مر 9/3
الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان
خاص بالموقع –
تحتفل الكنيسة شرقاً وغرباً بعيد التجلي أو كما يسميه البعض عيد الرب حيث يطلعنا الانجيلي مرقس في الفصل التاسع بالقول وتجلى امامهم (مر9/2) وهنا تقر الكنيسة جماعة المؤمنين والمفتداة بدم المسيح المسفوك على الصليب باعلان سر التجسد حيث المسيح معلن منذ البدء أنه سيأتي الى الارض ليدين الاحياء والاموات ويعطي الحياة لمن هم لهم نعمة ونور القيامة
لماذا التجلي:
1- اراد السيد المسيح لتلاميذه وللمؤمنين (البشرية) أن يظهر حبه ورعايته لهم المستمرة فالحياة على الارض مليئة بالصعوبات والمشقات وكثيراً ما تؤدي بنا الى قعر الجحيم وتهبط من عظيمتنا، بدء المسيح حياتة معلناً التوبة والغفران للجميع صاعناً الخير شافياً المرضى، مقيم الموتى " روح الرب على فمسحني لأبشر الفقراء والمساكين وأنادي للمأسورينن بالاطلاق والحرية وللعميان بالبصر وللعرج بالمشي وقبل ألامه المحيية قدم لنا ذته ماكلاً حقاً ومشرباً حقاً" عندما جاءت الساعة ليقدم ذاته للموت، ليهب الحياة للعالم" فتحمل الالام وعلى كتفه حمل الصليب ونزل به الى الجحيم " احبنا نحن البشر وبذل ذاته فداءً عنا وحررنا من الموت بالصليب". اليوم يتجلى المسيح امام عيوننا بكل مجده وعظمته وسلطانه ليمنحنا القوة والنشاط ويعيد لنا الثقةحالة الانتعاش الحقيقي في سمات الهدوء في مشهد جبل طابور الذي أظهر بكل وضوح الحياة الحقيقة في السماء وهى عبارة غن حياة صفاء ونقاء وبهجة وسرورِ ، وهدوءٍ بثباتٍ رجاءٍ دائم.
2- التجلي اليوم بالنسبة لنا هو عودة الى الذات الى مشهد الجلجلة في اقصى ساعات الامنا واحزننا ويأسنا وسقوطنا الى نفض هذا الغبار والسير مع الرسل على خطى الرب يسوع المعلم الالهي وللنظر الى جهة المقابلة لجبل راحتنا وافراحنا وثقتنا وقيامنا بهمة ونشاط نرتفع الى فوق " ارفعوا قلوبكم" أو كما تقول الليتورجيا المارونية " لتكن افكارنا وعقولنا وقلوبنا ونضيف وعيوننا مرتفعة الى العلى" ولنشكر الرب متهيبين ولنسجد له خاشعين.
3- التجلي يعني بالنسبة لك ولى ولكل واحد هو النظر الى المسيح الرب الذي اخذ من البداية جسدنا "الكلمة صار جسداً" وصار واحد منا" وحلّ وسكن فينا" قد عرفناه واختبرناه ولمسته ايدينا" اخذ جسدنا ودمنا، وعاش مثلنا شابهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، هو ولدا في بيت لحم في مذودٍ عاش في الناصرة وتنقل الى مدن وبلدان عدة ومنها الى مصر بارك أرضها وشعبها عُرف بابن النجار دخل الهيكل مصلياً ومعلماً ورباً وسيداً له سلطان على الباعة الذي حولوا مكان العبادة الى مكان للتجارة والربح الخسيس والفوضى. تجلى اليوم بعظمةٍ فائقة استدعت التلاميذ أن يقولوا له " حسنُ لنا، يارب أن نكون ههنا، وأن نصنع ثلاث مظال". ياله من مشهد يحمل المجد والبهاء لملك المجد والجلال ألا يجدر بنا نحن أن نتمسك ونمعن النظر ونقول له حسنُ أن تكون معنا يارب على الدوام ، ألا يحق لنا أن نقول له مع تلميذي عماوس " ابق معنا يارب".
4- التجلي يعطينا ثقة بأننا نأخذ من طبيعة وشخصية المسيح نموذجاً ونهجاً لحياتنا ونراه هو يصلي ويقول لله ابيه " مجدني يا أبي بالمجد الذي كان لي عندك منذ تأسيس العالم" وهذا يعني انه في خضم الصراع على طريق الجلجة طريق الالم طريق الصليب كان يرى المجد الابدي وعن ذلك عبر الرسول بولس بالقول " إن الام هذا الدهر لاتقاس بالمجد الآتي الذي يتجلى فينا.
5- التجلي يفتح امامنا باب التشبع بحياة القديسين وسيرتهم " أنظروا الى نهاية سيرتهم وتمثلوا بايمانهم " فهولاء القديسين اختبروا الالم والضيق ولكن حياتهم ونفوسهم كانت ملتصقا بالرب بالصلاة ة وممارسة الاسرار والتشفع للعذراء مريم ام الرسل والفديسين والشهداء. انت اليوم مهما كانت تصرفاتك وحياتك وإن كانت مليئة بالاحزان والاضطراب والقلق والخوف والبلايا اطلب معونة الرب وانظر اليه متجلياً ليرفع عنك هذا البؤس وقم بممارسة الفضائل والاعمال الصالحة حتى يضيء لك المسيح طريقك لأنه هو وحده قادر ان يعطيك النعمة والتعزية والسلام فمنه وبه " ابصرنا مجده مجد ابنٍ وحيدٍ من الآ ب مملوءاً نعمةً وحقاً.
6- التجلي والصعود الى الجبل هو اقرار واعتراف بقدرة الرب يسوع الذي يأخذ بايدينا ويجتاز بنا الدروب الصعبة في حياتنا فيصعد بنا لنصلي دائماً ويتجلى ليمنحنا التعزية الفرح الذي لا ينطق بها.
لماذا الجبل والى ما يُشير؟:
يعلمنا الكتاب المقدس ولا سيما سفر المزامير على أن الجبل يشير الى الايمان أو بمعنى اخر الى الاتكال على الله " فالمتكلون على الرب مثل جبل صهيون "مز125/1 كنما انه يعني مصدر المعونة الدائمة من عند الرب فيقول المزمور " رفعت عينى الى الجبال حيث معونتي من عند الرب صانع السموات والارض. للذا للجبل مكانة بارزة في تعامل تعامل الله مع الجبل وكثير من آيات الكتاب المقدس تبرز لنا هذه المكانة الفريدة والمعنى الخاص للجبل فعلى الجبل التقى الله موسى فى حوريب كما التقاه في جبل سيناء حيث العليقة المشتعلة بالنار وكمله وسلمه الوصايا العشر مكتوبة على لوحي العهد فمن اعلى قمه الجبل اقام الله عهده مع الانسان بواسطة موسى بالوصايا . وعلى الجبل انتصر المسيح على الشيطان وهذا ما يسميه العهد الجديد جبل التجربة. وكما صار عهد الوصايا على الجبل مع موسى هكذا يصير مع المسيح عهد الوصايا الجديدة لشريعة المحبة المعلنة على جبل التطويبات.ومن هنا لم يترك المسيح ابنائه بل اشبعهم من الطعام فهناك على الجبل حيث الجموع محتشدة بارك في الخمس خبزات والسمكتين "يو6/1" وتجلى لتلاميذه على جبل التجلى وقد ظهر معه موسى وايليا وهذا الجبل دفع بالتلاميذ الى القول " حسن لنا يارب أن نبقى ههنا". وعلم الرب يسوع تلاميذه الصلاة "مت24/3 والصلاة الحارة بالبكاء والدموع وصلاة الخضوع والبنوة لله بقوله متى صليتم فقولو "ابانا" وهذا هو جبل الزيتون الى أن صار يسوع معلقاً على الصليب لأجلنا على جبل الجلجثة "يو 19/17"
اذا باختصار تجلي الرب بسوع هو ليرينا مجد لاهوته في ميلادة وصلبه وموته وقيامته ولمنحنا الحياة الحرة بأن نكون دائماً احرار نعيش الحياة بكل ما تحمله لأنه معنا لن يتركنا متجلياً فينا باستمرار كما تجلى مع موسى وإيليا للتلاميذ بطرس ويعقوب ويوحنا ،فهنيئة الحياة الدائمة في حضرة الرب ومسكنه "واحدةً من سألت وإياه ألتمس أن ادخل هيكله وانظر وجهه فهو وحده من تحبه نفسي ويشتاق اليه قلبي ويجد راحته فيه.
صلاة ختامية:
ايها الرب يسوع المسيح ابن الله الحي يامن تجليت " ظهرت" لتلاميذك بطرس ويعقوب ويوحنا انت وموسى وايليا وخيم عليهم الهدوء والصمت ، والمجد والبهاء . تعال اليوم وأهمس في قلبي وتجلى في حياتي وطرقاتي الغربية العجبية والمعوجة في اغلب الاحيان وأغمرني بنعمتك وزدني حباً ورغبةً في طلبك والسؤال عنك ، وأعطني أن أعود إليك في ظروفي حياتي كافة حتى تفرغني من ذاتي ومن انانيتيّ ومن طمعي ومن فشلي وغروري وكبريائي وسقطاتي كي أكون كُلي بجملتي لك. وعلمني أن أضع يدي بيديك وقلبي بقلبك، وأرتوي من نبعك بالصوم والصلاة والاسرار واجعل كل ايام حياتي وخدمتى لك. آمين