يوميات سينودوسية مع سيادة المطران بشارة الراعي-2

لمحة عن اليوم الثاني من سينودس أساقفة الشرق الأوسط

إعداد طوني عساف

الفاتيكان، الثلاثاء 12 أكتوبر 2010 (zenit.org).

اليوم بدأنا بمداخلات الآباء، وكل واحد تكلم 5 دقائق، ولذلك فقد حظي عدد كبير منهم بفرصة الكلام، شرط أن تكون مداخلاتهم متعلقة بالمواضيع المطروحة في أداة العمل. بدأنا بالعمل بمداخلة عميد مجمع الكرادلة، الكاردينال سودانو الذي أعرب عن قرب مجلس الكرادلة وقرب البابا من مسيحيي الشرق ومع البلدان المشرقية، ليشعروا بأن الكنيسة تساعدهم لمواجهة التحديات التي يواجهونها في حياتهم. وهي في الواقع تحديات لا يواجهها المسيحيون فقط بل جميع المواطنين، ولكن لها تأثيرها السلبي على المسيحيين.

تحدثنا أيضاً عن أهمية التربية في المدارس، وبخاصة تلك الكاثوليكية، وأهمية رسالتها ان تكون موجودة في مجتمعات مفتوحة لكل الأديان وان تساهم ليس فقط في تأمين التربية العلمية ولكن أيضاً تربية أخلاقية وتربية مواطنية. ركز عميد مجمع التربية الكاثوليكية الكاردينال زينون غروكوليفسكي، أن تكون المدارس الكاثوليكية منفتحة على كل الأديان ليعيش الطلاب اختبار الحياة معاً ليبنوا صداقات لمستقبل أفضل.

كان هناك اليوم أيضاً تشديد على الانتشار وعلى ضرورة العمل رعوياً واجتماعياً لكيما يعرف المنتشرون المسيحيون من العالم العربي أن يحافظوا على هويتهم وان يحافظوا على انتمائهم الى أوطانهم والى جذورهم، حتى لا يضيعوا في المجتمعات الجديدة، فضلاً عن المبادرات الحياتية والعملية التي من خلالها يمكنهم دعم عائلاتهم الموجودين في بلدانهم ليستمروا في البقاء ويؤدوا شهادتهم المسيحية ويحملوا قضية أوطانهم ويحسسسوا المجتمعات والآراء العالمية بقضايا مجتمعاتهم.

اليوم تم التركيز أيضاً على الكنيسة في الأراضي المقدسة وعلى الحوار مع الديانة اليهودية، مع التمييز الكبير بين اسرائيل كدولة يهودية سياسية  وبين الديانة واليهودية، لكيما تكون الكنيسة في الأراضي المقدسة كنيسة حوار، كما هي كنيسة حوار في المجتمعات الإسلامية وغيرها. وأداة العمل تتحدث عن المجتمع العربي والمجتمع الإيراني والمجتمع التركي والمجتمع اليهودي ولذلك لا يمكن للكنيسة أن تنطوي على ذاتها وتغلق أبواب الحوار، لأنه من الاهمية بمكان التمييز تماماً بين ما هو سياسة وما هو حوار الحياة والثقافات والفن وبناء العائلة البشرية الواحدة، وهذا يساعد على التخفيف من الضغوط السياسية الكبيرة.

انتقلنا بعد ذلك لمناقشة موضوع العراق وكان هناك نداء للتضامن مع الشعب العراقي ككل ومع مسيحي العراق بنوع خاص من أجل السلام والاستقرار. وهنا وُجِّهت نداءات الى المسؤولين في العراق وبنوع خاص الى المسؤولين في الجماعة الدولية وفي المراجع الدولية العامة من أجل السلام في هذا البلد الذي يعاني كثيراً.

كانت هناك ايضاً مطالبة لأن تنبسط سلطة البطاركة، وأن تكون سلطة شخصية، أي ان تطال جميع أبناء كنائسهم المنتشرين في كل العالم وأن لا تبقى – كما هي الآن – سلطة جغرافية محدودة بما يسمى الأراضي البطريركية، لان معظم شعبنا اليوم بات خارج بلداننا ولا يمكن لرئيس الكنيسة أن يكون الأب والرأس فقط جغرافياً.

كنائس افريقيا بدورها وجهت نداء واعربت عن حاجتها لكهنة ورهبان وراهبات. أحد الآباء اقترح تأسيس بنك كهنة، كهنة جاهزين ومُعدّين، كهنة بلا حدود، ليساعدوا هذه الأبرشيات التي تحتاج الى كهنة لمدة معينة، وهكذا نعيش الشركة بين الكنائس، نعيش التضامن بين بعضنا البعض. وهذا شيء نحن نعيشه ونختبره مثلاً في أبرشية بيبلس في لبنان ، فكهنتنا يخدمون في نيجيريا، في البنين، في السويد، في رومانيا، في بلغاريا وغيرهاـ ونأمل بأن تتأمن هذه المناسبة للجميع.

تم التطرق اليوم أيضاً الى الحوار مع المسلمين، ولا أعني به الحوار اللاهوتي بل حوار الثقافة. هناك أمور ثقافية كثيرة يمكننا نعيشها معاً، قضايا فنية، قضايا رياضية، قضايا اجتماعية. تذكرَّنا كلمة للأب عفيف عسيران، الذي كان شيعياً وأصبح مارونياً ومن ثم كاهناً، والذي قال: ليس من المطلوب أن نجادل مع المسلمين في القضايا اللاهوتية، بل المطلوب هو أن نحب المسلمين. ورسالتنا المسيحية هي أن نعيش هذه المحبة تجاه جميع الناس وخاصة في عالمنا.

من القضايا التي تباحثانا، العلمانية الإيجابية التي وردت في النصوص السينوسية، وقد اتفق الآباء على أنها كلمة غير مرغوب بها لأنه من الأفضل – والمسلمون يفضلون ذلك أيضاً – أن نتكلم عن الدولة المدنية، للتخفيف من وطأة كلمة العلمانية في المحيط الاسلامي. المسلمون ينظرون الى العلمنة بشكل سلبي.

الى جانب ذلك، تم التشجيع على أهمية التربية في المدرسة والبيت، لأن الشباب يعانون في مجتمع بات فيه الفساد عارماًـ ومن هنا أهمية التركيز على المدرسة الأساسية التي هي البيت الوالدي.

من القضايا الأخرى، العمل في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، والتي فيها يشعر المسيحيون بين غرباء، وهم في أصل البلد قبل المسلمين، واتحدث هنا عن بلدان الشرق الأوسط، يشعرون بانهم مواطنين من درجة ثانية، ولذلك يوجه السينودس نداء للجماعية الدولية، وللسلطات المحلية، للتذكير بأن المسيحيين هو مواطنين يحق لهم بالمساواة في الحقوق والواجبات مع إخوانهم المسلمين، وطولب أيضاً بالثقة من قبل المسلمين بالمسيحيين وطًلب من المسيحيين عدم الإنطواء على ذواتهم ولا يبتعدوا عن الآخرين. نحن جماعة نريد أن نواصل سر التجسد، لنستمر في بناء الجسور بين الجميع. وهذه ليس كلمة تشجيع وإنما كلمة وعي، الوعي لدعوتنا ورسالتنا في المجتمعات التي وضعتنا العناية فيها، وطالما يد الرب موجودة نحن نواجه كل الصعوبات والتحديات بفرح وسخاء .

كانت هذه مواضيع اليوم، واذكركم من جديد أننا في كل مرة، نخرج بمزيد من الشجاعة وبمزيد من الرجاء وبمزيد من الفرح وكأننا نخرج من عنصرة جديدة في كنائسنا. والسينودس هو بالفعل عنصر جديدة في كنائس الشرق الأوسط.

لمشاهدة التقرير يمكن زيارة الموقع التالي: http://www.h2onews.org/arabian/126-synod/224446602-news_id_3027.html