البطريرك اسحق يتناول الأوضاع المصرية خلال زيارته إلى ألمانيا

البطريرك اسحق يتناول الأوضاع المصرية خلال زيارته إلى ألمانيا

كولونيا – أبونا

ترأس الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس المجمع الحبري للكنائس الشرقية، بمشاركة كل من الكاردينال يواكيم ميسنر، رئيس أساقفة كولونيا، والبطريرك إبراهيم اسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك، القداس الإلهي الذي أقيم في كاتدرائية كولونيا، يوم الأحد السادس من تشرين الأول، بمناسبة الشهر الإرسالي، والذي خصص هذا العام لمصر.

وتأتي زيارة الكاردينال ساندري إلى ألمانيا للقاء المسؤولين عن بعض المؤسسات التابعة لوكالة “إغاثة الكنائس الشرقية”، تقديراً لتضامنها مع الكنائس الشرقية، بخاصة في العراق ومصر وسوريا، إضافة إلى الأرض المقدسة.

ويتناول بطريرك الأقباط الكاثوليك خلال زيارته أبرز التطورات التي شهدتها الساحة المصرية.

وفيما يلي النص الكامل لعظة البطريرك إسحق في القداس الإلهي:

في البداية أود أن أشكر الرب على فرصة المشاركة معاً في سر الإفخارستيا الذي هو ملء الشركة التي توحد بيننا، والذي يجعلنا جسداً واحداً في المسيح، كل منا في ثقافته طقوسه المتنوعة والغنية. وأشكر أيضاً هيئة “ميسو” على هذه الدعوة الكريمة للوفد المصري للمشاركة في هذا الشهر الخاص بيوم الرسالة، والتي تخصص هذه المرة من أجل مصر.

منذ لحظات استمعنا إلى قراءات اليوم وهي ما حدث ليونان النبي ورد فعله أمام دعوة الرب له من أجل توبة نينوى وخلاصها. والإنجيل بحسب لوقا عن موقف مريم ومرثا حيث يسوع مدعو كصديق للعائلة. كل من مارثا ويونان يلوم الرب على موقفه، يونان يرى أن الله يجب أن يمحو نينوى ولا داع بتضييع الوقت. أما مارثا تتشكى من موقف أختها التي جلست تستمع إلى كلام يسوع، لا بل وتلوم المعلم بأنه لا ينتبه أن أختها تركتها وحيدة للعمل وهي جالسة وهو لا يقول لها شيء.

ها هما يونان ومارثا مثل للإنسان الذي يحاول أن يملي على الرب مشيئته وفكره الخاص، ويحاول أن يجعل الرب محققاً لبرنامجه ومشروعه ويريد فقط موافقة وبركة الرب لهذا المشروع. وبخ الرب يونان وكشف له كيف أنه يهتم ويحب شعبه. وكذلك وبخ يسوع مارثا على أنها تهتم بأمور كثيرة ونسيت الأهم والأساس.

بالرغم من كل هذا مارثا أصبحت قديسة والكنيسة تكرمها وكذلك يونان صار ضمن الأنبياء لماذا؟ قد يكون لأنهما قبلا توبيخ الرب لهما.

هل نحن مستعدون اليوم مثل مارثا ومثل يونان النبي أن نستمع لتوجيهات الرب، لنا لا بل أيضاً توبيخه. وهذا يجعلنا أكثر وأكثر نكتشف مشيئته القدوسة، وكيف أنه أب يحب أبناءه ويريدهم دائماً أفضل فلا يبخل عليهم بأي شيء. هكذا فعل الله ويفعل معنا. أحبنا إلى أن أعطانا ذاته وروحه القدوس.

هذا الحب المجاني وهذه الرحمة الأبدية تحثنا أن نخرج من ذواتنا والاكتفاء بأنفسنا وأن نذهب تجاه الآخر كي نشهد له بهذا الحب وأن نحبه عملياً، فيؤمن بإمكانية حياة جديدة بطبيعة جديدة على صورة المسيح القائم. وها هي الرسالة التي نحتفل بها اليوم. ها هو يوم الرسالة العالمي الذي بسببه نحن مجتمعون كي نعلن أولاً حب الله لنا ونجسده للآخرين. هذه الرسالة بلا حدود، للجميع، وهذا ما كان على يونان أن يتفهمه مع الوقت. فيونان هو نبي لأقصى وأبعد الحدود.

ونحن اليوم كل منا في مكانه في حياته، مدعوين لهذه الرسالة. أفكر الآن في بلدي الحبيب مصر، والذي هو غالي على كثير منكم، كم هو في احتياج اليوم إلى هذه الرسالة، إلى إعلان محبة الله المجانية ورحمته، أمام كل هذه الأحداث الدموية والإرهابية. من يستطيع أن يحول هذه الدموع والتي تنغمر من عيون كثير من بيوتنا المسيحية وغيرها إلى تعزية وسلام؟ من يستطيع أن يحول هذا الحقد والرغبة في الانتقام إلى مصالحة وحب؟ من يستطيع أن يحول دماء هؤلاء الشهداء إلى بذور إيمان وشهادة للحياة؟ من؟ هو نفسه الذي استطاع أن يحول المياه إلى خمر. أن يحول ما هو عادي إلى فرح. يسوع المسيح. وهو يدعونا أن نكون رسله إلى كل إنسان، ولكن نحتاج أولاً أن نجلس تحت قدميه، ونستمع له، فهو القادر أن يحول واقعنا إلى خمر جديد، فرح حقيقي وحياة لها معنى وتساعد الآخرين أن يجدوا لحياتهم معنى.

لنصلي اليوم من أجل العالم كله ومصر وكل الشرق الأوسط وكل البلاد التي تعاني من الحروب والصعوبات، كي يرسل الرب رسلاً يمنح من خلالهم خلاصه وحبه وسلامه. أؤكد لكم صلاة كنيستنا القبطية الكاثوليكية لكم جميعاً، ليمنحكم الرب كل النعم ويعوض تعب محبتكم بكل فرح القلب والصحة والبركات.