حوار مع الاب بولس جرس لجريدة حامل الرسالة

حوار مع الاب بولس جرس لجريدة حامل الرسالة

“رسالتنا تقديم الخدمة الروحية لأبناء الكنيسة الكاثوليكية بمختلف الطقوس واللغات”

       الاب بولس جرس راعى كنيسة السيدة العذراء سيدة السلام للأقباط الكاثوليك بشرم الشيخ يخدم في بقعة متميزة على ارض مصر حيث يفد إلى مدينة شرم الشيخ السائحون من مختلف دول العالم كذلك يعمل بالمدينة الكثير من الشباب المصري وهو ما يتطلب توفير الخدمة الروحية بالعديد من الطقوس واللغات. حول ملامح الخدمة الرعوية بالكنيسة وعن رؤية الاب بولس جرس في العديد من القضايا الروحية والاجتماعية في الواقع المصري كان لنا هذا الحوار الثري… فإلى التفاصيل.

  • حدثنا عن خدمتك بكنيسة السيدة العذراء بمدينة شرم الشيخ؟
  • كانت البداية مع اخوتنا الاقباط الارثوذكس حيث كنت اصلى قداسات الاعياد بالكنيسة القبطية الارثوذكسية للأجانب المقيمين بشرم الشيخ وذلك بالتنسيق مع الانبا ابوللو مطران جنوب سيناء ثم ظهرت الحاجة إلى أهمية الصلاة ايام الاحاد لذا قامت الكنيسة القبطية الكاثوليكية بتأسيس كنيسة كاثوليكية باسم السيدة العذراء سيدة السلام بشرم الشيخ بعد ان خصصت الدولة المصرية لها هذه الارض وقد تم تعييني راعياً للكنيسة في 15 ديسمبر 2010. عند بداية خدمتي كانت الكنيسة عبارة عن مبنى خرسانى فقط لذا بدأت في تجهيز قاعة للصلاة حتى اكتمال مبنى الكنيسة وتزيينه بالأيقونات القبطية ونشكر الله ان تم الافتتاح الرسمي للكنيسة في حفل بهيج يوم 15 فبراير 2015 بحضور غبطة البطريرك الانبا ابراهيم اسحق والاباء المطارنة وعدد كبير من ابناء الكنيسة الكاثوليكية بمصر.
  • أعطنا فكرة عن ملامح العمل الرعوي بالكنيسة؟
  • عدد المترددين على الكنيسة للصلاة يصل إلى 35 ألف كاثوليكي مجموعة الاجانب من الاوربيين ما بين ايطاليين وفرنسيين وانجليز واغلبهم يقيمون في شرم الشيخ لا سيما خلال شهور الشتاء. اما المصريون فهم من الشباب العاملين في الفنادق والبازارات السياحية وينتمون إلى مختلف الرعايا الكاثوليكية بمصر. وبالنسبة للنشاط الراعوي فأنا كاهن قبطي كاثوليكي أصلى القداس القبطي باللغة العربية للمصريين كذلك اصلى القداس اللاتيني باللغتين الإنجليزية والايطالية للأجانب. وبالكنيسة كورال متميز يضم 40 شخص من مختلف الاعمار والمواهب كما أنني اقوم بعمل زيارات رعوية للشباب والعائلات. كذلك يشارك معنا في الاحتفالات الطقسية الكبرى نيافة الانبا مكاريوس توفيق مطران الاسماعيلية ومدن القناة للأقباط الكاثوليك.
  • ماذا عن هدية البابا فرنسيس لكنيسة العذراء بشرم الشيخ؟
  • عندما علم قداسة البابا فرنسيس ان كنيستنا هي اول كنيسة كاثوليكية في سيناء ارسل لنا هدية ثمينة بمناسبة الافتتاح الرسمي إذ اهدانا قداسته تمثال مريم العذراء من رخام الجرانيت كبير الحجم وهو عبارة عن صورة ملاك يقدم للسيدة العذراء مريم حبل معقود وتقوم السيدة العذراء بفك عقدة الحبل وتعطيه للملاك مرة أخرى وهى اللوحة المفضلة للبابا فرنسيس عندما كان راعيا لكنيسته في المانيا، وهذه القطعة الفنية الفريدة تزن 1350 كجم وطولها حوالى 2 متر.وقد تم وضعه في حديقة الكنيسة حتى تكون مريم العذراء في استقبال ابنائها المصلين كشفيعة قديرة وام ساهرة على الجميع.
  • كمتخصص في مجال علم النفس في رأيك كيف يعيش الانسان الصحة النفسية رغم ما يواجه من تحديات؟
  • الاتزان النفسي امر هام جداً للإنسان لكنه صعب لان الصحة النفسية لا تتوقف على سلوك الفرد بعينه بل على المؤثرات التي يتعرض لها من الاسرة والمدرسة والكنيسة والشارع ايضاً وكيف يواجه هذه التحديات والبحث عن القوة التي تساعده في التغلب على هذه التحديات حتى يصل إلى حالة الاتزان. وهنا لابد ان نؤكد اهمية القوة الروحية في مواجهة تحديات الحياة من خلال الاتحاد الوثيق بالمسيح يسوع. لذا على الشخص ان يبحث عما يقوى النجاح في حياته وكيف يصل إلى تحقيق الذات. ايضاً من الامور الهامه هو الابتعاد عن مصادر الاضطراب والقلق قدر الامكان واخيراً علينا ان نعرف انه من المستحيل ان نواجه كل الامور بمفردنا نحتاج جميعنا إلى دعم المرشد والاخ والصديق حتى يتسنا لنا الوصول إلى الصحة النفسية.
  • كيف ترى قضية الترابط الاسري داخل العائلة المصرية؟
  • الاسرة المصرية مترابطة مقارنة بما يحدث حولنا في العالم لكن علينا ان نبحث عما يدعم هذه الروابط ويقويها وهنا يأتي أمر الاهتمام بتكوين الاسر منذ البداية وماذا يمكن ان نقدم للزوجين في مسيرة تكوينهم للعائلة. هل الزوجين لديهما الاستعداد لتربية طفلهم بصورة جيدة، علينا ان نعترف ان هناك مشاكل كثيرة داخل الاسر وعلى الزوجين ان يعملا بصدق على الحفاظ على كيان العائلة ومن الواجب والضروري ان ترافق الكنيسة الازواج في رسالتهم السامية.
  • هل ترى ان المجتمع المصري يعاني ازمة ايذاء قضايا التسامح وقبول الاختلاف؟
  • بالطبع هناك أزمة في قضايا التسامح لان المشكلة الحقيقية ان كل واحد يتصور انه هو الصح بل انه يمتلك الحقيقة كاملة وغيره لا يملك شيء وهذا ما يخلق التعالي وعدم الرغبة في التواصل. اعتقد ان فكرة التسامح فكرة لم يتم تناولها بصورة جيدة لذا علينا ان نتحدث عن المساواة بصورة واقعية حتى يمكننا ان نتفهم معنى قبول الاختلاف والتكامل من اجل الخير العام.
  • لكم العديد من المؤلفات الروحية التي تعتمد على قراءة الواقع من خلال التأملات الانجيلية، لماذا اخترت هذا التوجه في الكتابة؟
  • لم يكتب الانجيل شيئاً بعيداً عنا فالرب يفتقدنا من خلال كلمته في الانجيل لكن المهم كيف نقرأ؟ وماذا نفهم؟ ما افعله في العظات وما اكتبه في المقالات انني أقدم الكلمة حتى نتأملها ونعيشها بل كيف يكون المستمع والقارئ جزء من الانجيل لأنه ببساطة شديدة الانجيل كتب لكي نحياه وهذا ما طلبه الرب يسوع منا بل هذا ما يقودنا لأن نكون شهود بحياتنا وسلوكنا للرب يسوع.
  • في إطار الاحتفال بيوبيل الرحمة هذا العام.. كيف ننمي فضيلة الرحمة داخل النفس البشرية؟
  • دعنا نتأمل مثل الابن الضال في انجيل القديس لوقا حيث والذي فيه يقف الاب الرحيم ينتظر عودة البعيد، كيف تعامل هذا الاب المحب مع ابنه الاكبر وسأله الا ترحم اخاك؟ لقد عمل الاب المحب على تنمية الرحمة في قلب الابن الاكبر ودعاه ان يشارك في وليمة اخيه الذي كان ميتاً فعاش. هكذا نحن ايضاً علينا ان ننظر إلى احتياج غيرنا ونتعامل معه برحمة. من المهم ان نتعلم كيف ننظر إلى الاخر بعين الاب الرحيم حتى نشعر ان هذا الاخر قريبي واخى.
  • لكم خبرة كبيرة في تكوين الكهنة من خلال خدمتكم الإكليريكية الصغرى في طهطا ثم الكلية الإكليريكية بالمعادي في رأيك كيف يعيش الكاهن فرح الدعوة؟
  • الكاهن او المكرس الذي لا يعيش الفرح في دعوته هو مكرس فاشل لان اساس دعوة المكرس هو الفرح. الكاهن يعلن حضور يسوع المسيح اذن فهو علامة فرح ورجاء للناس لهذا على الكاهن ان يعلم ان تحقيق الذات يدعوه لأن يفرح في كل خدمة يقوم بها كما ان عليه ان يوقن بان نعمة المسيح العاملة فيه تجعله نور في الظلام وعزاء للحزانى وبالتأكيد ان فرح الكاهن بدعوته ينعكس على خدمته الرعوية بين ابنائه الذين هم في اشد الحاجة الى الكاهن القدوة.
  • ماذا تقول للقارئ في ختام الحوار؟
  • رغم الظلمة التي تبدو حاضرة فان نور المسيح لا يستطيع أحد ان يقاومه فلا أحد يهب النور والفرح والرجاء سوى الرب يسوع لأنه نور العالم.

أجرى الحوار: ناجح سمعـان