لقاء مع الأب رمسين الحاج موسى حول مؤتمر الإعلام المسيحي العربي في الأردن

لقاء مع الأب رمسين الحاج موسى حول مؤتمر الإعلام المسيحي العربي في الأردن

حاوره روبير شعيب

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان, 14 يونيو 2013 (زينيت) –

بعد النجاح الكبير الذي لاقاه مؤتمر الاعلام المسيحي العربي الأول في الشرق الأوسط والذي تم في حريصأ – لبنان في أبريل 2012، عقد المؤتمر الثاني يومي 10 و 11 يونيو 2013  في عمان – الأردن، نظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام في الأردن، بالتعاون مع المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الاجتماعية. رعى المؤتمر البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، وشارك به وزير الدولة لشوؤن الاعلام والاتصال، الدكتور محمد المومني، ورئيس الاساقفة كلاوديو ماريا تشيلي، رئيس المجلس الحبري المذكور.

جاء المؤتمر تجاوبًا مع توصيات السينودس الخاص بالشرق الاوسط الي عقد في الفاتيكان عام في أكتوبر 2010.

في هذه المقابلة يحدثنا الأب رمسين الحاج موسى، وهو أحد منظمي المؤتمر، عن الدوافع التي حملت إلى تنظيم هذا اللقاء الشرق أوسطي-الفاتيكاني المهم، عن دور الصحافة في إحلال العدالة والسلام. عن حرية الصحافة والتطلعات المستقبلية التي خلاها المؤتمر.

الأب رمسين الحاج موسى هو مرسل لبناني، من المجلس الحبري لوسائل الإتصالات الاجتماعية في الفاتيكان. وقد عني بتنظيم المؤتمر بالتعاون مع المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام.

* * *

“الاعلام العربي المسيحي في خدمة قضايا العدل والسلام وحقوق الانسان” عنوان هام وقد يبدو حتى طوباويًا (utopia) وطموحًا، ولكنه بالتأكيد ضروري وآني. ما الذي دفعكم للتحضير لهذا المؤتمر؟

بعد المؤتمر الذي تم في نسيان من العام الماضي في حاريصا لبنان لبطاركة وأساقفة الشرق الأوسط، طالب الأساقفة بعقد مؤتمرات محلية من هذا النوع في مختلف دول الشرق الأوسط وهذا تطبيق لمقررات سينودس الشرق الاوسط.

الهدف من هذا المؤتمر هو توعية وتدريب المكرسين العاملين في حقل الإعلام.

ما قد ميّز لقاء الأردن هو مشاركة الكثير من الصحفيين المسلمين. أضافة إلى مشاركة شخصيات دينية إسلامية لامعة.

في خطابه خلال المؤتمر قال المونسينيور كلاوديو ماريا تشيلي أن “الوسائل التكنولوجية الحديثة تساعدنا على تطوير الحوار الاخوي بين الناس، من مختلف البلدان والثقافات والاديان، حيث يتيح لنا عصر الاعلام الرقمي التعرف على تقاليد الآخرين وقيمهم”. هل كان هذا الأمر واقعًا ملموسًا في المؤتمر؟

إن الحضور الذي شارك في المؤتمر هو خير دليل لما أشار إليه المطران لأن أكثرية الصحفيين كانوا من المسلمين وكانوا يرغبون بالتعرف على طبيعة وهوية الإعلام المسيحي.

وأفسح لنا المؤتمر المجال لتعريف هؤلاء الصحفيين بالإعلام في الكنيسة الكاثوليكية. الصحافة حوار والحوار مجال للقاء ورغم الاختلافات فهو يجعلنا نتعرف على الآخر ونكتشفه وننفتح عليه. ففي نهاية المطاف، كلنا كصحفيين مسلمين وكصحفيين مسيحيين نبحث عن الحقيقة. وهذا عنصر أساسي يجمعنا في بحثنا عن العدل، السلام وحقوق الإنسان.

صرح رئيس المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية بأنّ الحرية الدينية لا تقتصر على مجرّد حرية العبادة، هي في الواقع أحد الأوجه الأساسية من حرية الضمير. هل من مكان على أرض الواقع للحرية الدينية ولحرية الصحافة في العالم العربي؟

الحرية هي مبدأ الصحافة، ولكن بعض الصحفيين مجبرون لكتابة ما يملي عليهم من هو أعلى منهم. لقد تحاور المجتمعون رغم اختلاف ثوابتهم الدينية، لمحاولة التوصل إلى اكتشاف نقاط التقاء. لأن الحرية رغم اختلاف القناعات الدينية والعادات الاجتماعية هي عنصر أساسي في الخبرة الصحفية، الدينية والاجتماعية. وهي واقع يبحث عنه العالم العربي بتعطش كبير من خلال التحولات التي نشهدها.

تحدث البيان الختامي للمؤتمر عن “الدور الرائد والأساسي الذي تلعبه وسائل الاعلام بأشكالها المتعددة، في مجتمعات اليوم”، ولكنه لفت أيضًا إلى ضرورة “تعزيز عمل هذه الوسائل لما يخدم العدالة والسلام وحقوق الانسان”. كصحفي ومن خلال مشاركتك في هذا المؤتمر كيف يمكننا عمليًا أن نجمع بين العمل الصحافي الذي يبدو متجردًا والانتماء الديني الذي هو بطبيعة الحال انتماء ونوع من “تحيّز”؟

الإنسان هو الذي يجمع بين الإثنين. أشرح مقصدي: خير الإنسان هو محور الدين وخدمة الإنسان هي مهمة الصحافة. وعليه ما من تناقض بين الاثنين.

أذكر ما قاله البابا فرنسيس في مطلع خدمته البابوية في لقائه الأول مع الصحفيين، مشيرًا إلى أن الصحفيين هم في “خدمة الخير والجمال والحق”.

وعليه فالدين والصحافة يمكنهما أن يُستعملا للهدم ولتدمير الإنسان وللقتل أو للبناء وخدمة الإنسان وحياته.

يدعو المؤتمر الى مزيد من التعاون بين المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الاجتماعية، والمركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام في الاردن. هل تم الحديث عن مبادرات عملية؟

المؤتمر بحد ذاته هو ترجمة ملموسة لهذا التعاون الذي بدأ منذ العام الماضي. ففي العام الماضي أوفدني المطران تشيلي لمواكبة افتتاح أعمال المركز في الأردن. ولقاء هذا العام كان في إطار تعزيز التعاون بين المركز الكاثوليكي للإعلام والواقع الصحفي الموجود في الأردن.

وهل توجد فكرة لتوسيع إطار التعاون إلى الدول العربية الأخرى؟

بكل تأكيد لا بل نحث البلدان العربية الأخرى للعمل على إنشاء مركز كاثوليكي للإعلام إذا لم يكن متوفرًا لتأمين تبادل خبرات وتنسيق وإقامة دورات تنشئة تجمع كل الكنائس ومسؤوليها بمختلف طوائفها. ولوضع خطط لتفعيل دور وسائل الإعلام الكاثوليكية في مختلف البلدان العربية.

هل من كلمة أخيرة تود توجيهها عبر زينيت حول المؤتمر الذي اختتم لتوه؟

أود أن أشكر فريق عمل المركز الكاثوليكي، وبشكل خاص الأب رفعت بدر، وجميع الذين شاركوا في المؤتمر بشكل خاص البطاركة، الأساقفة ورجال السياسة والدين الأردنيين. فقد كان اللقاء بمثابة فسحة أمل في ظل الصعوبات التي يمر بها الشرق الأوسط. على أمل أن يكون هذا اللقاء تمهيدًا للقاءات أخرى تعمل على بناء أطر للحوار والتعارف والتعاون المتبادل