الفاتيكان، الاثنين 28 يونيو 2010 (Zenit.org).
ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي نهار الأحد 27 يونيو 2010.
* * *
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!
إن القراءات الكتابية لقداس هذا الأحد تقدم لي فرصة أن أعاود الحديث عن موضوع دعوة المسيح ومتطلباتها، موضوع توقفت عليه أيضًا منذ أسبوع، بمناسبة سيامة كهنة جدد في أبرشية روما. بالواقع، من يحظى بفرصة أن يتعرف على شاب أو شابة يتخلون عن عائلتهم الأصلية، دروسهم وعملهم لكي يكرسوا ذواتهم لله، يعرف ما هو بصدده، لأنه يرى بعينيه مثالاً حيًا للجواب الجذري على الدعوة الإلهية. وهذه هي إحدى أجمل الخبرات التي تُعاش في الكنيسة: أن نرى، ونلمس لمس اليد عمل الرب في حياة الأشخاص؛ أن نختبر كيف أن الله ليس أمرًا مجردًا، بل هو واقع عظيم جدًا وقوي يملأ بشكل فائض قلب الإنسان، وهو شخص حي وقريب، يحبنا ويريد أن نحبه.
يقدم لنا الإنجيلي لوقا يسوع، الذي بينما يسير في دربه متجهًا نحو أورشليم، يلتقي ببعض الرجال، الشباب على الأرجح، الذين يعدون باتباعه حيثما ذهب. ويبين يسوع عن ذاته نحوهم بأنه متطلب جدًا، فيحذرهم بأن "ابن الإنسان – أي هو، المسيح – ليس عنده موضع يلقي عليه رأسه"، أي أنه لا يملك مسكنًا ثابتًا، وأن من يريد أن يعمله معه في حقل الله لا يستطيع أن يرجع إلى الوراء (راجع لو 9، 57 – 58 . 61 – 62). ويقول يسوع لآخر: "اتبعني"، طالبًا منه تجردًا كاملاً عن العلاقات العائلية (راجع لو 9، 59 – 60).
قد تبدو هذه المتطلبات قاسية جدًا، ولكن بالواقع هي تعبّر عن جدة ملكوت الله وأوليته المطلقة إذ يضحي حاضرًا في شخص يسوع المسيح. في نهاية المطاف، نحن بصدد تلك الجذرية الواجبة نحو حب الله، والتي يطيعها يسوع أولاً. من يتخلى عن كل شيء، حتى عن ذاته، لاتباع يسوع، يدخل في بعد جديد من الحرية، يصفها القديس بولس بـ "السير في الروح" (راجع غلا 5، 16).
يكتب الرسول: "لقد حررنا المسيح لكي نكون أحرارًا"، ويشرح أن هذا النوع الجديد من الحرية الذي نلناه في المسيح يتألف من عيشنا "في خدمة الآخرين" (غلا 5، 1 . 13). الحرية والحب يتطابقان! على العكس، الطاعة للأنانية تقود إلى العداوة والصراعات.
أيها الأصدقاء الأعزاء، إن شهر يونيو، المكرس للتعبد لقلب يسوع الأقدس، قد قارب الختام. لقد جددنا في عيد القلب الأقدس، مع كل كهنة العالم، التزامنا بالتقديس. أود اليوم أن أدعو الجميع إلى التأمل بسر قلب الرب يسوع الإلهي-الإنساني، لكي نستشف من نبع حب الله بالذات. من يثبت نظره في القلب المطعون والمفتوح دومًا لأجل حبنا، يشعر بحقيقة هذه المناجاة: "أنت يارب خيري الوحيد"، ويكون مستعدًا لكي يترك كل شيء ويتبع الرب. يا مريم، أنت التي أجبت دون تردد على الدعوة الإلهية، صلي لأجلنا!
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2010.