وعلى هذا المنوال عاشت الأخت كاترينا في دير فرنتينو حتى سن السادسة والأربعين عندما شعرت بصوت يدعوها إلى السير على خطى أبيها الروحي فرنسيس الأسيزي المرسل الأول إلى الشرق وتخطي أسوار الدير وركوب البحر لحمل نور الإنجيل إلى نفوس جديدة.
الرهبنة في مصر:
لقد تحقق حلم الأخت كاترينا عن طريق القاصد الرسولي في مصر الذي دعاها للعمل في حقل الرب في مصر، فوصلت إلى القاهرة مع ست أخوات عام 1859 واستقروا في حي كلود بك الذي كان من أفقر أحياء القاهرة حيث افتتحوا مدرسة داخلية وأخرى خارجية لتهذيب وتعليم الفتيات من أي جنسية أو مذهب أو مستوى اجتماعي كن وفي طليعتهن الفقيرات المعوزات.
وفي سنة 1864 تم انتخاب الأخت كاترينا رئيسة عامة للارسالية ، فبدأت تتخطى حي كلود بك وأسست أديرة في المنصورة ودمياط والإسماعيلية وكفر الزيات والإسكندرية ثم انتشرت الارسالية خارج مصر فوصلت إلى جزيرة مالطة وفلسطين.
نمو الرهبنة ورسالتها:
إلى جانب التدريس وتنشئة الشبيبة اهتمت الراهبات بالزنجيات الصغيرات اللواتي كن يبعن في سوق العبيد، فكن يشترينهن ثم يقمن على تربيتهن مع الاهتمام بمستقبلهن بعد مغادرتهن المدرسة الداخلية،وكذلك اهتمت الراهبات باللقطاء الذين كانوا يلقون في الحدائق العامة والشوارع. وقد وصل عدد الذين أنقذتهم الأم كاترينا طوال حياتها 1574 لقيط، وفدت 748 زنجية وذلك بالرغم من أن رأس مال الرهبنة لم يزد عن تبرعات المحسنين.
وفي 1868 انفصلت الرهبنة عن رهبنة الكلاريات وأصبح أسمها ” مرسلات مصر الفرنسيسكانيات ” وحين أخذت الرهبنة منعطفاً عالمياً تغير الأسم إلى ” الراهبات الفرنسيسكانيات لقلب مريم الطاهر ”
والآن بعد 125 سنة على إنشاء الرهبنة توجد 1200 راهبة تعيش في 125 دير منتشرة في مصر والمغرب وإيطاليا ومالطة وفرنسا وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان والبرازيل والولايات المتحدة الامريكية والصين حيث تهتم الراهبات بإدارة المدارس والملاجئ والمستشفيات والعيادات الطبية ومجمعات البرص.
وللرهبنة في مصر حالياً أديرة في القاهرة ( كلود بك وقصر النيل ) والإسكندرية (الزهرية والأبراهيمية والنبي دانيال ) ودمنهور والمنصورة والإسماعيلية وبورسعيد وبني سويف وأسيوط وأبو تيج ودير درنكة وقنا والأقصر.
والجدير بالذكر أنه في يوم 14 أبريل 1985 وبعد البحث والتقصي أعلن البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية الأم ماريا كاترينا تروياني.