بقلم: الاب انطونيوس مقار ابراهيم
قدّاسات الكنيسة القبطيّة[1]
مقدّمة:
يعني القدّاس في معناه المسيحي الاشتراك في خدمة الشكر أو خدمة الإفخارستيا حيث يتمّ تقديم القرابين، الخبز والخمر. والكلّ مدعوٌّ في القدّاس للمشاركة لإظهار عمل الله الخلاصي في التاريخ، من الخلق وحتى بذل ذاته على الصليب بموته وقيامته ومجيئه الثاني. فمن أجل ذلك أولت الكنيسة القبطيّة أهميّة خاصّة للاحتفال بالقدّاس ليكون على مثال احتفال الربّ به في عِلية صهيون ( الأسرار) ليلة خميس العهد، وأصبح من ذاك الوقت وجود مذبح عليه ذبيحة يقيمها الكاهن([2]). كما كان الفصح في العهد القديم إشارة إلى ذبيحة القدّاس الإلهي فقد جاء في نظام الفصح أيّام السيّد المسيح وقبله أنّهم كانوا يأكلون الخروف ويحمل ربّ العائلة خبز فطير ويقسّمه ويوزّعه على أفراد العائلة قائلاً: “هذا خبز الضيق الذي أكله أباؤنا في مصر”. وكذلك كان يرفع الكأس قائلاً:” مبارك أنت أيّها الربّ الذي خلقت ثمرة الكرم”، ثمّ يشرب ويعطي الجميع. ففي هذا صورة واضحة للقدّاس الإلهيّ والاشتراك في الأسرار المقدّسة.
تسميته:
يسمىّ القدّاس في اليونانية “أنافورا”[3] أي رفع القربان وعند اللاتين يسمىّ ليتورجيا أي الخدمة لجمهوريّة([4] ).
عدد القدّاسات في الكنيسة القبطيّة:
تتعدّد الأنافورات والقدّاسات في الكنيسة القبطيّة ويقرب عددها على 58 قدّاس ومن أشهرها قدّاس الإثني عشر وقدّاس ديونيسيوس الأريوباغي وقدّاس القدّيس أثناسيوس الرسوليّ والقدّيس كيرلّس الأورشليميّ ويعقوب السروجيّ، ثمّ قدّاس يعقوب الرهاويّ والقدّيس سيرابيون والقدّيس مرقص الرسول، والقدّيس باسيلوس الكبير، والقدّيس غريغوريوس. ومع هذا العدد كلّه، احتفظت الكنيسة بثلاثة قداسات تلجأ إليها على مدار أيّام السنة.
القدّاس الباسيلي:
يُنسب هذا القدّاس إلى القدّيس باسيليوس الكبير أحد آباء كبادوكية الذين تربط بعضهم البعض صداقة قويّة، وثقافة عالية وكان لهم ثأثير كبير على نمو التعليم الكنسيّ وتطوّره.ولد هذا القدّيس في جوّ يتّسم بالغيرة القويّة على الإيمان المسيحي، درس الفلسفة واللاهوت في قيصريّة ثم سافر إلى مصر وتعلّم الروحانيّة من رهبانها وعاد إلى موطنه ثمّ سُيم أسقفًا سنة 321 وبقي على هذه المسؤوليّة لغاية سنة 379. عُرف عنه تمسّكه الشديد بالتعليم الأرثوذكسيّ، ولعب دورا كبيراً في مجال الإصلاح الطقسيّ. له عدّة مؤلّفات عقائديّة ونسكيّة وعظات وخطب ومؤلّفات طقسيّة من أبرزها ليتورجيا القدّاس المستعمل اليوم في الكنيسة القبطيّة[5]، وعلى مدار أيام السنة، كما يوجّه قدّاسه إلى الله الآب[6]. سنكتفي في حديثنا هذا بعرض تقسيم القداس الباسيلي وتركيبه في جدول خاصّ مع القدّاسين الآخرين بما أنّنا تحدّثنا عنه في بدء مقالتنا الحاضرة.
يتألّف القدّاس الباسيلي من صلاة الاستعداد -تقديم الحمل- وصلاة الشكر والبخور ثمّ القراءات والعظة الأواشي الكبار (السلامة، الآباء، الجماعة) بالإضافة إلى قانون الإيمان وهذا الجزء واحد في القدّاسات الثلاثة. صلاة الصلح – بدء الأنافورا – التسبحة -تذكار الفداء -الرشومات -إستدعاء الروح القدس- الأواشي والطلبات – تذكار الأحياء والأموات – القسمة -صلاة الاعتراف- المناولة والبركة الختاميّة[7].
القدّاس الغريغوري:
يُنسب إلى القدّيس غريغوريوس النزينزي صديق القدّيس باسيليوس الكبير. وقد تعمّق هذا القدّيس في دراسة اللاهوت، فألّف العديد من المقالات والمؤلّفات العقائديّة واللاهوتيّة ومن أبرزها الدفاع عن عقيدة الثالوث. يوجّه قدّاسه إلى الله الإبن (أيّها الكائن الذي كان). وقد وجدت نسخة من القدّاس في دير القدّيس أبي مقار في عهد البابا بنامين1327-1339م.
يُصلّى بالقدّاس الغريغوري في أيّام الأعياد والأفراح. وتنقسم الأعياد إلى قسمين: أعياد سيديّة أي خاصّة بالسيّد المسيح وأعياد غير سيديّة أي خاصّة بالسيّدة العذراء والقدّيسين جميعهم.
عدد الأعياد السيديّة 14 وتُقسم إلى أعياد كبرى وأعياد صغرى
الأعياد السيديّة الكبرى:
عيد البشارة – عيد الميلاد – عيد الغطاس- عيد الشعانين – عيد القيامة – عيد الصعود – عيد العنصرة.
الأعياد السيديّة الصغرى:
عيد الختان – عيد دخول يسوع الهيكل – عيد دخوله إلى أرض مصر – حضوره عُرس قانا الجليل – عيد التجلي – خميس الأسرار – ظهوره لتوما.
يتشابه الجزءان التعليميّان في القدّاس الغريغوري والقدّاس الباسيلي، أمّا الجزء الخاصّ بقدّاس المؤمنين، فله نمط لاهوتيّ وأسلوب خاصّ. كذلك، نلاحظ في الجزء الخاص بالأواشي (طلبات) وجود طلبة قبل أوشية السلام الصغيرة – طلبة للأب البطريرك – طلبة للأساقفة والكهنة وباقي الخدّام – وطلبة للملوك -الجنود والقرابين والمأسورين ثم طلبة إرحمنا يا الله الآب الضابط الكلّ لأنّ شعبك وبيعتك يصرخون إليك ومن بعدها تقال أوشية الأزمنة ثمّ الطلبة الثانية من أجل شفاء المرضى ومساعدة الأرامل وقبول الأيتام وراحة المعوزين. وتختتم الطلبات بأوشية الموضع وتبدأ التذكارات ( المجمع – صلاة الترحيم -ومقدمّة القسمة -التحليل ثم التناول والشكر)
العنصر |
القداس الباسيلي |
القداس الغريغوري |
مقدمة صلاة الاستعداد
تحضير القرابين
تقديم القرابين
صلاة الشكر
صلاة التحليل
القراءات والعظة
صلاة الصلح
مقدمة الأنافورا وصلاتها
التسبحةومسرة الخلاص
ذكرى التأسيس 1لرشومات
|
نسجد لك أيّها المسيح أيّها الربّ العارف قلب كلّ أحد
إجعل يا ربّ أن تكون ذبيحتنا مقبولة أمامك. مجداً وإكراماً…إكراماً ومجداً أذكر يا ربّ كلّ الذين قدّموا لك هذه القرابين. فلنشكر صانع الخيرات، أبو ربّنا يسوع المسيح لأنّه سترنا وأعاننا. أنعم علينا يا ربّ بغفران خطايانا بالسلطان المعُطى للرسل. الرسائل : ومن بولس- أعمال الرسل-والرسائل الجامعة ثمّ المزمور والإنجيل وأخيراً العظة.
يا الله العظيم الأبديّ، قبلة السلام
الربّ مع جميعكم- مع روحك أيضاً أين هي قلوبكم – هي عند الربّ فلنشكر الربّ – مستحقٌّ وعادل. قدّوس-قدّوس -قدّوس رب الصباؤوت السماء والأرض مملؤتان من مجدك.
ترك لنا هذا السر العظيم وأخذ خبزاً على يديه الطاهرتين والمحييتين . شكر -قدس – بارك |
تتكرّر هذه العناصر في القدّاسين الكيرلّسي والغريغوري.
أيها الكائن الذي كان الذاتي والمساوي والجليس الخالق الشريك مع الآب. محبة الله الآب ونعمة الابن والوحيد وشركة وموهبة الروح القدس فلتكن مع جميعكم.
يُقال لحن خاص بعيد الميلاد – والقيامة- لحن أيّها الربّ إله القوّات.
يرشم بالبخور ويقوك أقدّم لك يا سيّدي ثم يأخذ الخبز على يديه. شكرت -قدّست -باركت ثلاث مرّات. |
إستدعاء الروح القدس الطلبة الأولى
الأواشي
الطلبة الثانية
أوشية القرابين
الطلبة الثالثة -صلاة المجمع
صلاة الترحيم
المرد
مقدمة القسمة
|
نسألك أيها الربّ إلهنا أن تُرسل علينا وعلى هذه القرابين روحك القدّوس. لا توجد في النصّ الباسيلي ولكن ممكن أن تقال بحسب رغبة الكاهن.
تقال من أجل سلامة الكنيسة والبابا والكهنة والخدّام والزرع ومياه النيل والوطن. والمرد يكون يا ربّ إرحم.
لا توجد
إذكر يا ربّ الذين قدّموا لك هذه القرابين والذين قدِّمت عنهم. أعطهم كلّهم الأجر السمائيّ.
لا توجد الآن يا ربّ حيث هو أمر ابنك الوحيد بأن نشترك في تذكار قدّيسيك.
أولئك يا ربّ الذين أخذت نفوسهم – إهدنا إلى ملكوتك. وهنا تعتبر نهاية الأنافورا. كما كان وهكذا يكون من جيل وإلى جيل وإلى دهر الدهور آمين.
فلنشكر الله واهب الخيرات الذي جعلنا أهلاً لأن نقف في هذا الموضع المقدّس ونرفع أيدينا إلى فوق ونخدم اسمه القدّوس. |
يقول الكاهن: نعم نسألك أيّها المسيح إلهنا ثبّت أساس الكنيسة.
من أجل الملوك والذين تملّكوا في التقوى والساكنين في الجبال والمغاور وخلاص الموضع.
لأنّ شعبك وبيعتك يصرخون إليك قائلين إرحمنا يا الله الآب ضابط الكلّ وتختم، أنعم على شعبك بوحدانيّة القلب وأعط طمأنينة للعالم. يواصل الكاهن تلاوة الأواشي الزرع وأهوية السماء. تقال طلبة “نجنا يا ربّ من الغلاء وسيف البربر وقيام الهراطقة.
أعطِ شفاء للمرضى وراحة للمعوزين وإطلاقاً للمأسورين. المردّ: يا ربّ إرحم الكلام عينه.
لأنك أنت هو الله الرحوم الذي لا يشاء موت الخاطىء مثل ما يرجع ويحيا.
حّل واغفر واصفح لنا عن سيّئاتنا التي صنعناها بمعرفة والتى صنعنها بغير معرفة.
مكوّنة من خمسة مقاطع تبدأ بـ يا سيّدنا ومخلّصنا محبّ البشر الصالح مُحيي أنفسنا الذي أسلم ذاته عنّا خلاصاً من أجل خطايانا يا ربّ بارك. |
صلاة القسمة
صلاة الأبانا
صلاة التحليل
رفع المقدسات
صلاة الإعتراف
التوزيع
البركة والتسريح |
أيها السيّد الربّ رازق النور الأبديّ. يا من يكلّلنا بالإيمان. أبانا الذي في السموات…لك المجد.
تقال للآب: نسألك يا ربّ أن لا تدخلنا في تجارب ولا تسمح بأن يتسلّط علينا ّ شرّ. القدّاسات للقدّيسين، مبارك الربّ يسوع المسيح ابن الله وقدّوسٌ الروح القدس. نؤمن حقًّا بأنّ لاهوته لم يفارق ناسوته لحظةً واحدة ولا غمضة عين يُعطى عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه . يتقدم الشعب للتناول والسمامشة يرتلون لحن التوزيع وهو مزمور150 سبحوا الرب في جميع قديسيه . يارب خلص شعبك وبارك ميراثك وإحفظهم وإرعهم إلى الأبد بالصلوات التى ترفعها عنا والالدة الإله مريم وجميع صفوف الملائكة والقديسين – بركتهم ومعونتهم تكن معنا آمين اللهم إجعلنا مستحقين أن نقول بشكر يأبانا الذي في السموات. إمضوا بسلام سلام الربّ يكون معكم. |
يا من قدَّس الآن أيضا قدِّس يا من قسَّم ” ” قَسّم يا من أعطى تلاميذه القدّيسين الآن أيضاً أعطنا كلّنا يا سيّدنا.
تكون مختارة ومناسبة للاحتفال سواء بالميلاد أو القيامة. أبانا الذي في السموات… لك المجد.
تقال سرًّا للابن
الكلام عينه
الكلام عينه.
الكلام عينه.
الكلام عينه |
مـــلاحـــظـــات:
1- الجزء الأوّل من القدّاس هو واحد في القدّاسات البالسيلي والغريغوري والكيرلّسي من حيث الاستعداد -الدخول – القراءات (الرسائل، الإنجيل، العظة) قانون الإيمان.
2- يبدأ الجزء التعليميّ بصلاة الصلح وقبلة السلام ثمّ شفاعة العذراء.
3- تتشابه مقدّمة الأنافورا في القدّاسين الغريغوري والكيرلسي وهى محبة الله الآب ونعمة الإابن الوحيد وشركة وموهبة الروح القدس تكون مع جميعكم.
4- تسبحة الشاروبيم واحدة ولكن يغسل الكاهن يديه في أثناء تلاوتها في القدّاس الكيرلّسي.
5- وجود ثلاث طلبات في القدّاس الغريغوري غير موجودة في الباسيلي ولكن ممكن أن تقال إحداها على حسب رغبة الكاهن.
القدّاس الكيرلّسي:
تُنسب تسميته إلى القدّيس كيرلّس الإسكندريّ ويعود أصله إلى القدّيس مرقس الرسول. كُتب باللغة اليونانيّ وتُرجم إلى اللغة القبطيّة. يُستعمل أيّام الصوم الكبير. هذا نصٌّ قبطيٌّ أصيل وله طابع إسكندريّ فيه يأتي استدعاء الروح القدس قبل التأسيس. أمّا الطلبات فتقال قبل كلام التقديس. يتشابه الجزء التعليمي فيه مع غيره في القدّاسات الأخرى. تبدأ الأنافورا من صلاة الحجاب وصلاة الصلح …ومن بعدها تبدأ الأواشي ( السلامة- المرضى – المسافرين- الأزمنة -الملك) ثم صلاة المجمع مع مقدّمته الخاصّة، وصلاة الترحيم (الأموات – القرابين-البطريرك -الأساقفة -الموضع -القيام -الكهنة – الإجتماعات)- وذكرى الفداء ( التسبحة الشاروبيميّة -التأسيس- إستدعاء الروح القدس -الرشومات -القسمة -صلوات بعد القسمة -المناولة- البركة الختاميّة) في الوقت الذي يضع فيه بعض الدارسين ليتورجيا القدّيس سيرابيون كأكثر وثيقة قِدمًا تحمل نصًّا إفخارستيًّا يرى البعض الآخر أنّ ليتورجيا القدّيس مرقس هي الأولى التي يمكن أن يُقرأ فيها نصًّا إفخارستيًّا من القرن الأوّل وحتّى الآن[8].
زمن تدوينها :
يُذكر في كتاب أصل الليتورجيات طبعة أكسفورد 1832م لوليم بَالمر أنّ زمن تدوين أنافورا مرقس يعود إلى كتابة تعليم الرسل لهيبوليتوس في القرن الثالث، في حين أنّ المؤرّخ الطقسيّ ماسون يقول بأنّ ليتورجيا مرقس واردة في تعاليم الرسل الكتاب الثامن، وهي من زمن ليتورجيا القديس يعقوب أيّ سنة 200م. كما يرى البعض الآخر أنّ ليتورجيا القدّيسين باسيليوس وغريغوريوس تفرّعت منها، خصوصاً بعد أن أضاف القدّيس كيرلّس المتنيّح سنة 414م إلى ليتورجيا القدّيس مرقس بعض الأواشي مع الاحتفاظ بأصل الليتورجيا لجهة صلواتها -كلماتها- أسلوبها -ورحانيّتها. كذلك يشير أبو البركات في كتابه مصباح الظلمة إلى أنّ قدّاس القدّيس مرقس كان معمولاً به في القرن الرابع حيث كان القديس أثناسيوس الرسولي[9] يُصلّي به. المخطوطات التي تحتوي على ليتورجيا القدّيس مرقس
لهذه الليتورجيا أصلان، واحد يونانيّ تُصلّي به الكنيسة اليونانيّة (الروم الأرثوذكس في مصر) والآخر قبطيّ مكتوب باللغة اليونانيّة تُصلّي به الكنيسة القبطيّة ولا يوجد أيّ فرق بين الليتورجيّتين سوى في الإضافات[10].
1- في مكتبة الفاتيكان مخطوطة رقم17 لسنة 1288، مخطوطة رقم 17 لسنة 1333م، ومخطوطة رقم 24 ،25لسنة 1616م تحت إسم قبطيّات.
2- مخطوطة المتحف البريطاني ملحق عربي رقم 17725 لسنة 1811م.
3- مخطوطة المكتبة الأهليّة باريس، رقم 41 قبطيّات.
كما هنالك إلى جانب المخطوطات بعض البرديّات تحمل نصوصاً مطابقة تمامًا لليتورجيا القدّيس مرقس من القرون الأولى. ومن بين البرديّات ثمّة برديّتان تمّ اكتشفهما في زمن متباعد وفي أماكن مختلفة ولكنّنا نجد أنّ كلاً منهما يحمل جزءاً مكملاً للآخر[11].
1- برديّة ستراسبورغ:
تمّ اكتشاف هذه البرديّة سنة 1928 مكتوبة باللغة اليونانيّة وموجودة في جامعة ستراسبورغ. تحتوي هذه البرديّة على أجزاء من أنافورا القدّيس مرقس وبعض الصلوات التضرعيّة التي تقال بعد قانون الإيمان، وقبل التسبحة الشاروبيميّة، وصلوات من أجل الكنيسة ومن أجل الأحياء والمنتقلين. ومن المرجّح أنْ تكون هذه المخطوطة موجودة قبل زمن البابا كيرلّس وقد صلّى بها القدّيس أثناسيوس. فيها ميزة كبيرة تدل على أصالتها القبطيّة وهي خلوّها من الآثار البيزنطيّة التي دخلت على الليتورجيا القبطيّة بعد القرن الرابع. وأيضا احتوائها على صلوات من أجل الكنيسة الجامعة[12].
العنصر |
مخطوطة إستراسبورغ(القرن الرابع) |
كتاب الخولاجي الحالي مطبوع(1902) |
جزء الأنافورا
الكنيسة
الرعية
الملك
طلبة الثمار
المنتقلين |
مستحقّ وعادل أن نسبحك ونرتّل لك ونباركك ونشكرك ليلاً ونهاراً. أنت الذي خلقت السموات وكل ما فيها والأرض وكلّ ما فيها، البحار والأنهار وكلّ ما فيها، أنت الذي خلقت الإنسان كصورتك، وكشبهك، خلقت الأشياء كلّها بواسطة حكمتك ونورك الحقيقيّ، إبنك ربنّا ومخلّصنا يسوع المسيح هذا الذي من قبله نشكر ونقرّب لك معه ومع الروح القدس هذه الذبيحة الناطقة لهذه الخدمة غير الدمويّة هذه التي تقدمها لك الأمم جميعها من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب، لأنّ اسمك عظيم في الأمم كلّها وفي كل مكان يُقدّم بخورًا لاسمك القدّوس وذبيحة طاهرة ومقدَّسة…
إذكر يا ربّ الكنيسة المقدّسة الواحدة الجامعة الرسوليّة.
كلّ الشعب وكلّ الرعيّة السلامة من السموات إنزلها على قلوبنا جميعاً بل وسلامة هذا العمر أنعم بها علينا.
ملك أرضنا إحفظه وانظر أن يفكر بالسلام نحونا ونحو اسمك القدّوس.
لاتوجد
إعدها للزرع والحصاد من اجل فقراء شعبك من أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف ومن اجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب إسمك القدوس .
أولئك يارب الذين رقدوانيح نفوسهم . إذكر الذين قدمنا تذكارهم في هذا اليوم والذين ذكرنا أسمائهم والذين لم نذكرهم أباءنا الأرثوذكسيين – الأساقفة في كل مكان، أعطنا نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك . الأنبياء والرسل والشهداء ، هب لهم الأن بواسطةربنا ومخلصنا الذي له المجد إلى الأبد … |
مستحقّ وعادل ومقدَّس ولائق ونافع لنفوسنا وأجسادنا وأرواحنا أيّها الكائن السيّد الربّ الإله الآب ضابط الكلّ في كلّ زمان وكلّ مكان لربوبيّتك أن نسبّحك، ونرتل لك ، ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونشكرك، ونمجّدك، ونعترف لك ليلاً ونهاراً بشفاة غير هادئة وقلب لا يسكت وتمجيدات لا تنقطع أنت الذي خلقت السموات وما في السموات، والأرض وما في الأرض وكل ما فيها البحار والأنهار الينابيع والبحيرات وكلّ ما فيها أنت الذي خلقت الإنسان كصورتك وكشبهك خلقت كل الأشياء بواسطة حكمتك ونورك الحقيقي ابنك ربّنا وإلهنا ومخلّصنا وملكنا كلّنا يسوع المسيح، هذا الذي من قِبلِه نشكر ونقرب لك معه ومع الروح القدس الثالوث المقدَّس المساوي غير المفترق هذه الذبيحة الناطقة وهذه الخدمة غير الدمويّة هذه التى تقرّبها لك الأمم جميعها من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب لأنّ اسمك عظيم يا ربّ في الأمم كلّها وفي كل مكان يُقدم بخورًا لاسمك القدوس… أذكر يا ربّ كنسيتك الواحدة الوحيدة الجامعة الرسوليّة.
كلّ الشعوب وكلّ الرعية باركهم والسلامة التي من السموات أنزلها على قلوبنا جميعاً بل وسلامة هذا العمر أنعم بها علينا إنعاماً.
الملك والجند والرؤساء والوزراء والجموع وجيراننا ومداخلنا ومخارجنا زينهم بالسلام ياملك السلام أعطنا سلامك لأن كل شيئ اعطتيتنا . إقتننا لك يالله مخلصنا لأننا لانعرف احد سواك فلتحيا نفوسنا بروحك . ولايقوى علينا نحن عبيدك موت الخطيئة وعلى كل شعبك .
إصعدها كمقداها كنعمتك فرح وجه الأرض ليروا حرثها وتكثرأثمارها ، أعدها للزرع والحصاد دبر حياتنا كما يليق . بارك إكليل السنة من أجل فقراء شعبك من اجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف ومن أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب إسمك القدوس . أباءنا وإخوتنا الذين رقدوا إذ قبضت نفوسهم نيحهم ذاكراً أيضا جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء . إذكر يارب أباءنا القديسين الأرثوذكسيين رؤساء الأساقفة الذين يفصلون كلمة الحق بإستقامة ، أعطنا ونحن أيضاً حظاً ونصيباً معهم . |
ملاحظة:
1- نجد تشابهًا كبيرًا في التركيب الإفخارستيّ، لكن قد تكون الزيادات تكرارًا للمعنى عينه أو زيادة صفة لاهوتيّة للمسيح، لذا من المؤكّد أنّ صلاة الإفخارستيّا التي تقال اليوم هي نفسها التي كان يُصلي بها القدّيس أثناسيوس الرسوليّ.
2- يتبيّن لنا أيضاً إمتياز أنافورا القدّيس مرقس بتلاوة أوشية الراقدين بعد ذكر المجمع، ولكن المعروف أنّ هذه الأوشية التي للراقدين ربما تعود إلى القدّيس كيرلّس الكبير. وكان موضعها الأول في أنافورا القدّيس مرقس. بيد أنّها استخدمت بعد ذلك في رفع البخور[13]
2- برديّة دير البلايزة:
تعود هذه البرديّة إلى القرن السادس، وهي جزء من كتاب صلوات كنسيّة ليتورجيّة. تحتوي على أنافورا يعود زمن الصلاة بها إلى القرن الثالث، وقد عَلّق العلماء على زمن نسخها بأنه من زمن مخطوطة إستراسبورج نفسه. وقد وجدت في زمن قريب في بلدة البلايزة بمحافظة أسيوط جنوب القاهرة بجمهورية مصر العربيّة. تتألّف هذه البرديّة من ثلاث ورقات وتوجد في مكتبة البوديليان بأكسفورد[14].
مميّزاتها:
تعتبر هذه البرديّة مكمِّلة لما سبقها لتُعطي لنا صورةً عن إفخارستيا القدّيس مرقس الرسول وتعتبر أيضاً صورة أصيلة لقدّاس القدّيس مرقس الذي يسمّى القدّاس الكيرلّسي.
نـــصّ الــبــرديــّة:
الذين يبغضونك، أمّا شعبك الذي يصنع إرادتك فلتحلّ عليه بركتك. أقم الساقطين، ردّ الضالين إلى طريق الحقّ، عزّيِ صغيري القلوب. لأنّك أنت فوق كلّ رئاسة وسلطان وقوّة وسيادة وفوق كل اسم، ليس في هذا الدهر فقط بل في الآتي أيضًا. ألوف الملائكة المقدّسين وأجناد ورؤساء الملائكة التي بلا عدد يخدمونك مع الشاروبيم المملؤئين أعيناً والساروفيم ذوي الستة أجنحة الذين بجناحين يغطّون وجههم، وبجناحين يغطّون أرجلهم ويطيرون بإثنين، والكلّ على الدوام في كلّ زمان يقدّسونك. فمع هؤلاء الذين يقدّسونك هكذا أقبل منّا أيضاً تقديسنا قائلين ” قدّوس، قدّوس، قدّوس ربّ الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك القدّوس.
إملأنا نحن أيضاً عبيدك من مجدك وتفضّل وأرسل روحك القدّوس على خليقتك واجعل هذا الخبز لربّنا يسوع المسيح والكأس أيضًا دمًا للعهد الجديد لربّنا يسوع المسيح لأنّه في الليلة التي أسلم فيها ذاته أخذ خبزاً بيديه المقدّستين وشكر- بارك -قدّس وقسمه وأعطاه لتلاميذه القدّسين قائلاً خذوا كلوا منه كلّكم هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم لمغفرة الخطايا. وهكذا أيضا على الكأس.
كلّ مرّة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشّرون بموتي وتعترفون بقيامتي.
تفضّل علينا نحن عبيدك بقوّة روحك القدّوس لتشديد نمو إيماننا وليكون لنا رجاء الحياة الأبديّة بربّنا يسوع المسيح الذي لك معه يا أبانا ومع الروح القدس المجد إلى الأبد آمين.
إعتراف بالإيمان: أؤمن بالله الآب ضابط الكلّ وبابنه الوحيد يسوع المسيح وبقيامة الأجساد والكنيسة المقدَّسة الجامعة.
[1]هذه المقالة قد كُتبتها ونشرت في مجلة حياتنا الليتورجية الصادرة عن مركز الدراسات والابحاث المشرقية التابع للرهبنة الانطونية في العدد الصادر تحت عنوان الافخارستيا قربان الكنيسة الانافورات السنة الثالثة عام 2000.وقد تم أعادة قراءتها وصياغتها وتصحيح ما قد ورد فيها من اخطاء لتوضع في هذا الكتاب الذي بين ايديكم كي نستطيع أن نوضح لكم المفاهيم البارزة في القداس القبطي- الاب انطونيوس مقار ابراهيم”
[2] – منقريوس عوض الله ، منارة الأقداس ، الجزء الأول ، ص115.
[3] تعني كلمة انافورا ايضاً ” الصعيدة” اي الذبيحة أو الرفع الى فوق او تقديم كما ورد في عب 7/27،فالصعيدة أي الإفخارستيا كعمل ليتورجي إلى الله. وجمع صعيدة “صعائد” أي ذبائح وقرابين
[4] – راجع معنى كلمة أنافورا من بحثنا هذا ص2.
[5] – كا مل وليم ، الأب ، مذكرات في الليتورجيا ، ص100.
[6] – منقريوس عوض الله ، الأب ، منارة الأقداس ، الجزء الأول ، ص150.
[7] – كا مل وليم ، مذكرات في علم اللتورجيا ، ص111.
[8] – متي المسكين ، الأب ، الإفخارستيا ، الجزء الأول ، ص 505
[9] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص507
[10] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص508
[11] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص510
[12] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص510-511
[13] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص 527.
[14] – ” ” ، ” ، ” ، ” ” ، ص528