جذور مشكلة الأصولية الإسلامية في باكستان تكمنُ في تثقيف الشباب

لاهور،  الأربعاء 19 يناير 2011 (Zenit.org)

في أصل التعصّب المتزايد وانتشار الأصولية الإسلامية في باكستان، توجدُ مسألةُ النظام التعليمي والتثقيف المُعطى للأطفال والشباب. هذا ما أكّده بيتر جاكوب، علماني كاثوليكي والمدير التنفيذي للجنة "العدالة والسلام" في مجلس أساقفة باكستان. وفي تحليلٍ أُرسِلَ إلى وكالة فيدس، يشرحُ جاكوب، وهو شخصية معروفة في حملة إلغاء قانون التجديف والدفاع عن العدالة والحرية الدينية وحقوق الإنسان في البلاد، أصولَ ظاهرة "الشباب الأصوليين" التي تُقلق المراقبين وتحتلّ يوميًا مكانًا في الأخبار الدولية والعالمية.

بعد قضية آسيا بيبي، برزت في الساحة شبكةُ "تحريك تحفظ ناموس رسالة" (تحالف من أجل الدفاع عن إكرام النبي)، وهي شبكة من الأحزاب والحركات الإسلامية، تجمعُ في داخلها كلّ المجاميع الأصولية (حتّى من مختلف المدارس الفكرية) في باكستان. وتشجّع علنًا أجندة لأسلمةِ البلاد بالدفاع بالسيف عن قانون التجديف والتهديد بالقتل لجميع من يريدون الغاءه. واللافت في هذا السياق، حضورُ الحركات الشبابية؛ كحركة المحامين الباكستانيين بقيادة راو عبد الرحيم، التي تضمّ شبابًا في الثلاثينات من العمر يُعرفون باسم "جيل ضياء"، لأنهم وُلِدوا ونشأوا على أساس نظامٍ تعليمي وضعَه الدكتاتور ضياء الحق والذي تحالف مع المجاميع الإسلامية المتحفظة وأطلق سياساتٍ موسّعة لأسلمةِ المجتمع، والتي منها جاء قانون التجديف.

من أجل محاربة الأصولية بصورةٍ فعّالة، يشدد بيتر لوكالة فيدس، يتطلبُ التدخّل بسرعة لتغيير النظام التعليمي الدولي: "الخطة الجديدة للتعليم في البلاد (السياسة الوطنية للتعليم) لعام 2009، لم تغيّر بأي شكلٍ من الأشكال السياسات الماضية التي سببت ظهورَ الأصولية. فقد أصبحت الدراساتُ الإسلامية إجبارية في المدارس العامة عام 1976. وبعد انقلاب نظام الجنرال ضياء، أضيفَ إلى النظام الدراسي، في جميع مراحله، كثيرٌ من المواد الدينية بحيث أن المدارس العامة بدتْ اليوم وكأنّها تنافسُ المدارسَ القرآنية".

وبالنسبة للمواطنين غير المسلمين، يشرحُ المدير التنفيذي، خُلقِت خُدعة من خلال إدخال مادة "الأخلاق"، ولكن المشاكل بقيت كما هي. فهناك اليوم ما يقاربُ مليون طالب غير مسلم مجبر على متابعة دروس الدين الإسلامي من أجل الحصول على شهادةٍ معترفٍ بها، بالإضافة إلى أن مادّة الأخلاق ذاتها تعكسُ الأخلاق الإسلامية.

كدولةٍ لابدّ من "التفكير في التأثير الذي خلقته هذه المناهج التعليمية السياسية. تضعُ مؤشراتُ المعايير الدولية حول التعليم أسئلةً جادّة حول هذا الموضوع. فإذا أردنا أن يتدربَ شبابُنا للعيش كمواطنين مسؤولين، يحترمون القانون وغير متعصبين أو منحازين، على باكستان أن تغيّر جذريًا جوهرَ التعليم العام: من تعليمٍ يتركّز على الدين الإسلامي إلى آخر يتركز على القيم المدنيّة وعلى جودة التعليم. فهذا النوعُ من التعليم لن يسمحَ بانتشار التعصّب، وبالعكس سيصبح من الصعب مكافحة التعصّب إذا لم يتم اتّخاذُ قرارٍ لتغيير المناهج الدراسية في المدارس والجامعات"