خاص بموقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي
وافانا التاريخ الكنسي أن أحدى الراهبات تدعى مرغريتا مريم الأكوك التي ولدت سنة 1647والتحقت برهبانية زيارة العذراء ولها من العمر 24سنة، وفي يوم 16/6/1675 وهي تسجد أمام بيت القربان المقدس ظهر لها يسوع بنوع خاص وأشار لها إلى قلبه المطعون بالحربة وقال لها: « هذا هو القلب الذي أحب البشر كل الحب حتى أنه أفنى ذاته دلالة على شدة حبه لهم .وعوض الشكران لا أري منهم إلا الاحتقار والإهانات» وانتشرت في أوربا إلى أن جلس على السدة البطرسية البابا اكليمنضوس 13(1758-1769) وثبتها ببراءة بابوية صادرة بتاريخ 6/7/1735.ثم تطور الأمر إلى إنشاء مسبحة الرحمة أو مسبحة جراحات سيدنا يسوع المسيح. وأجمل الأبيات المكررة في مسبحة الرحمة هي الدعاء الآتي:
س) أيها الآب الأزلي، إني أقدم لك جراحات سيدنا يسوع المسيح.
ج) لكي تشفي جراحات نفوسنا.
والدعاء الثاني:
س) يا يسوع، اغفر لي وارحمني.
ج) باستحقاقات جراحاتك المقدسة.
وعلى حسب التقليد هذان الدعاءان المؤلفان المسبحة، وقد علّمهما يسوع المسيح نفسه للراهبة الخادمة المدعوة مريم شمبن والتي رقدت في الرب يوم 11/3/1907، في دير الزيارة، بمدينة شمبري.
ودخلت عبادة قلب يسوع في كنيستنا القبطية الكاثوليكية في عهد الأنبا كيرلس الثاني مقار، بطريرك الأقباط الكاثوليك وسائر الكرازة المرقسية، وصدرت في يوم 25 مايو 1899 أن يكرس في ذلك الوقت العالم أجمع لقلب ابن الله فتكون هذه العبادة ختام للقرن التاسع عشر وعربونًا يضمن للمؤمنين السعادة والعمل في القرن العشرين. وانتشرت رسومات قلب يسوع ولذلك لا تسمح الكنيسة بأن يعرض صور قلب يسوع لعبادة المؤمنين إذا صوّر القلب وحده لئلا يظن البعض أننا نفصل القلب عن شخص يسوع المسيح.
وذلك بمناسبة تكريس البابا لاون 13 (1878-1903) القرن العشرين لقلب يسوع الأقدس..وما أروع ما سطره الطيب الذكر الحبر الروماني البابا لاون 13 سنة 1899«لما كانت الكنيسة تئن تحت نير القياصرة ظهر الصليب في الفضاء لقسطنطين كفأل وعلامة لانتصار قريب، وها إنه اليوم ظهرت أمامنا علامة إلهية وفأل سعيد وهو قلب يسوع الأقدس فوقه الصليب يتلألأ بضياء باهر في وسط اللهيب. ففيه نضع رجاءنا وعليه اتكالنا ومنه نلتمس الخلاص… ».
أولاً: قلب يسوع في الأناجيل:
1- مت11/29و30:« اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم، لأَنَّ نِيري لَطيفٌ وحِملي خَفيف ».
2- يو19/34«لكِنَّ واحِداً مِنَ الجُنودِ طَعَنه بِحَربَةٍ في جَنبِه، فخرَجَ لِوَقتِه دَمٌ وماء ».
3- يو20/28: «ثُمَّ قالَ لِتوما: هَاتِ إِصبَعَكَ إِلى هُنا فَانظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ فضَعْها في جَنْبي، ولا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل كُنْ مُؤمِناً ».
4- يو21/20 «فالتفَتَ بُطرُس، فرأَى التِّلميذَ الَّذي أَحَبَّهُ يسوعُ يَتبَعُهما، ذاكَ الَّذي مالَ على صَدرِ يسوعَ في أَثناءِ العشاء وقالَ له: يا ربّ، مَنِ الَّذي يُسلِمُكَ؟».
ثانيا: قلب يسوع في فكر آباء الكنيسة:
1- القديس يوحنّا ذهبيّ الفم:
« إنّ دم الحمل الذي جعل على عتبة بني إسرائيل في مصر كان رمزًا عن دم المسيح ومنه اتخذ كل قوته فدفع عنهم ملاك الرب لما ضرب أبكار مصر. فإنّ قويّ الرمز على ردّ ذراع الرب فما قولنا عن الحقيقة؛ ولكن انظر مورد هذا الدم الكريم المحي ألا وهو جنب المسيح… فلما طعنه الجندي خرج منه الماء أولاً وهو ماء المعمودية الذي يغسل أقذار خطايانا ثم خرج الدم وهو الدم السري الذي يروينا. قد فتح الجندي جنب إلهي وهدم الحاجز الذي كان يحجب عني قدس الأقداس وها إني وجدت كنزًا ثمينًا وأصبت غنى طائلاً… هذا هو جنب آدم الجديد الذي نزعت منه وقت نومه على الصليب حواء الجديدة أيّ الكنيسة عروسة المسيح ولذلك يحق القول في الكنيسة وفي أبنائها أننا لحم من لحمه وعظم من عظامه». وكتب في محل آخر “إن قلب يسوع إلهنا مفتوح. فلندنوا منه، ولنقبل النعم الزاخرة التي تتدفق منه بغزارة”.
2- العلامة أريجانيوس لونيدوس الإسكندري:
« إنّ يوحنّا (الحبيب) الرسول لمّا سند رأسه إلى قلب يسوع وجد فيه كنوزًا دفينة من الحكمة والعلم فعرف حق المعرفة خفايا الرب وأعلن بها إلى العالم».
3- القديس أمبروسيوس أسقف ميلان:
« قد طعن الجندي جسد الرب بعد موته ففاضت الحياة من الميت وسال للبشر ماء غسل ذنوبهم ودم بذل فداهم. فلنشرب ثمن خلاصنا كي نفدى بشربه».
4- القديس بطرس داميانس (+1071):
« قلب يسوع هو بخزانة تحوي جميع كنوز النعمة وينبوع الحياة الدائمة».
5- القديس برنردس (+1159):
« قلب يسوع هو مسكن النفوس، ومقدس الأقداس، وتابوت العهد، وتمنى أن يجعل له مظلة في هذا القلب يسكن فيها إلى الأبد ».
6- القديس أنسلمون (+1109):
« محبة قلب يسوع نحو البشر».
7- القديس توما الإكويني (+1274):
«إن طعنة الجندي في جنب يسوع المسيح هي تشبه بباب فلك نوح الذي منه دخلت الحيوانات الناجية من الطوفان».
8- القديس يوحنا أود:
«أي قلب يستحق عبادة أعظم وحبا وإعجابا أكثر من قلب الإله المتأنس. فما أجزل ما يستحقه من الإكرام، هذا القلب الإلهي، الذي هو منبع خلاصنا وأَصل كل سعادة ونعمة».
9-القديس بونافنتورا:
«أيها الإنسان اتحد بقلب المسيح، وسترى بأية غبطة سيغمرك. فمن المستحيل أن يعبر عنها. اختبر أنت نفسك هذا النعيم».
10- القديسة فوستينا:
«أيها الدم والماء، اللذين تدفقتما من قلب يسوع مثل سيل من الرحمة من أجلنا، إني أثق بك».
11- القديس يوحنا ماري فيني:
« فلنذهب كلنا إلى قلب يسوع، إلى عرشِ الجودة الإلهية. آه لو كنا نَدري كم يحبنا هذا القلب الإلهي، لكنا نموت فرحا. إنَّ السعادة الوحيدة التي على الأرض هي أن نحبه وأن نعلم أنه يحبنا ».
12- القديس أوغسطينوس:
«قد أحسن الإنجيلي بقوله أنّ الجندي فتح جنبه ولم يقل أنه طعنه أو جرحه دلالة على أن جنب الرب باب الحياة تفجرت منه أسرار الكنيسة التي دونها لا يدخل أحد الحياة» و سطر في محل آخر« قد فتح لك باب الحياة لما طعنت حربة الجندي جنب المسيح فاذكر ما سال منه واطلب به الطريق إلى الخلاص». وكتب في محل آخر «إن لونجان (الجندي الذي طعن يسوع بالحربة في جنبه)، قد طعن جنب المخلص بحربته، أما أنا فقد دخلته وأستقر فيه بأمان».
13-القديس بولينوس دي نولا(+1431):
«قلب ابن البشر منهل الحكمة».
وانتشرت هذه العبادة في الشرق المسيحي الكاثوليكي في إرهاصات القرن الثامن عشر. وقد كتب البابا بيوس التاسع إلى مسيحي الشرق وذلك في 8 كانون الأول 1864« … ونخص المؤمنين الشرقيين أن يلوذوا في كل حاجاتهم بالرب السيد المسيح الذي فدانا بدمه ويعبدوا التعبد الصادق لقلبه المملؤ عذوبة وحلاوة ويطلبوا من هذا القلب الذي ضحّى نفسه لأجلنا كذبيحة الحب ومحرقة الوداد كي يجذب قلوب البشر إليه ويقيدها بمحبته فتنال كلها من ديم فضله الطافح وتثمر أثمار النعمة والخلاص».
وقد سطر البابا لاون 13« يا يسوع المملؤ عذوبة وحلاوة يا فادي الجنس البشري انظر إلينا نحن المنطرحين أمام مذبحك بكل تواضع. أننا ذووك ونريد أن نكون خاصتك فلكي نستطيع أن نتحد بك برباط أوثق ها إننا اليوم نخصص نفوسنا إجمالاً وأفرادًا لقلبك الأقدس. إنّ كثرين من البشر لم يعرفوا قط عزّك الإلهي وقد جحد غيرهم خدمتك ونبذوا وصاياك. فنسألك يا يسوع الكلي الحنوّ أن تعطف على هؤلاء جميعًا برحمتك وتجتذبهم إلى قلبك. أملك أيها الرب الإله ليس فقط على لفيف المؤمنين الذين داوموا على خدمتك بثبات بل أيضًا على الذين أعرضوا عنك كالابن الشاطر وتناءوا عن عبادتك فامنح هؤلاء الضالين أن يعودوا إلى بيت أبيهم لئلا يتلفوا بؤسًا ويهلكوا جوعًا. أملك اللّهم على الذين انقادوا إلى الآراء الفاسدة أو انفصلوا بالشقاق فاهدهم إلى سبيل الحق ووحدة الإيمان لكي تكون عمّا قليل حظيرة واحدة وراعٍ واحدٍ. وأملك أخيرًا على جميع الأمم الذين يدينون بدين الأوثان ولا تأب أن تقودهم من ظلمة الشرك إلى نور الله وملكه فأنعم أيها السيد على كنيستك بالسلام والحرية التامة وامنح كل الأمم والشعوب عيشة آمنة في الألفة والنظام. وهب ألا يسمع من أقاصي الأرض إلى أقاصيها سوى صوت واحد: ليمجد القلب الإلهي الذي به فزنا بالخلاص له العز والإكرام إلى أبد الآبدين.آمين».
بنعمة الله
مراسل الموقع بإيبارشة سوهاج
أخوكم الأب إسطفانوس دانيال جرجس
خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما
stfanos2@yahoo.com