انظروا الى نهاية سيرتهم (عب13/7)
الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان
Naim.ibrahim@hotmail.com
خاص بالموقع –
مقدمة :
صفحات التاريخ المسيحي والكنسي مليئة بالأسماء الناصعة والتي يشهد لها هذا التاريخ عينه، فقد قدم أصحابها في خلال سنين حياتهم سير عطرة تناقلتها الأجيال على مر العصور، كمرجع شاهد على اعمالهم وحياتهم التي كانت بمثابة شموع مضيئة على طريق الحياة متجهة الى السماء، وصولاً الى حضن المسيح والتنعم معه في مجد الابرار وسعادة القديسين. ومن بين الاسماء العديدة التى نذكرها أو نعرفها ونتشفع بها ونطلب في صلواتنا أن ترافقنا حتى تصعد هذه الصلوات الى من نطلب منه أن يقبل صلواتنا وتضرعاتنا وطلبتنا، إسم القدّيسة ريتا. لقد عاش هؤلاء القديسون حياة مليئة بالتعب والجهاد والمحاربات ولكنها ، أيّ هذه الحياة، حملت انتصارات لا مثيل لها. وعندما نفتح صفحات الكتاب المقدس أو التاريخ الكنسي نجد سير هؤلاء الابطال الذين غلبوا الامم والممالك وقهروا الشيطان وعاشوا في عالم روحاني صافٍ، نقي وشفاف، سطع نورهم كنور الشمس الذي يملأ المسكونة كلها فكانوا علامات مضيئة في عالم مظلم، وإشارات في طرقات امتلأت بالشر والخطيئة وفقدت نظام السير الصحيح. كانوا كالشمعة التي تبدد بنورها الخافت الظلام الدامس، وهبوا ذاتهم إلى المنتهى، أرسوا قواعد الحياة السليمة الزاخرة بالعطاء والحيوية والايمان والسيرة الحسنة، سلكوا وفق مقتضيات الروح فتميّزوا بروحانية نقاوة القلب وصفاء الضمير والحب الخالص.
تبدو لنا القديسة ريتا نموذجًا حيًّا في الانتصار على الذات والتضحية وتحمل الالم حباً في الإله المصلوب، وهذا الحب جعلها مستحقة لنوال كرامة فائقة على طول الأيام وقد عُرفت بين البشر بشفيعة الحالات المستعصية ..
نال الكثير من القديسين القابًا وتميزوا في حياتهم وصاروا قدوة لنا ومثالاً. يُعتبر هذا الامر الحدث البارز أو النعمة الفائقة التي منحها الله للإنسان وأنعم بها عليه بأن يكون واسع الخيال والافق فيشده هذا الامر الى ما هو أعمق ويتخطى حدود العالم المادي وحتى الفكر البشري فقد يستطيع هذا الانسان أن يرى كل شيء امامه على الارض ويحيط به وتمتد رؤيته أيضًا الى تصور أمور السماء. وهذا يعني أن الله قد وهبنا الماضي واحداثه لنحافظ على ما هو صالح ومفيد منه للحاضر ولننقّي كل الشوائب لمستقبل زاهر وننال البركات والامتيازات لتخطى الاخطاء والعبور دائمًا الى الافضل ونحن نستمدّ الافضل من المسيح القائل "قد أتيت لتكون لهم الحياة ولتكن أوفر" ولذلك بهذه النظرة الايمانية الخالصة نستطيع أن نستمد من حياة المسيح والانبياء والاباء والقديسين والقديسات ولا سيما القديسة ريتا التى نحتفل اليوم بعيدها الصورة والنموذح الحي الذي يجعلنا نسم ونطبع كل سلوكنا وتصرفاتنا على الارض بالنظر الى نهاية سيرتهم وبالتعلم من المسيح القائل تعلموا منى لأني وديع ومتواضع القلب ومن القديس بولس الذي قال اقتدوا بي كما انا اقتدي بالمسيح ومن البابا يوحنا بولس الثاني الذي كان دائماً يشدد على ضرورة المحبة واهمية الانفتاح عليها لأن المحبة هي الطريق الوحيد الذي يقود الانسان الى الهدوء والسكينه الفكرية، فعندما تتفجر حياة المحبة نحو الله في قلبك فبدون شك تصير انت :
فماً ينطق بكلام الله واذناً تسمع صوت الله وانين البشر.
عيناً ترى بها وجه المسيح القائم من بين الاموات في كل انسان تلتقيه. يداً تمدها بقوة وشجاعة لمساعدة اخوة الرب والمحتاجين .
قدماً تسير بها نحو دروب السلام والوفاق.
كتفاً تحمل عليه آهات وأوجاع المتألمين والمتضاقين
انفاً تشتم به رائحة المسيح الذكية
فكراً طاهراً نقياً يكون على مثال فكر المسيح
ارادةً قادرة على الصمود والنجاح
خلقية تكون على نهج اخلاف المسيح "ليكن فيكم من الأفكار والأخلاق ما هو للمسيح". عندها، لا تقدر أي قوةٍ في العالم أن تبعدك عن نبع الحب المتبادل بينك وبينه وعن تسليم ارادتك وحياتك وضعفك وآمالك وتطلعاتك لله. فكن مطمئناً وانظر الى القديس او القديسة وكيف سلكوا درب الاشواك والالام والصعوبات في اطمئنانٍ وهدوءٍ واستقرارٍ وسكينةٍ رافعين قلوبهم وايدهم وعيونهم نحو السماء مصلين شاكرين الرب كل حين على نفسهم التي تستقر في حضنه الابوي. يقول لنا القديس اغسطينوس: " خلقتنا يا الله وقلبنا قلق ولن يجد الراحة إلا فيك " هذا هو نهج الانسان المؤمن الواثق في ربه المستعد دائماً لحياة البذل والعطاء والتضحية.
وانت اليوم : كيف لك أن تكون علامة مضيئة في طريق الرب؟
1- عش دائماً بفرح وتهليل مبتسماً دائما للكل ومع الكل .
2 -أظهر اهتماما خالصاً وصافياً فى محبتك للجميع باذلاَ ذاتك ومضحياً لأجلهم.
3-إستمع باهتمام وجدية لحديث أي شخص أياً كان وشجعه ولا تقاطعه أو توجه له لوماً أونقدا هداما..
4-إجعل رأيك وقولك دائماً يهدف الي الهدوء والاستقرار والبنيان .
5- إسند الضعفاء لكيما تسندك اليمين التى تحمل الكل ! وشجع صغيرى النفوس
6- ابتعد عن إدانة الآخرين لتربح نفسك ولا تكن حجرعثرة في طريق الاخرين
7-كن مخلصا فى حديثك من دون رياء او محاباة لأحد لأجل مصلحتك .
8- ليكن كلامك دائماً صالحاً يأتى بثمار كثيرة ، ليقل لك عريس النشيد " شفتاك يا عروس تقطر شهدا تحت لسانك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة لبنان " (نش4: 11) .
9- كن متواضعاً لتنال الفضيلة في النمو نحو المسيح
10-كن صادقا فى مواعيدك ، مدققا فى تصرفاتك ، و قدوة في حياتك لمسيحيتك ، ليرى الناس فيك صورة المسيح !
11- أعط أكثر مما تأخذ فالذى يزهد فيما بين يديه يحبه الناس فمغبوط العطاء اكثر من الأخذ
12- كن ابناً للطاعة دائماً فمن يتميز بالطاعة بنيانه ثابت على الدوام.
13- لا تتردد ولا تخالف أمر مرشدك او اب اعترافك لأن من يتردد في حياته فهو يشبه رجل يبني بيتاً ويهدمه وفي نفس الوقت.
14- سلم امور حياتك لمن هو قادر ان يدبر لك الامر وثق تماماً في تدبيره ومحبته وعطائه
15- خذ مثلاً ونموذجاً من سيرة وحياة الاباء القديسين و الشهداء ولاسيما شفيعك الذي تحمل اسمه أو القديس الذى تحبه
16- صادق القديسين وكن في عشرة دائمة معهم وتتلمذ لهم في سلوكك اليومي وتشبه بأعمالهم وارتوِ من فضائلهم " أنظروا الى نهاية سيرتهم وتمثلوا بإيمانهم ".
صلاة ختامية :
أيتها الأم القديسة يا من قدمت ابناءك بالجسد ذبيحة حب لخلاصهم وخلاص نفسك من الهلاك الابدي وتحملت الكثير من الاهانات من زوجك قبل أن يتفاعل مع نعمة التوبة والمغفرة وصليت من اجله ومن أجل نفوس كثيرة تمشي في طريق الضلال حتى تعود الى ربها وخلاصها. انت يا من كنت مثالاً ونموذجاً في قوة تحمل العذابات والاوجاع وذقتِ الحزن العميق ولكنك خضغت بإرادة كاملة وحرة لمشيئة الرب الاله فامتزت بحياة الحب والسلام والرأفة وتحليت بالاخلاق والاخلاص والمناجاة الدائمة للمصلوب وتتلمذتي عند اقدام صليبه فنلت قلباً عطوفاً ورؤوفاً ونفسا منسحقة متواضعة مصلية لله وقدرة وامتيازاً على صنع المعجزات بالطلب واللجوء الى شفاعتك . ها أني آتي اليوم وأرجو نعمًا من المسيح بشفاعتك:
اطلب نعمة الامانة للحياة مع زوجي
أطلب نعمة الاخلاص والحب مع زوجتي
اطلب نعمة النمو في الايمان لأولادي
أطلب نعمة الترابط الأسري لكل افراد عائلتي
اطلب نعمة الشفاءً لكل المرضى
أطلب نعمة العزاءً لكل المحزونين
اطلب نعمة السلام لكل المضطربين
أطلب نعمة الراحة التامة لكل الموتي في دار الاحياء
أطلب نعمة الغفران لكل الخطأه
اطلب نعمة التوبة لكل المبعدين عن الرب
أطلب نعمة الاستقرار لكل الشعوب .
اطلب نعمة الحياة لكل من فقدوا معنى حياتهم
أطلب نعمة الايمان لكل من يساوره الشك
أطلب نعمة الاهتداء لمن خارج الحضن الابوي.
أطلب نعمة الثقة لمن فقدوا الثقة في انفسهم.
فلا تحرمينى طلبي هذا. ثقتي كاملة في أن يستجيب المسيح بواسطتك لكل احتياجاتنا فهو معطى الطعام لكل ذي جسد. وهو قادر أن ينهض قلوبنا من كل فكرٍ رديءِ أرضي ويمنحنا أن نتفهم ارادته كل حين
اعياد مباركة كنيسة سانت ريتا المارونية في منطقة سن الفيل
يوم عيد القديسة ريتا 22/5/2010
احتفال الاقباط الكاثوليك في لبنان – عيد القديسة ريتا
الاب انطونيوس مقار ابراهيم