ما أحوجنا اليوم إلى الثقة بيسوع
تأمل في قراءات السبت 2 فبراير 2014 الموافق التاسع من شهر أمشير1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“فرفع يسوع عينيه ونظر أن جمعا كثيرا مقبل إليه ، فقال لفيلبس : من أين نبتاع خبزا ليأكل هؤلاء وإنما قال هذا ليمتحنه ، لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل أجابه فيلبس : لا يكفيهم خبز بمئتي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئا يسيرا قال له واحد من تلاميذه ، وهو أندراوس أخو سمعان بطرس هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان ، ولكن ما هذا لمثل هؤلاء فقال يسوع : اجعلوا الناس يتكئون . وكان في المكان عشب كثير ، فاتكأ الرجال وعددهم نحو خمسة آلاف وأخذ يسوع الأرغفة وشكر ، ووزع على التلاميذ ، والتلاميذ أعطوا المتكئين . وكذلك من السمكتين بقدر ما شاءوا فلما شبعوا ، قال لتلاميذه : اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء فجمعوا وملأوا اثنتي عشرة قفة من الكسر ، من خمسة أرغفة الشعير ، التي فضلت عن الآكلين فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا : إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم”. (يوحنا 6 : 5 – 14)
نص التأمل
فيلبس ذلك التلميذ الجميل
كان شخصا قد تعود على قياس الأمور بعقلانية وألف استخدام المنطق واتقن الحساب…
كان يملك القدرة على الإقناع ويجيد استخدام البرهان ” تعال وانظر” هكذا أجاب نتنائيل…..
لكن يبدو انه برغم اتباعه ليسوع كل تلك الفترة لم يك مدربا بعد جيدا
على الإستلام لعمل الروح في حياة وتاريخ البشر
وحين سمع الرب يسوع يطلب إلى التلاميذ ” اعطوهم أنتم لياكلوا”
قام بعملية أحصائية حسابية سريعة: فقدر عدد الحاضرين
في كم من الخبز سيحتاج كل منهم ليأخذ شيئاً يسيرا في سعر الرغيف
فكانت النتيجة في لحظة “لا يكفيهم خبز بمئتي دينار”
هذا إلى جانب الصعوبات العملية الكائنة في الوقت اللازم للذهاب والإياب والبحث والإعداد…..
كلا كلا يبدو تحقيق ذلك مستحيلا …
من المنطقي ان نصرف الجموع وأن نمضي نحن أيضا لننال ما يلزمنا من راحة وغذاء
لقد تعبنا وأياك ثلاث أيام متواليات في البرية وآن الأوا أن نستريح….
لكن يبدو اصرار المعلم على تجاهل المنطق مقصودا ومتعمدا…. لماذا؟؟
وما يغيظ في الأمر هو تلك المقترحات الغريبة من الرفاق والتلاميذ
إذ يسمع رفيقا يقول فيما يتجاور البساطة و يقارب السذاجة بمنطق البشر…
” ههنا صبي معه خمس أرغفة وسمكتين ”
ولحسن الحظ سمعه يستطرد فيما يشبه العودة الى المنطق وتحكيم العقل
” لكن ما هذه بالنسبة لتلك الجموع؟”
الحمد لله ما زال هناك من يؤمن بالمنطق ويستخدم القياس
فماذا تعني خمس خبزات لخمسة آلاف؟
تعني رغيفا لكل الف لو نال كل منهم شمّة منه لمات الجميع جوعا…..
وما أدراك بسمكتبن صغيرتين لا تكفيان لإطعام طفل
ساد المنطق وانتصر ولبرهة شعر بالإنتصار…
لكنه لم يصدق إذنيه حين سمع يسوع يقول “احضروهم إلىّ”
وكاد يسقط من الهول حين أمرهم ان يتكئوا الجموع خمسين خمسين استعداد للطعام…
أي طعام راح المنطق وانتحر القياس
تحطمت كل قواعد الرياضيات وغاب كل تصور بشري
صار الموقف محرجا أكثر من ذي بدء
ولم يعد هناك مكان لحل الأزمة المتفاقمة سوى لشيء أعظم وأعلى… شيء لا يتصوره عقل
حقا ليس على هذا المعلم أمر عسير ولا من شيء غريب
لقد رأه يصنع العديد من العجائب ويجترح الكثير من المعجزات …
ها قد أزفت ساعة المعجزات فلا شيء غيرها يقدر ان يغيير الحقيقة
مهلا ألا يملك يسوع هذا الشيء المعجزة””؟؟؟
نعم ولكن نلك الآلاف من الأفواه الجائعة ستلعنه حتما
إذا ما اتكأت ولم تجد ما تأكل بعد أن تبعته لثلاثة ايام وقد نسيت الجوع.
يرى المعلم وكأنه يعرف ما هو مزمع أن يفعل يأخذ الخبزات بيديه الطاهرتين ويرفع عينيه الساحرتي الجمال نحو السماء وشفتاه تتمتمان بكلمات شكر وصلاة ، يناجي الآب السماوي ثم يمسك بالخبزات ويبارك ويكسر ثم يكسر ويناول التلاميذ القريبين منه ليناولوا الجمع بدورهم …
يقف رجل المنطق مذهولا لا يريد ان يصدق عينيه يود أن يتحقق من أين تخرج تلك الخبزات الطازجات وهاته السمكات الشهيات… يدقق ويبحلق علّه يصل لتفسير لما لا يصل إليه خيال البشر… وعندما يحين دوره يقف أمام الرب مباشرة ليتناول من يده ما يعطي…
يباغته الرب بنظرة ثاقبة مادا يديه بالارغفة الطازجات والسمك تفوح مه رائحة الشواء
” وكان لسان حاله يقول ” يا قليل افيمان لماذا شككت…ليس عند الله شيء غير مستطاع”
يأخذ الطعام ويذهب في الطريق إلى احدى تجمعات المتكئين فيستقبلونه فرحين مهللل
يضع أمامهم ما في يديه من الخبز والسمك المشوي
ويقف لينظر ويتأكد من أنهم ياكلون بحق وان ما تراه عيناه الآن ليس حلما أو وهماً !!
أكل الجميع حتى شبعوا واحتفظت بعض الأمهات لأطفالهن ببعض الكسر
وجمعوا ما فضل أصبحت المعجزة تحتاج إلى صنع إثنتي عشر قفة لجمع الكسر…
ألا تحمر خجلا أيها المسيحي ومازلت تحيا بمنطق البشر!!!!!
صلاتي اليوم
الأب/ بولس جرس
علمني يا رب
خذ يا رب منطقي وهبني ان أعيش بمنطقك
طالما وثقت يا سيدي بعقلي وبمقاييس منطقي
طالما جمعت أرقامي وحسبت نفقاتي
ولطالما فشلت وتعبت وسيطر الإحباط على والشك والتعب
كنت أعيد الحسابات دوما وكانت الأرقام تبدو ثابتة
لكن النتيجة ليست ابدا ذاتها
تعلمت اليوم يارب من تجربة ابي فيلبس
فيلبس رجل المنطق والقياس
أن أخلع مقاييس منطقي امام قوة لاهوتك
وأن احل سيور حذائي واقف خاشعا أمام سلطانك
وأن امد يدي فحسب لأتناول من جودك
ما يشبع الآخرين ويفتن قلبي ويبهر عيني ويهدهد روحي
علمني ان اثق فيك أكثر من ثقتي بذاتي
وأن اتصرف بمنطقك انت لا بمنطقي وقياسي
ما أحوجني اليوم إلى الثقة بك وحدك يا يسوع
يا رب علمني