كأس ماء
“من سقاكم كأس ماء باسمي قلن يضيع أجره”
تأمل في قراءات الجمعة, 19 ديسمبر 2013 – 25 كيهك ت1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“وجاء إلى كفرناحوم. وإذ كان في البيت سألهم : بماذا كنتم تتكالمونفيما بينكم في الطريق فسكتوا ، لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعضفي من هو أعظم فجلس ونادى الاثني عشر وقال لهم: إذا أراد أحد أن يكونأولا فيكون آخر الكل وخادما للكل فأخذ ولدا وأقامه في وسطهم ثم احتضنهوقال لهم من قبل واحدا من أولاد مثل هذا باسمي يقبلني ، ومن قبلني فليسيقبلني أنا بل الذي أرسلني فأجابه يوحنا قائلا : يا معلم ، رأينا واحدا يخرجشياطي باسمك وهو ليس يتبعنا، فمنعناه لأنه ليس يتبعنا فقال يسوع : لاتمنعوه ، لأنه ليس أحد يصنع قوة باسمي ويستطيع سريعا أن يقول علي شرا لأن من ليس علينا فهو معنا لأن من سقاكم كأس ماء باسمي لأنكم للمسيح ،فالحق أقول لكم : إنه لا يضيع أجره” (مرقس 9 : 33 – 41)
نص التأمل
تأملنا في مرات عديدة موضوع هذا الإنجيل ولا شك نتذكر ” من الأعظم”، “قانون الإحتكار” واليوم نتطرق إلى كاس ماء:
عندما أراد الرب يسوع أن يرسل تلاميذاً إلى العالم كانت لديه أفكارخاصة وتصورات معينة وسمات مدروسة، طريق مرسوم ومنهج يجب ألا يحيد عنه أحد…كان يريدهم أن يحملوا سمات المعلم أن يجولولون في العالم ” يصنعون خيرا ويشفون كل سقم”،أنقياء أبرياء بلا سلاح، بلا غظاء أو كساء أو غذاء… ولا حتى شربة ماء… وكانت النتيجة مذهلة على عكس كل تصور قلب البشر…فكيف لأولئك العزّل البسطاء أن يغيروا العالم ؟ كيف لمن لا يمتلك حجرا يسند إليه رأسه ولاحتى شربة ماء أن يصبح سيدا ومعلما ورسولا…
هكذا أراد المعلم الأعظم وهكذا كان له عبر طاعة الرسل والتزامهم بمباديء تعليمه فانطلقوا والشك يحيط رسالتهم والريب يظلل نجاحهم وكوابيس الفشل والرفض تصرخ في باطنهم، لكن إيمانهم بالمعلم وثقتهم فيه جعلتهم يذهبون بلا أي سلاح أو عناد أو مئونة وكانت الثمار مذهلة بكل المقاييس:
لا يحملون سلاحاولم يفتحوا بلادا، لكن خضعت لهم الأباطرة والملوك
لم يقودوا جيوشا ولا اقتحموا حصونا بل لم يتعد قولهم “رسالة سلام “، وقد قهروا العالمين
لم يكن حوارهم فلسفة أو لاهوتا لكن كم أذهلوا بحكمتهم الفلاسفة والحكماءوالحاكمين
لم يتمكنوا من إتقان اللغات العالمية لكن سمعهم الجميع يتحدثون كل بلغته
لم يكونوا ملمين بأركان العلوم والفنون لكن كانوا هم من فجر ينابيعها
لم يدرسوا الطب ولا حملوا العقاقير لكن كانت في لمستهم شفاء وإبراء
لم يستخدموا مكبرات الصوت ولا أقمار البث وقد بلغت أصواتهم إلى أقاصي المسكونة
لم يحملوا مالا ولا زادا وقد أثروا بغناهم جميع قبائل الأرض…
لم يمتلكوا دلوا أو كوزا أو زمزمية أو حتى كوب ماء
لكنه أعطاهم موهبة العطاء المجاني والسلام والشفاء …
لا غرو إذن فهم تلاميذ ذاك الذي قال للسامرية ” الماء الذي أعطيه انا لا يعطش من يشرب منه” حقا إنهم لم يملكوا حتى كوب ماء، ارخص الأشياء، أبسط الأشياء، أروع الأشياء… لكنهم فتحوا عيون العالم على نبع الحياة نبع الخلاص نبع الضياء .
ربي في مقابل كوب ماء غيّرت العالم ، هبني في هذه الأيام المباركة أن أفتح باب بيتي لأستقبل إخوتي العطشى والجوعي والبردانين بلا مأوى أن أقدم لهم كوب ماء وطبق حساء، فرشاً وغطاء … وقبل ذلك كله حباً واحتراما ودفئاً …لعل ذلك يكفل لى نصيبا في الحياة الأبدية كوعدك لرسلك” الحق أقول لكم: من سقاكم كاس ماء بإسمي لن يضيع أجره”.