يسوع وترحيب الجموع به عند دخوله الي اورشليم بفرح وصياح “اوصنا”،”اوصنا في الأعالي”، “اوصنا يا ابن داود”. استقبل يسوع وعومل كما يجب ان يُعامل فالشعب كان متشوقا لرؤيته. لكن تلك الإثارة تحولت بسرعة الي صدمة ورعب بينما نحن ندخل أكثر وأكثر لقراءات ذلك اليوم، فالأنجيل يعكس صورة يسوع معلقاً على الصليب صارخاً:”ايلي ايلي لما شبقتني؟ الهي الهي لماذا تركتني” وبعد تلك الصرخة امال رأسه واسلم روحه وعند تلك اللحظة سجدوا الحاضرين في صمت بينما يتطلعون لحقيقة موت المسيح. كيف يمكن للأشياء ان تتغير في أسبوع واحد قصير؟ ماذا حدث لكل ذلك الشعب من كانوا يصرخون ويهتفون ويسبحون عند دخوله الإنتصاري في اورشليم؟ كيف سمحوا له ان يدخل الي ساحة الصلب والموت؟ ان الإجابة العميقة لمثل ذلك السؤال والذي لا يمكن لأحد ان يتوقعه هو انها إرادة الأب السماوي. إرادة الأب وبسماحة منه ان الكثيرين سيبتعدون عنه وينكرونه ويسمحوا ان يُصلب، فذلك مهم جدا ان نتفهمه.  في اية لحظة اثناء بدء هذا الأسبوع المقدس، كان يمكن ليسوع ان يمارس سلطانه السماوي ويرفض ان يحتضن الصليب ولكنه لم يفعل بل بإرادته سار خلال هذا الأسبوع متوقعا وعالما بالمعاناة والرفض الذي سيقابله وفعل ذلك بشجاعة وبدون اسف او ندم فهو ماض نحو الجلجثة والقيامة بكل إرادته وطاعته للأب السماوي.  لماذا يفعل مثل ذلك الشيئ؟ لماذا اختار العذاب والموت؟ لـقد ماـتُ عـلى الصليب..لكي تكون لنا حياة، ولكي تكون لـنا دالة عند الأب السماوي، ولكي تكون لنا مغفرة ولكي يكـــسو عرينا، ولأنه أحبنا نحن بني البشر، ولكي يعطينا الـمجد والـملكوت، ولـكي يتم ما قيل بأنبيائه وليعطي لنا رجاء القيامة. نتيجة لتلك الذبيحة الكفارية على الصليب نضع الآن الصليب معلقا في كنائسنا ومنازلنا كتذكير دائم لأعظم فعل حب عرفه العالم وان الله اعظم من الموت نفسه وان له الغلبة والنصرة الأخيرة حتى ولو بدا انها اختفت. دع اذا هذا الأسبوع ان يهبك رجاء سمائي حيث انه غالبا ما ينتابنا حالات اليأس وعدم الإستحقاق، فلا شيئ يمكنه ان يسرق منا فرحنا إلا اذا ما ابتعدنا عنه “ مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟”(رومية35:8).   

تدريب: امام المشاعر المتضاربة من احد الشعانين حتى الجمعة العظيمة فابعد عنك الخوف والإرتباك واليأس اذا ما رأيت يسوع الملك يُصلب ويموت وتأمل فقط في فعل الحب الذي سمح الأب السماوي لإبنه الوحيد ان يقاسي الآلام والموت باذلا حياته من اجلك انت وها هو يدعوك ان تفعل مثله فتأمل في الصليب في حياتك واعلم ان الله يمكنه ان يحول ما تراه صليبا الي قيامة مجيدة ورحمة لا توصف فانظر دائما نحو الصليب وتذكر ان القيامة جاءت عن طريق الصليب.

صلاة: أيها الرب ربنا مثل عجب صار اسمك على الأرض كلها , لأنه قد ارتفع عظم بهائك فوق السموات , من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحا. الرب الجالس على الشاروبيم ركب على جحش ابن أتان ودخل إلى أورشليم بتواضع عظيم لكي يتم ما قيل بالنبى القائل: قولوا لابنه صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان. وحمل الأطفال سعفا من النخيل وخرجوا للقائة وكانوا يصرخون أوصنا في الأعالى مبارك الآتى باسم الرب ملك اسرائيل. والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق , وآخرون قطعوا أغصانا من الشجر وفرشوها في الطريق والجموع  الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين: أوصنا لابن داود مبارك الآتى باسم الرب , مباركة مملكه أبينا داود الآتيه باسم الرب , أوصنا في الأعالى. ولما دخل أورشليم ارتجت المدينه كلها قائلة: من هو هذا؟ فقالت الجموع: هذا هو يسوع الذي من ناصرة الجليل. فيا ربنا هيىء نفوسنا لنسبحك ونرتل لك ونباركك ونخدمك ونشكرك كل يوم وكل وقت وكل ساعه. لكي بقلب طاهر وشفتين نقيتين نعترف ونصرخ نحو أبيك القدوس الذي في السموات ونقول: أبانا الذي…. قراءة وتأمل: اشعيا4:50-7 وفيليبي6:2-11 ومتى14:26-75

يوم الاثنين 15 ابريل من البصخة المقدسة[4]– ” دهن قدمي يسوع” بالطِيب:

تأمل:” فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ”(يوحنا3:12)

لكم هو جميل فعل الحب هذا نحو يسوع فهذا العِطر ثمنه اكثر من اجر 300 يوما وهذا يمثل مبلغا كبيرا ولكن من المدهش ان نلاحظ ان يهوذا الإسخريوطي قد عارض ذلك الفعل ومتعللا بانه يمكن بيعه وإعطاء ثمنه للفقراء. لكن الإنجيل المقدس ذكر بوضوح ان يهوذا لم يكن مهتما بالفقراء لكن لكونه كان معه الصندوق:” قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ”(يوحنا6:12). وهناك ملاحظة أخرى وفيها كيف ان يسوع قد رفض موقف يهوذا معنفا إياه قائلا:” اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ، لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ»”(يوحنا7:12-8). اذا ما قال تلك المقولة شخصا آخر لكان يقال انه يركز على نفسه او محبا للكرامة الشخصية، ولكن لقد قيلت من فم يسوع الذي ليس فيه غش او انانية في محبته. ولكن ما هذا كله؟ وماذا تعني؟ انها عن حقيقة ان يسوع عالما بما تحتاجه مريم وبقوله هذا كشف ما يحتاجه من كل شخص منا فنحن نحتاج لعبادة يسوع وإكرامه وان نجعله هو مصدر حياتنا، ليس لأنه محتاج منا ان نعامله بتلك الطريقة ولكن لأننا نحتاج ان نعامله بكل حب وتسليم وثقة ساجدين تحت اقدامه ذارفين دموع التوبة والندامة. إكرامه في حب وتواضع هو ما يطلبه منا لقداستنا وسعادتنا نحن ويسوع عالما بكل ذلك فلهذا قد كرّم مريم في فعل محبتها هذا. ان تلك القصة تدعونا ان نفعل نفس الشيئ فهي تدعونا ان ننظر الي يسوع وان نجعله هو مصدر العبادة والسجود والحب، وتدعونا أيضا انه برغبتنا وإرادتنا الحرة ان نلقي بكل اعمالنا عند قدميه مشابهين لذلك العِطر المسكوب فلا شيئ ذو ثمن امام يسوع ولا شيئ ذو قيمة اكثر من فعل السجود والعبادة نحو يسوع.  ان العبادة نحو الله هي اصدق شيئ يمكن عمله واهم شيئ  انه فعل سوف يغيرك الي شخص كما يجب ان تكون وكما خلقه الله فانت مخلوق لتعبد الله وتمجده وهذا يتم عندما تعبد الله في تواضع وتكرس نفسك بكليتها له وحده لذا قد قيل:” تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولي والعظمي” (مت37:22-38).

تدريب: اليوم، هل ترغب ان تسكب كل ما لك عند اقدام يسوع؟ هل حقا تعبد يسوع بالقلب والفكر والإرادة ام ان حبك وعبادتك له بالكلام واللسان فقط؟ ابحث في داخلك جيدا وافحص ضميرك وتقدم في ندامة تامة نحو سر المصالحة معترفا بخطاياك وعجزك عن عبادة الله من كل القلب.

صلاة: لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين. عمانوئيل إلهنا وملكنا
لك القوة والمجد والبركة والعزة. يا ربي يسوع المسيح لك القوة والمجد والبركة والعزة
إلى الآبد، أمين.  قراءة وتأمل:    اشعيا1:42-7 ويوحنا 1:12-11       

الثلاثاء 16 ابريل (البصخة المقدسة)-“خيانة مؤلمة”:        

تأمل:” لَمَّا قَالَ يَسُوعُ هذَا اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ، وَشَهِدَ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي!»(يوحنا21:13).

انه من المهم ان نلاحظ ان يسوع كان في شدة الإضطراب وهذا يشير الي طبيعته البشرية فهو له قلب بشر واحب يهوذا الإسخريوطي بحب سمائي من خلال قلبه البشري وكنتيجة لذلك الحب الكامل ليهوذا اضطرب قلب يسوع. لقد اضطرب من جهة ان يسوع لا يمكنه ان يصنع شيئا آخر اكثر من هذا ومن اختياره ليكون احد رسله فلم يستطع ان يغير فكر وقلب يهوذا. انه ليس ان يسوع قد غضب شخصيا او اهين من خيانة يهوذا بل ان قلب يسوع اشتعل بحزن عميق لفقد يهوذا ذلك الذي احبه حبا كاملا. “فغمس اللقمة ورفعها وناول يهوذا ابن سمعان الإسخريوطى” (يو26:13). لنا ان  نتخيل أثناء العشاء، هذا المشهد من السر المقدس. نتأمل شخص يسوع الهادئ، المتأمل ، المتألم. فقال لهم:  اشتهيت شهوة شديدة أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم. (لو٢٢: ١٥).  وفى هذه اللحظة، وبصوت منخفض، يعبر يسوع لتلاميذه عن حزنه العميق قائلاً:  الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني. (يو١٣: ٢١).  ارتبك يهوذا لإنه أمام  “ثمن الخيانة” استبدل إله الحب بعبوديته للمال. يراه يسوع ويدير نظره عنه. يلفت انتباهه ويعطيه اللقمة ويقول له إفعل ما أنت فاعل وعجل.(يو27:13). انقبض قلب يهوذا، فذهب ليحصد المال الذي به يسلم يسوع بقبلة. ان يهوذا لديه إرادة حرة وبدون إرادة حرة كان ليس في إمكانه ان يحب يسوع ولكن مع حرية الإرادة تلك اختار يهوذا ان يخون يسوع وهذا أيضا حقيقي بالنسبة لنا فلدينا إرادة حرة واعطيت لنا نفس المقدرة التي كانت لدى يهوذا ان نقبل حب يسوع او نرفضه ويمكننا ان ندع هدية حبه لخلاصنا ونعمته ان تدخل في حياتنا او نرفضها فهي 100% مسؤوليتنا وقرارنا نحن.  

 تدريب: أنت، إن كنت تشعر فى داخلك بقساوة الخيانة أو المعاناة التى تتسبب فيها الحروب الأهلية والانقسامات بين الإخوة، قدم ذاتك ليسوع فهو، بقبوله قبلة يهوذا، يقبل كل الخيانات الأكثر ألماً.نعرض على مدار أسبوع الآلام كل يوم مرحلتين من مراحل درب الصليب.

صلاة: يا ربي والهي المتألم والمرذول انا احبك ولكن أيضا انا اعلم انني سببت لقلبك الأقدس الإضطراب بخيانتي فساعدني لكي اري خطيئتي بأمانة في الأسبوع المقدس هذا حتى يمكنني ان اتركها بمعونتك وان احتفظ بحبك لي واسير معك الي الصليب لأشارك مجد انتصارك المجيد. آمين. قراءة وتأمل: اشعيا1:49-6 ويوحنا 21:13-33 و36-38   

يوم الاربعاء 17 ابريل من البصخة المقدسة ” في موضع الإنكار”

تأمل: “ إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!». فَأَجَابَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟» قَالَ لَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ»”(متى24:26-25).

هل يهوذا الإسخريوطي في حالة إنكار؟ هل هو في الحقيقة فكر انه ليس هو من يخون يسوع؟ اننا لسنا نعرف بالتأكيد ماذا كان يدور في فكر يهوذا ولكن شيئ واحد كان واضحاً انه قد خان يسوع. وواضح من كلامه انه لم يكن يرى ان فعلته كخيانة ولذلك فهو في حالة انكار شديد. ان الإنكار اذا ما تم تعريفه في اللغة يعني انا لا اعلم حقيقة انني اكذب. ربما كانت خطيئة يهوذا عميقة لدرجة انه لم يعترف في قرارة نفسه ببما يدور في نفسه بل ليدع الأخرين يقولون انه كاذب وانه يجهز لخيانة يسوع من اجل المال  وفي هذا الفكر شيئ مرعب للغاية. انه مخيف لأنه يكشف احدى تأثيرات الخطيئة المقاومة فهي تجعل الخطيئة سهلة وفي الحقيقة عندما يصر على فعل نفس الخطيئة فتكون تلك الخطيئة سهلة إيجاد سبب مقنع لإرتكابها ويصعب انكارها لأنها تصبح متغلغلة داخل النفس ولا يرى مرتكبها انها خطيئة. اذا ما وجد شخص قد وضع في تلك الحالة ويقترف الخطيئة بصور دائمة ومتكررة فانه يكون من الصعب التخلص منها وغالبا ما تكون الطريقة الوحيدة للإنقاذ هو شد نفسي ليظل في حالة انكار مستمر. ان ذلك الدرس مهم لنا وخاصة في هذا الأسبوع المقدس فالخطيئة ليست مفرحة للنظر اليها. فلنتخيل ان يهوذا قد اعترف فعليا عما كان ينوي فعله وتخيل أيضا انه قد سجد امام يسوع ورسله واعترف بكل خطته فربما كان فعلته تلك كانت سببا في اتقاذ حياته ونفسه من الموت الأبدي ومع انها قد تكون مهينة بعض الشيئ له ولكنها اكثر فائدة روحية له.    

تدريب: اليوم مع كلام يهوذا ليسوع:”هل هو انا يا سيدي” ان تلك المقولة الحزينة من يهوذا قد اصابت قلب يسوع وهو يرى انكار تلميذه الذي كان معه في رسالته وتأمل أيضا في المرات العديدة التي انكرت انت فيها خطيئتك وتكاسلت عن الإعتراف بها ورفضت التوبة والندم. حاول ان تجعل هذا الأسبوع المقدس فترة للخلوة وفحص الضمير بأمانة مسترشدا بالروح القدس واعترف بها طالبا الرحمة والمغفرة وثق ان باب الرحمة مازال مفتوحا والرب يسوع مازال ينتظرك.

صلاة: يـا آبت القدوس، هـل تسمع لقاتلك المجنون ومُسلمك وناكرك أن يحادثك؟. أرفع اليك صلاتي، حديثي، مأساتي، انا لم اعرفك حق المعرفة كنت اتبعك فقط ليقولوا انني احد اتباعك وامراء مملكتك. لقد سلّمتك بكل ما في من دنس وشر وخطيئة وتمرد وتراب. يا من أذقتني حلاوة القرب منك فى تلك السويعات التى عشتها معك هل لك أن تشعرني مرة أخرى بلمسات يدك الـمعزية. ان عنايتك بي ستطيح بيأسي.همسك سينسيني الخوف.رحمتك ستجذبني ونور قبرك الفارغ هو رجاء لا ينطفئ لي. يا معلم ساعدني فأنا مسكين إذا ابنعدت عني وشقي وبائس لو فارقتني حمايتك وتعيس اذا ما فقدت حبك وحنانك. ارحمني يا يسوع انا الخاطئ هذا الذي كان خير لي ان لم أولد .آمين.

قراءة وتأمل: اشعيا4:50-9أ و متى14:26-25

الخميس 18 ابريل (خميس العهد)-” سر الفخارستيا”

تأمل:” لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلًا: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي».فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ”(1كورنثوس23:11-26).

نبدأ اليوم الثلاثي الفصحي المقدس وهو الثلاث اجتفالات العظيمة في ايماننا الكاثوليكي. نعم هناك عدة احتفالات تقام طوال السنة الطقسية ولكن هذه الثلاث احتفالات هي قلب إيماننا وتنعكس في كل عباداتنا وطقوسنا. نبدأ اليوم بالإحتفال بهدية الرب لسر القربان الأقدس الذي اعطي لنا من خلال سر الكهنوت الذي اسسه السيد المسيح. غدا سندخل الي سر صليبه والسبت بعد الغروب سندخل مجد قيامته. في مساء الخميس المقدس نبدأ احتفالية الثلاثة أيام القصحية بتذكار العشاء الأخير، ذلك الحدث في التاريخ قد اخذ مكانه في ليلة عشاء الفصح حيث اشترك يسوع مع رسله وبدأ إعطاء الهدية التي جلبت لنا الخلاص. ففي الخميس المقدس نستمع للرب يسوع يقول لأول مرة:”هذا هو جسدي” ويشير الي عطية سر القربان المقدس كهبة لنا اعطي لقداستنا وتكميلنا. انه العطية الي لا يمكن ابدا ان نقدر ان نفهمها او نستوعبها فهي عطيّة إعطاء ذاته بالكلية لنا كذبيحة حب.  إذا ما أمكننا ان نفهم فقط سر الإفخارستيا واذا ما استطعنا ان ندرك ونفهم هذه الهبة الثمينة والمقدسة. ان سر الإفخارستيا او سر القربان الأقدس هو الله نفسه حاضر في عالمنا واعطي لنا ليحولنا الي ما يجب ان نكون. سر الإخارستيا هو الطريق الحقيقي ليحولنا لنشابه السيد المسيح نفسه، فإننا بأخذنا للقربان الأقدس ننجذب الي حياة سمائية الهية في الثالوث الأقدس فنصبح واحدا مع الله ونُعطى خبز الأبدية. أسس الرب يسوع هذا السر لان به الثبات فيه “من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه” (يو6 : 56) وبه ننال الحياة الأبدية “أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل احد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم” (يو6 : 51).  وبه ننال الخلاص والاستنارة “الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا” (كولوسي 1 : 14).

 

وقد قال الرب للتلاميذ “هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري”(لوقا 19:22). وفي خميس العهد وفي نفس الليلة قدم يسوع أيضا مثالا للتواضع الكامل والخدمة ونحن جميعا مدعوون ان نتمثل به اذا ما اصبحنا واحدا فيه، فلقد غسل ارجل تلاميذه لكي يعلمهم ويعلمنا ان جسده ودمه قد أُعطي لنا لكي نستطيع ان نحب كما احبنا هو. سر الإفخارستيا اذا سيحولنا الي خدام حقيقيين مدعوون للتواضع وعمل الرحمة نحو الأخرين فالخدمة لها اشكال عديدة ولكن هي ما يجب علينا ان نغمله ان كنا ثابتين فيه.  لذلك فالتناول من جسد ودم الرب له أهمية قصوى: الثبات في الرب: “من يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيَّ وأنه فيه” (يو56:6). وكذلك التناول هو الخبز الروحي: “من يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير” (يو54:6). “من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد” (يو58:6). وهذا التناول هو عملية تطعيم كما في الأشجار (رو17:11؛ يو5:15). كما نقول في القداس: “يُعطى عنّا خلاصًا، وغفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه”، مثل قول الكتاب في (عب22:9؛ 1يو7:1). والتناول أيضًا هو عهد مع الله: فنقول في القداس الإلهي قول الكتاب “لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتي، وتعترفون بقيامتي، وتذكرونني إلى أن أجيء” (1كو26:11).

والآن هل انت تخدم من حولك؟ هل تتواضع قبل ان تعتني بأهم احتياجاتهم؟ هل تظهر لهم انك تحبهم بفعل الخدم هذا؟ ان هذا كله هو قلب الخميس المقدس خدمة التواضع هو تعبير جميل لتشبهنا واتحادنا بإبن الله.  انه أحيانا كثيرة العظمة يساء فهمها فهي في الغالب تفهم على انه تحقيق الذات والنجاح والإعجاب وغالبا أيضا نحن نريد ان الأخرين يعجبون بما نحققه ونطلب منهم المديح. لكن يسوع قدم معنى آخر عن العظمة ففي خميس العهد ارانا ان العظمة الحقيقية نجدها في فعل الخدمة المتواضعة. ان نشابهه يتطلب ان نسلّم ذاتنا ونخضع كبرياؤنا وهذا سيجعلنا نتناول من سر القربان الأقدس ونحن في حالة ايمان حقيقي فالحب والخدمة هما فعل سيفوز بقلوب ونفوس الأخرين لملكوت السموات. وعلينا اذا ان نحرص ان لا نخضع للدينونة كقول بولس الرسول:” إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ.لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ”(1كورنثوس27:11-29).

تدريب: في هذا المساء سواء انك حاولت ان تشابه الرب يسوع ام لا في أعماله البشرية، هل تتعهد ان تبحث عن الطرق التي تساعدك لخدمة الآخرين وان تظهر لهم محبة الرب لك ولهم وتعتني بهم؟ دع أحداث الخميس المقدس ان تحولك حتى يمكنك مشابهة اعظم شيئ قدمه يسوع لنا في تلك الليلة. حاول ان تزور سبعة كنائس في هذه الليلة في متذكراً ومتأملا في مراحل تنقّل يسوع المسيح السبعة ليلة الامه: من العلية إلى البستان (متى 26)، من البستان إلى حنّان (يوحنا 18)، من حنّان الى قيافا (يوحنا 18)، من قيافا الى بيلاطس (متى 27؛ يوحنا 18)، من بيلاطس الى هيرودس (لوقا 23)، من هيرودس الى بيلاطس ثانيةً (لوقا 23)، وعند بيلاطس كان الجلد والمحاكمة، واطلاق برأبّا، فإلى الصلب (متى 27؛ مرقس 15: لوقا 23؛ يوحنا 19). 

صلاة: أيها الرب يسوع ساعدني لكي افهم معنى ان أكون خادما وساعدني ان احيا حياة الخدمة في تواضع وإذا ما تناولت من جسدك ودمك الأقدسين اتحول الي انسان جديد كما انت تريده ان يكون. يا ربّ، زدنا إيماناً بك، وبعمل أمك العذراء مريم في التدّبير الخلاصيّ، لنكون لك دائماً زواراً، وشهوداً لحضورك في القربان المقدّس في كنائسك واديرتك الشاهدة لحضورك المقدّس في قلب العالم. آمين.

قراءة وتأمل: الخروج1:12-8 و11-14 و 1كورنثوس23:11-26 و يوحنا1:13- 15  ابانا والسلام والمجد.

الجمعة 19 ابريل (الجمعة العظيمة)-“الرب يواجه الموت”

تأمل: في هذا اليوم المظلم تأمل في كلمات يسوع الأخيرة وهو على الصليب فالكتاب المقدس قد سجّل سبع كلمات قبل ان يموت يسوع فتوقف عند كل كلمة وتأمل في معانيها الروحية بالنسبة الي حياتك:

  • “يا أبتاه أغفـر لهم لأنهم لا يدرون ما يعملون”…كلمات الغفران وصفـح عجيب
  • “اليوم تكون معي فـى الفردوس”..كلمات التعزية وغفران عجيب..
  • “يا امرأة هوذا ابنك..هوذا أمك”..كلمات الرفق وعنايـة عجيبـة..
  • “الهـي..إلهـي لـماذا تركتنـي”..كلمات الوحدة وترك عجيب..
  • “أنـا عطشان”..كلمات الألم وإحتياج عجيب..
  • “قـد أُكـمل”..كلمات الإنتصار ونصـرة عجيبـة..
  • “يا أبتـاه فـى يديك أستودع روحـي”..كلمات التسليم وموت عجيب.

أولا: اغفر لهم يا ابتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون

مغفرة يسوع للآخرين في غمرة الامه عجيبة ولدرجة لم يسبق لها مثيل فهو يفكر في انقاذ صاليبه، لان ابن البشر لم يأت لكي يهلك، بل ليخلص الناس جميعا، والخطأة قبل الابرار، وهو لم يطلب الغفران فحسب، وانما التمس لهم عذرا عندما قال انهم لا يدرون ماذ يفعلون. فاذا كان المسيح يغفر لصاليبه، ويلتمس لهم العذر، فما موقفنا نحن البشر؟ الا نغفر لمن أبغضونا وأغضبونا، ولمن أتعبونا واضطهدونا، ولمن ضايقونا وأساءوا الينا، لكي نتمتع ببركة المغفرة ونشترك مع المسيح في حبه للبشر؟. فان تغفروا للناس زلاتهم يغفر لكم ابوكم السماوي وان لم تغقروا للناس لا يغفر زلاتكم. هل يمكنك ان تقول مثل تلك الكلمات؟ هل يمكنك ان تصلي للرب من اجل من اساء اليك طالبا منه الغفران؟ دع الدينونة الي خالقك وقدم الرحمة والمغفرة.

ثانيا: اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك… اليوم تكون معي بالفردوس

لم يسمع لص اليمين الكثير عن السيد المسيح، وكل ما سمعه عبارة يسوع على الصليب ” اغفر لهم يا ابت ….” فهزت كل كيانه، لانه لم يصدق لاول وهلة أذنية، حتى أخذ يسأل نفسه من هذا الرجل الذي لا يبالي بالالم والموت، ويهتم بالاشرار وصالبيه؟ انه ليس مجرد انسان، أو نبي، وأدرك أن المصلوب الى جواره هو رب وملك، فاخذ يصيح من شدة انفعاله اذكرني يا رب….، انه طلب من يسوع أن يشركه في مملكته الابدية وهكذا كان جواب يسوع: اليوم تكون معي بالفردوس.

وأما نحن، أليس بالحري بنا أن نعرف المسيح كما عرفه لص اليمين، وقائد المئة، والجماهير المحتشدة التي قرعت الصدور؟ وأن نعطي الاولوية في صلاتنا الى السماويات لا الى الارضيات لنكون مع المسيح في الفردوس؟. انه يقدم لنا الخلاص بدءا من هذا اليوم وهو يقدّم لنا في وسط ما نعانيه من شدة او ضيق او ألم، فهل ننصت الي عرضه لك بأن يهبك هبة الرحمة؟ هل يمكنك ان تستمع لدعوته ان تشترك معه في هديته للحياة الأبدية؟ دع يسوع يدعوك لفردوسه الأبدي وافتح قلبك وحياتك لدعوة الخلاص.

ثالثا: يا امراة هوذا ابنك، ثم قال للتلميذ هذه أمك

هذه العبارة مفعمة بالمشاعر الرقيقة والحب التي جاش بها قلب يسوع الفادي نحو أمه الحنون، التي رافقنه الام الصليب والتي تنبأ لها سمعان الشيخ عندما قال لها وأنت يجوز في نفسك سيف، فقد مزق السيف قلبها منذ البشارة وحتى الجلجلة، ألم يفكر القديس يوسف بتركها سرا؟ ألم يولد ابنها الا في مغارة، ولم يزره الا الرعاة والمجوس، وأما الولاة ورؤساء الكهنة فقد ناصبوه العداء حتى الصليب. يسوع اهتم بأمه كثيرا بعكس ما يدعي البعض،فلم تهن عليه دموع أمه واحزانها وهي تشاهد ابنها مصلوبا يصارع الموت، فعهد بها الى تلميذه الوحيد يوحنا الحبيب الذي تبعه حتى الصليب، ليتدبر أمرها، ويعتني بها ويكون لها ابنا في وحدتها، ومن ذلك الحين أخذها التلميذ الى بيته.

الا بجدر بنا أن نقبل من السيد المسيح، أمه مريم كأحسن هدية، لنحافظ عليها ونحبها، ونجعلها تقيم في بيت كل واحد منا، كما فعل يوحنا الحبيب؟ فاذا ما احتضناها في بيتنا الارضي تحتضننا في بيت ابنها الابدي. فهل تقبل ام يسوع لتكون امك الروحية؟ هل كرّست ذاتك بكليتها لها؟ ان بفعل التكريس هذا سيضعك تحت حبها وحمايتها.

رابعا: الهي الهي لماذا تركتني

قاسى يسوع حرمانا وتركا كثيرا في حياته، فقد جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله، وها هو على الصليب يشعر بالوحدة والترك، ويصرخ صرخة العذاب وصرخة العتاب.

ان صرخة العذاب تقودنا الى أن ألم يسوع لم يكن وهميا او خياليا او ظاهريا، وانما هو ألم حقيقي، ونزاع حقيقي، وان عذابه ابتدأ منذ أن أراد أعداؤه أن يرجموه بالحجارة، أو أن يلقوه من فوق الجبل، الى بستان الزيتون حيث ترددت العبارات المطالبه بصلبه، الى الرعاع حاملين السيوف والعصي، الى المحاكمة، والبصق، واللكم، والى دار الولاية، والثوب القرمزي، واكليل الشوك، والضرب على راسه بقصبة، والاستهزاء به، ونزع ثيابه، حتى موته على الصليب.

صرخة العتاب لا تعني ان الاب قد ترك الابن للعذاب، بل كانت مشيئة الاب أن يتالم الابن من أجل خلاص البشر، وكانت مشيئة الابن ان قبل مشيئة الاب، اي ان الترك كان باتفاق بين الاب والابن من أجلنا وخلاصنا نحن البشر.

امام هذا الصراخ المدوي والعذاب والعتاب، الا يجدر بنا ان نتسلق الجلجلة ونصل الى الصليب، الى ذلك الجسد الممزق لكي نكتشف حبه العظيم، الذي يحمله في قلبه الكبير الى كل واحد فينا، ونخرعند اقدامه راكعين تانبين طالبن منه الرحمة والصفح عن

خطايانا. ان الله يعلم ما نعانيه ونواجهه في هذه الحياة وهو هناك معنا في كل تلك التجارب والمحن ليعيننا لنعبرها في ايمان وقوة وتسليم.

خامسا: انا عطشان

ان الذي صنع السماء والارض والبحر وما عليها يقول انا عطشان، الذي وقف ونادي في الهيكل، ان عطش أحد فليقبل الي ويشرب يقول انا عطشان ، الذي سقى السامرية ماء الحياة يقول انا عطشان. انه عطشان فقدموا له اسفنجة مملؤة خلا ووضعوها على زوفا وأدنوها الى فمه. انا عطشان هو نداء كشف أعماق الانسان، وحقارته وجحوده، فقد بخل الانسان على سيده بقطرات من المياه وهو صانعها وخالقها، وتركه يموت في عطشه.

انا عطشان، انها دعوة يوجهها يسوع المائت على الصليب والمياه تتدفق من جنبه، الى الانسان العطشان الى خيرات هذه الدنيا ولا يرتوي، بان يلتفت الى من يعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا. تخيل اذن ان يسوع يقول لك تلك الكلمات:”انا عطشان لك” فهي كلمات العطش لحبك له ويمكنك ان تروي ظمأه بان تستجيب لدعوته بأن تبادله حبه.

سادسا: قد تم

ماذا أتم بسوع على خشبة الصليب؟ أتم النبؤات والامور التي جاءت في العهد القديم في ناموس موسى والانبياء والمزامير، كما أتم الحب والفداء والامانة التي أظهرها في تتميم مشيئة الاب والخضوع لكل ما حدده له، فيسوع منذ البدية اعطى الاولوية لارادة ابيه وعمل بمشيئه حتى الموت على الصليب، لقد أتم يسوع الفداء على الصليبـ وبذلك يكون قد قدم للبشرية أعظم شي تحتاجه، ومحا الصك الذي كان ضدنا، مسددا مطالب العدل الالهي. وهو لم يطلق هذه الصرخة عند اعتلائه الصليب بل عندما اتم مشيئة الاب وكل شيء. الا يستحق هذا المصلوب، الذي افتدانا ليس بدم تيوس وعجول، وانما بدمه دم الحمل الذي لا عيب فيه ان نرجع اليه تائبين، وان لا نقسي قلوبنا اذا سمعنا صوته؟.

سابعا: يا ابتاه في يديك استودع روحي

عندما أخذ يسوع الخل، قال كل شي قد تم، ونادى بصوت عظيم: يا أبتاه في يديك استودع روحي. وأمال رأسه واسلم الروح. وهذا يدلنا دلالة واضحة على اتحاد يسوع الدائم بالاب، وهو القائل انا والاب واحد، وقوله طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني، وقوله لامه في الهيكل علي ان اكون فيما هو لابي.

كانت صرخة يسوع هذه صرخة ظفر وانتصار، ملؤها البهجة والاطمئنان، وكأني بيسوع يرى الاب مادا له ذراعيه، فنادى يسوع الاّب في راحة وامان: في يديك استودع روحي.

والان وبعد أن تم الخلاص والفداء، واستطاع نسل المرأة أن يسحق راس الحية، وبعد أن استطاع يسوع ان يدمر ممكلة الشيطان، وبعد ان اكتمل الصلح بين الله والانسان، الا يجدر بنا أن نتأمل بمراحل الصليب وبأقوال يسوع، ونسجد عند قدميه خاشعين تائبين، ونقول: بيديك انصرني وبصليبك يا رب نجني.

تدريب: في هذا اليوم تفهم ذبيحة حب يسوع من اجلك وتأمل بعمق في كل مراحل الألم فحبه غزير لا توقفه سدود او جبال.

صلاة: يارب ان اعلم انك عطشان لروحي وانك قد اتممت ما بدأته بموتك على الصليب من اجل خلاصي وخلاص العالم، فساعدني لكي افهم حبك واقبله في حياتي، وساعدني ان اغفر وان ادعوك الي عمق ظلمات خطاياي فتبددها بنورك. أشكرك يا سيدي من اجل عطية دمك المقدس لمغفرة خطاياي وفتح باب فردوسك لأجلي. آمين.

قراءة وتأمل: اشعيا13:52-53 و عبرانيين 14:4-16و7:5-9 ويوحنا 1:18-19 و 42أ  ابانا والسلام والمجد.

السبت 20 ابريل(ليلة عيد القيامة)-“صمت القبر”

تأمل: اليوم، هناك صمت عظيم فالمخلّص قد مات وهو راقد في القبر وامتلأت القلوب بحزن كبير غير محكوم وارتباك وتساؤلات فهل حقا قد ذهب كل الرجاء وتبخرت كل الأمال؟. تلك المشاعر وغيرها من الأفكار اليائسة ملأت عقول وقلوب الكثيرين ممن احبوا وتبعوا يسوع. انه في هذا اليوم ونحن نكرّم يسوع فهو في الحقيقة مازال يعظنا فلقد نزل الي ارض الموت الي الأنفس المقدسة والتي ماتت قبله وذلك لكي يهبهم عطية الخلاص. لقد جلب معه هدية الرحمة والخلاص الي موسى وإبراهيم والأنبياء وغيرهم. انه يوم الفرح العظيم لكل هؤلاء ولكنه هو أيضا يوم الحزن العظيم والتشتيت لمن هم رأوا المسيّا وهويموت على اىصليب. انه من المهم ان نتطلع الي ذلك التناقض الظاهري فيسوع ينهي فعل الخلاص  وهو اعظم فعل محبة قد عرفته البشرية على الرغم من وجود الكثيرين من كانوا في ذهول وارتباك ويأس وهذا يرينا كيف ان طرق الله بعيدة وفوق كل طرقنا او إدراكنا. الذي يظهر على انه خسارة عظيمة يتحول بالفعل الي مجد عظيم ونصر لم يُعرف من قبل. انه بالنسبة الي حياتنا يجب ان ننظر الي يوم السبت المقدس على انه يذكرنا انه على الرغم من ان الأشياء تبدو من اكثر المآسي ولكنها ليست كذلك فالله الإبن من الواضح انه يقوم بعمل عظيم وهو راقد في القبر فهو يتمم رسالته للخلاص فهو يغير حياة ويدفع نعمة ورحمة. ان رسالة السبت المقدس واضحة تماما فهي رسالة رجاء وليس رجاء من للعالم بل رسالة رجاء سمائية. انها رسالة الثقة والرجاء في الله وخطته والرجاء في الحقيقة ان الله دائما لديه خطة عظيمة للإنسان، والله قد يستخدم المعاناة وفي هذه الحالة الموت كوسيلة وطريق قوي للخلاص.

تدريب: اقضي بعض الوقت اليوم في صمت وحاول ان تدخل الي فهم ما حدث في يوم السبت المقدس واسمح للرجاء السمائي ان ينمو في داخلك لتعرف بقيمة القيامة المجيدة.

صلاة: يا يسوع المسيح ذا الإسم المخلص الذي بكثرة رحمته نزل إلى الجحيم وأبطل عز الموت انت هو ملك الدهور غير المائت الأبدي كلمة الله الذي على الكل راعي الخراف الناطقة رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذي صعد إلى السموات وصار فوق السموات ودخل داخل الحجاب موضع قدس الأقداس الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية وسار سابقًا عنا صائرًا رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكي صادق انت هو الذي تنبأ من أجلك أشعياء النبي قائلًا: مثل خروف سيق إلى الذبح ومثل حمل بلا صوت أمام الذي يجزه هكذا لا يفتح فاه رفع حكمه في تواضعه وجيله من يقدر أن يقصه جرحت لأجل خطايانا وتوجعت لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليك وبجراحاتك شفينا كنا ضالين مثل خراف أتيت يا سيدنا وأنقذتنا بمعرفة صليبك الحقيقية وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي من أجل هذا نسبحك ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونمجدك ونشكرك كل حين نسأل ونطلب إليك يا محب البشر اللهم إقبل ذبيحتنا منا يا سيدنا كما قبلت قرابين وبخور وسؤالات رؤساء الآباء والأنبياء والرسل وجميع قديسيك طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا ونياتنا لكي بقلب طاهر ونفس مستنيرة ووجه غير مخزي وإيمان بلا رياء ومحبة كاملة ورجاء ثابت نجسر بدالة بغير خوف أن نقول الصلاة المقدسة التي سلمتها لتلاميذك القديسين ورسلك الأطهار قائلًا لهم إذا صليتم فأطلبوا هكذا وقولا يا أبانا الذي في السموات…. الخ

قراءة وتأمل: تكوين1:1-2:2 و تكوين1:22-18 و الخروج15:14-15:1 واشعيا5:54-14 و اشعيا 1:55-11 و باروك9:3-15 و32-4:4 وحزقيال16:36-28 و رومية3:6-11 ومرقس1:16-8

وكل عام وأنتم فى ملء النعمة فى المسيح يسوع.        

                                                    اخوكم الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس انجلوس في اول مارس 2019

40 Days at the Foot of the Cross: A Gaze of Love from the Heart of Our Blessed Mother by John Paul Thomas


[1]يبدأ الصوم في الكنيسة الكاثوليكية الغربية من 6 مارس وحتى 21 أبريل 2019 بينما يبدأ الصوم الكبير في طقس الكنيسة القبطية بمصر من 11 مارس وحتى عيد القيامة يوم  28أبريل 2019

[2] جميع القراءات الواردة حسب الطقس اللاتيني

[3]يستمد الرماد رمزيته من رواسب ما تتركه النار أو ما يتبقى من الإنسان بعد مماته. يرمز أيضاً الى هشاشة الوجود البشري. في الكتاب المقدس، يضع المؤمن الرماد على رأسه يوم اربعاء الرماد، للدلالة على توبته وبدء مسيرة عودته الى الله:”أذكر يا إنسان أنك من التراب والى التراب تعود.”(تك ٣ / ١٩). الرماد يرمز الى خطيئة الإنسان وهشاشة كيانه. أما جلوس التائب على الرماد, مثل أيوب، فيدل على صدق شعوره(أي ٤٢ / ٦)،  وتغطية رأسه بالرماد تمثل نوعاً من الإعتراف العلني والإقرار بخطئه وضعفه مستمطراً بذلك رحمة الله ووعد المسيح بالمكافأة، أي بالتاج بدل الرماد…(أشعيا٦١/  ١ – ٣). تبدأ أيّام الصيّام والتوبة في الكنيسة  مع حفلة تبريك الرماد ورسمه بشكل صليب على جباه المؤمنات والمؤمنين. وليس هذا من قبيل الصدفة أو الاصطلاح بل هو اتّباع تقليد عريق في الكنيسة ينبع من الكتاب المقدّس. فالمراحل الصياميّة الكبيرة في الكتاب المقدّس العهد القديم، كان يرافقها رشّ الرماد على الرأس وبكاء ونحيب (راجع ١مل،٢١ ٢٧-٢٨؛ أيوب ،١٦ ١٥-١٦؛ ٢صم ،١٥ ١٦؛ استير ،٤ ٣؛ عزرا ،١٠ ١؛ يهوديت ،٩ ١؛ مزمور ،٣٥ ١٣-١٥؛ يونان ،٣ ٧٥؛ يوئيل ،١ ١٣-١٤؛ لاويين ،٢٣ ٢٦-٣٢؛ دانيال ،١٠ .١٢)

[4] سواعي البصخة :كلمة بصخة في كل اللغات تعنى العبور (تذكار لحادثة عبور الملاك المهلك (خروج 12:23). تم تقسيم اليوم إلى خمس سواعي نهارية وخمس ليلية

الخمس النهارية تحتوى على (باكر – ثالثة – سادسة- تاسعة – حادية عشر)

الخمس الليلية تحتوى على (أولى – ثالثة – سادسة – تاسعة – حادية عشر)

(أما في يوم الجمعة العظيمة فتصلى الكنيسة صلاة سادسة وهي صلاة الساعة الثانية عشر).