يوحنا المعمدان يعيد صوت الانبياء

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

 

يقدم لنا الانجيل المقدس يوحنا المعمدان كأعظم نموذج لحامل رسالة المسيح فهو أولاً عاش التجرد التام وسكن البراري والكهوف وكان خير واعظ واعظم دليل ليرشدنا الى  طريق المعلم الرب الالهي يسوع المسيح. قد أًعطى يوحنا قلباً مملوءً حباً وتواضعاً وشجاعةً فأعد جيداً طريق الرب ، فهو الصوت الصارخ في جبال ووديان العالم الممتليء بالخطيئة والغرور ويعطينا الدرس لنحطم جبال ووديان وتلال كبريائنا بفعل التواضع والمحبة والخدمة النابعة من القلب الصافي الذي لا مكان فيه إلا لمن جاء ليعد الطريق له.

في صفحات الكتاب المقدس المليئة بخطاب الله للانسان وحديثه الطويل معه في الكثير من الاحداث والمواقف التي نذكر منها :

كلامه مع ذاته في محور الثالوث لنخلق الانسان على مثلنا وشبهنا كما وانه لايحسن للانسان ان يكون وحيداَ لنخلق له معينة ونظيرة.

حديث الله مع أدم وحواء "يوم ان تأكل من هذه الشجرة موتاً تموت. آدم آدم اين انت؟

حديثالله مع حواء " بالالام تحبلين وبالاوجاع تلدين وحديثة مع قايين " ابن اخوك" ومن ثم حديثه مع الاباء ومنهم نوح ادخل الى الفلك وابراهيم اترك أرضك وعشيرتك" ومع موسي اذهب الى الفرعون واخرج شعبي من ارض مصر وهكذا على مر الصور بقيىّ صوت الله يدوي في صحراء وجبال ووديان ومزروعات الارض ويرافق الانسان في مراحل حيته من خلال الانبياء وغيرهم ، الى ان ساد الصمت طويلاً وجاء صوت الله يدوي باكثر عمق ويخترق جدار الصمت في وسط عالم اتخذ من الغرور والكبرياء والتعاظم منهجاً له ، جاء يدوي على ضفاف نهر الانسان في انسان جاء من ابوين طاعنين في السن ،سكن البراري كي يكملّ الالفة والانسجام مع الانبياء القدماء كأشعيا وارميا وحزقيال ودانيال وهوشع ويؤئيل وغيرهم من حملوا في ذاتهم نبؤات عن قدوم الله كمخلص  وفادي للبشرية.

وأول ما صرخ به يوحنا هو قوله" انا صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب واجعل سبله مستقيمة " وادعوا الناس الى التوبة والعماء بالماء للتطهير " وليكن معلوماً لديكم : ان كل وادٍ يُطمر،وكل جبلٍ او تلٍ يخفض، وكل طريق معوجٍ يستقيم. مع المسيح القادم الذي لا أستحق أن انحني واحل سير حذائه سيتحول كل شيء ولم يبقى على حاله، كل الناس البشر سيتغيرون  ولاسيما المتشامخين والمتغطرسين وعروشهم ستهتز وتيجانهم ستسقط "حط المقتدرين ورفع المتواضعين" انزل الاقوياء عن الكراسي ،واشبع الجياع من الخيرات وأرسل الاغنياء فارغين". هذا الملك الاتي يسوع المسيح، مع كونه ملك، هو خادم البشرية سيدشن عهداً جديداً عهداً قائماً على الخدمة والتضحية والعطاء، عهداً يقود البشرية جمعاء الى حضن الاب السماوي، فالمسيح هو الرب القادم بسلطان لن يزول ولن ينتزعه منه احد، وسيكون له سلطان الحياة. انا يوحنا المعمدان أصرخ وأقول غن كل بشر سيلمس في حياته حضور الله لأن المسيح جاء من أجل الكل سواء كانوا اجناس،ام اعراق، ام ثقافات، ام حضارات. سيرى كل إنسان مع المسيح خلاص الله.

هكذا اخوتي الاحباء كانت هي رسالة المعمدان، عرف المسيح وهو بطن اسمه وارتكض له بتهليل" قالت اليصابات لمريم عندما وصل صوت سلامك الى اذني ارتكض الجنين بتهليل في بطني". عرف يوحنا مقدار نفسه فقال " انا لست المسيح" انا صوت صارخ له" سيأتي بعدي من هو أقوى مني" .انا لست اهلاً ان افك سير حذائه" انا اعمدكم بالماء وهو يعمدكم بالروح القدس" ومعه تنمو بذار الملكوت بالحب والصفح والغفران وبذل الذات.

اخي الكاهن واخي المرسل واخي الخادم أنت مَن تكون؟

هل أنت كيوحنا المعمدان تهيىء الطريق للرب؟

ام تسعى لمجدك الشخصي ؟ هل انت قادر على أن تبذل ذاتك من أجل الاخرين؟ أم تجعل الأخرون يبذلون ذاتهم من أجل أن تبقى انت الرجل الاول؟

اليوم كل واحد منا مدعوا ليقف مع ذاته ويعيد حساباته ومشاريعه ويسال نفسه هذا السؤال أين أنا من حياة المسيح ؟ من رسالته؟ من دعوته؟ وأين هو المسيح من حياتي ؟ من ظروفي؟ من مسلكي وسيرتي؟ وهل أنا مثال ونموذج أقود الاخرين الى يسوع؟ فلنعلم بأن المسيح هو للكل ولنكن على مثال بولس الرسول القائل قد خسرت كل شيء حتى اربح الكل" وجعلته نفاية من أجل ربح المسيح حتى وإن موت من الجوع ومن الخزي ومن العار يبقى المسيح هو سر حياتي به احيا واتحرك وأوجد لأأنه هو الطريق ولست أنا هو الحق ولست أنا هو الحياة والخلاص والفداء هو وإن موتنا فيه نثق إننا سنحيا معه ونتمجد ايضاً .

صلاة المعمدان هي أيضاً صلاتك:

ياربي يسوع المسيح اجعل صلاتي مقبولة لديك وتكون مرضية امامك، وليكن رفع يدي كتسبحة المساء، وكلمات فمي كالبخور العابق على مذبحك. انا بحاجة اليك حنى اجد راحتي فيك وتكون انت مسكنى، وملهم حياتي،فيك اضع طموحي وتطلعاتي ولن احقق منها شيئاً إن كنت انا بعيداً عنك.فأقول لك كما قال المعمدان عن ذاته، في بدء الامر جئت الى الحياة بدعوة منك بالرغم من كل صعابها وابرزها إن والدي قد طاعنا في السن ودخلا في سن اليأس ولكن معك لاشيء مستحيل ولاسميا أن حياتة والدي قد تميزت بالصلاة الدائمة والمستمرة وكنت أنا بدون شك ثمرة صلاتهم اعطني أن أكون على مثالهما في الصلاة، وعندما كنت في بطن اسمي قدستني بحضورك وتهللت بك ودعوتني أن أكون خادماً لك وقلت لي تعلم مني فأنا وديع ومتواضع القلب. هبني نعمة التجرد والزهد في امور العالم الباطلة والزائلة، فالعالم وشهواته يزولان أما كلمتك فهى باقية الى الابد.اعطنى أن اعلنها بقوة وشجاعة وعدم خوف وأنادي وأكرز الجميع وأتلمذهم لك على اسم الاب والابن والروح القدس . تمجد فيّ ايها المسيح الهي وانقذني من عبودتي لذاتي وملذاتي، وقدني اليك حتى اكرس ذاتي لك ولمن أأتمنتهم  وحملتني مسؤليتهم.

الرب يسوع المسيح الوديع والمتواضع القلب هو وحده القادر أن يمنحنا النعمة والشجاعة حتى ندرك مقدرار القوة التي فينا ونعود اليه هو النبع نرتوي منه ونروي الاخرين. دائماً وابداً امين.