بقلم: روبير شعيب
روما، الخميس 20 نوفمبر 2008 (Zenit.org).
“الله لا يضع في القلب أمنيات قوية إذا كان لا يريد أن يحققها”، “أتوق لكي أكون مرسلة” وأبشر في أقاصي الأرض. هذه كلمات القديس تريز الطفل يسوع والتي تبين عن شوقها لتكون كل شيء لأجل حب يسوع: مرسلة، مبشرة، معلمة، شهيدة. يصعب الظن أن تريز كانت ترغب بأن تذهب أبعد من الأرض وأن تصل رغباتها التبشيرية الرامية إلى “جعل الحب محبوبًا” إلى الفضاء. ولكن ما حدث مؤخرًا يحمل تريز فعلاً أبعد من الإطار الارضي.
فقد سلمت الكرمليات الحافيات في نيو كاني (الولايات المتحدة) ذخائر من القديسة تريزيا الطفل يسوع لرائد الفضاء رون غاران لكي ترافقه في رحلته الفضائية.
ففي الربيع الماضي اتصل غاران بالراهبات الحبيسات طالبًا إليهن أن يرافقنه بصلواتهن في الرحلة الفضائية التي سيباشر بها، وعبّر عن جهوزيته لحمل ذخائر مقدسة توكلها الراهبات إليه في الفضاء. فما كان من الراهبات إلا أن أوكلن إليه ذخائر القديسة الفتية التي لم تفارق قط، بعد تكرسها بالنذور، حصن ليزيو في فرنسا.
خلال الأيام الـ 14 لسفر الذخائر في الفضاء، صلت الراهبات بكثافة لكي تمطر القديسة “وابلاً من الورود على الأرض”، كما كانت صلاتها قبل رقادها بالرب.
كانت مهمة غاران تصحيح اتجاه مكوك يباني في الفضاء، وقد تابعت الراهبات مجريات أعمال غاران عبر الاقمار الاصطناعية التي عمدت “نازا” على نقل صورتها.
لا يمكننا إلا أن نذكر هذا النص الجميل الذي فه تعبر تريز عن اكتشاف دعوتها في قلب الكنيسة: “أشعر بدعوة إلى الكهنوت والرسالة والتعليم والاستشهاد.. أشعر في نفسي بالحاجة والشوق، إلى أن أقوم في سبيلك، يا يسوع، بكلِّ الأعمال الأكثر بطولة!.. مع أني صغيرة، أتشوّق إلى أن أنير النفوس، على غرار الأنبياء والمعلمين. إني مدعوَّة إلى الرسالة… ورغبتي أن أجتاز الأرض، وأنادي باسمك، وأغرس في الأرض النائية، صليبك المجيد. ولكنَّ رسالةٌ واحدة لا تكفيني. يا حبيبي، أنا أريد ، في الوقت نفسه، أن أحمل بشارة الإنجيل ، إلى القارات الخمس، وحتى الجُزُر القاصية.. وأريد أن أكون مرسلة، ليس على عدد من السنين وحسب، بل منذ خلق العالم، وحتى اليوم الأخير.. ولكني أصبو، فوق كل شيء، يا مخلصي الحبيب، إلى أن يُراق دمي لأجلك، حتى النقطة الأخيرة”، ومن ثم تتحدث تريز عن اكتشافها لدعوتها التي تضم وتوحد كل هذه الرغائب: “أجل، وجدتُ موقعي في الكنيسة. وهذا الموقع، قد أعطيتنيه أنت، يا إلهي.. في قلب الكنيسة، أمي، سأكون الحب.. وسأكون بهذا الحب كلَّ شيء.. . لقد وعيت أن الحب يحوي في ذاته، جميع الدعوات، وأن الحب هو كلّ شيء، وأنه يَلُفُّ جميع الأزمنة والأمكنة، وبكلمة، إنَّ للحبِّ الخلود.. يا يسوع، يا حبي، لقد اهتديتُ أخيراً إلى دعوتي ، إنَّ دعوتي هي الحب!”.