زائرٌ على الباب

 

بقلم نيران إسكندر

     ربي وإلهي، حين كنتُ طفلاً صغيراً لم يكن في قلبي سوى والديّ أحبهم، يسكنون دومًا معي في قلبي، ثم دخل إلى قلبي إخوتي وأقاربي [بعضهم أو كلّهم لستُ أدري!]؛ فحين كُنت صغيرًا كان قلبي أعمى وأصم ولا يستطيع الحراك، فمن دقّ على باب قلبي فَتح له مَن هم في داخله وهم كانوا يُقرّرون من يدخل فيه ومن يخرج منه بتصرفاتهم: فتحوا لهم بكلامهم المعسول عنهم، وبذكر حسناتهم فأحببتهم دون أن أدري، أو لم يفتحوا بكرههم لهم وذِكر سيئاتهم أمامي فكرهتهم. ثم دخل أصدقائي … وأنا أكبر وقلبي ما زال يتّسع لكثيرين، ولكن في بعض الأحيان حين أتضايق من أحد وأكرهه ولا أغفر له أُخرجه من قلبي ولا أدعه يدخل ثانيةً. هكذا حال قلبي: أناسٌ تدخله وقلّة يخرجون منه؛ وقد يعود بعضهم فيقرع باب قلبي مرة أخرى فأفتح لهم؛ أو أُعمي وأُصم وأُقسّي قلبي فلا أفتح بل أُبقيهم خارجًا بإرادتي. أصحيحٌ هذا في نظرك يا إلهي، أم أحتاج أن أتغيّر؟ أين أنت من قلبي؟ أما زلتَ واقفًا على بابه أم فُتِح لك فدخلت؟ مَن فتح لك الباب حين قرعته وأَدخلك؟ أكُنتُ أنا أم شخصًا آخر عرفك وأحبّك قبلي وكان ساكنًا معي ففتح لك؟ أهُو أحد والديّ أم شخصًا آخر في حياتي؟ هل دخلتَ ثم أخرجتُك؟

      ربي وإلهي، لقد سمعتُ بأن القلوب أنواع (متى 13: 1-23):

1. قلبٌ غلظ وقاس ومتعجرف، طاهر في عينيه لا يُريد أن يفهم كلامك ولا يُريد التأديب والتغيير لذا فهو لن يُثمر.

2. قلبٌ متأرجح لمحبتك فلا يستطيع الثبات وخاصة عندما يواجه ظروفًا صعبة من أجلك فيُصبح حينها غير مُثمر.

3. قلبٌ أناني يُحب نفسه ويُفكِّر في طريقه ولا يثق بك أو يعتمد عليك فتُغريه مباهج الدنيا أو تثقل عليه همومها فيُهمل كلمتك ويصبح غير مُثمر.

4. قلبٌ متواضع تملأه الرحمة معترفًا بك وبكلمتك ويتمنى أن يُسعدك فيُصبح مُثمرًا.

إفتح عيوننا يا رب على أنفسنا لنعرف أي من القلوب قلبنا لنعمل على التغيير بحسب مشيئتك وكلامك (أمثال 16: 1)، وإجعلنا نتوب ونرجع إليك سامعين لكلمتك وعاملين بها (يعقوب 1: 21-25) فنُصبح من أبنائك. ولعلي أسأل نفسي:

·         من هو الذي يتكلم معي وماذا يُريدني أن أفعل؟  (أشعيا 43: 10-12)

·         هل أعرف من هو "فاديّ قدّوس إسرائيل" (أشعيا 41، 42 و 43) وعلاقته بـ "يسوع المسيح مخلّصي"؟

فأُطأطىء رأسي وقلبي، وأفتح لك بكل سرور.

     ربي وإلهي، دخولك إلى قلبي أَسعدني، أَسعدني سماع صوتك، أَسعدني التعرّف عليك، أَسعدتني خدمتك وإكرامك وحسن ضيافتك، بيتيَ المتواضع لا يليق بك ولكنك تجعله قصرًا بوجودك (أهل رومة 8: 1-19). بيتيَ المتواضع أُقدّمه مسكنًا لك؛ تملّك عليه فأُصبح أنا هو الزائر، فيُهيء كلانا الطعام للآخر (رؤيا يوحنا 3: 20): أنا أُهيّء لك الطعام [إذنٌ صاغية (رؤيا يوحنا 2 و 3: "من كان له أذنان، فليسمع ما يقول الروح للكنائس") وقلبٌ منكسر (مزمور 51: 19، إشعيا 61: 1)] لتتعشّى معي، وأنت تُهيّء لي الطعام [الحمل الذبيح وكلمتك وما أعْدَدْت لي لخدمتك] فأتعشّى معك وأشبع. سبحانك يا رب ما أشهى مائدتك، أشكرك على الدوام. آمين.

      ربي وإلهي، وجودك في قلبي يجعلني أفتح بابه للجميع دون أن يطرقوه، إذ أن يدك [قلبك المُحب للبشر أجمعين] هي التي تفتح. تُرى، أمِن الممكن أن تسمح لي بأن أدخل إلى قلوب كثيرين لأفتح لك باب قلبهم فتدخل وتسكن معنا؟ أتكفي صلاتي وصيامي (تثنية الإشتراع 9: 13-19، فيلبي 4: 4-7، متى 15: 21-28) لدخولك إلى قلوبهم؟ تدخل كالعريس الذي تُسرّ به عروسه ويُسرّ هو بها، أهداها ثوب العرس وعِقدًا من اللؤلؤ فلبستهما وتزيّنت مجدًا له. يا رب، لتكن مشيئتك. آمين.